خامنئي يهاجم التطبيع.. نتنياهو: إيران لن تمنعنا من توسيع دائرة السلام
تاريخ النشر: 4th, October 2023 GMT
هاجم المرشد الإيراني علي خامنئي، سياسة التطبيع مع إسرائيل، قبل أن يرد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، إن إيران لن تمنع إسرائيل من "مواصلة توسيع دائرة السلام"، في إشارة إلى المساعي للتوصل إلى اتفاق لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية بوساطة أمريكية.
في تصريحات صدرت عنه في الثلاثاء، قال خامنئي إن الدول التي تسعى لتطبيع العلاقات مع إسرائيل "تراهن على حصان خاسر"، في إشارة إلى المساعي لإقامة علاقات بين إسرائيل والسعودية.
وفي لقاء مع سفراء الدول الإسلامية وشخصيات إسلامية أجنبية في طهران في ذكرى المولد النبوي و"أسبوع الوحدة" في التقويم الإيراني، قال خامنئي إن "الكيان الصهيوني ليس اليوم في وضع يشجع على التقارب معه، ويجب أن يعلموا ذلك"، وأضاف أن "الدول التي تضع قمار تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني ستتضرر".
وتابع أن "الخسارة تنتظر هؤلاء وهم يخطئون ويراهنون على الحصان الخاسر". وشدد، بحسب ما أوردت وسائل إعلام رسمية إيرانية، على أن "الكيان الصهيوني يمضي إلى الزوال"، معتبرا أن المقاومة الفلسطينية "اليوم أنشط وأكثر قوة من قبل في مواجهة الصهيونية والكيان".
من جانبه، قال نتنياهو، الثلاثاء، إن إيران لن تمنع إسرائيل من "مواصلة توسيع دائرة السلام".
اقرأ أيضاً
التطبيع السعودي الإسرائيلي لا يتوقف فقط على الفلسطينيين.. ما علاقة إيران؟
وفي بيان مصور بثه على حساباته الرسمية في مواقع التواصل الاجتماعي، قال نتنياهو: "في حين يعمل نظام خامنئي الإرهابي على تصدير الدمار والخراب، فإن إسرائيل تعمل على تعزيز التقدم والسلام".
وأضاف: "كما لم تمنعنا إيران من تحقيق (اتفاقيات أبراهام)، فإن إيران لن تمنعنا من مواصلة توسيع دائرة السلام لصالح مواطني إسرائيل وشعوب المنطقة والإنسانية جمعاء".
كما رد وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت، في منشور على منصة "إكس" (تويتر سابقا)، إن "النظام الإرهابي القاتل في إيران نجح بالفعل في تفكيك العديد من البلدان التي سيطر عليها، ويحاول الآن تخريب جهود السلام من خلال التهديدات الفارغة".
وتابع غالانت أن "إيران ستواصل العمل على نشر الرعب والدمار؛ في المقابل، إسرائيل ستواصل تحقيق الأمن لمواطنيها والسلام في الشرق الأوسط".
ومنذ أشهر، يتكاثر الحديث عن تطبيع محتمل بين السعودية وإسرائيل التي توصلت، في عام 2020، إلى تطبيع علاقاتها مع كل من الإمارات والبحرين والسودان والمغرب ضمن "اتفاقات إبراهيم" بوساطة الولايات المتحدة في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب.
وتتناول المحادثات السعودية الإسرائيلية مسألة حصول السعودية على ضمانات أمنية ومساعدتها في برنامج نووي مدني، وفق مسؤولين مطلعين على المحادثات.
اقرأ أيضاً
رئيس إيران: تطبيع إسرائيل العلاقات مع دول الخليج مآله الفشل
المصدر | الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: إيران السعودية خامنئي السلام التطبيع نتنياهو إسرائيل إیران لن
إقرأ أيضاً:
الاعتراف يجب ألا يقابله تطبيع
في الأسبوع الماضي قال الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون إن بلاده تعترف بدولة فلسطين، وإنه سيعلن الاعتراف رسميا في خطاب سيلقيه أمام الجمعية العامة للأم المتحدة في شهر سبتمبر القادم. وبذلك تحذو فرنسا حذوَ دول أوربية غربية أخرى هي إيرلندا وأسبانيا والنرويج وسلوفينيا، كانت قد اعترفت بدولة فلسطين في العام الماضي واتخذت مواقف سياسية قوية لنصرة حقوق الشعب الفلسطيني، وهذه الدول تحاول كذلك إيقاف الإبادة التي يتعرض لها أهل غزة والتخفيف من الظلم الذي يتعرض له الفلسطينيون بشكل عام. ويكتسب اعتراف فرنسا بدولة فلسطين أهمية خاصة، كون فرنسا عضوا في مجموعة السبع، وهي المجموعة التي تتزعم الاقتصاد الرأسمالي وتحاول التحكم في الاقتصاد العالمي، وكذلك لكونها من الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن. المعلوم أن فرنسا من أوائل الدول التي دعمت إسرائيل بقوة منذ تأسيسها بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، كما ساعدتها في خمسينات القرن الماضي على تطوير برنامج نووي مكنها من امتلاك أسلحة نووية، لتكون بذلك الدولة الوحيدة في المنطقة التي تمتلك هذا السلاح.
رحبت السلطة الفلسطينية وحركات المقاومة في فلسطين، بما فيها حماس، وكذلك الدول العربية ومعظم دول العالم بالقرار الفرنسي، واعتبرته خطوة مهمة في سبيل إنصاف الشعب الفلسطيني وتحقيق السلام في المنطقة. لم يشذ عن الترحيب بالقرار الفرنسي سوى قادة الكيان الصهيوني، الذين اعتبروا الاعتراف بدولة فلسطين بأنه «مكافأة للإرهاب»، وشذت عنه كذلك الولايات المتحدة الأمريكية التي وصف وزير خارجيتها، ماركو روبيو، القرار الفرنسي بأنه «متهور»، بل إنّ السفير الأمريكي في إسرائيل، مايك هاكابي علق على قرار الرئيس الفرنسي بالقول إن على فرنسا إقامة دولة للفلسطينيين على الأراضي الفرنسية. كلا التعليقين بعيدين عن الأعراف الدبلوماسية، بل إنه يتّسم بالصلف وعدم اللياقة، خاصة في العلاقة بين الحلفاء.
على إثر قرار الرئيس الفرنسي الاعتراف بدولة فلسطين بدأ بعض الصحفيين والمحللين السياسيين حول العالم الحديث عن تبعات هذا القرار على العلاقة بين بعض الدول العربية وإسرائيل، بل إن بعض المحللين السياسيين ووسائل الإعلام في الغرب بدأوا يروجون لمسألة في غاية الخطورة، وهي أن على الدول العربية أن تقابل اعتراف فرنسا وغيرها من الدول الغربية بمكافأة إسرائيل وتطبيع العلاقات معها، وهو ما يعني تجاوز الوضع الحالي في فلسطين الذي وصل إلى حد التجويع والإبادة الجماعية في غزة، وحد التهجير والتشريد في القدس والضفة الغربية.
ولا يخفى على متابع أو مؤرخ أو محلل سياسي أن الدول العربية وعلى مدى أكثر من خمسة وخمسين عاما جنحت للسلم في المنطقة، دون أن تجنح إسرائيل له بصورة جادة، ولو لمرة واحدة. لقد خطت الدول العربية خطوات واسعة نحو السلام، بل إن البعض هرول لاهثا دون نتيجة أو فائدة تذكر إلا لإسرائيل. نشير هنا إلى بعض خطوات ومبادرات السلام العربية، فبعد العدوان الإسرائيلي على مصر والأردن و سوريا عام ١٩٦٧ بفترة غير طويلة قبلت مصر وبعض الدول العربية، ما عُرف بمبادرة روجرز، وزير خارجية أمريكا، ثم بعد ذلك بسنوات جاءت مبادرة الرئيس المصري أنور السادات بزيارة القدس التي تلتها اتفاقية كامب ديفيد، ثم جاء ما يسمى مسار برشلونة للسلام، ثم اتفاقيات أوسلو ثم المبادرة العربية للسلام في عام ٢٠٠٢، إلى غير ذلك من مبادرات قدمتها الدول العربية دون أن تقابلها إسرائيل بخطوة واحدة ذات معنى تعيد للشعب الفلسطيني شيئا من حقوقه، أو توقف عدوانها المستمر على الدول العربية. بل على العكس من ذلك قابلت إسرائيل جنوح الدول العربية للسلام بمزيد من العدوان، بما ذلك ضم القدس والجولان السوري، وكذلك بإصدار الكنيست الإسرائيلي لعدة قوانين أكثر عدوانية وعنصرية، من بينها قانون يهودية الدولة وقانون منع إقامة دولة فلسطينية، والقانون الأخير وليس الآخر الذي صدر هذا الشهر بإعلان ما يسمى السيادة على الضفة الغربية.
لا تكتفي إسرائيل بالتنكيل بالشعب الفلسطيني ومحاولتها طمس قضيته العادلة، بل إنها مستمرة في عدوانها على الدول العربية، فقد وسعت مؤخرا من الأراضي التي تحتلها في سوريا بالإضافة إلى هضبة الجولان، التي احتلتها في عام ١٩٦٧. وهي بالإضافة إلى ذلك تسعى بكل الوسائل لتقسيم ذلك البلد سياسيا وتفكيك وتمزيق بنيته الاجتماعية. كذلك عادت في العام الماضي لتحتل أراضي لبنانية كانت المقاومة قد حررتها قبل خمسة وعشرين عام. وإمعانا في سياساتها العدوانية تجاه العرب جميعا، ردت إسرائيل على شروط المملكة العربية السعودية لتطبيع العلاقات معها، بقول أحد وزرائها، وهو من عتاة اليمين الصهيوني، إن لدى السعودية أراض واسعة ويمكنها إقامة دولة للفلسطينيين عليها. كذلك وسعت إسرائيل من عدوانها فشملت به إيران التي شنت عليها حربا غاشمة لا مبرر لها سوى رغبتها في منع إيران، بل جميع دول المنطقة من أي تقدم علمي أو ازدهار اقتصادي، وإخضاع الكل للهيمنة الصهيونية.
يشعر قادة إسرائيل في الوقت الحاضر بالانتشاء مما يتوهمون أنها إنجازات حققوها في إيران ولبنان وسوريا، وإلى حد ما، في غزة. لكن الحقيقة أن إسرائيل اليوم في أضعف حالاتها، فهي منهكة اقتصاديا وهي مفككة اجتماعيا وهي محاصرة عالميا، إلا من حليفتها وشريكتها، الولايات المتحدة الأمريكية. ولذلك الضعف أسباب كثيرة، منها أن نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل الحالي يمثل كل أسبوع أو أسبوعين أمام المحكمة بتهم الارتشاء والتزوير والفساد، وهو ووزير دفاعه السابق مطلوبان كذلك للعدالة من قبل محكمة الجنايات الدولية، وهناك أيضا آلاف الضباط والجنود الإسرائيليين ملاحقون وقد بدأ بعضهم يخضعون للاستجواب في عدد من دول العالم. أما الاقتصاد الإسرائيلي فإنه يعاني من ضعف الأداء وعجز كبير في الميزانية، وقد بدأت بعض الشركات في التوقف عن العمل، ومنها ميناء إيلات الذي زادت ديون الشركة الذي تديره ولم يعد بإمكانها الاستمرار، وذلك بفضل الحصار البحري الذي يفرضه اليمن في البحر الأحمر. ولأن إسرائيل في هذا المستوى من الضعف فإن على الدول العربية أن تتوقف عن أي خطوات تؤدي إلى التطبيع معها لأنها كيان توسعي عدواني، بل إنه من المشين أخلاقيا وغير اللائق دبلوماسيا إقامة أي نوع من العلاقات مع كيان أصبح قادته ملاحقين بتهم الإجرام والفساد داخل الكيان وخارجه. وعلى العكس من التطبيع مع هذا الكيان، على الدول العربية أن تسعى لإحداث تغييرات سياسية في الدولة والمجتمع الصهيوني. ويمكن أن يتم ذلك بعدة وسائل، منها التواصل مع اليهود غير الصهاينة ودعوتهم إلى عقد مؤتمر آخر على غرار المؤتمر الذي عقدوه في العاصمة النمساوية، فيينا في شهر يونيو الماضي، والذي دحضوا خلاله كثيرا من الخرافات والافتراءات الصهيونية. ومن المناسب في ذلك الإطار إعادة فضح إسرائيل والحركة الصهيونية أمام العالم على أنها شكل من أشكال التمييز العنصري، وذلك حسب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي صدر في منتصف سبعينات القرن الماضي. قد يؤدي التواصل والحوار بين الدول العربية واليهود غير الصهاينة إلى صيغة مشتركة تقود إلى سلام دائم في فلسطين، على أساس نبذ العنصرية وعودة الحقوق إلى أصحابها. كذلك يمكن للدول العربية أن تعمل على تغيير الواقع السياسي والاجتماعي الحالي في إسرائيل، من خلال العمل على تشجيع فوز الأحزاب غير اليمينية والأحزاب العربية في الانتخابات القادمة للكنيست، وذلك بهدف سنّ قوانين جديدة تجبّ القوانين العنصرية الحالية، لاسيما قانون يهودية الدولة والقوانين التي تشجع الاستيطان في الضفة الغربية.
هذه الجهود السياسية يجب أن يرافقها بناء للقدرات العسكرية والاقتصادية والعلمية والتقنية في الدول العربية، وهو أمر لا بد منه، وإلا فإن الكل، سواء في العالم العربي أو الشرق الأوسط، بما في ذلك إيران وتركيا، سيكونون مجرد توابع أو في أحسن الأحوال ممولين للمشروع الصهيوني، كما أراده شيمون بيريز، الذي قال «من إسرائيل العقول، وعلى العرب المال»، وكما يريده حاليا نتنياهو، الذي كرر نفس العبارة وإن بطريقة أكثر وقاحة. الأمر ليس سهلا، لكنه ليس مستحيلا. وبالإرادة يتحقق كل ممكن.
د. عبدالملك بن عبدالله الهنائي باحث في الاقتصاد السياسي وقضايا التنمية