عدن الغد /متابعات

 

يحتفل اليمنيون بيوم اللغة المهرية، الذي يبدأ في الثاني من أكتوبر كل عام ويستمر لعدة أيام، في محاولة لإحياء واحدة من أقدم اللغات السامية الجنوبية الحديثة وتسليط الضوء على أهميتها التاريخية والإنسانية.

وذكرت دراسة أجريت في جامعة "ساينس" الماليزية أنه توجد ندرة كبيرة في المعلومات حول اللغات القديمة في الجنوب العربي، لكن تم اكتشاف عدد من اللغات، ومنها المهرية، من خلال النقوش الموجودة في مناطق مختلفة في شبه الجزيرة العربية.



واللغة المهرية هي إحدى اللغات الست المعروفة مجتمعة باسم لغات جنوب الجزيرة الحديثة، وهي المهرية، والسقطرية، والحرسوسية، والشحرية، وهوبيوت، والبطحرية، وفقا لموقع بريل الأكاديمي.

ويتحدث اللغة المهريون الذين يعيشون في مناطق معزولة في شرق اليمن، خاصة في محافظة المهرة، ومنطقة ظفار غرب عمان، ويعيش عدد قليل منهم في السعودية بالقرب من الحدود بين اليمن وعمان، وكذلك في الكويت والإمارات، وفقا لموقع أكاديميك أكسيليراتور.

وبحلول القرن الـ19، عاش المتحدثون بها شمالا حتى وسط عمان. وليس لهذه اللغة تقليد في الكتابة، ولم تكن معروفة للأوروبيين إلا منذ القرن الـ19، وفقا لبريل.

ولاتزال المهرية تستخدم كلغة عامية يتحدث بها عشرات الآلاف من المتحدثين في المهرة باليمن وظفار بعمان وفي جزيرة سقطرى، بحسب الدراسة.

ويزعم أهل المهرة أنهم ينحدرون من نسب شخصية تاريخية، وهو مهرة بن عمرو بن حيدان، وتم استخدام اسمه نظرا لشخصيته القوية ذات الشعبية وتأثيره على أهل من يسكنون المناطق الجنوبية والشرقية من الجزيرة العربية، وفقا للدراسة.

وقبل انتشار اللغة العربية مع الإسلام في القرن السابع الميلادي، كان يتم التحدث بالمهرية في جنوب شبه الجزيرة العربية بشكل أساسي. لكن اللغات الجنوبية السامية بدأت تختفي في الجبال والصحاري والجزر اليمنية والبحر العربي ومنطقة ظفار.

والعدد الإجمالي للمتحدثين باللغة المهرية غير معروف، وتختلف التقديرات قليلا، ومن المحتمل أن يكون العدد على الأقل 130 ألفا، ويعيش أكثر من نصف هذه المجموعة في اليمن، بحسب "بريل"، بينما تقول اليونسكو إن العدد يصل إلي ٩٩٩ ألف شخص.

ونظرا لهيمنة اللغة العربية في المنطقة على مدار الـ 1400 عام الماضية، فإن المهرية معرضة حاليا لخطر الانقراض، حسبما تصنفها اليونسكو، وذلك رغم غناها الثقافي والأدبي.

وتعرضت المهرية لنفس مصير العديد من اللغات القديمة التي تراجعت بسبب الحداثة والتحضر الاجتماعي، وفقا لما ذكرته دراسة أجرتها رئيسة قسم اللغة في جامعة ليدز، جانيت واتسون، والباحث العماني، عبدالله المهري.

وأشارت الدراسة إلى أنه يوجد أوجه تقارب بين اللغة المهرية واللغة العربية الفصحى لكن متحدثيها لا يفهمون بعضهم. وعلى سبيل المثال، فإن لفظ "بعير" في اللغة المهرية، وهو نوع من الإبل، له معني إيجابي عندما يستخدم كناية لوصف الرجل قوي البنية.

وأوضحت الدراسة أنه حتى سبعينات القرن العشرين، عاش العديد من المتحدثين باللغة المهرية في الخيام الكهوف الخشبية، وكانوا يعملون في رعي الجمال والماعز والصيد والتجارة، لكن الآن فقد أصبح معظم هؤلاء يعيشون في مجتمعات حضرية ويدخلون المدارس ويتعلمون اللغة العربية بها.

وبشأن استمرار اللغة الأمهرية حتى الآن وعدم اندثارها تماما مثل باقي اللغات، ذكرت دراسة جامعة "ساينس" الماليزية، أنه توجد عدة عوامل ساعدت في الحفاظ على المهرية وتحديدا في الجزء الجنوبي من الجنوب العربي.

ومن هذه العوامل أن منطقة المهرة تقع أيضا بعيدا عن مراكز اللغة العربية الفصحى ولهجاتها، حيث تبعد المهرة مسافة طويلة جدا عن أقرب هذه المراكز، وهي المدن الحضرمية والحجاز، وهذه المسافة تغطيها صحاري واسعة وجبال عالية وسهول ووديان عميقة.

والأطعمة الأساسية لشعب المهري هي اللحوم، والأسماك في المناطق الساحلية.

وكان هذا أيضا عاملا رئيسيا في استمرار بقاء القبائل معزولة عن الأحداث الخارجية وتأثيرات التغيير. ولم تكن هناك ظروف ملحة تجبرهم على الاختلاط مع الغرباء، وحتى إذا اضطر رجال القبائل للذهاب لقضاء بعض المشتريات خارج أراضيهم، فإن حوارهم سيكون محدودا للغاية، وبالتالي لم تخضع اللغة لتغييرات.

كما أن الأطعمة الأساسية لشعب المهري هي اللحوم، والأسماك في المناطق الساحلية، والمحاصيل الموسمية، وكان هذا أيضا عاملا رئيسيا في استمرار بقاء القبائل معزولة عن الأحداث الخارجية وتأثيرات التغيير.

ولم تكن هناك ظروف ملحة تجبرهم على الاختلاط مع الغرباء، وحتى إذا اضطر رجال القبائل للذهاب لقضاء بعض المشتريات خارج أراضيهم، فإن أحاديثهم تكون محدودة للغاية، وبالتالي لم تخضع اللغة لتغييرات.

(الحرة)

المصدر: عدن الغد

كلمات دلالية: اللغة المهریة اللغة العربیة

إقرأ أيضاً:

في حوار خاص لـ "الفجر".. هاني المهدي يكشف أسرار القوة الناعمة لمصر عبر اللغة العربية

في ظل التغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم، وتنامي الحاجة إلى التفاهم الثقافي والحضاري بين الشعوب، تبرز اللغة العربية كأحد أهم جسور التواصل الإنساني والمعرفي، لا سيّما لما تحمله من ثراء لغوي وتاريخي وحضاري عميق. ومع تزايد الاهتمام العالمي بتعلم اللغة العربية لأغراض دينية، أكاديمية، اقتصادية، وسياسية، تتعاظم مسؤولية الدول العربية – وفي مقدمتها مصر – في تطوير هذا المجال الحيوي واستثماره كأداة فاعلة لتعزيز مكانتها الثقافية والدبلوماسية على الساحة الدولية.

ومن هذا المنطلق، يتناول موقع الفجر  هذا الحوار مع الدكتور هانئ محمد المهدي، عضو هيئة التدريس بجامعة الزقازيق والخبير في تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، أبعاد هذا الملف المحوري الذي لا يقتصر تأثيره على التعليم فقط، بل يمتد إلى مجالات الاقتصاد، والسياحة، والدبلوماسية الثقافية. يسلّط الحوار الضوء على واقع تعليم العربية للوافدين في مصر، ومستوى الإقبال العالمي عليها، والتحديات التي تواجه إعداد المعلم الكفء، إضافة إلى دور تقنيات الذكاء الاصطناعي في تجويد العملية التعليمية. كما يطرح الدكتور المهدي رؤى مستقبلية جديرة بالتأمل لدعم هذا القطاع الواعد، من أجل أن تبقى مصر منارةً للغة الضاد وقِبلةً للراغبين في تعلمها من مختلف أنحاء العالم.

نرحب بالدكتور هانئ محمد المهدي، عضو هيئة التدريس بجامعة الزقازيق، وخبير ومستشار في تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها. بدايةً، دكتور هانئ، نود أن نتعرف من حضرتكم على أهمية هذا المجال، وموقع مصر فيه.

أشكركم على الاستضافة. تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، وإعداد معلميها، يمثل مجالًا بالغ الأهمية، ليس فقط من الناحية التربوية، بل أيضًا كرافد من روافد الاقتصاد الوطني، وأداة فعالة لدعم القوة الناعمة المصرية في الخارج. لقد كانت مصر، ولا تزال، منارةً للعلم، ومركزًا رئيسًا لإعداد الكفاءات في هذا المجال الحيوي، الذي بات يلقى اهتمامًا عالميًا متزايدًا.

 هل ترون أن هناك إقبالًا ملحوظًا على تعلم اللغة العربية من غير الناطقين بها داخل مصر؟

 نعم، الإقبال في تزايد مستمر من مختلف الجنسيات. وتشير الإحصاءات إلى أن نحو 15 مليون شخص حول العالم يرغبون في تعلم اللغة العربية، من بينهم أكثر من خمسة ملايين لديهم رغبة ملحة لذلك. وعند البحث عبر الإنترنت باستخدام مصطلحات مثل "Learning Arabic"، تظهر مصر في مقدمة الخيارات، وتحديدًا مدينة نصر التي تحتضن أكبر سوق دولي لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، وهو ما يعكس حجم الاهتمام العالمي ودور مصر المحوري.

 من وجهة نظركم، ما مدى الدعم المؤسسي لهذا القطاع في مصر؟

هناك جهود مؤسسية مشكورة، أبرزها ما تقوم به الجامعات المصرية التي أنشأت أقسامًا متخصصة، مثل قسم تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها بكلية الدراسات العليا للتربية بجامعة القاهرة. 

هذا القسم يقدم برامج أكاديمية متكاملة، تبدأ بدبلومات تمهيدية وتمتد إلى درجات الماجستير والدكتوراه. واليوم أصبح بالإمكان الحصول على ترقيات أكاديمية متخصصة في هذا المجال، بعد أن كان ذلك حلمًا بعيد المنال في الماضي.

وماذا نحتاج لتحقيق نقلة نوعية في هذا المجال؟

 نحتاج إلى دعم أكبر، سواء من المؤسسات الحكومية أو منظمات المجتمع المدني، لدفع هذا المجال نحو آفاق أوسع. الدعم لا يعني بالضرورة التمويل فقط، بل يشمل أيضًا الاعتراف القانوني والمؤسسي بجهود العاملين فيه، وتهيئة بيئة حاضنة تضمن لهم التأهيل العلمي والتربوي والمهني المستمر. هذا المجال يعكس صورة مصر الحضارية، ويستحق أن يحظى بالعناية والاهتمام.

 شاركتم مؤخرًا في ندوة ناقشت دور الذكاء الاصطناعي في تعليم العربية. كيف ترون هذا التكامل؟

 الندوة جاءت تحت عنوان "تمكين المعلم من استخدام الذكاء الاصطناعي في تعليم اللغة العربية"، وهو موضوع بالغ الأهمية. الذكاء الاصطناعي يتيح إمكانيات واسعة في إعداد المحتوى، وتصميم الدروس، وقياس الأداء اللغوي. وقد استعرض مركز "لسان العرب" تجربته الرائدة في هذا المجال، من خلال توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في تقديم دروس تفاعلية، وتطوير وسائل التقييم، وتعزيز المهارات اللغوية الأربع: الاستماع، والكلام، والقراءة، والكتابة، عبر أدوات متعددة مثل الفيديوهات التفاعلية وتقنيات التعلم التكيفي.

وماذا عن أبرز التحديات التي تواجه إعداد معلمي اللغة العربية لغير الناطقين بها؟

 هناك عدة تحديات، أهمها:

التمكن العلمي: كثير من الخريجين يفتقرون للأساس المتين في علوم اللغة العربية، مما يؤثر سلبًا على قدرتهم في التعليم.

النموذج اللغوي: المعلم يجب أن يكون ناطقًا بالعربية الفصحى بطلاقة، لأنه يُعد قدوة لغوية للمتعلمين.

شخصية المعلم: لا يكفي أن يمتلك المعرفة، بل يجب أن يتحلى بثقة الحضور، والقدرة على التواصل، وفهم احتياجات الطلاب من خلفيات ثقافية متنوعة.

المهارات المهنية: لا بد من تنمية المهارات التربوية والتقنية، خصوصًا في ظل التحول نحو التعليم الرقمي والتفاعلي.

بإجمال، التحديات تتوزع بين المعرفة، والكفاءة، والشخصية، والمهارات، وكلها ضرورية لصناعة معلم مؤهل لتعليم لغة القرآن الكريم بفاعلية واقتدار.

 وفي نهاية هذا الحوار، ما النصائح التي تود تقديمها لمعلمي اللغة العربية، لا سيما في هذا التخصص؟

 أوصي المعلمين بأمرين أساسيين:

أولًا، أن يلتزموا باستخدام اللغة العربية الفصحى في كل جوانب تواصلهم المهني، فالمعلم قدوة لغوية.

ثانيًا، أن يحرصوا على القراءة الجهرية المستمرة لمصادر الأدب العربي الرفيع، مثل مؤلفات طه حسين، والعقاد، والمنفلوطي، والرافعي، لما فيها من أساليب فصيحة وبناء لغوي سليم. كما أنصحهم بقراءة القرآن الكريم يوميًا، فهو المصدر الأول للفصاحة والبيان.

 شكرًا جزيلًا لكم، دكتور هانئ، على هذا اللقاء الشيق والمفيد.

 الشكر موصول لكم على اهتمامكم بهذا الموضوع الحيوي، وعلى إتاحة الفرصة لتسليط الضوء عليه.

مقالات مشابهة

  • ولي العهد: يجب إيجاد حل للقضية الفلسطينية وفقا لمبادرة السلام العربية والقرارات الدولية
  • شما بنت محمد تطلق مشروع «إتقان القراءة باللغة العربية»
  • مركز اللغات بجامعة حلوان يعلن عن بدء دورة اللغة الألمانية
  • منتدى ناصر الدولي يحتفل بمرور 80 عامًا على تأسيس جامعة الدول العربية
  • في حوار خاص لـ "الفجر".. هاني المهدي يكشف أسرار القوة الناعمة لمصر عبر اللغة العربية
  • جامعة أسيوط تحصل على منحة علمية ممولة بالكامل من جامعة السوربون بباريس
  • دراسة سعودية تكشف تنوعًا غير مسبوق للثدييات الكبيرة في الجزيرة العربية خلال العصور الماضية
  • تكريم الفائزين بمبادرة الحبتور لدعم اللغة العربية
  • مركز سعودي يحتفل باليوم العالمي للغة الصينية
  • وكيل تعليم الدقهلية يستقبل الإدارة المركزية لتطوير المناهج..صور