ثاني أيام طوفان غزة.. أزمة إنسانية بغزة جراء قصف الاحتلال
تاريخ النشر: 8th, October 2023 GMT
غزة – حول القصف الانتقامي، الذي تشنه قوات الاحتلال الإسرائيلي، مناطق واسعة من قطاع غزة إلى ما يشبه "مدن أشباح"، وتسبب في موجة نزوح كبيرة إلى مناطق أكثر أمنا، وإلى مدارس تابعة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
ولم يعرف النوم طريقه إلى عيون سكان قطاع غزة، إذ لم تتوقف أصوات الغارات الجوية وقذائف الزوارق البحرية، مستهدفة منازل وأبراجا سكنية، ومقارا حكومية ومنشآت عامة وخاصة، ومصارف، فضلا عن بنى تحتية، بعد أقل من يوم على العملية التي أطلقت عليها المقاومة الفلسطينية "طوفان الأقصى".
وبدأت ملامح أزمة إنسانية تلقي بظلالها الثقيلة على 2.3 مليون فلسطيني في القطاع الساحلي الصغير، الذي يعاني أساسا من أزمات مركبة نتيجة سنوات الحصار الطويلة، وتخشى أوساط رسمية من كارثة محققة خلال أيام قليلة، نتيجة القرار الإسرائيلي بوقف تزويد القطاع بالكهرباء والوقود والسلع، الأمر الذي من شأنه أن يصيب بالشلل قطاعات حيوية.
وتجنبا للمخاطر، فضل أصحاب منشآت تجارية واقتصادية إغلاق أبوابها، واختفت حركة السيارات والمارة من شوارع القطاع، باستثناء قلة قليلة ممن يخاطرون بأنفسهم بحثا عن الخبز والتزود بالاحتياجات الأساسية.
وفي استجابة سريعة، افتتحت "أونروا" 44 مدرسة تابعة لها على مستوى القطاع، استقبلت بحلول الساعات الأولى من مساء أمس السبت ما لا يقل عن 20 ألف نازح، حسب المستشار الإعلامي للوكالة الأممية عدنان أبو حسنة، مؤكدا أن القدرة الاستيعابية للمراكز كافة تقدّر بنحو 150 ألف نازح.
وقال عدنان للجزيرة نت، إن أعداد النازحين مرشحة للارتفاع، واستنادا إلى تجارب سابقة، فإنه كلما ازدادت حدة العمليات المسلحة تزداد عمليات النزوح، الأمر الذي جعل "أونروا" توفر مراكز إيواء معدة مسبقا للتعامل مع أي أحداث طارئة.
واليوم الأحد، بدأت طواقم عمليات "أونروا" إحصاء أعداد النازحين، من أجل تنظيمها والبدء في إمداد النازحين بخدمات أساسية تتعلق بالمأوى والطعام والطاقة البديلة والرعاية الصحية، فضلا عن خدمات الدعم والإرشاد النفسي.
وتعمل "أونروا" بموجب خطة طوارئ، وقالت في بيانها الأول عن الأوضاع الجارية، إن كل مراكزها الصحية البالغ عددها 22 مركزا مغلقة، وخدمات الرعاية الصحية متاحة حصريا لحالات الطوارئ عبر خط ساخن مجاني، بينما استأنفت صباحا خدمات الرعاية الصحية الأولية بعدد محدود من الموظفين.
ومع بدء التصعيد علّقت "أونروا" جميع عمليات جمع النفايات الصلبة ونقلها إلى مكبات النفايات، وأوقفت تشغيل آبار المياه على أن تستأنفها لاحقا في بعض المناطق، إضافة إلى تعليق عملية توزيع المواد الغذائية على المستفيدين من اللاجئين حتى إشعار آخر.
وقال المستشار الإعلامي لأونروا، إن جميع تحركات الموظفين مقيدة بفعل سخونة الواقع في الميدان، مشيرا إلى تعرض مدرستين تابعتين لأونروا في مخيم جباليا شمال القطاع ومدينة غزة، لأضرار جانبية، والعثور في مدرسة ثالثة على شظايا، ناجمة عن الغارات الجوية الإسرائيلية.
وكان وقع قرار الاحتلال الإسرائيلي بوقف إمدادات الكهرباء والوقود ثقيلا على مستشفى الشفاء، كبرى مستشفيات قطاع غزة، ووصفه مدير المستشفى الدكتور محمد أبو سلمية بأنه، "قرار بقتل المرضى في المستشفيات ويحولها إلى مقابر جماعية".
وفي حديثه للجزيرة نت، قال د. محمد، إن المستشفى تعمل حاليا على مولدات تستنزف من مخزون الوقود، الذي بالكاد يكفي لـ 4 أو 5 أيام على الأكثر، بالنظر إلى حاجتها لـ 50 ألف لتر يوميا، "ما يعني أننا أمام كارثة حقيقية".
وحسب مدير المستشفى، فإن هذه الكارثة تهدد حياة آلاف المرضى، وأشدها خطورة 70 حالة لمريض حياتهم مرتبطة بالتنفس الصناعي في أقسام العناية المركزة، و50 طفلا في قسم الأطفال الخدج، و450 مريض غسيل كلى، فضلا عن مخاطر توقف أقسام العمليات الطارئة، ومحطات توليد الأكسجين.
كارثة بيئية
وانعكست أزمة نقص الكهرباء والوقود سريعا على مئات آلاف المنازل السكنية، التي لفها الظلام الدامس، وعانت من نقص شديد في إمدادت المياه الصالحة للاستخدام المنزلي، فضلا عن تكدس النفايات الصلبة في مكبات مؤقتة داخل التجمعات السكنية وحولها، مع صعوبة الوصول إلى المكبات الرئيسة المتاخمة للسياج الأمني الإسرائيلي شرق القطاع.
وقال مساعد رئيس "لجنة الطوارئ الحكومية" المهندس زهدي الغريز، إن القطاعات الحيوية تأثرت نتيجة شدة الغارات الجوية الإسرائيلية، وحتى قبل صدور القرار بمنع توريد الكهرباء والوقود، متوقعا "انهيارا شاملا في القطاعات الحيوية والخدمية في غضون 3 أيام خاصة، مع نفاد مخزون الوقود في محطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة".
وفي حديثه للجزيرة نت، أوضح زهدي الذي يترأس بلدية خان يونس، أن الخطر الحقيقي لهذا القرار يتركز على إمدادات المياه للمنازل والمنشآت، حيث تعمل الآبار حاليا بالحد الأدنى وبموجب كمية الكهرباء المتوفرة التي لا تزيد عن 4 ساعات يوميا، بينما توقف المحطات الأربع لمعالجة الصرف الصحي عن العمل، مع بدء العملية العسكرية، ويتم حاليا التصريف نحو البحر مباشرة.
وقال الغريز، إن محطات ضخ الصرف الصحي إلى أماكنها المخصصة للمعالجة تعمل حاليا بما يتيسر لها من وقود، حيث تحتاج إلى 40 ألف لتر يوميا، وكمية الوقود التي وفرتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر، والمقدرة بـ 60 ألف لتر لكل بلديات القطاع، تكفي لـ 36 إلى 48 ساعة فقط.
كما تحتاج محطات المياه لإيصالها للمنازل والمنشآت المختلفة إلى 60 ألف لتر يوميا، في حال انقطاع الكهرباء، إضافة إلى أن تكدس آلاف أطنان النفايات الصلبة في مكبات مؤقتة داخل التجمعات السكنية، ستؤدي إلى أزمة صحية خطيرة، وفقا للمسؤول في لجنة الطوارئ الحكومية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: قطاع غزة ألف لتر فضلا عن
إقرأ أيضاً:
أحياء تحت الأنقاض يستغيثون وعشرات فُقدت آثارهم بمناطق المساعدات بغزة
قال الدفاع المدني في قطاع غزة، إن أكثر من 80 شخصا عالقون تحت الأنقاض، ومنهم من أبلغ عن وجوده حيًّا بنداءات استغاثة وصلت إلى الفرق العاملة، وإنه يواجه تحديات ميدانية خطِرة تعيق جهوده، نظرا لتصعيد قوات الاحتلال الإسرائيلي واستهدافها المباشر المناطق السكنية شرقي مدينة غزة.
في حين قال المتحدث باسم الدفاع المدني في القطاع محمود بصل، إن عشرات الفلسطينيين فُقدت آثارهم في مناطق توزيع المساعدات، خاصة في مدينة رفح (جنوبي القطاع).
وأوضح بيان للدفاع المدني صدر اليوم الخميس -ووصل للجزيرة نت- أن قوات الاحتلال قصفت خلال الأيام القليلة الماضية مربعات سكنية تضم أكثر من 200 منزل ومبنى، خاصة في أحياء الزيتون والشجاعية والتفاح، مما أدى إلى دمار واسع وسقوط أعداد كبيرة من الضحايا.
وأشار البيان إلى أن استمرار القصف وانعدام التنسيق الأمني يشكلان عائقا أمام دخول فرق الإنقاذ إلى المناطق المنكوبة، وسط مخاوف من استهداف أفراد الدفاع المدني وغياب الممرات الآمنة.
وناشد الدفاع المدني -في بيانه- المجتمع الدولي والجهات الإنسانية المعنية ضرورة التدخل العاجل لتوفير ممرات إنسانية آمنة للطواقم العاملة، وضمان دعم لوجيستي يسهّل استمرار عمليات البحث والإنقاذ، إضافة إلى تنسيق ميداني فعّال يتيح إنقاذ الأرواح من دون تأخير.
فقدان الأثر
وقال المتحدث باسم الدفاع المدني في القطاع غزة، إن أكثر من 40 مواطنا فلسطينيا فُقدت آثارهم في مناطق توزيع المساعدات الإنسانية، وسط حالة من الفوضى المتعمدة التي تفرضها قوات الاحتلال، مع استمرار المجازر التي لم تتوقف في القطاع.
وفي مقابلة مع الجزيرة نت، أوضح بصل أن معاناة المدنيين في القطاع تتفاقم يوما بعد يوم في ظل استمرار الهجمات الإسرائيلية، وتصاعد المخاطر التي تهدد حياة الفلسطينيين أثناء محاولاتهم الحصول على المساعدات الإنسانية، خاصة في المنطقة الأميركية بدوار العلم في مدينة رفح أو في مناطق نتساريم.
إعلانواستشهد في القطاع أكثر من 600 فلسطيني من منتظري المساعدات منذ 27 مايو/أيار الماضي، بفعل القصف وإطلاق النار المباشر من قوات الاحتلال الإسرائيلي، حسب ما قاله بصل.
وتشير التقارير إلى مقتل عشرات الضحايا يوميا في صفوف المواطنين الذين يغامرون بحياتهم من أجل الحصول على الغذاء والطحين، بينما تستمر سياسة العقاب الجماعي والتجويع باستهداف التجمعات المدنية وأسواق التوزيع ومخيمات النزوح من الاحتلال.
سياسة الفوضى
وقال المتحدث باسم الدفاع المدني "نحن نتحدث عن سياسة واضحة، إذ يؤكد الاحتلال الإسرائيلي من هذه الممارسات أن المساعدات لن تمر بطريقة إنسانية، بل إنه معني بأن تبقى هذه الحالة من الفوضى والفلتان من أجل قتل أكبر عدد من المواطنين، وهذا ما يلخصه المشهد والواقع بدقة".
وأشار بصل إلى أن قوات الاحتلال تقتل عددا من المواطنين الذين يذهبون من أجل الحصول على قوت يومهم، والذين أصبحوا أمام خيارات صعبة: فإما أن يعودوا حاملين أكياس الطحين، أو أن يعودوا محمّلين على أعناق الناس وأكتافهم".
وفي تصريحاته للجزيرة نت، أكد أن المستشفيات استقبلت ما بين 5 و6 آلاف مصاب بفعل استهداف جيش الاحتلال الإسرائيلي متلقي المساعدات ومنتظريها، إذ قصفهم الاحتلال أو أطلق عليهم النار مباشرة.
ويواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 حرب إبادة جماعية في قطاع غزة، خلفت حتى أكثر من 192 ألف فلسطيني شهداء وجرحى، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى ما يزيد على 11 ألف مفقودٍ، في وقت يعيش فيه مئات آلاف النازحين أوضاعًا كارثية من الجوع ونقص التغذية وانعدام الرعاية الطبية، حسب إحصاءات وزارة الصحة في قطاع غزة.