٣٥ عامًا من نوبل.. ومازال الجدل دائرًا
تاريخ النشر: 13th, October 2023 GMT
خمسة وثلاثون عامًا تمر على فوز أديبنا الأشهر نجيب محفوظ بجائزة نوبل للآداب، ليظل رغم كرور كل تلك السنوات هو العربى الوحيد الذى حازها، بل والأديب الوحيد الذى نالها وتكون لغته الأدبية الأم هى اللغة العربية، فها هو محفوظ نفسه فى كلمة أُلقيت عنه فى حفل التكريم يؤكد أن اللغة العربية هى الفائز الحقيقى بالجائزة.
ففى ١٣ أكتوبر من عام ١٩٨٨ أعلن عن فوز محفوظ بنوبل، ليواجه محفوظ بعدها بعاصفة عاتية من الهجوم والاستنكار والادعاء بعدم استحقاقه لها، بل لقد أشاعت الجماعات المتطرفة كونه حصل عليها عن رواية «أولاد حارتنا»، التى كانت ولا تزال تقع تحت مقصلة الرفض والنقد، حتى وصل الأمر لمحاولة اغتياله.
ومن غريب الأمر أنه مازال يتعرض للهجوم ذاته كلما حانت ذكرى فوزه بنوبل، ومازال الجدال يثور بين عموم المثقفين والمتثاقفين، فما بين متهم بمجاملة لجنة التحكيم له ومكافأته على رواية يرونها خارجة على السياق، وبين من يشككون فى أهداف نوبل ذاتها والواقفين وراءها.
وبعيدا عن ذلك الجدال الذى يبدو أبديًا، ولن ننتهى منه يوما، فإننى لن أطرح سؤالا منطقيا عن أسباب عدم فوز عربى بعده بتلك الجائزة، ولماذا ظل هو العربى الوحيد الحائز عليها، فقد أجبت عنه بشيء من التفصيل فى مقالى السابق، لكن دعونا نستعرض حيثيات فوز محفوظ بنوبل كما أوردها إعلان فوزه، ربما استطعنا عبره استجلاء ما ينكره البعض..
فقد ألقى البورفيسير إليان كلمة التقدير إلى نجيب محفوظ جاء فيها: «فى يوم جائزة نوبل العاشر عام 1911 تسلم الكونت موريس ميترلينك، وهو شاعر بلجيكي، جائزة نوبل فى الأداب، من يد الملك جوستاف الخامس من هنا، وفى اليوم التالى ولد نجيب محفوظ، فى القاهرة عاصمة مصر التى ظلت وطنه لم يغادره أبدا إلا فى مناسبات نادرة»
وأكمل: لقد وهبته القاهرة أيضًا وحى الزمان والمكان فى رواياته وقصصه القصيرة ومسرحياته فها نجد الزحام فى «زقاق المدق» وضاحا بأسلوب ينم عن الود والصفاء، هناك يواجه كمال فى روايته «الثلاثية» قضايا شائكة ومصيرية، وها تقع العوامة فى «ثرثرة فوق النيل» ساحة للأحاديث والمناقشات الحامية حول الأوضاع الاجتماعية، وهناك نلتقى بالأحبة الصغار يبسطون سريرهم «فوق هضبة الهرم».
وتابع: إن الرواية فى الأدب العربى كظاهرة فى القرن العشرين، صنو لنجيب محفوظ لأنه هو الذى وصل بها فى الوقت المناسب إلى مرحلة النضج، وبالتالى كانت حجر الزاوية فى روايات «زقاق المدق، الجبلاوى والثلاثية، وأولاد جبلاوى فى أولاد حارتنا، واللص والكلاب، وزقاق المدق وحضرة المحترم والمرايا» وقد تنوعت تلك الروايات فى حبكتها ما بين الواقعية النفسية والرمزية والغوص فيما وراء الطبيعة.
وأشار عضو لجنة نوبل إلى أن الأستاذ نجيب محفوظ لم يتمكن من مصاحبيتنا هذه الليلة، وعلى كل سيشاهد على شاشة التليفزيون فى بيته بالقاهرة.
وتوجه بالحديث إلى نجيب محفوظ مباشرة قائًلا: «عزيزى الأستاذ محفوظ.. إن صرحك الأدبى الغنى يدعونا إلى أن نعيد النظر فى الأشياء الجوهرية فى الحياة، إن مواضيع مثل كنه الزمان والحب والمجتمع والقيم والمعرفة والإيمان، تتوالى كلها فى مواقف متباينة وتُقدم فى أفكار مثيرة للعواطف والذكريات وبأساليب جريئة واضحة».
ومما سبق من بيان تتبدى أسباب المنح التى لم تذكر أنها عن روايته المثيرة أولاد حارتنا، وهو ما يؤكده محفوظ ذاته فى رده على تلك الاتهامات حين أوضح أن هذا اتهام غير موضوعى لأسباب عديدة: منها أن النقد الموضوعى لرواية أولاد حارتنا ينفى عنها الهجوم على الإسلام والديانات السماوية، وأن فى الغرب متدينين أيضا مازالوا متمسكين بتعاليم الدين، وأننى لم أحصل على جائزة نوبل بسبب رواية أولاد حارتنا، فهی واحدة ضمن قائمة طويلة من روایات ذكرتها لجنة نوبل وعلى رأسها الثلاثية التى لم أتعرض فيها لموضوع الدين.
ولمن يسأل عن سر عدم سفره لاستلام الجائزة وسفر الكاتب الصحفى محمد سلماوى بصحبة ابنتى محفوظ، ذكرت ابنته أم كلثوم فى أحد حواراتها الصحفية أنه لا يحب السفر ولا يحب أن يغير عاداته مهما كان السبب، وظل جالسًا بين الحرافيش يشاهد منح اسمه الجائزة عبر التلفاز.
وأيًا كان ما ثار ويثار حول محفوظ نوبل، لكن يبقى أنه مازال بعد خمسة وثلاثين عاما هو العربى الوحيد الذى حاز تلك الجائزة، بعد خمسين عاما كاملة من الإبداع المستمر، رغم أننا نتمنى أن يحين يوم يضاف إلى محفوظ اسم عربى آخر يكون تاليًا له فى الحصول عليها.. فالمستحقون كثر.. ومن يدري.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: نبضات جائزة نوبل للآداب نجيب محفوظ أولاد حارتنا نجیب محفوظ
إقرأ أيضاً:
أحمد سيد : أزمة ثقة.. عقدة تعرقل انطلاق برنامج الطروحات بالبورصة
3 مستهدفات للشركة فى عام 2026
كل جهد تبذله اليوم يكتب سطرا جديدا فى رحلتك نحو ما تستحق.. اعمل بقلب لا يعرف الانكسار، وروح لا تُهزم، فالمشوار الذى تصنعه بإرادتك لا يخذلك أبدا، ستدهشك النتائج، حين تراها تتشكل تماما كما رسمتها فى خيالك.. اعلم أن الأفضلية لمن يختار أن يفتش ويتعمق، لا لمن يكتفى بالظاهر، فالعزيمة قوة تدفعك للصدارة مهما اشتدت العقبات.. فالمقاتل الحقيقى لا ينتصر بالقوة، بل بالتعلم المستمر، وبالإرادة التى لا تعرف التراجع.. وكذلك محدثى ليس مجرد مقاتل.. بل روح استثنائية تعرف كيف تحول المعارك إلى إنجازات.
بالإصرار تمهد الطرق، وبالاجتهاد تفتح الأبواب.. من يجعل هدفه بوصلته، ويمنح حلمه كل ما يملك من قوة، يصل مهما طال الطريق. الإرادة الصلبة لا تهزم، والعمل المتواصل لا يضيع.. والهدف الذى تطارده بشغف، سيأتيك فى النهاية خاضعاً لإصرارك، وعلى هذا كانت مسيرة الرجل.
أحمد سيد العضو المنتدب لشركة فيصل لتداول الأوراق المالية.. يؤمن بأن المستحيل مجرد محطة عابرة لمن يصر على العبور، وكل تعثر يوقظ فيه قوة لم يكن يعرفها، يصنع النجاح بإدارة واعية، ولا يهرب من ثقل المسئولية.
بحى العجوزة الذى يروى فى أزقته حكايات ممتدة من تاريخ الوطن وذاكرة المكان.. ينبض تاريخا لا تزال ملامحه حية.. الحى الذى ارتبط باسم «نازلى هانم»، ابنة سليمان باشا الفرنساوى، المرأة التى تحدت العمر، وتجاوزت التسعين لتشرف بنفسها على بناء مسجد شكل لاحقاً رمزاً للمنطقة، وحمل اسم «مسجد العجوزة» تخليداً لجهدها وإرثها الذى لم يبهت بمرور الزمن.
على بعد خطوات قليلة من النيل، وفى واحد من ميادين الحى الحيوى، بالصرح الشامخ.. فى الطابق الثالث، يخيم الصمت الذى تفرضه طبيعة العمل المتطلب للتركيز، تبدأ قصة أخرى. عند المدخل الرئيسى، ومن الواجهة الممتدة، تبدأ الغرفة الأهم.. الغرفة التى تبدو وكأنها صممت لتصنع القرارات لا لتتزين بالديكور.. مكتب واسع السطح يحمل صدى انشغال دائم، ولوحة كبيرة تنثر عليها الأفكار وتصقل عليها الرؤى، ومكتبة تتكئ على جدار كامل، محملة بمجلدات القانون كأنها درع يحرس المكان ويمنحه هيبته.
على ذلك المكتب، تستقر حزمة أوراق بيضاء.. ليست عادية، بل هى أجندة عمل ترسم فيها الخطط اليومية بخطوط واثقة، تبنى عليها الاستراتيجيات وتشحذ بها القرارات. وإلى جوارها أجندة أخرى، تبدو كأنها رواية غير معلنة لمسيرة شاقة: سطور تحكى عن إصرار لا ينكسر، وعن قتال نبيل لفرض العدالة فى كل محطة، وعن مشوار لم يبحث صاحبه يوماً عن لقب «الأول»، بل عن الوصول.. وعن أن يجعل من كل خطوة بصمة، ومن كل إنجاز صفحة تخلد سيرته، قبل أن يخلده الناس.
حماس ينبع من الداخل، عقلانية راسخة، حكمة تقود الخطوات، وضوح يكشف ملامح المشهد، ثقة فيما يطرح من رؤية لمشهد الاقتصاد الوطنى يرى أن الطريق الحقيقى لنهوض الاقتصاد لا يبدأ من الشعارات، بل من قلب المصانع، ومن خطوط الإنتاج التى لا تتوقف. فبدون الإنتاج والتصنيع، يبقى الاقتصاد أسيراً لدائرة الديون، يدور فيها ولا يغادرها. أما حين تتحرك عجلة الإنتاج، تبدأ الواردات فى التراجع، وتفتح أبواب التصدير، لتتحول الدولة من مستهلك إلى منتج، ومن مستورد إلى منافس عالمى.
يصنع طريقاً لا يخلقه إلا من آمن أن الوصول هدية تمنح، وبنفس الإيمان يدرك أن احتياجات الاقتصاد باتت تفوق تدفقاته، وأن التوازن لن يتحقق ما لم تدار الموارد بوعى، وتفهم التحديات من جذورها. لذلك يرى أن الاهتمام بالتوعية -فى كل مستويات الاقتصاد، من القاعدة حتى قمته- لم يعد خياراً، بل ضرورة تمهد لأى انطلاقة حقيقية.
وفى صلب المشهد، يبرز ملفان البيروقراطية التى تعرقل الخطوات، والفساد الإدارى الذى يستنزف الطاقات. هذان التحديان يقفان كجدارين أمام مسار النمو، ولا نهضة ممكنة من دونهما، فمواجهة التعقيدات الإدارية، واجتثاث الفساد، هى المفاتيح التى تفتح الأبواب المغلقة، وتطلق الاقتصاد من قيوده نحو مسار أكثر اتساعاً وفاعلية.
ويرى أن هذه الخطوات لن تبقى حبيسة الورق، بل ستنعكس مباشرة على أداء السوق، لتدفع بعجلة النمو إلى مزيد من القوة. فالنمو كما يؤكد لن يتحقق إلا حين يتضاعف الإنتاج، وتتراجع معدلات التضخم، وتتسع مساحة العمل، والإنتاج الحقيقى.
حكمة فى كل خطوة، وقدرة على حمل الأمانة بثبات وبنفس الايمان حين يتناول ملف السياسة النقدية، يتحدث عنه بيقين من يدرك تفاصيله، مؤكداً أنها تسير فى المسار الصحيح، وتستخدم أدواتها بدقة تتوافق مع متطلبات تحقيق التوازن داخل الاقتصاد، ويشير إلى أن العالم شهد خلال السنوات الأخيرة موجة تضخمية غير مسبوقة، ومع هذا الارتفاع الحاد فى الأسعار، حافظت السياسة النقدية -على مدى خمس سنوات- على استراتيجية واضحة، رفع ثم تثبيت أسعار الفائدة، بهدف كبح جماح التضخم من جهة، والحفاظ على تدفقات الأموال الساخنة من جهة أخرى.
ومع بدء انحسار الضغوط التضخمية واستقرار المؤشرات، وفقا لقوله انتقلت السياسة النقدية بسلاسة إلى مرحلة جديدة، متبنية نهجاً توسعياً عبر خفض أسعار الفائدة، فى خطوة تهدف إلى تنشيط حركة الاقتصاد، وإطلاق طاقات الإنتاج والاستثمار من جديد.
يمضى فى الطريق حين يتوقف الآخرون، وكأن قدرته الحقيقية تتجلى فى اللحظات التى يعجز فيها الجميع عن التقدم.. وهذا تحديداً سر قوته.. وحين ينتقل للحديث عن الاقتراض الخارجى، يزداد تركيزه وضوحاً، يؤمن بأن انتهاء عبء الدين الخارجى لن يتحقق إلا عبر الإنتاج والتصنيع؛ فهما وحدهما القادران على معالجة كل التشوهات التى يمر بها الاقتصاد، وفتح باب الإيرادات الحقيقية التى لا تستدان بل تنتج. ويضاعف هذا اليقين إذا كان الحديث يخص القطاع الخاص، باعتباره الطرف الأقدر على خلق القيمة وإدارة الموارد بكفاءة.
يؤكد أن طرح الأصول يجب أن يستهدف القطاع الخاص عبر البورصة، حيث الشفافية والتسعير العادل وتوسيع قاعدة الملكية، لا عبر البيع المباشر لمستثمر رئيسى.. فالبورصة فى رؤيته، هى الضمانة الحقيقية لرفع كفاءة الأصول وتعظيم الاستفادة منها.
يضيف أن «هذا الربط الذكى بين الحوافز وبين الإنتاج الحقيقى يعيد تشكيل بيئة الأعمال، ويفتح الباب أمام توسع المشروعات الاستثمارية، الأمر الذى لا ينعكس فقط على زيادة القدرة الإنتاجية، بل يؤدى أيضاً إلى تعظيم الحصيلة الضريبية بصورة مستدامة».
خبرة تراكمت عبر سنوات طويلة تركت بصمتها واضحة على رؤيته، يتجلى ذلك بوضوح حين يتحدث عن ملف الاستثمار الأجنبى المباشر. فهو يرى بثقة صادرة عن تجربة أن الاستثمار المحلى هو الركيزة الأساسية لأى مشهد اقتصادى قوى، لا الاستثمار الأجنبى. فحين يشعر المستثمر المحلى بالثقة، ويتوسع فى ضخ أمواله داخل السوق، تصبح البيئة نفسها مؤشراً جاذباً للاستثمارات الأجنبية، التى تنجذب عادة إلى الأسواق التى يثق بها أهلها أولاً.
يؤكد أن أولى خطوات ترسيخ هذه الثقة تكمن فى الترويج الفعال، وتقديم مزيد من التسهيلات للمستثمرين، لضمان بقاء السوق المحلى فى دائرة المنافسة الإقليمية. فالمنافسة شديدة، ودول المنطقة تقدم حزمة واسعة من المحفزات القادرة على جذب المستثمر المحلى نفسه بعيداً عن سوقه الأصلى.
بسيط فى كلماته، واضح فى طرحه، ويتجلى ذلك حين يتحدث عن القطاع الخاص ودوره المركزى فى دعم النمو الاقتصادى وتحقيق التنمية المستدامة. فهو يرى أن هذا القطاع الذى تزايدت مساهمته فى الناتج المحلى الإجمالى لا يمكن أن يكمل دوره الطبيعى إلا من خلال دعم متكامل يزيل العقبات من طريقه، ويفتح أمامه مسارات أوسع للإنتاج والاستثمار.. ويشدد على أن هذا الدعم لا بد أن يأتى فى صورة إعفاءات ضريبية مشروطة، ترتبط بتحقيق مستهدفات واضحة، حتى يتحول الحافز إلى قوة دفع حقيقية. فبهذه الصيغة فقط يمكن للقطاع الخاص أن يواصل توسعه.
ويضيف أن «النشاط الحقيقى لرؤوس الأموال لن يتحقق ما لم يصاحبه عمل جاد على نشر الوعى والثقافة الاستثمارية بين المواطنين، ليصبح السوق مساحة مفهومة، جاذبة، وقادرة على تحريك السيولة نحو قنوات استثمارية منتجة».
قوته تدفعه دائماً للنجاح، وهو سر تميزه، ونجاحاته المتتالية فى مسيرته، ويتبين ذلك مع مجلس الإدارة فى تحقيق استراتيجية الشركة عبر تحقيق نمو فى الأرباح، والتنفيذات، وهو ما يعمل على استكماله من خلال 3 مستهدفات تقوم على التطوير والتوسع فى البنية التكنولوجية، عبر إطلاق «الموبايل أبلكيشن»، مع التوسع فى الفروع بإضافة فروع جديدة للشركة.
واجه العقبات بصبر وشجاعة ليضع نفسه ضمن فئة المقاتلين، وهو سر تفرده، حريص على حث أولاده على الاستثمار بالنفس والاجتهاد.. لكن يظل شغله الشاغل الحفاظ على ريادة الشركة.. فهل يستطيع ذلك؟.