الانقلابات تفاقم مخاطر تزايد المد الإرهابي في دول الساحل الإفريقي
تاريخ النشر: 14th, October 2023 GMT
نشاط ملحوظ للجماعات الإرهابية في دول الساحل الإفريقي، سعيًا لتوسيع النفوذ في المنطقة التي تشهد حالة من الارتباك في الوقت الحالي، حيث تعاني بوركينا فاسو من هجمات متكررة من قبل تنظيم "القاعدة" الإرهابي، شملت معظم المناطق، كما هجر السكان القرى، فيما لا يزال الجيش يكافح لإبعاد تلك الجماعات عن المناطق الحضرية.
منذ مطلع العام الجاري، استولى تنظيم "القاعدة" في الساحل، والذي يطلق عليه اسم "جماعة نصرة الاسلام والمسلمين"، على أصناف كبيرة من الأسلحة شملت سيارات دفع رباعي وأسلحة دفاعية وهجومية وقنابل وألغام وأجهزة اتصالات، في هجمات نظمها في مالي وبوركينافاسو والنيجر على عدد من الثكنات والقوافل العسكرية، وانضم إليه في ذات الفترة آلاف الشبان بينهم مئات القاصرين.
وأظهرت مقاطع فيديو نشرتها جماعة "جماعة نصرة الإسلام والمسلـمين" التي تحاصر مدينة تينبكتو شمال مالي مئات المسلحين يستقلون سيارات رباعية الدفع وكلها مجهزة بالكامل بالمياه والوقود والطعام والمؤمن اللازمة التي تكفيهم لأيام وربما لأسابيع دون الحاجة لإعادة التموين.
كما يعتمد التنظيم الإرهابي كثيرًا على الدراجات النارية، لكنه استولى على مئات السيارات والأسلحة في هجماته على منافسة "داعش".
وعلى الجانب الآخر، أعلن الاتحاد الأوروبي اعتزامه في نهاية أغسطس ٢٠٢٣، إطلاق مهمة مدنية وعسكرية جديدة في غرب إفريقيا بهدف منع توسع أنشطة الجماعات الإرهابية ومواجهة موجة عدم الاستقرار المتزايد في المنطقة؛ حيث تأتي هذه المبادرة للتحدث علنًا ضد النشاط المتزايد للجماعات الإرهابية في المنطقة، وقد تم اختيار البلدان الساحلية لخليج غينيا - غانا، وتوجو، وبنين، وساحل العاج - نظرًا لاحتمال تعرضها لهذه التهديدات.
وستشمل مهمة الاتحاد الأوروبي الجديدة التدريب وتقديم المشورة لقوات الأمن المحلية، والمساعدة في الاستعداد لعمليات مكافحة الإرهاب، وتوفير الدعم الفني وتنفيذ تدابير بناء الثقة في قطاع الأمن من أجل تحسين الأمن البشري وكذلك الاجتماعي والاقتصادي.
خلال دراسة أعدها المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات تحت عنوان (خيارات محدودة في دول الساحل الإفريقي)، أكدت أن التقديرات الاستخباراتية تشير إلى أن تنظيم داعش الإرهابي بدأ في نقل جزءٍ من مقاتليه من النيجر إلى الحدود مع نيجيريا، وسط مخاوفه من تدخل قوات "إيكواس" في النيجر وإغلاق حدود البلاد، ومن المتوقع أن يشكل تحركه هذا خطرًا كبيرًا على المنطقة بأسرها.
وبحسب الدراسة، فإنه يمكن للانقلاب العسكري في النيجر أن يحوّلها إلى مسرح جديد للإرهاب، لا سيما أنها قريبة من معاقل جماعة "بوكو حرام" وتنظيم "داعش" في نيجيريا، حيث وقع أحدث هجوم شنته جماعة نصرة الإسلام والمسلمين في التاسع من أغسطس ٢٠٢٣، ومن المرجح أن تصبح النيجر أيضًا ساحة أخرى للتنافس بين "داعش" و"جماعة نصرة الإسلام والمسلمين"، ما يتسبب في المزيد من الفوضى وعدم الاستقرار.
رئيس مكتب مؤسسة "كونراد أديناور" التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي في منطقة الساحل "أولف ليسينج"، يؤكد أن هذا الانقلاب سطّر نهاية الوهم القائل بأن النيجر بلد مستقر للغاية ويمكنه تحقيق الاستقرار في بلدان أخرى في منطقة الساحل، مشيرًا إلى أن الجماعات الإرهابية الناشطة في المثلث الحدودي بين النيجر ومالي وبوركينا فاسو مثل داعش وما تُعرف بـ "حركة نصرة الإسلام والمسلمين" سوف تستفيد من الانقلاب.
وباتت منطقة الساحل الإفريقي بؤرة للتوتر وعدم الاستقرار، ونقطة للصراع بين القوى العالمية، إذ حذرت الأمم المتحدة في ١٦ مايو ٢٠٢٣ من أن الوضع الأمني في منطقة الساحل لا يزال مقلقًا للغاية، في وقت تواصل الجماعات الإرهابية شن هجمات واسعة النطاق ضد أهداف مدنية وعسكرية، والانخراط في مواجهات للوصول إلى الموارد وفرض السيطرة الإقليمية والنفوذ، ومن المتوقع أن يتوسع انعدام الأمن نحو بلدان غرب إفريقيا الساحلية.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: دول الساحل الأفريقي التنظيم الإرهابي الساحل الإفریقی نصرة الإسلام منطقة الساحل الساحل ا
إقرأ أيضاً:
رغم تزايد الضغوط الدولية.. هل لا تزال إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة أمرا ممكنا؟
(CNN)-- أولا فرنسا، ثم المملكة المتحدة، والآن كندا. أضافت ثلاث من أقوى الدول الغربية في العالم نفوذها الاقتصادي والجيوسياسي إلى دعوات إقامة دولة فلسطينية، وهي الفكرة التي أيدتها بالفعل أكثر من 140 دولة أخرى.
ولهذه التحركات دوافع عديدة، من الشعور بالإحباط تجاه إسرائيل، إلى الضغط الداخلي، إلى الغضب من صور الفلسطينيين الجائعين. وأيا كان السبب، رحّب الفلسطينيون بهذه التصريحات باعتبارها دفعة قوية لقضيتهم. ورفضت الحكومة الإسرائيلية هذه الدعوات، ووصفتها بأنها بمثابة "مكافأة للإرهاب".
وفي غضون ذلك، يبدو أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب محبطا بشكل متزايد من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لا سيما بشأن المجاعة في غزة التي ينكرها الزعيم الإسرائيلي، لكنها أزعجت ترامب.
فترامب يريد السلام الإقليمي، بالإضافة إلى الأوسمة - وخاصة جائزة نوبل للسلام - لتحقيقه. ويريد من المملكة العربية السعودية تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وتوسيع اتفاقيات إبراهام التي أبرمها بين إسرائيل والعديد من الدول العربية الأخرى خلال ولايته الأولى. لكن الرياض أكدت بشدة أن هذا لا يمكن أن يتحقق دون مسار لا رجعة فيه لإقامة دولة فلسطينية.
لكن التحركات الأخيرة التي اتخذها حلفاء الولايات المتحدة، فرنسا وبريطانيا وكندا - وإن كانت رمزية إلى حد كبير من عدة نواح- تركت واشنطن في عزلة متزايدة بسبب دعمها لإسرائيل.
إقامة دولة فلسطينية قد يساعد في إنهاء حرب أودت بحياة أكثر من 60 ألف فلسطيني في غزة منذ هجوم حماس الوحشي في 7 أكتوبر/تشرين الأول عام 2023، والذي أودى بحياة حوالي 1200 شخص في إسرائيل قبل عامين تقريبا، بالإضافة إلى إعادة الرهائن الذين لا يزالون محتجزين في غزة إلى وطنهم.
لكن أحد أصعب التحديات هو تخيل شكلها، لأن الدولة الفلسطينية الحديثة لم تكن موجودة من قبل.
وعندما تأسست إسرائيل في أعقاب الحرب العالمية الثانية، سرعان ما نالت اعترافا دوليا. تلك الفترة نفسها، بالنسبة للفلسطينيين، تُذكر باسم "النكبة"، أو "الكارثة" - اللحظة التي فرّ فيها مئات الآلاف من الناس أو أُجبروا على ترك منازلهم.
ومنذ ذلك الحين، توسّعت إسرائيل، وكان أبرزها خلال "حرب الأيام الستة" عام 1967، عندما قلبت إسرائيل الطاولة على تحالف من الدول العربية وسيطرت على القدس الشرقية والضفة الغربية وغزة. في غضون ذلك، تقلصت الأراضي الفلسطينية وانقسمت.
وتم التوصل إلى أقرب تصور لشكل الدولة الفلسطينية المستقبلية في عملية السلام التي عُرفت باسم اتفاقيات أوسلو في تسعينيات القرن الماضي.
وبشكل تقريبي، ستستند الدولة الفلسطينية بناء على اتفاقيات أوسلو، والتي وافق عليها كل من المفاوضين الفلسطينيين والإسرائيليين، إلى حدود إسرائيل لعام 1967. وتتلخص الخطوط العريضة لاتفاقيات أوسلو في تبادل بعض الأراضي، مع منح جزء صغير منها في مكان واحد مقابل إزالة مستوطنة إسرائيلية، في عملية تفاوضية.
وما زالت المصافحة التاريخية في حديقة البيت الأبيض بين رئيس الوزراء الإسرائيلي، آنذاك إسحاق رابين والزعيم الفلسطيني الراحل، ياسر عرفات، والتي استضافها الرئيس الأمريكي الأسبق، بيل كلينتون، إحدى انتصارات الدبلوماسية الحديثة. أدى اغتيال رابين على يد متطرف يميني عام 1995 إلى حرمان إسرائيل من زعيمها صانع السلام.
ورغم أن إطار أوسلو ظل قائما في المفاوضات وبين الأوساط الأكاديمية، إلا أن المبادرات قليلة الآن. فما كان مطروحا آنذاك لم يعد واقعيا.
ففي السنوات الأخيرة، توسعت المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة بشكل كبير، في الغالب بتشجيع من الحكومة الإسرائيلية، مما هدد فرص إقامة دولة فلسطينية متواصلة جغرافيا في المنطقة.
ثم توجد هناك مسألة من سيحكم الدولة الفلسطينية المستقبلية. فالسلطة الفلسطينية، التي تحكم أجزاء من الضفة الغربية، لا تحظى بثقة الكثير من الفلسطينيين الذين يعتبرونها ضعيفة أو فاسدة.
وحتى بدون كل هذه التعقيدات، فلن يقبل نتنياهو بدولة فلسطينية، التي زعم مؤخرا أنها ستكون "منصة انطلاق لإبادة إسرائيل".
وبعض أعضاء حكومته الأكثر تشددا، لا يرفضون فقط إقامة دولة مستقلة، بل يريدون ضم الأراضي.
وقال وزراء داعمون لحكومة نتنياهو إنهم سيقومون بتجويع الفلسطينيين في غزة بدلًا من إطعامهم، وسيُفكّكون الائتلاف الحاكم إذا اقترح الرضوخ للضغوط الدولية المتزايدة على إسرائيل.
ولم يظهر نتنياهو أي نية للتراجع، وسيعتبر أي شيء تفرضه عليه فرنسا أو المملكة المتحدة أو أي جهة أخرى بمثابة وسام شرف.
بدون شريك في الحكومة الإسرائيلية، سيُفشل الاعتراف بدولة فلسطينية، وقد يزيد من ترسيخ مكانة نتنياهو.
وسيكون الثمن باهظا للغاية إذا أدت النتيجة إلى جعل إمكانية قيام دولة فلسطينية أبعد من أي وقت مضى.
ولكن في الوقت نفسه، ومع تزايد عدد الشركاء السابقين الغاضبين في المجتمع الدولي الذين من المرجح أن يزيدوا ضغطهم على ترامب لتغيير موقفه، فإن إسرائيل قد تجد نفسها في موقف ضعيف، مهما بلغت شدة احتجاجها.