أثير- عبدالرزّاق الربيعي

وصفها ابن بطوطة حين زارها سنة 1355م بأنها” كبيرة ومزدحمة بالسكان وفيها العديد من المساجد”.
تلك هي مدينة غزة التي تعدّ إحدى أهم المدن الفلسطينية ذات تاريخ عريق، فقد أسّسها الكنعانيون في القرن الخامس عشر قبل الميلاد، وتسمّى ( غزّة هاشم) لوجود قبر هاشم بن عبد مناف الجد الثاني للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، أما كيف انتقل من الجزيرة ووصل إلى غزة؟ فالجواب البديهي أن (غزّة) كانت مركزا للطرق التجارية، وتتّجه (رحلة الصيف) التي ورد ذكرها في القرآن الكريم، إلى الشام وتتمركز في (غزة)، أمّا (رحلة الشتاء)، فقد كانت تمضي إلى اليمن، فمن المرجح أن يكون (هاشم بن عبد مناف) في (غزة)، وعندما أدركته المنيّة، دُفن فيها، وهي مسقط رأس الإمام الشافعي سنة 767م.

وإلى جانب ثقلها السكاني، والتاريخي والاقتصادي، لغزة ثقل آخر هو ثقل إنسانها المليء بالعزيمة، والإصرار على بلوغ الهدف، يقول الشاعر محمود درويش في مقال له حمل عنوان” صمت من أجل غزّة” نشره قبل حوالي عقدين أنّ (غزّة) “تعادل تاريخ أمّة ” ليس لأنها أجمل المدن، ولا أكبرها وأرقاها، بل لكونها” لن تقول للغزاة: نعم‏‏، وستستمر في الانفجار‏‏ ” فهذا هو “أسلوب غزّة في إعلان جدارتها بالحياة”، وتعود (غزّة) لتحقّق نبوءة الشاعر الذي غادر عالمنا في التاسع من أغسطس 2008م بعد سنوات من رحيله، هذه النبوءة ليست بعيدة عن نبوءة الطغرائي، الذي عاش قبل تسعة قرون حين تحدّث عن انتصار شباب غزّة، في قصيدة له، كما كتب الدكتور ضياء خضير في صفحته، مشيرا إلى أن القصيدة تبدو كأنّها مكتوبة اليوم، وليس هذا بغريب، فقد عاش الطغرائي، والكلام للدكتور ضياء، ” شطرا من حياته في ظلّ السلاجقة في الموصل غير بعيد عن فلسطين” التي كانت وما زالت مركزا للأحداث، فقال :
سيُغلب الجمعُ ثم الذلُّ ملبسهمْ
وإن تعالوا وإن قد جمَّعوا العَتَدا
بالأمس نرمي الحصى واليوم قد كبرت
أشبالُ غزّة حتى أحمكوا السددا
وما رميتَ ولكنّ الإله رمى
بعزِّهِ وحَبَاكَ الجُندَ والعددا
لقد كبر (أشبال غزّة ) وكبرت أحلامنا وتوهّج حماسنا الذي اشتعل قبل نصف قرن في حرب السادس من أكتوبر حين انهار (خط بارليف) تحت أقدام الجنود، وللشاعر حميد سعيد قصيدة عنوانها (الحضور) كتبها في عام 1973م، قبل حرب أكتوبر، وأهداها (إلى الثوار الذين يعبرون صوب بيوتهم في فلسطين) يقول فيها ” الوجوه التي ترحل الآن صوب فلسطين..
فمن بين يافا وقلبي يمرون ..
وغدا يكبرون
يرسمون
على حافّة الكتب المدرسية أحلامهم”
إنه زمن العبور إلى ضفة الحلم الذي تتصدّره (غزّة) .

المصدر: صحيفة أثير

إقرأ أيضاً:

من وحي ” علم النفس “

من وحي ” #علم_النفس “

#محمد_طمليه

أراجع طبيبا نفسيا : ” أنا مريض يا دكتور ، فمنذ أيام لم أضحك ولم تفتر شفتاي عن ابتسامة ، ولم أقوى على المساهمة في لهو الرفاق .

أنا #مكتئب… #حزين…. عاجز عن الانهماك في #الحياة_العامة … وحيد معزول .. امشي في الطريق فأخال ان المارة يراقبون خطواتي العاثرة … أنا أكره الناس ، ويتجلى كرهي لهم في موقفي من المرأة ، اذ أنني لا أحب هذا النوع من الكائنات ، ما جدوى النساء ؟ لا أحد يدري !! أنا سوداوي … لا أرى طريقا سالكا ، كل الابواب موصدة انها مهزلة ، اعني ان الحياة مهزلة . وانا فيها وحيد … لشد ما أشعر أنني مبصوق ..منبوذ…متروك على قارعة الكآبة . عبثا تحاول امي تقديم المساعدة . أنا في الواقع لا أحبها …نعم … لا أحب امي .. انك لا تستطيع ،ان تحب شخصا لمجرد أن الصدفة شاءت أن يحملك في رحمه ! هراء … مشاعرنا هراء … وعشقنا هراء … وكل ما يمكن أن نقوم به هو هراء في هراء في هراء . لماذا اكون مضطرا للعيش مع الآخرين ؟ ان الآخرين ما ينفكون يوترون أعصابي ، ويدفعونني دفعا الى الجنون . هل أنا مجنون يا دكتور ؟.

مقالات ذات صلة أسرار الشطة في تهديدات جدتي 2025/12/08

ويقول الطبيب : ” أنت لست مجنونا ، ولكنك لست شخصا سويا ايضا . لنقل أنك مريض ، واستطيع القول ، مبدئيا ان امكانية العلاج واردة ، اذا استطعنا أن نحدد معا ابرز العوامل التي اثرت في حياتك عندما كنت طفلا . فالداء والدواء مطموران في وعي تلك المرحلة واستخراجهما يتطلب عدة جلسات هادئة ” .

وأقاطع الدكتور : ” هل نقصد أن الطفولة هي منبع معاناتي حاليا ، علما بأنني في الأربعين “؟ .

يجيب الدكتور : ” ان الطفولة هي منبع المتاعب ، حتى لو بلغ المرء عمرا عتيا ، فما من سلوك شاذ ، الا وله ما يسوغه في مرحلة الطفولة ومن أجل ذلك ، نجد العالم المتمدن ، يولي أهمية خاصة لأطفاله.

وأهذي :” الطفولة اذن … تلك المرحلة “النظيفة” التي أحن اليها ، تلك المرحلة الطازجة ، التي ابادل رأسي بكيس من البصل ، لقاء أن يعود لي يوم واحد منها … وتعود لي براءتها … وعفويتها…

الطفولة … هل يمكن أن يكون دائي مطمورا فيها . في حين حسبت أنها مصدر وهجي ؟! وقلت :” اذا صح ما يقوله علم النفس ، وعلى ضوء واقع الاطفال في بلادنا … فنحن موشكون على كارثة..

مقالات مشابهة

  • نجا عدة مرات.. من هو رائد سعد الذي أعلنت “إسرائيل” اغتياله في غزة؟
  • بيراميدز أمام فلامنجو في مواجهة الحلم الكبير.. مشاهدة نصف نهائي إنتركونتيننتال
  • النعيمات بغرفة التدريب: “بالروح الكأس ما بروح”
  • معلومات فلسطين”: 73 عملاً مقاوماً شعبياً في الضفة والقدس المحتلة خلال أسبوع
  • بعد الفوز على فلسطين.. جماهير الأخضر السعودي تتوعد “النشامى” (فيديو)
  • من وحي ” علم النفس “
  • “حماس” تهنئ الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في ذكرى انطلاقتها الـ58
  • عطاف: الحركية التي تطبع العلاقات “الجزائرية-التونسية” تقوم على ثلاثة أبعاد أساسية
  • “لجان المقاومة في فلسطين”: الجبهة الشعبية شكّلت علامة مضيئة في مسيرة الكفاح الوطني الفلسطيني
  • حل لغز القراءات الغريبة التي سجلتها مركبة “فوياجر 2” لأورانوس عام 1986