في بلدة عرعرة النقب في جنوب إسرائيل، يتجمّع شباب قرب سيارات محترقة جراء سقوط صاروخ من قطاع غزة تسبّب بمقتل طفل، ويتحدثون عن رعبهم من وصول الحرب إليهم، ويطالبون السلطات بتوفير ملاجىء لهم.

ويروي علاء أبو جامع (30 عاما) أنه كان ذاهبا لإحضار الفطور لأطفاله صباح السبت السابع من أكتوبر عندما بدأ  هجوم حركة حماس غير المسبوق على إسرائيل.

 ما إن وصل بالسيارة عائدا أمام باب منزله، دفعته قوة صاروخ سقط في المكان "مسافة ستة أمتار".

ويقول لوكالة فرانس برس "لم أستطع التحرك، جاء شباب وأخرجوني من السيارة، أصيبت رجلي بشظايا ونقلتُ الى المستشفى للعلاج. بقيت ثلاثة أيام من دون أن أفهم ما يجري ولا أسمع شيئا ولا أنام.. حتى الآن، أنا أستيقظ في الليل خائفا ومرتبكا".

ويضيف "كان الطفل يزن (5 سنوات) يقف عند باب منزله المجاور بالقرب من سيارة أخرى. لدى انفجار الصاروخ، تحرّكت السيارة من مكانها واحترقت مع عدد آخر من السيارات، وقتل يزن... صار أشلاء".

تواصل الحريق لمدة ساعتين ولم تصل فرق الإطفاء. ويتابع أبو جامع "اهتزت المنازل، وتكسّرت النوافذ"، مشيرا الى أن السكان "أحضروا جرافة غطّت النار بالتراب"، فيما أحدث الصاروخ حفرة بعمق "أكثر من ثلاثة أمتار".

وأكدّ الشباب المتحلقون في الشارع أن السكان لم يسمعوا صفارات إنذار.

ويقول زكريا، والد الطفل يزن والذي يعمل سائق سيارة، والدموع في عينيه، "كنت في إيلات صباح السبت عندما علمت أن ابني قتل. عدت وسط تبادل القصف بين حماس وإسرائيل ورأيت ابني في المستشفى". ثم يختنق صوته ولا يقدر على مواصلة الكلام.

وتقع عرعرة النقب في جنوب إسرائيل على بعد حوالي 25 كيلومترا من بئر السبع، وهي ذات غالبية عربية، ويشكو سكانها، كما غيرهم من بدو صحراء النقب، من تهميش من السلطات الإسرائيلية. كما يعيش عدد كبير من بدو صحراء النقب في قرى لا تعترف بها إسرائيل، ويعانون من مصادرة أملاكهم ومحاولات مستمرة لهدم بيوتهم. 

ويشكّل العرب المتحدرون من الفلسطينيين الذي بقوا في أراضيهم بعد قيام الدولة العبرية عام 1948، حوالي 21% من سكان الدولة العبرية.

وأطلقت حماس في السابع من أكتوبر عملية توغّل خلالها مقاتلوها في مناطق إسرائيلية جنوبية بحرا وبرا وجوا، بالتزامن مع إطلاق آلاف الصواريخ في اتجاه مناطق عدة في إسرائيل.

في قرية ألباط -كحلة غير المعترف بها والتي بنيت في صحراء النقب وسط الكثبان الرملية من ألواح الصفيح، نمت بين البيوت بعض شجيرات الصبار والخروع، ويسكنها حوالي 1200 شخص.

ويقول الناشط الاجتماعي علي أبو صبيح "لا توجد ملاجىء... قتل في القرية أربعة أشخاص: ابنة عمي التي كانت تخبز على الطابون وحفيدتها (10 سنوات) التي كانت إلى جانبها، وشقيقان من عائلة أخرى" بسبب الصواريخ.

ملاجىء موقتة

ونجحت الضغوط، وفق ما قال سكان في عرعرة النقب، في دفع الجيش الإسرائيلي إلى توزيع بعض الملاجىء البلاستيكية الجاهزة المقاومة للحريق والمطعمة بالحديد في المنطقة.

وشاهد فريق فرانس برس شاحنة كبيرة محملة بملجأ مؤقت تدخل البلدة. وبدأ جنود من الجبهة الداخلية الإسرائيلية بوضعه في إحدى ساحات البلدة، وتجمع حولهم السكان بينما كانت جرافة تسوّي الأرض لنقل الملجأ.

وقال غلعاد الذي لم يكشف عن اسمه كاملا، وهو أحد ضباط الجبهة الداخلية، لوكالة فرانس برس، "الملجأ يتسع لنحو 70 شخصا وممنوع أكثر من مئة، ستملأ هذه المكعبات الكبيرة بالرمل وخلفها ستوضع جدران إسمنية".

ويتجاوز عدد سكان عرعرة النقب 13 ألف نسمة.

وأضاف الضابط "هناك 13 ملجأ مثلها سنوزعها على 13 منطقة يستغرق تركيبها يوما كاملا، وحسب الوضع الأمني يمكننا أن نركب اثنين او ثلاثا في اليوم" .

وقال ضابط  آخر "الرمال تحمي من الصواريخ، لكن إذا كان الصاروخ مباشرا، لا تحمي الملاجىء المبنية بشكل كامل".

ملاجىء أسطوانية جاهزة

ويتحدث عضو الكنيست السابق وليد الهواشلة، مسؤول العمل الإغاثي في منطقة النقب، عن 18 قتيلا في المنطقة، "ستة بسبب سقوط صواريخ على بيوتهم، و12 كانوا يعملون في الزراعة في غلاف غزة في اليوم الأول من هجوم حماس، ويوجد ثمانية مفقودين من البدو".

في المكان، يمكن سماع ورؤية طائرات "أف- 16" إسرائيلية متجهة أو عائدة من وإلى قطاع غزة الذي يتعرض لقصف عنيف منذ أكثر من أسبوع ردا على هجوم حماس.

وقُتل أكثر من 1300 شخص معظمهم من المدنيين وبينهم أطفال في إسرائيل منذ بدء العملية التي شكّلت صدمة للإسرائيليين. في قطاع غزة، قتل أكثر من 2300 شخص بينهم أكثر من 700 طفل، وفقا لفرانس برس.

وأنشا الهواشلة غرفة طوارىء تابعة للحركة الإسلامية (حزب عربي ينشط في إسرائيل) في النقب في أعقاب بدء التصعيد.

ويقول "أرسلت رسالة لرئيس الدولة ووزراء نطالب فيها بتوفير الملاجىء لنا".

ووزعت هيئة الإغاثة الإسلامية على السكان نحو 100 أسطوانة إسمنية مسلحة بالحديد جاهزة الصنع تستعمل عادة كعبارات لتصريف المياه، لاستخدامها كملاجىء مؤقتة يتسّع كلّ منها لاثني عشر شخصا.

ومن الواضح أن عدد وشكل كل هذه الملاجىء الموقتة غير كاف مع عدد السكان البدو في النقب الذين تحيط بهم مناطق عسكرية.

ويقول رئيس المجلس الإقليمي للقرية غير المعترف بها عطية الأعسم "عدد السكان العرب في النقب تجاوز 300 ألف مواطن، نحو 150 ألفا منهم منتشرون في 45 قرية غير معترف فيها ولا تمدّها الحكومة بالكهرباء أو الماء أو المستوصفات الطبية أو البنى التحتية".

ويضيف "كلما طالبناهم بإنشاء ملاجىء، تواجهنا آذان صماء، ويقولون لنا إن هذه القرى غير معترف بها".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: قطاع غزة أکثر من

إقرأ أيضاً:

من هو رائد سعد القيادي في "حماس" الذي أعلنت إسرائيل اغتياله؟

أعلنت إسرائيل السبت أنها اغتالت رائد سعد القيادي في الجناح العسكري لحركة "حماس" في غارة نفذتها بقطاع غزة.

وأفاد الدفاع المدني في غزة بمقتل خمسة فلسطينيين في غارة جوية استهدفت سيارة في منطقة تل الهوى بجنوب غرب مدينة غزة.

ولدى سؤاله من وكالة فرانس برس، قال الجيش الإسرائيلي إنه لم يتم تنفيذ سوى ضربة واحدة في المنطقة أسفرت عن مقتل القيادي العسكري في حماس.

ونددت حركة حماس في بيان بما اعتبرته "إمعانا في الخرق الإجرامي لاتفاق وقف إطلاق النار".

وقال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يسرائيل كاتس في بيان مشترك "ردا على تفجير عبوة ناسفة لحماس أدّت إلى إصابة قواتنا اليوم أمر رئيس الوزراء ووزير الدفاع بالقضاء على الإرهابي رائد سعد".

ووصف نتنياهو وكاتس سعد بأنه "أحد مهندسي" هجوم 7 أكتوبر 2023 الذي أشعل فتيل الحرب في غزة.

وأوضح الجيش الاسرائيلي أن سعد كان يدير المقر العام لصنع الأسلحة التابع لكتائب القسام ويشرف على "تعزيز قدرات" الحركة.

وأشار مصدر عسكري إلى أن سعد "كان هدفا للتصفية منذ فترة طويلة"، مضيفا أن "الغارة التي أسفرت عن اغتياله، نُفذت بناءً على معلومات جديدة حصلت عليها المخابرات الإسرائيلية حول مكان وجود سعد"، وفقما ذكر موقع "تايمز أوف إسرائيل".

وبحسب موقع "أكسيوس" الإخباري، لم تُبلغ إسرائيل الولايات المتحدة مسبقا بالغارة الجوية التي شُنّت يوم السبت.

ونشر الجيش الإسرائيلي فيديو لعملية استهداف سعد الذي وصفه بأنه شغل عدة مناصب عليا في حماس، وكان مقربا من مؤسس الحركة أحمد ياسين الذي اغتيل عام 2004، ومحمد الضيف ومروان عيسى.

وذكر الجيش أن سعد أسس لواء مدينة غزة التابع لحماس، وقاده، وشارك في تشكيل القوة البحرية للحركة، ثم عُيّن لاحقا رئيسا لقيادة العمليات.

وأضاف الجيش أن سعد شارك في صياغة وإعداد الخطة التي اعتمدتها حماس في هجوم السابع من أكتوبر 2023.

وأقيل سعد من منصبه كقائد للعمليات عام 2021 من قبل يحيى السنوار، وذلك بسبب خلافات شخصية بينهما.

وبعد ذلك، شغل سعد مناصب أخرى في الجناح العسكري لحماس، ومؤخرا كان رئيسا لمقر تصنيع الأسلحة التابع للحركة.

وحسبما قال الجيش الإسرائيلي، فإن سعد كان مسؤولا عن "إنتاج جميع أنواع الأسلحة للجناح العسكري لحماس قبل هجوم 7 أكتوبر، ولاحقا عن إعادة تأهيل قدرات حماس الإنتاجية للأسلحة خلال الحرب".

وحمّل الجيش سعد المسؤولية عن مقتل العديد من الجنود الإسرائيليين في قطاع غزة "نتيجة العبوات الناسفة التي صنعتها قيادة إنتاج الأسلحة خلال الحرب".

ونجا سعد من عدة محاولات اغتيال إسرائيلية، كان آخرها في يونيو 2024.

ويُعتقد أن سعد كان في مستشفى الشفاء بمدينة غزة عندما داهمت إسرائيل المركز الطبي في مارس من ذلك العام، إلا أنه تمكن على ما يبدو من الفرار حينها.

مقالات مشابهة

  • إعلام: مقتل أكثر من 300 فلسطيني في غزة خلال هجمات إسرائيلية منذ بدء وقف إطلاق النار
  • استشهاد أكثر من 300 فلسطيني جراء الهجمات الإسرائيلية منذ بدء وقف إطلاق النار
  • من هو رائد سعد القيادي في "حماس" الذي أعلنت إسرائيل اغتياله؟
  • إسرائيل اليوم: هؤلاء قادة حماس الذين ما زالوا في غزة
  • إسرائيل اليوم: هؤلاء قادة حماس الذي ما زالوا في غزة
  • "الشامي" في طرابلس يحذر: الإعلام العربي يحتاج خريطة رقمية لعبور صحراء التحول التكنولوجي
  • أكثر من 1.5 مليون نازح في غزة وسط تدهور حاد بالخدمات الأساسية
  • من أين جاء لاعبو الإمارات الذين هزموا الجزائر في كأس العرب؟
  • غوتيريش: الوضع الإنساني في غزة كارثي بعد تدمير أكثر من 80% من المباني
  • قائد القوات البحرية يشرف على مراسم تفتيش الغراب قاذف الصواريخ “رايس حسان بربيار”