55 عائلة بغزة أبيدت بالكامل منذ طوفان الأقصى
تاريخ النشر: 15th, October 2023 GMT
غزة- نجا تامر النباهين وزوجته الحامل بأعجوبة من "جريمة إبادة" أودت بحياة 12 فردا من عائلتهما، عندما حوّلت غارة جوية إسرائيلية منزلها في مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة إلى كومة من الركام.
وهي واحدة من بين نحو 123 عائلة بغزة قُتل غالبية أفرادها أو عدد كبير منهم، كما تعرضت 55 عائلة منها لجرائم إبادة ومسحت تماما من السجل المدني، واستشهد جميع أفرادها، منذ بدء معركة "طوفان الأقصى".
واستشهد أطفال تامر الثلاثة وهم كنان (7 أعوام) وريان (5 أعوام) ومريم (عامان ونصف العام)، وسبعة آخرون من العائلة بينهم امرأتان، عندما أغارت طائرة حربية على منزلهم المكون من 3 طبقات والمكتظ بالمدنيين من نساء وأطفال في اليوم الثاني من "طوفان الأقصى".
ويشهد قطاع غزة لليوم التاسع غارات مكثفة توصف بأنها الأعنف مما شهده خلال الحروب المتكررة عليه على مدار السنوات الـ14 الماضية.
وقال تامر النباهين للجزيرة نت "أطفالي مع أبناء شقيقي كانوا يلعبون في مدخل المنزل، عندما قصفتنا طائرة، ومزقت أجسادهم ودمرت المنزل فوق رؤوسنا".
ولم يسبق هذه الغارة الدموية التي أودت بعائلة النباهين، أي إنذار مسبق، بحسب تأكيد تامر، الذي سيقضي بقية حياته بذاكرة تختزن الكثير من مشاهد الدم والدمار والأشلاء المتناثرة.
القتل مرتان
ومن بين ضحايا هذه المجزرة شقيق تامر، عطية النباهين (24 عاما)، وله رمزية خاصة، فهو معاق بسبب شلل رباعي جراء إصابته في استهداف للاحتلال عام 2014، ورفضت إسرائيل طلبا لمركزيْ "عدالة" و"الميزان" لحقوق الإنسان أمام المحاكم الإسرائيلية لإنصافه وتعويضه عن إصابته البليغة. وقال تامر "9 أعوام من المعاناة نتيجة رصاصة تسببت في إعاقة عطية، وجاء صاروخ ليخطف حياته".
وقال نائب مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان سمير زقوت للجزيرة نت إن "عطية عاش سنوات بائسة ومأساوية انتهت بقتله بطريقة وحشية وفي جريمة إبادة جماعية لأسرة آمنة داخل منزلها".
في يوم ميلاده الخامس عشر في 16 نوفمبر/تشرين الثاني عام 2014 كان عطية على موعد مع رصاصة غادرة قلبت حياته رأسا على عقب، وإصابته بشلل تام، وبحسب زقوت فإن "عدالة" و"الميزان" مثلاه قانونيا أمام المحاكم الإسرائيلية من أجل المطالبة بحقوقه المدنية، إلا أنها حرمته من أي تعويض، باعتباره مقيما في غزة.
ولاحقا صادقت المحكمة العليا الإسرائيلية على قرار بخصوص قضية النباهين، وأيدت من خلالها القانون الذي يمنح إسرائيل حصانة شاملة من المسؤولية المدنية للتعويض عن أي قتل وإصابة لفلسطينيين في غزة.
وقال زقوت إن "إسرائيل ارتكبت جريمتي حرب ضد عطية بإعاقته وحرمانه من التعويض، وبجريمة الإبادة التي أودت بحياته وغالبية أفراد أسرته وعائلته".
النباهين واحدة من بين 123 عائلة، وثقتها وزارة الصحة ومنظمات حقوقية فلسطينية، وتعرضت لجرائم إبادة منها 55 عائلة مسحت تماما من السجل المدني، واستشهد جميع أفرادها سواء بقصف المنازل فوق رؤوسهم من دون سابق إنذار، أو باستهدافهم على الطرقات خلال محاولتهم النزوح إلى مناطق أكثر أمنا، والبقية فقدت خمسة من أفرادها على الأقل في جريمة واحدة.
وقال الناطق باسم وزارة الصحة أشرف القدرة للجزيرة نت إن "الاحتلال يمعن في ارتكاب جرائم الإبادة ضد العائلات، ويلاحق حتى الأجنة في بطون أمهاتهم، وقد أسفرت هذه الجرائم عن إبادة 55 عائلة، باستهدافها داخل منازلها، أو خلال نزوحها القسري نحو مناطق في جنوب قطاع غزة".
وأدت هذه الجرائم إلى جرائم أخرى، فكثافة الغارات الجوية الإسرائيلية والأعداد المتزايدة من الضحايا تضغط على مرافق وقدرات القطاع الصحي، وما لم يتم فتح ممر آمن لتدفق الوقود والإمدادات الطبية، والسماح بمغادرة الجرحى والمرضى للعلاج قبل فوات الأوان، فإن القادم أسوأ، بحسب تأكيد القدرة.
ويعتقد زقوت أن قتل عائلة النباهين وجرائم الإبادة المماثلة والمتصاعدة في غزة هي "جزء لا يتجزأ من سياسة إسرائيل الممنهجة والمستمرة باستهداف المدنيين، وهي جرائم حرب"، مستدلا بتصريحات مسؤولين إسرائيليين قالوا إن "هدفنا هو إحداث الضرر وليس الدقة"، بمعنى أنهم يتعمدون إيقاع أعداد كبيرة من الضحايا، فضلاً عن الدمار الواسع.
وقال المسؤول الحقوقي إن وتيرة الجرائم الإسرائيلية منذ السبت الماضي تسير بشكل متسارع نحو "إبادة جماعية لسكان قطاع غزة"، ما لم يكن هناك تدخل عاجل لوقف العدوان.
بنك الأهداف الإسرائيلي
بدوره، أكد رئيس "الهيئة الدولية للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني" صلاح عبد العاطي أن دولة الاحتلال ترتكب في غزة "جرائم إبادة جماعية غير مسبوقة بحق العائلات والمدنيين"، وقال للجزيرة نت، إن ما يسمى "بنك الأهداف الإسرائيلي هو للمدنيين والمنشآت المدنية، وتنتهك إسرائيل فيه كل أعراف وقوانين الحرب".
وأوقعت جرائم الإبادة للعائلات أكثر من 800 شهيد وجريح من بين زهاء 2300 شهيد وأكثر من 9 آلاف جريح، نصفهم من النساء والأطفال، وبينهم أعداد كبيرة في حالة الخطر، والمستشفيات بإمكانياتها المتواضعة لا تستطيع مواكبة التدفق الهائل على مرافقها، وفقا لتوثيق الهيئة الدولية.
وقال رئيس الهيئة إن كل ما يحدث في غزة، خاصة تعمد تدمير المنازل على رؤوس ساكنيها من دون سابق إنذار، يُصنف كجرائم حرب وإبادة جماعية وفق لأحكام اتفاقية جنيف الرابعة، والتي تقتضي عدم المساس بالمدنيين وتجنيبهم ويلات النزاع.
وأضاف أن الاحتلال لا يراعي مبدأ التناسب والحاجة، وتساءل عبد العاطي "ما الضرورة العسكرية لقصف منازل بها عائلات مدنية، وما هي الضرورة لتهجير السكان المدنيين؟".
يرد عبد العاطي على تساؤله بنفسه، ويؤكد أن "هذه أعمال انتقامية وعقاب جماعي ترقى لجرائم الإبادة، خاصة أنها تتزامن مع إغلاق المعابر وقطع إمدادات المياه والوقود المشغل لمحطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة، واللازمة للمنازل والمستشفيات. وهناك الكثير من الجثث لا تزال تحت الأنقاض والدفاع المدني عاجز عن انتشالها بسبب نقص المعدات".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: جرائم الإبادة إبادة جماعیة جرائم إبادة للجزیرة نت قطاع غزة فی غزة من بین
إقرأ أيضاً:
مسؤول حكومي: إسرائيل تمارس إبادة زراعية وبيئية في غزة
خاص- الجزيرة نت
تستهدف إسرائيل في حربها على غزة تدمير المساحات الزراعية بشكل ممنهج، ضمن مخططاتها للتدمير الشامل وجعل القطاع غير قابل للعيش، ويقترن ذلك مع إمعان في التدمير البيئي وصفته منظمات دولية وإقليمية ومسؤولون بكونه يشكل "إبادة بيئية".
وقال مسؤول في وزارة الزراعة الفلسطينية إن قوات الاحتلال الإسرائيلي دمرت 80% من الأراضي الزراعية في قطاع غزة، وذلك بحسب مسح ميداني أجرته الوزارة قبل اندلاع الموجة الأخيرة من العدوان في 18 مارس/آذار 2025.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4نظرة علمية من الفضاء على الإبادة الزراعية في غزةlist 2 of 4أصوات من غزة.. استهداف وتدمير ممنهج للقطاع الزراعيlist 3 of 4الصمود بالزراعة.. هكذا يواجه أهل غزة المجاعة والحربlist 4 of 4الفاو: إسرائيل دمرت 95% من الأراضي الزراعية في غزةend of listوتوقع المدير العام للتربة والري بوزارة الزراعة بغزة بهاء الدين الأغا أن يمتد الدمار إلى جميع المساحات الزراعية التي تصل إلى نحو 180 دونما (180 كيلومترا مربعا) من المحاصيل الشجرية مثل الزيتون والنخيل والدفيئات المزروعة بالخضروات والمحاصيل الحقلية، وذلك بسبب استمرار عمليات التجريف لمساحات جديدة من الأراضي.
وأوضح الأغا -في حديث خاص للجزيرة نت- أن العدوان الإسرائيلي أفقد أكثر من 50 ألف مزارع وعامل في القطاع الزراعي أعمالهم، كانوا يرعون نحو ربع مليون شخص من أفراد أسرهم.
وحذر المسؤول الحكومي من أن قصف الاحتلال الإسرائيلي مباني وأراضي قطاع غزة بعشرات آلاف الأطنان من الذخائر المحتوية على معادن ثقيلة ومواد سامة يصعب التخلص منها على المدى القصير، وسيكون لها تبعات كارثية على التربة التي لم تعد صالحة للزراعة، وتواجه تحديات تلوث الأرض والموارد المائية والهواء ببقاياها.
وشدد الأغا على أن المواد الخطرة الموجودة في الذخائر تسبب سميّة مباشرة وفورية للنباتات والحيوانات، مما يؤدي لزيادة عدد الوفيات، وانخفاض النمو، والإجهاد، والأمراض، وتلف الكائنات الحية.
وأوضح أن آثار المواد المتفجرة ستمتد إلى عقود عبر التراكم البيولوجي من خلال شبكات الغذاء، وتركيز كميات من هذه المواد في بعض الكائنات الحية.
إعلانونوه إلى أن آثار بعض أنواع المواد الخطرة تبقى في التربة والمياه الجوفية ومياه البحر والرواسب البحرية لفترات طويلة قد تستمر لعقود.
وأشار الأغا إلى أن الخصائص الكيميائية للمواد المتفجرة تبقى في الحطام، وقد يؤدي إزالتها أو معالجتها إلى مخاطر التعرض لها بشكل مباشر.
وشدد الأغا، الذي يعد خبيرا في الشأن البيئي، على أن آثار المتفجرات على صحة الإنسان تصل لدرجات قاتلة، حيث يُعدّ "تي إن تي" (TNT) مادة مسرطنة محتملة، ويمكن أن يؤدي التعرض طويل الأمد لها إلى تلف الكبد والكلى، بينما يؤثر شرب المياه الملوثة بمادة "آر دي إكس" (RDX) على الجهاز العصبي، وقد يصيب الإنسان بنوبات صرع وتشنجات وغثيان وقيء.
وذكر أن المعادن الثقيلة شديدة السمية، وخاصة الزرنيخ والكادميوم والكروم والرصاص والزئبق يمكن أن تسبب تلفا في العديد من الأعضاء حتى عند التعرض لمستويات منخفضة منها، كما أن التعرض المُزمن لمستويات منخفضة من الرصاص يؤدي إلى تأخر في النمو وتأثيرات طويلة المدى على الدماغ، والصحة العامة.
وتطرق الأغا إلى دراسة أجريت بعد الحروب السابقة على غزة، وركزت على عينات من التربة المأخوذة من حفر القنابل في الأراضي الزراعية، حيث أظهرت وجود مستويات مرتفعة من النيكل والكروم والنحاس والمنغنيز والرصاص، وهو ما يشكل خطرا كامنا على حياة أكثر من مليوني فلسطيني يعيشون في قطاع غزة.
وبحسب الأغا، فإن تعافي التربة من التراكمات السامة يحتاج عقودا من الزمن، وهو ما من شأنه أن يفشل أي عملية إعادة زراعة الأرض مجددا على المدى القريب.
ونبه لضرورة فهم مدى ونوع التلوث الذي طال طبقة المياه الجوفية الساحلية، لضمان عدم تعرض الناس لمزيد من المواد الكيميائية الخطرة والمعادن الثقيلة في مياههم أو غذائهم.
إعلانويعتقد أن وقف العدوان على قطاع غزة أولوية قصوى للبدء بعمل شاق لاستعادة الخدمات مثل معالجة مياه الصرف الصحي وجمع النفايات الصلبة، واستعادة ظروف معيشية آمنة لقطاع من الأراضي المكتظة بالسكان، والتي تعاني من ندرة المياه والتلوث وتتطلب تخطيطا دقيقا للغاية.
ودعا الأغا إلى تكاتف جهود المؤسسات الدولية للمساهمة فور وقف العدوان بعملية إزالة الأنقاض بما تحتويها من ملوثات، لضمان عدم انتشارها، وتجنب خلق مخاطر جديدة على سكان غزة.
وأكدت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) في تقييم لها أن 95% من الأراضي الزراعية في قطاع غزة لم تعد صالحة للزراعة بسبب الدمار الذي خلفته الحرب الإسرائيلية المدمرة على القطاع.
وأكد التقييم الذي بني على صور أقمار صناعية أن حرب إسرائيل التي تستهدف الحجر والبشر في القطاع لم تترك سوى ما يعادل تقريبا 4.6% من المساحة الزراعية في القطاع.