الصين تتخلى عن "قيود كوفيد" في استقبال بوتين
تاريخ النشر: 17th, October 2023 GMT
وصل الرئيس فلاديمير بوتين إلى بكين، وكان في استقباله عدد من المسؤولين الصينيين، فيما لوحظ خلو مراسم الاستقبال من "قيود كوفيد" التي تتبعها بكين أثناء استقبال الوفود.
.المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: بكين شي جين بينغ
إقرأ أيضاً:
حين ينقلب الحلم العربي إلى قيود.. تونس نموذجا
لا يزال الرأي المخالف في العالم العربي يُعامل في كثير من الأحيان كجريمة تستوجب الملاحقة، لا كحق أصيل يثري المجال العام ويُسهم في تطور المجتمع. فما زالت الأنظمة السياسية ـ في عديد من دولنا ـ تنظر إلى المعارضة باعتبارها تهديدًا، وإلى حرية التعبير باعتبارها رفاهية زائدة يمكن الاستغناء عنها في أوقات الأزمات.
وفي السنوات الأخيرة، تصاعدت موجة الاعتقالات التي طالت سياسيين ونشطاء حقوقيين ومثقفين، لم يحملوا سلاحًا ولم يهددوا أمنًا، بل حملوا أفكارًا ورؤى بديلة، آمنوا بأنها حق مشروع للمواطن والوطن معًا.
هذه الظاهرة ليست جديدة على المنطقة العربية، لكنها أكثر ما تكون مؤلمة وصادمة عندما تتكرر في بلد شكّل قبل سنوات قليلة أيقونة الحرية في العالم العربي.
تونس.. من شرارة الحرية إلى عودة التضييق
تونس التي خرج منها نور الربيع العربي في العام 2011، وقدّمت للعالم نموذجًا للتغيير السلمي، وللمنطقة العربية درسًا في إمكانية التحول الديمقراطي، تشهد اليوم انتكاسة مقلقة.
فقد تصاعدت فيها الاعتقالات والأحكام القاسية بحق عدد من السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، في مشهد يذكّر بزمنٍ ظنّ الكثيرون أنه ذهب بلا رجعة.
القضية ليست في الرأي نفسه، بل في غياب الثقة: ثقة الدولة في قدرتها على إدارة الاختلاف، وثقة المواطن في أن بلاده تحمي حقه في التعبير دون خوف. وحين يضعف القانون، يقوى القمع. وحين ترتعش السياسة أمام الفكر، تُستدعى القضبان. لكن ذلك لا يفضي إلى الاستقرار، بل إلى الخوف والصمت والاحتقان.بلادٌ كانت مرجعًا في الوسطية، ومنارة في التعليم، ومختبرًا للتوافق السياسي، تعود اليوم إلى نمط التخوين وتكميم الأفواه وتقييد الحريات.
الصدمة الكبرى ليست في حدوث الاعتقال ذاته، بل في المكان الذي يحدث فيه، والرمزية التي يحملها: تونس التي كانت أملًا يُحتذى… باتت ميدانًا يُخشى تكراره في دول أخرى.
يحق لنا أن نتساءل: كيف يمكن لفكرة أن تهدد دولة؟ وكيف يمكن لرأي أن يرتقي إلى مستوى الخطر الأمني؟
القضية ليست في الرأي نفسه، بل في غياب الثقة: ثقة الدولة في قدرتها على إدارة الاختلاف، وثقة المواطن في أن بلاده تحمي حقه في التعبير دون خوف. وحين يضعف القانون، يقوى القمع. وحين ترتعش السياسة أمام الفكر، تُستدعى القضبان. لكن ذلك لا يفضي إلى الاستقرار، بل إلى الخوف والصمت والاحتقان.
في العالم العربي، لا تزال بعض السلطات تنظر إلى الحقوق والحريات باعتبارها شأنًا ثانويًا يمكن التضحية به عند أول اختبار.
غير أن التجربة أثبتت ـ مرةً بعد أخرى ـ أن غياب الحرية هو الشرارة الأولى لكل انفجار شعبي.
لا تستقر دولة تُقصي نصف أبنائها، ولا يحدث تقدم إلا بتنافس الأفكار واختلاف الرؤى.
طمس المعارضة لا يصنع وطنًا قويًا، بل يصنع فراغًا خطيرًا.
دعوة إلى أفق جديد
من أجل مستقبل عربي مختلف، فإنني كمحامي وناشط حقوقي أدعو إلى إطلاق سراح جميع معتقلي الرأي في بلداننا العربية ووقف الملاحقات ذات الطبيعة السياسية، وإرساء قضاء مستقل يتحصن بالقانون لا بالتوجيه السياسي، وفتح فضاءات الحوار وبناء توافقات وطنية تستوعب التنوع في الأفكار والانتماءات، وتجريم التحريض على الكراهية والإقصاء، وإعلاء ثقافة الشراكة الوطنية.
لتكن تونس ـ التي ألهمت المنطقة قبل سنوات ـ النموذج الحي الجديد للتحول الديمقراطي في عالمنا العربي. ولتكن مرّة أخرى منارة الحرية وفضاء الحوار، حيث تُمارس الحقوق لا تُصادر، وتُسمع الأصوات لا تُكمم.لتكن تونس ـ التي ألهمت المنطقة قبل سنوات ـ النموذج الحي الجديد للتحول الديمقراطي في عالمنا العربي. ولتكن مرّة أخرى منارة الحرية وفضاء الحوار، حيث تُمارس الحقوق لا تُصادر، وتُسمع الأصوات لا تُكمم.
وهذا الرهان ليس على المؤسسات وحدها، بل على الشعب التونسي ذاته، القادر على أن يترجم طموحه التاريخي إلى واقع ملموس، وأن يثبت للعالم أن التغيير السلمي ليس مجرد شعار، بل خيار وطني يمكن إنجازه بإصرار الشعوب وتكاتف الإرادات.
ما زالت شعوبنا تتطلع إلى غدٍ يليق بتضحياتها. وغدُ تونس، وغدُ غيرها من دولنا العربية، لا يمكن أن يُبنى إلا على حرية الكلمة وكرامة الإنسان. فالأوطان التي تطارد أصحاب الرأي المخالف، تُطارد مستقبلها دون أن تدري. والأمة التي تخشى من صوت أبنائها، لن تسمع صوت التاريخ وهو يُناديها. إننا كعرب نستحق أن نحلم، ونستحق أكثر من ذلك: أن نرى أحلامنا حقيقة.