خيارات المعارضة المصرية بعد خروج الطنطاوي من سباق الرئاسة
تاريخ النشر: 17th, October 2023 GMT
القاهرة- "طنطاوي.. طنطاوي"، هتاف ظل شباب معارضون في مصر يرددونه لأسابيع مصحوبا بعبارة "يحيا الأمل"، حتى أعلن السياسي الشاب والبرلماني السابق أحمد الطنطاوي أنه لن يخوض السباق الرئاسي لتعذر جمع 25 ألف توكيل لازمة للترشح، غير أن "الأمل باق وسيحيا"، بحسب تعبيره.
وخلال مؤتمر صحفي -الأسبوع الماضي- أعلن الطنطاوي عن خطواته المقبلة، المتمثلة في السعي للعمل على تدشين تنظيم سياسي أو جبهة منظمة تحمل مشروعا ورؤية متكاملة، كما أنه سيدرس ذلك المشروع مع عدد كبير من القوى السياسية المختلفة.
وتطرح التطورات الراهنة أسئلة بشأن مدى واقعية وفعالية المسارات المأمولة للعمل السياسي، في ظل إعلان معظم القوى السياسية أنها تعاني من التضييق والملاحقة، ولا يزال العشرات من مؤيدي الطنطاوي وأعضاء حملته معتقلين رهن قضايا "تزوير توكيلات" و"الانضمام لجماعة محظورة"، وهي التهم التي تنفيها الحملة.
المثير أنه لا أحد ممن استطلعت الجزيرة نت آراءهم، أتى على ذكر اسم مرشح آخر من الأسماء المطروحة لمنافسة الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي في سباق الانتخابات الرئاسية المقبل، ووضع "الأمل" عليه لمنافسة حقيقية، لا رئيس حزب الوفد عبد السند يمامة، ولا رئيس الحزب الديمقراطي الاجتماعي فريد زهران، ولا رئيس حزب الشعب الجمهوري حازم عمر، وكلهم حصلوا على تأييد برلمانيين وجملة التوكيلات اللازمة للترشح، وكأن "وجودهم لا يمثل منافسة حقيقية للمرشح عبد الفتاح السيسي، بل لضبط الصورة بوجود حرية منافسة"، بحسب متابعين.
أحمد الطنطاوي: النهاردة ننهي حملة انتخابية ونبدأ مشروع سياسي سيغير مصر في سنوات معدودة (تشخيص للحاضر ورؤية للمستقبل) pic.twitter.com/aGnw1f6Hny
— Ahmed Altantawy – أحمد الطنطاوي (@a_altantawyeg) October 13, 2023
خيارات المعارضةفي هذا السياق، يقدر السياسي مجدي حمدان، والقيادي بحزب المحافظين -أحد أحزاب الحركة المدنية- أن "المعركة لم تنتهِ بعد، باعتبار الرئيس عبد الفتاح السيسي فائزا بشكل مؤكد بالانتخابات بعد خروج طنطاوي من السباق"، مؤكدا أن "الأمور مختلفة هذه المرة عن الانتخابات الأخيرة عام 2018، حيث تآكلت شعبية السلطة الحالية مع تدهور الأحوال المعيشية لمعظم المصريين".
وذكر حمدان، في حديثه للجزيرة نت، أن الحركة المدنية تدرس عدة خيارات، استنادا لقوتها المتمثلة في أنها مظلة تضم 9 أحزاب، يمكن أن تصطف مع مشروع الطنطاوي، المعتمد على الشباب بشكل رئيسي.
وقال إن تحركات الطنطاوي نجحت في كسر حاجز الخوف من السلطة، لذا من "المهم والملهم البناء على تلك المكاسب، والذهاب لخطوة أبعد في منع السلطة من اكتساب شرعية غير حقيقية، بالطعن في إجراءات نزاهة الانتخابات، مع طرح احتمال مقاطعتها"، بحسب وصفه.
للتاريخ: ننشر هذه الكلمة للمرة الأولى اليوم بالذات توضيحًا لحقائق هامة ونفيًا لأكاذيب يرددها بعض أصحاب النفوس الضعيفة على مدار أشهر، وتزايدت وتيرتها مؤخرًا.. وليس هذا حسابًا على الماضي أو استغراقًا فيه، وإنما فرزًا للمواقف وتحديدًا للشركاء ونحن نبني مشروعًا سياسيًا للمستقبل،… pic.twitter.com/ojuf16Yba3
— Ahmed Altantawy – أحمد الطنطاوي (@a_altantawyeg) October 15, 2023
قاطرة للتغييربدوره، رأى علاء الخيام القيادي في الحركة المدنية، أن هناك أوراقا عديدة يملكها الطنطاوي والذين معه، منها الالتفاف الشعبي حوله، وكتلة استطاع تدشينها ويمكن البناء عليها، إضافة إلى حالة الحراك المهمة التي أحدثها في المشهد السياسي، وكذلك دعم قوى وشخصيات سياسية وازنة، وخبرات مقدرة من قيادات حزبية انخرطت في حملة الطنطاوي للتغيير.
وأضاف الخيام للجزيرة نت أنه من الأوراق المهمة الداعمة لمشروع الطنطاوي الاقتناع الشعبي به "والذي ظهر في الاحتشاد أمام مقرات الشهر العقاري مرارا، إيمانا بمشروع الطنطاوي وبتاريخه البرلماني، ووضوح خطابه السياسي وصدقه، وكلها أوراق تستطيع جمع قوى سياسية قوية حوله، باعتباره مشروعا سياسيا قويا قادرا على إحداث التغيير"، بحسب وصفه.
وتابع الخيام "أمامنا أسبوعان ليرى هذا المشروع النور، ويدور حوله حوار سياسي ومجتمعي، والتفاعل معه من قطاعات مختلفة ووازنة، تشكل قاطرة للتغيير".
وأعلن محمد أبو الديار منسق حملة أحمد الطنطاوي، حصول الطنطاوي على 14160 توكيلا من داخل مصر وخارجها، كما أعلن أن الحملة جمعت أكثر من 25 ألف استمارة تطوع. وتتهم الحملة السلطات بعرقلة ومنع أنصار الطنطاوي من تحرير التوكيلات، وهي الاتهامات التي ترفضها السلطات المصرية.
شكرا #أحمد_الطنطاوي و حملته على نفحة الأمل اللي منحوها للحياة السياسية في مصر..
ولازم كلنا نعتبر كل ده مكسب مش خسارة، و إنها مجرد بداية لنضال مستمر لحد ما تشوف مصر نور الحرية..#يحيا_الأمل
— Shady ElGhazaly Harb (@shadygh) October 13, 2023
الاستعداد مجددامن جهته، أكد عضو مجلس أمناء الحوار الوطني والخبير بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام عمرو هاشم ربيع، قدرة الطنطاوي على إيجاد حالة التفاف حوله من القوي السياسية المعارضة للنظام، لافتا إلى أن جولات الطنطاوي بالشوارع أسهمت في إحداث حراك سياسي بعد سنوات من الجمود.
وتابع ربيع أن هذا الحراك "فضح انحياز لجنة الانتخابات لمرشح بعينه، وعدم وقوفها على مسافة واحدة من كافة المرشحين، فضلا عن جدولها غير المنطقي للاستحقاق"، وفق تعبيره، لكن ربيع اعتبر في حديثه للجزيرة نت أن ذلك "كرّس نوعا من التعاطف مع الطنطاوي، الذي يمكن البناء عليه، لجمع القوى المعارضة للنظام من حوله، والاستفادة من نجاح الطنطاوي في إيجاد رأس تقود قاطرة التغيير".
ومع هذا يرى ربيع أن أفضل سيناريو للطنطاوي أن يستعد من الآن للترشح للانتخابات الرئاسية في 2030 بشكل متأن وهادئ، باعتبار أن أي تحركات يمكن تفسيرها بمخالفة الدستور والقانون، ستتم معاقبته عليها بشكل عنيف.
وأضاف ناصحا "من المستحسن التركيز على الأمور ذات الطابع الاجتماعي بتمهل ووعي شديدين، حتى لا ينزلق إلى ما لا يحمد عقباه، في ظل إمكانية التربص به مستقبلا"، معربا عن توقعاته بإمكانية انهيار المشروع حال اصطدامه بصخرة السلطة، وتعقبه وأنصاره، وقد يتكرر معه سيناريو ملاحقة السياسي أيمن نور وحبسه، إبان عهد الرئيس الراحل حسني مبارك.
تغيير سلميمن الناحية القانونية الشكلية، يحق للمعارضة بقيادة الطنطاوي سلوك السبل السلمية الساعية للتغيير، بحسب نائب رئيس محكمة النقض السابق المستشار محمد ناجي دربالة، وذلك هو "السبيل الوحيد المتاح الآن بالقبول بوجود النظام الحالي كأمر واقع".
وتوقع دربالة في حديثه للجزيرة نت أن يؤدي تفاعل الطنطاوي القوي مع المشهد السياسي داخليا وخارجيا، مع إمكانياته وقدراته على حشد القوى المعارضة للنظام حوله، إلى أن "تعصف السلطة به وبتياره، عبر تكرار سيناريو أيمن نور وسامي عنان وهشام جنينة وغيرهم، بدعاوى قانونية مصممة لهذا الغرض"، وفق تعبيره.
ورأى أن مستقبل الطنطاوي السياسي مرتبط بما سينجزه في مشروعه، معتبرا أن نجاحه في تدشين جبهة قوية لكل طالبي التغيير السلمي تحت لافتة ثورة 25 يناير يشكل إزعاجا للسلطة وستحاول مقاومته.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: أحمد الطنطاوی للجزیرة نت
إقرأ أيضاً:
عقوبات أوروبية مرتقبة على الاحتلال الإسرائيلي.. خيارات على الطاولة وخلافات تعرقل التوافق
تتجه أنظار العواصم الأوروبية إلى بروكسل، حيث تستعد مؤسسات الاتحاد الأوروبي لاتخاذ موقف غير مسبوق تجاه الاحتلال الإسرائيلي، على خلفية حرب الإبادة العسكرية المستمرة في قطاع غزة.
فقد أعلنت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد، كايا كالاس، أن الكتلة الأوروبية ستفرض هذا الأسبوع حزمة من العقوبات ضد الاحتلال الإسرائيلي، في خطوة تعكس تصاعد الاستياء الأوروبي من السلوك الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ووفق ما كشفته منصة "يوراكتيف" المختصة بالشؤون الأوروبية، فإن الدائرة الأوروبية للشؤون الخارجية (EEAS) ستعرض الأربعاء المقبل على سفراء الدول الأعضاء "ورقة خيارات" تتضمن سلسلة من الإجراءات العقابية المحتملة، أبرزها تعليق جزئي أو كامل لاتفاقية الشراكة مع الاحتلال الإسرائيلي، وتقييد التعاون العلمي، وفرض حظر محتمل على الأسلحة، بالإضافة إلى فرض عقوبات فردية على مسؤولين إسرائيليين، بينهم وزراء وقادة عسكريون ومستوطِنون.
عقوبات فردية.. الخيار المرجح
وعلى الرغم من حدة المقترحات المطروحة، رجحت مصادر مطلعة أن يكتفي الاتحاد الأوروبي، في المرحلة الأولى، بفرض عقوبات محددة على أفراد، تماشيا مع ما سبق أن أقدمت عليه دول مثل المملكة المتحدة، وأستراليا، وكندا، ونيوزيلندا، والنرويج.
ويُنظر إلى هذا المسار باعتباره أقل الخيارات إثارة للانقسام بين الدول الأعضاء، وأكثرها قابلية للتنفيذ في ظل التعقيدات السياسية والقانونية التي تحيط بالخيارات الأخرى.
ومن المقرر أن يناقش وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي هذه الخيارات في اجتماعهم المرتقب في 15 تموز/يوليو الجاري في بروكسل، والذي يتزامن مع الموعد الذي حدده الاتحاد لتقييم مدى تحسن الوضع الإنساني في غزة، وهو عامل قد يؤثر بشكل مباشر على مآلات الإجراءات الأوروبية ضد تل أبيب.
ورقة خيارات غير مسبوقة
وتُعد الورقة التي سيجري عرضها هذا الأسبوع أول وثيقة رسمية تطرح هذه الإجراءات مجتمعة، بعد أن كانت مقتصرة على نقاشات غير رسمية خلال الأشهر الماضية. وتشمل هذه الورقة:
- تعليق جزئي أو كامل لاتفاقية الشراكة التجارية مع "إسرائيل".
- فرض عقوبات فردية على مسؤولين سياسيين وعسكريين ومستوطنين.
- تقييد التعاون العلمي والتقني.
- فرض تدابير تجارية إضافية.
- احتمال فرض حظر على تصدير الأسلحة.
ووفق "يوراكتيف"، فإن الاتحاد أوفد في الفترة الأخيرة فريقا فنيا بقيادة مبعوثه إلى الشرق الأوسط، كريستوف بيجو، للتفاوض مع الجانب الإسرائيلي.
لكن المصادر الدبلوماسية أبدت شكوكا في إمكانية الحصول على تعهدات إسرائيلية ملموسة، وسط أجواء توصف بـ"المشحونة".
انقسام أوروبي وغياب الإجماع
لكن رغم الزخم الظاهري، يعاني الاتحاد الأوروبي من انقسام داخلي حاد بشأن فرض إجراءات فعلية على الاحتلال الإسرائيلي. إذ يتطلب تعليق اتفاقية الشراكة أو حتى تجميد جزئي لأحكامها إجماعا بين الدول الأعضاء، وهو أمر يُستبعد حاليا بسبب معارضة دول مثل ألمانيا، والمجر، والتشيك.
كما تُعارض المفوضية الأوروبية، التي تدير السياسة التجارية للاتحاد، أي تحركات اقتصادية واسعة النطاق قد تؤثر على العلاقات التجارية مع الاحتلال الإسرائيلي، ما يُضعف فرص تمرير تدابير تجارية عقابية.
وتشير التقديرات إلى أن فرض حظر على تصدير الأسلحة أيضًا مستبعد، خاصة مع كون ألمانيا أكبر مورد أوروبي للسلاح للاحتلال.
وكانت كايا كالاس قد صرحت في وقت سابق أن "الهدف الأساسي من العقوبات هو تغيير السلوك على الأرض"، مضيفة أنه "في حال لم يتحقق ذلك، يمكننا مناقشة خطوات إضافية".
في المقابل، وصفت الحكومة الإسرائيلية مراجعة الاتحاد الأوروبي بأنها "مليئة بالعيوب المنهجية ومثيرة للغضب".
ووفقًا لـ"يوراكتيف"، فإن تعليق عضوية الاحتلال الإسرائيلي في برنامج "أفق أوروبا" العلمي يتطلب أغلبية خاصة (15 دولة تمثل 65% من سكان الاتحاد)، غير أن المصادر أشارت إلى غياب أي "زخم" سياسي لتحقيق هذا الهدف في الوقت الراهن.
إلى جانب المعارضة المتوقعة من دول مثل النمسا وإيطاليا والمجر والتشيك، يُضاف هاجس آخر لدى الأوروبيين، يتمثل في تجنب اتخاذ خطوات قد تُفهم كعرقلة لجهود الوساطة التي تقودها واشنطن للتوصل إلى وقف إطلاق نار في غزة، واتفاق لتبادل الأسرى.
وتُفضل عواصم أوروبية عديدة ترك الباب مفتوحا أمام المساعي الدبلوماسية الأمريكية، في وقت تسعى فيه واشنطن لتثبيت تهدئة دائمة وتفادي انفجار جديد في المنطقة.
حصار غزة في قلب النقاش الأوروبي
وكان الاتحاد الأوروبي قد وافق في أيار/مايو الماضي على مراجعة علاقاته مع الاحتلال الإسرائيلي، على خلفية الحرب في غزة والضفة الغربية، بما في ذلك الحصار المفروض على الغذاء والوقود والمياه والإمدادات الطبية.
ويؤكد مراقبون أن استمرار تدهور الأوضاع الإنسانية في القطاع، إلى جانب التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية، دفع شرائح داخل الاتحاد إلى الضغط من أجل اتخاذ إجراءات ملموسة تجاه الاحتلال، إلا أن الحسابات الجيوسياسية والخلافات بين الدول الأعضاء تبقى العائق الأكبر أمام تحرك أوروبي موحد.