تتجه أنظار العواصم الأوروبية إلى بروكسل، حيث تستعد مؤسسات الاتحاد الأوروبي لاتخاذ موقف غير مسبوق تجاه الاحتلال الإسرائيلي، على خلفية حرب الإبادة العسكرية المستمرة في قطاع غزة. 

فقد أعلنت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد، كايا كالاس، أن الكتلة الأوروبية ستفرض هذا الأسبوع حزمة من العقوبات ضد الاحتلال الإسرائيلي، في خطوة تعكس تصاعد الاستياء الأوروبي من السلوك الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة.



ووفق ما كشفته منصة "يوراكتيف" المختصة بالشؤون الأوروبية، فإن الدائرة الأوروبية للشؤون الخارجية (EEAS) ستعرض الأربعاء المقبل على سفراء الدول الأعضاء "ورقة خيارات" تتضمن سلسلة من الإجراءات العقابية المحتملة، أبرزها تعليق جزئي أو كامل لاتفاقية الشراكة مع الاحتلال الإسرائيلي، وتقييد التعاون العلمي، وفرض حظر محتمل على الأسلحة، بالإضافة إلى فرض عقوبات فردية على مسؤولين إسرائيليين، بينهم وزراء وقادة عسكريون ومستوطِنون.

عقوبات فردية.. الخيار المرجح
وعلى الرغم من حدة المقترحات المطروحة، رجحت مصادر مطلعة أن يكتفي الاتحاد الأوروبي، في المرحلة الأولى، بفرض عقوبات محددة على أفراد، تماشيا مع ما سبق أن أقدمت عليه دول مثل المملكة المتحدة، وأستراليا، وكندا، ونيوزيلندا، والنرويج. 

ويُنظر إلى هذا المسار باعتباره أقل الخيارات إثارة للانقسام بين الدول الأعضاء، وأكثرها قابلية للتنفيذ في ظل التعقيدات السياسية والقانونية التي تحيط بالخيارات الأخرى.

ومن المقرر أن يناقش وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي هذه الخيارات في اجتماعهم المرتقب في 15 تموز/يوليو الجاري في بروكسل، والذي يتزامن مع الموعد الذي حدده الاتحاد لتقييم مدى تحسن الوضع الإنساني في غزة، وهو عامل قد يؤثر بشكل مباشر على مآلات الإجراءات الأوروبية ضد تل أبيب.


ورقة خيارات غير مسبوقة
وتُعد الورقة التي سيجري عرضها هذا الأسبوع أول وثيقة رسمية تطرح هذه الإجراءات مجتمعة، بعد أن كانت مقتصرة على نقاشات غير رسمية خلال الأشهر الماضية. وتشمل هذه الورقة:

- تعليق جزئي أو كامل لاتفاقية الشراكة التجارية مع "إسرائيل".

- فرض عقوبات فردية على مسؤولين سياسيين وعسكريين ومستوطنين.

- تقييد التعاون العلمي والتقني.

- فرض تدابير تجارية إضافية.

- احتمال فرض حظر على تصدير الأسلحة.

ووفق "يوراكتيف"، فإن الاتحاد أوفد في الفترة الأخيرة فريقا فنيا بقيادة مبعوثه إلى الشرق الأوسط، كريستوف بيجو، للتفاوض مع الجانب الإسرائيلي. 

لكن المصادر الدبلوماسية أبدت شكوكا في إمكانية الحصول على تعهدات إسرائيلية ملموسة، وسط أجواء توصف بـ"المشحونة".

انقسام أوروبي وغياب الإجماع
لكن رغم الزخم الظاهري، يعاني الاتحاد الأوروبي من انقسام داخلي حاد بشأن فرض إجراءات فعلية على الاحتلال الإسرائيلي. إذ يتطلب تعليق اتفاقية الشراكة أو حتى تجميد جزئي لأحكامها  إجماعا بين الدول الأعضاء، وهو أمر يُستبعد حاليا بسبب معارضة دول مثل ألمانيا، والمجر، والتشيك.

كما تُعارض المفوضية الأوروبية، التي تدير السياسة التجارية للاتحاد، أي تحركات اقتصادية واسعة النطاق قد تؤثر على العلاقات التجارية مع الاحتلال الإسرائيلي، ما يُضعف فرص تمرير تدابير تجارية عقابية. 

وتشير التقديرات إلى أن فرض حظر على تصدير الأسلحة أيضًا مستبعد، خاصة مع كون ألمانيا أكبر مورد أوروبي للسلاح للاحتلال.

وكانت كايا كالاس قد صرحت في وقت سابق أن "الهدف الأساسي من العقوبات هو تغيير السلوك على الأرض"، مضيفة أنه "في حال لم يتحقق ذلك، يمكننا مناقشة خطوات إضافية". 

في المقابل، وصفت الحكومة الإسرائيلية مراجعة الاتحاد الأوروبي بأنها "مليئة بالعيوب المنهجية ومثيرة للغضب".

ووفقًا لـ"يوراكتيف"، فإن تعليق عضوية الاحتلال الإسرائيلي في برنامج "أفق أوروبا" العلمي يتطلب أغلبية خاصة (15 دولة تمثل 65% من سكان الاتحاد)، غير أن المصادر أشارت إلى غياب أي "زخم" سياسي لتحقيق هذا الهدف في الوقت الراهن.

إلى جانب المعارضة المتوقعة من دول مثل النمسا وإيطاليا والمجر والتشيك، يُضاف هاجس آخر لدى الأوروبيين، يتمثل في تجنب اتخاذ خطوات قد تُفهم كعرقلة لجهود الوساطة التي تقودها واشنطن للتوصل إلى وقف إطلاق نار في غزة، واتفاق لتبادل الأسرى.

وتُفضل عواصم أوروبية عديدة ترك الباب مفتوحا أمام المساعي الدبلوماسية الأمريكية، في وقت تسعى فيه واشنطن لتثبيت تهدئة دائمة وتفادي انفجار جديد في المنطقة.


حصار غزة في قلب النقاش الأوروبي
وكان الاتحاد الأوروبي قد وافق في أيار/مايو الماضي على مراجعة علاقاته مع الاحتلال الإسرائيلي، على خلفية الحرب في غزة والضفة الغربية، بما في ذلك الحصار المفروض على الغذاء والوقود والمياه والإمدادات الطبية.

ويؤكد مراقبون أن استمرار تدهور الأوضاع الإنسانية في القطاع، إلى جانب التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية، دفع شرائح داخل الاتحاد إلى الضغط من أجل اتخاذ إجراءات ملموسة تجاه الاحتلال، إلا أن الحسابات الجيوسياسية والخلافات بين الدول الأعضاء تبقى العائق الأكبر أمام تحرك أوروبي موحد.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة دولية بروكسل الاتحاد الأوروبي غزة كالاس العقوبات غزة الاتحاد الأوروبي عقوبات بروكسل كالاس المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاحتلال الإسرائیلی الاتحاد الأوروبی الدول الأعضاء

إقرأ أيضاً:

فاينانشيال تايمز: الاتحاد الأوروبي يُخزّن معادن أساسية لمواجهة خطر الحرب

كشفت صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية، في عددها الصادر اليوم السبت، أن الاتحاد الأوروبي أعلن عن عزمه تخزين احتياطيات طارئة من المعادن الأساسية ومجموعات إصلاح الكابلات، مع تزايد المخاوف بشأن تعرّض الاتحاد الأوروبي للهجمات.

وقالت المفوضية الأوروبية في مسودة وثيقة تحدد استراتيجية تخزين الأسلحة، اطلعت عليها فاينانشال تايمز: «يواجه الاتحاد الأوروبي مشهدًا متزايد التعقيد والتدهور في المخاطر، يتسم بتصاعد التوترات الجيوسياسية، بما في ذلك الصراعات والآثار المتزايدة لتغير المناخ والتدهور البيئي والتهديدات المختلطة والسيبرانية».

وأضافت المفوضية، أنه ينبغي على الدول الأعضاء تنسيق الإمدادات الاحتياطية من الغذاء والأدوية، وحتى الوقود النووي. كما سيُسرّع ذلك العمل على مخزونات الاتحاد الأوروبي من مواد مثل وحدات إصلاح الكابلات لضمان التعافي السريع من انقطاعات الطاقة أو الكابلات الضوئية، وسلع مثل المعادن النادرة والمغناطيس الدائم، وهي مواد بالغة الأهمية لأنظمة الطاقة والدفاع.

وأوضحت فاينانشيال تايمز في تقرير لها، أن عدة حالات تخريب محتملة لكابلات الاتصالات تحت الماء وخطوط أنابيب الغاز في السنوات الأخيرة أثارت بالفعل مخاوف بشأن ضعف البنية التحتية الحيوية.

وذكرت الصحيفة، أن هذه الاستراتيجية تعد جزءًا من جهد أوسع نطاقا من جانب الاتحاد الأوروبي لتحسين أمن ومرونة الكتلة المكونة من 27 دولة. ففي الشهر الماضي، حذر وزير الدفاع الألماني الجنرال كارستن بروير من أن روسيا قد تهاجم دولة عضوًا في الاتحاد الأوروبي خلال السنوات الأربع المقبلة.

وجاء في الوثيقة أن البيئة الأكثر خطورةً كانت مدفوعةً بـزيادة نشاط القراصنة ومجرمي الإنترنت والجماعات التي ترعاها الدول. كما أن الاتحاد الأوروبي أكثر عرضة من العديد من المناطق الأخرى لآثار تغير المناخ، إذ ترتفع درجة حرارته بمعدل أسرع بمرتين من المتوسط العالمي، مع الإشارة إلى أن حرائق الغابات في جزيرة كريت أجبرت 5000 شخص على إخلاء الجزيرة هذا الأسبوع.

وفي تقريرٍ كُلِّف بإعداده الاتحاد الأوروبي في أكتوبر الماضي، قال الرئيس الفنلندي السابق ساولي نينيستو إن الأمن يجب أن يُعتبر منفعةً عامة، ودعا إلى التأهب. أما فيما يتعلق بالتخزين، قال نينيستو إنه يتعين على بروكسل تحديد أهدافٍ لضمان الحد الأدنى من مستويات التأهب في سيناريوهات الأزمات المختلفة، بما في ذلك في حالة وقوع عدوان مسلح أو انقطاع واسع النطاق في سلاسل التوريد العالمية.

كما نصح الاتحاد الأوروبي في مارس الماضي الأسر بتخزين الإمدادات الأساسية للبقاء على قيد الحياة لمدة 72 ساعة على الأقل في حالة الأزمات.

وأشارت الصحيفة البريطانية، إلى أن الاتحاد الأوروبي يحتفظ بالفعل بأسطول من طائرات إطفاء الحرائق والمروحيات وطائرة إخلاء طبي ومستلزمات مثل المستشفيات الميدانية والإمدادات الطبية الضرورية في 22 دولة عضوًا في الاتحاد الأوروبي، وذلك في إطار جهوده للاستجابة لحالات الطوارئ في حالات الكوارث الطبيعية.

ومع ذلك، أعلنت المفوضية الأوروبية عزمها إنشاء شبكة تخزين لتحسين التنسيق بين دول الاتحاد الأوروبي. وأوضحت في الوثيقة أن هناك "فهمًا مشتركًا محدودًا للسلع الأساسية اللازمة للتأهب للأزمات في ظل بيئة مخاطر سريعة التطور. كذلك، قالت المفوضية إنها ستبدأ في إعداد قوائم مُحدثة بانتظام للإمدادات الأساسية، مُصممة خصيصًا لكل منطقة ونوع أزمة. وأشارت إلى أنه ينبغي على الدول الأعضاء تحفيز القطاع الخاص بشكل أفضل للمساعدة في التخزين، من خلال الإعفاءات الضريبية على سبيل المثال.

وأكدت أن الاتحاد الأوروبي سيعمل مع حلفائه على التخزين المشترك والتنسيق بشكل أفضل في إدارة الموارد والبنية التحتية ذات الاستخدام المزدوج مع حلف الناتو. وسوف يتم أيضًا ضخ الاستثمار في التخزين مع الأخذ في الاعتبار المقترحات الخاصة بالميزانية الجديدة متعددة السنوات، والتي من المقرر طرحها في وقت لاحق من هذا الشهر.

اقرأ أيضاًالاتحاد الأوروبي وتايلاند يبحثان تعزيز العلاقات والتعاون في إطار اتفاقية الشراكة

الاتحاد الأوروبي بصدد فرض عقوبات ضد إسرائيل بسبب عملياتها العسكرية في غزة

متحدث الاتحاد الأوروبي بفلسطين: موقفنا ثابت تجاه الاستيطان ونرفض ممارسات العنف بالضفة

مقالات مشابهة

  • الاتحاد الأوروبي يتجه لاتخاذ إجراءات عقابية ضد إسرائيل
  • البطاقة الزرقاء للاتحاد الأوروبي.. هل تنجح في جذب العمالة الماهرة رغم التحديات؟
  • فاينانشيال تايمز: الاتحاد الأوروبي يُخزّن معادن أساسية لمواجهة خطر الحرب
  • الاتحاد الأوروبي بصدد فرض عقوبات ضد إسرائيل بسبب عملياتها العسكرية في غزة
  • الاتحاد الأوروبي يسعى لتمديد الوضع التجاري الراهن مع ترامب
  • الاتحاد الأوروبي يؤيد انضمام مولدوفا
  • انطلاق تصفيات كرة الطاولة الوطنية لاختيار لاعبي المنتخبات المقبلة
  • بدعوة ألمانية.. قمة أوروبية طارئة في بافاريا 18 يوليو لتعديل منظومة اللجوء
  • شراكة سورية أوروبية لتسريع التحول الرقمي وتعزيز الاقتصاد