#فلسطين و #الجيش_العربي_الأردني … وهل ننسى كل تلك #التضحيات !؟

#هشام_الهبيشان

لقد كان الجيش العربي الأردني منذ تأسيسه حارساً أميناً وسنداً قوياً لكل قضايا الأمة العادلة، ولايمكن لأحد اليوم ان يزايد او ان يتمادي اويتغاضى او ان يزرو حقائق التاريخ، فالجيش العربي الاردني، قدم الشهداء لفلسطين وهذا واجب علينا وعليه، واضرحة شهداء الجيش العربي الأردني بالقدس وما حولها هي شاهد على حجم التضحيات التي قدمها الجيش العربي الأردني بسبيل دفاعه عن قضايا الأمة العادلة، ولكل من يزايد اليوم ويحاول تشويه صورة وتاريخ وتضحيات وأمكانيات هذا الجيش، أدعوه اليوم لقراءة التاريخ جيداً، فهو الحكم والشاهد على حجم التضحيات التي قدمها الجيش العربي الأردني بسبيل قضايا الأمة العادلة ، والقضية ليست قضية أمكانيات ، بقدر ما هي قضية مبادئ راسخة وثابته.

وبالحديث عن المراحل والتحديات والتضحيات التي قدمها الجيش العربي الأردني للأمة العربية ولفلسطين تحديداً، نقرأ بالتاريخ انه ومن خلال معارك فلسطين بالعام 1948، فقد كان للجيش العربي الاردني دورآ فاعلاً بهذه المعارك وبمواجهة المحتل الصهيوني، رغم أنه أقل الجيوش العربية عدداً وعدة، ومع ذلك كان هو صاحب الانتصارات في حرب 1948، وقد استطاع الجيش العربي الأردني أن يحقق انتصارات ميدانية مهمة واستثنائية، وكانت ثمرة البطولات العسكرية الأردنية أن تم الحفاظ على القدس وطرد الصهاينة منها وإفشال المخططات الصهيونية، آنذاك، في احتلال الضفة الغربية، التي خاض فيها الجيش العربي الأردني معارك ضارية، ومستميته، ويعود له وللجيش العربي السوري الفضل الميداني، الوحيد، في الحفاظ عليها، وقد حددت مهام الجيش العربي الأردني بمعارك 1948 بالزحف نحو القدس ورام الله فقط فحررهما إلا أن تخلف القوات العربية الأخرى أدى إلى إتساع جبهة القتال الأردنية، وهنا يقول “بن غوريون – الزعيم الصهيوني ورئيس وزراء الكيان المسخ“- إن مصير الحرب، يتوقف على القتال بين الجيش الإسرائيلي، والجيش الأردني، فإما أن يخترق الجيش الأردني مثلثنا، أو أن نقوم نحن، باختراق مواقعه، فإذا نجحنا، نكون قد أوشكنا أن نكسب الحرب، فالجبهة الرئيسية التي تواجهنا، هي التي يتمركز بها الجيش الأردني، في منطقة القدس وجبالها (منطقة وسط فلسطين)، وليس تلك التي يتمركز بها الجيش المصري في النقب، أو باقي الجيوش في الجليل”.

مقالات ذات صلة غزة ..عٍزةٌ ونصر 2023/10/18

وقد خاض الجيش العربي الأردني أكثر من 44 معركة واشتباك مع الميلشيات الصهيونية في الضفة الغربية ما بين عامي (1948-1967)، أهمها معركة السموع في لواء الخليل، انتهت جميعها بالنصر وبدحر الميلشيات الصهيونية الغازية، ومن اهم المعارك التي خاضها الجيش العربي الاردني بمدينة القدس هي معارك اللطرون وباب الواد والنوترادم و هي خير دليل على حجم التضحيات التي قدمها الجيش العربي الاردني في فلسطين، فقد استمرت معركة اللطرون تحديدآ من 15 ايار حتى 23 ايار 1948، وكانت مقدمة لتحرير القدس وإخراج القوات الصهيونية منها حيث استطاع 1200 جندي بطل أردني من الدفاع عن القدس وتحريرها بمقابل 6500 مسخ صهيوني، و كانت خسائر الميلشيات الصهيونية كبيره في هذه المعركة ،وقاد القوات الأردنية الراحل البطل المشير حابس المجالي،وقاد الميلشيات الصهيونية المقبور أرئيل شارون الذي أصبح في ما بعد رئيسا لوزراء (2001-2006) الكيان المسخ، وقد جرح المقبور أرئيل شارون في المعركة ووقع أسيرا بيد الجيش العربي الأردني وقد أسره يومها البطل النقيب حابس المجالي “انذاك ” -المشير فيما بعد، وتم تبديله بـ “أسير عربي” عندما جرى تبادل الأسرى بعد الهدنة الثانية.

في معارك حزيران 1967، وبعد أن تم توقيع اتفاقية الدفاع المشترك بين الأردن ومصر في 30 أيار 1967 فقد وضع الجيش العربي الأردني في حالة تأهب قصوى، وجرت معارك على طول الجبهة وحارب الجيش العربي الأردني من جديد في القدس واللطرون وباب الواد وجبل المكبر وتل الرادار وتل الشيخ عبد العزيز وتل النبي صموئيل والشيخ جراح والمطلع ونابلس وجنين وطولكرم والخليل وبالرغم من قلة العدد والعدة وانعدام الغطاء الجوي “الموعود”، وهذ ما أنتج حينها خسائر كبرى وتضحيات كبرى قدمها الجيش العربي الاردني بهذه المعارك فما تعرض له الجيش العربي الأردني من خسائر جسيمة بهذه المعارك لايقدر ولايحصى، حتى أن بعض السرايا قاتلت حتى أخر رجل فيها، وهذا دليل وشاهد حي على روح التضحية والشجاعة والإصرار على القتال حتى آخر طلقة وأخر رجل عند المقاتل الأردني، وهذا ما أجبر العدو قبل الصديق على أن يشهد لهذا الجيش بالشجاعة والاحتراف والتفاني، فقد صرح أحد جنرالات الميلشيات الصهيونية “بأن هذه الحرب كان يمكن أن تسمى حرب الساعات الستة لا الأيام الستة لولا صمود الجيش الأردني الذي بقي يحارب منفردا أياما فيما انهزم بعض الآخرون خلال ساعات”.

وبعد هزيمة عام 1967، وهذه النكسة الكبرى التي أصابت العرب كل العرب، تمادى العدو الصهيوني بعدوانه على العرب، تحت شعار “الجيش الصهيوني الذي لايقهر”، وهذا ما أفرز حينها عدوان صهيوني واضح وصريح على الدولة الاردنية، وحينها كانت الملحمة الكبرى للجيش العربي الاردني ولقوى المقاومة الفلسطينية بمعركة الكرامة التي ردت الكرامة للعرب كل العرب، ففي 21/3/1968 شن الكيان المسخ هجوما بواسطة 15 ألف مسخ ومظلي مدعومين بقصف مدفعي وجوي على جميع مواقع الجيش العربي الأردني وقوى المقاومة الفلسطينية الأمامية والخلفية، وواجهة الفرقة الثانية الأردنية وحاولت الميلشيات الصهيونية التقدم عن طريق أربع مواقع على طول الجبهة الأردنية المحاذية لحدود الاراضي الفلسطينية المحتلة، وحينها سطر الجيش العربي الاردني وقوى المقاومة ملحمة أسطورية بالصمود، وهذا ما عبر عنه الصهيوني حاييم بارليف رئيس أركان الميلشيات الصهيونية في حديث له نشرته جريدة هارتس يوم 31/3/68 “إن عملية الكرامة كانت فريدة من نوعها ولم يتعود الشعب في “إسرائيل” مثل هذا النوع من العمليات، وبمعنى آخر كانت جميع العمليات التي قمنا بها تسفر عن نصرلقواتنا، ومن هنا فقد اعتاد شعبنا على رؤية قواته العسكرية وهي تخرج متنصرة من كل معركة أما معركة الكرامة فقد كانت فريدة من نوعها، بسبب كثرة الإصابات بين قواتنا، والظواهر الأخرى التي أسفرت عنها المعركة مثل استيلاء القوات الأردنية على عدد من دباباتنا والياتنا وهذا هو سبب الدهشة التي أصابت المجتمع الإسرائيلي إزاء عملية الكرامة “، و تعتبر معركة الكرامة أول انتصار كامل لجيش عربي على الميلشيات الصهيونية حيث استطاع الجيش العربي الأردني وبالتعاون مع قوى المقاومة في منطقة الكرامة بالاغوار تحقيق النصر على الميلشيات الصهيونية وتحطيم أسطورة “الجيش الذي لا يقهر”.

وفي معركة تشرين التحريرية وبغض النظر عن نتائجها، فقد قدم الجيش العربي الاردني ملحمة اسطورية أخرى بتاريخ تضحياته بسبيل هذه الأمة، ففي حرب عام 1973 التقطت كتيبة الاستطلاع السورية الميلشيات الصهيونية يصرخون مخاطبين قادتهم “أنقذونا من اللواء الأردني انهم يتقدمون باتجاهنا ولا يعرفون التراجع ونحن نخلي مواقعنا لهم “وقد سلم التسجيل إلى قائد اللواء الأردني (40) اللواء الركن خالد هجهوج المجالي بعد انتهاء هذه المعركة في الغروب من قبل العماد مصطفى طلاس وزير الدفاع السوري، وهنا يعلق أحد القادة السوريين على اداء الجيش العربي الأردني بمعركة تشرين ويقول” هؤلاء رجال صنعتهم الحرب بعد انبهاره بأدائهم في الحرب.

ومن هنا لايمكن لأحد ان ينكر حجم التضحيات التي قدمها الجيش العربي الأردني بمعارك الامة ضد اعدائها، فقد قدم الجيش العربي الاردني منذ تأسيسه ولليوم الاف الشهداء من افراده بسبيل خدمة قضايا الأمة، وخصوصآ بعد قرار الراحل الملك الحسين تعريب قيادة الجيش في 1/3/1956 م، والملك الحسين كان همه أن يجعل الجيش العربي جيشا قوياً مدربآ ومسلحاً بأحدث الأسلحة، ليكون قادرا على القيام بمهامه في الدفاع عن الوطن وعن قضايا الأمة كل الأمة، وعمل على تطويره من وحدات صغيرة إلى جيش مزود بأحدث الأسلحة والخدمات والكفائات المتطورة التي نشاهدها اليوم في مختلف تشكيلات القوات المسلحة.

ختاماً، لقد كان الجيش العربي الأردني منذ تأسيسه حارساً أميناً وسنداً قوياً لكل قضايا الأمة العادلة، ولايمكن لأحد اليوم ان يزايد او ان يتمادي اويتغاضى او ان يزرو حقائق التاريخ، فالجيش العربي الاردني، قدم الشهداء لفلسطين وهذا واجب عليه، واضرحة شهداء الجيش العربي الأردني بالقدس وما حولها هي شاهد على حجم التضحيات التي قدمها الجيش العربي الأردني بسبيل دفاعه عن قضايا الأمة العادلة، ولكل من يزايد اليوم ويحاول تشويه صورة وتاريخ هذا الجيش، أدعوه اليوم لقراءة التاريخ جيداً، فهو الحكم والشاهد على حجم التضحيات التي قدمها الجيش العربي الأردني بسبيل قضايا الأمة العادلة.

*كاتب وناشط سياسي – الأردن .

hesham.habeshan@yahoo.com

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: الجيش العربي الأردني التضحيات الجیش الأردنی

إقرأ أيضاً:

هزيمة الصهيونية

حاتم الطائي 

 

إسرائيل وبدعم أمريكي سعت لرفع علامة نصر زائفة في حربها مع إيران

◄ 12 مليار دولار الخسائر الأولية لإسرائيل في "حرب الأيام الـ12"

◄ رماد الحرب لم ينطفئ.. واشتعال نيرانها سيقود لمآسٍ غير مسبوقة

 

 

في الوقت الذي يتباهى فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأنَّه "دمَّر" البرنامج النووي الإيراني، مُستخدمًا 12 قنبلة من طراز "جي بي يو-57"- والتي يجب أن تكون محرَّمة دوليًا؛ حيث تزن القنبلة الواحدة منها أكثر من 30 ألف رطل- تتواصل التقارير الاستخباراتية والإعلامية الأمريكية التي تُفيد بأنَّ المفاعلات النووية الإيرانية لم يلحق بها ضرر كبير؛ بل ذهب كثيرون إلى أن القصف الأمريكي الغاشم على المفاعلات الإيرانية لم يكن سوى قصف لهياكل خرسانية لا قيمة لها.

تقييمات أجهزة الاستخبارات التي أوردتها شبكة "سي إن إن" الأمريكية أكدت أن الضربات الأمريكية لم تؤثر على عمليات تخصيب اليورانيوم، ويأتي ذلك بالتزامن مع تأكيدات بأن الإيرانيين نقلوا اليورانيوم المخصب وأجهزة الطرد المركزي إلى مواقع آمنة، قبل أيام من القصف الأمريكي. هذه المعلومات وغيرها مما يتوالى تباعًا تؤكد أن الطرف الأمريكي ومن ورائه الإسرائيلي، قد سعيا فقط إلى رفع علامة نصر زائفة، بعدما نجحت الصواريخ الإيرانية بأنواعها وأحجامها وقدراتها النوعية والمختلفة، في دك مدن الاحتلال الإسرائيلي، مثل تل أبيب وحيفا وبئر السبع وغيرها، وأصبحت المشاهد التي كان يراها الإسرائيلي في غزة، تنتشر في هذه المدن، وظل الإسرائيليون مختبئين في الملاجئ طيلة 12 يومًا، استطاعت إيران فيها ولأوَّل مرة في تاريخ المواجهات مع الكيان الصهيوني، أن تقصف العمق الإسرائيلي، وتُدمِّر البنية التحتية العسكرية، خاصة مقرات قيادة جيش الاحتلال وقيادة جهاز المخابرات "الموساد"، وقيادة جهاز المخابرات العسكرية "أمان"، ومعهد وايزمان للعلوم المعروف بأنَّه "العقل النووي" لإسرائيل.

هذه الحرب- التي بدا للبعض في مُستهلها أنَّ إسرائيل حققت نصرًا على إيران باغتيال عدد من قادتها العسكريين والأمنيين والعلماء النوويين- انقلبت وبالًا وخسرانًا على هذا الكيان العدواني المُجرم؛ إذ لم تتردد إيران في الرد بكل قوة، مُرتكزة على قدراتها العسكرية الهائلة، وتماسكها الداخلي المتين، وهذه نقطة حاولت إسرائيل والولايات المتحدة اللعب عليها، واستغلالها، ظنًا منهما أنَّ النظام الإيراني سيسقط من داخله، وقد استعانت إسرائيل في ذلك بعملاء وجواسيس على الأرض، لكن المؤسسات الإيرانية، التي تُشكِّل "الدولة العميقة"، نجحت بجدارة في الحفاظ على اللُحمة الوطنية، واستمرت هذه اللُحمة حتى بعد انتصار إيران على إسرائيل. ولا شك أنَّ مشهد الجنازات المهيبة التي شُيِّع فيها القادة والعلماء الذين اغتالتهم يد الغدر الصهيونية، أبلغ دليل على تماسك الشعب الإيراني خلف قيادته، إدراكًا منه بأهمية الحفاظ على كيان الدولة من الانهيار، حتى لو اختلف البعض منهم مع السياسات، لكنهم يتفقون على الوطن الإيراني.

خسائر إسرائيل في حربها مع إيران، فاقت كل التوقعات، إذ تُشير تقديرات موثَّقة إلى أن الكيان الصهيوني كان يتكبّد يوميًا مليار دولار أمريكي، ما يعني 12 مليار دولار خلال أيام الحرب، وهذه فاتورة ضخمة لا تستطيع أمريكا الوفاء بها لإسرائيل أو تقديم "خطة مارشال" إسرائيلية على غرار "مارشال الأوروبية" في أعقاب الحرب العالمية الثانية. لذلك نرى أنَّ استعراض ترامب للعضلات الأمريكية، من خلال قنابل "بانكر باستر" الخارقة للتحصينات، ليست سوى إخراج هوليودي عديم القيمة، حاول من خلالها ترامب إثبات أنه صاحب البصمة الأخيرة في هذه الحرب، ودعمًا منه لصديقه مجرم الحرب بنيامين نتنياهو، لإخراجه من أزمته الطاحنة. لكن ما لم يُدركه ترامب ولا المجرم نتنياهو، أن الإيرانيين أُمة، وليست دولة تضم مواطنين ورعايا، والأُمة تدافع عن حقها حتى آخر رجل منها، لذلك ومع تدخل ترامب وإعلان وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، لقّنت إيران إسرائيل والولايات المتحدة درسًا لا يُنسى؛ حيث استبقت دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، وقصفت مواقع استخباراتية وعسكرية ومخازن سلاح، وألحقت بها أضرارًا غير مسبوقة.

والوضع الراهن أشبه بمرحلة اللاسلم واللاحرب، فبينما توقفت الصواريخ وربضت الطائرات المُقاتلة في حظائرها، إلّا أن ما يُمكن أن يُدبر في الخفاء، قد يُفضي إلى ما هو أعظم مما شاهدناه على مدى 12 يومًا، ولذلك ربما تعمل إيران حاليًا على تسريع وتيرة زيادة تسليحها النوعي وخاصةً ما يتعلق بالدفاعات الجوية، وقد تواترت أنباء عن صفقات مرتقبة بين إيران والصين، لشراء مقاتلات صينية متعددة المهام، فضلًا عن أنظمة دفاع جوي لمواجهة أي انتهاك للسيادة الإيرانية.

وهنا يجب أن نقف على أبعاد الموقفين الصيني والروسي؛ حيث اعتقد البعض أنَّ كلًا من بكين وموسكو، لم يُبديا رغبة في الدخول في مواجهات غير مباشرة مع الولايات المتحدة، من خلال دعم طهران، عسكريًا، بينما أظهرت الصين وروسيا، دعمًا سياسيًا قويًا للغاية، سواء من خلال البيانات الدبلوماسية المُستنكرة للعدوان الإسرائيلي ثم الأمريكي، أو بتلمحيات عن أهمية تسليح إيران. وليس أبلغ من ذلك، تصريح ديميتري ميدفيديف نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي، والرئيس الروسي السابق، بأنَّ إيران قد تحصل على سلاح نووي (رؤوس نووية) من أي طرف، ولا شك أن رجلاً بحجم ميدفيديف لا يمزح ولا يُلقي بالتصريحات جزافًا؛ بل هو يعلم يقينًا ما ينطق به. وهذا يعني أننا أمام احتمالين واردين؛ الأول أن إيران ربما تكون غيّرت عقيدتها النووية، وقررت امتلاك سلاح نووي، ليس من أجل العدوان على أحد، لكن بهدف الردع، وفي ذلك لن تكون إيران قد خالفت فتوى المرشد الأعلى الذي حرَّم استخدام السلاح النووي في الضربات العسكرية. أما الاحتمال الثاني، فيُشير إلى الخطوة التالية، وهي إما تصنيع السلاح النووي، من خلال اليورانيوم المُخصب بنسبة 60% والذي تملك إيران منه حاليًا أكثر من 400 كيلوجرام، وهي نسبة وكمية يقول الخبراء النوويون إنها قادرة على تصنيع سلاح نووي، لكن ليس بنفس كفاءة وقوة تدمير اليورانيوم المُخصَّب بنسبة 90 أو 95%. أو لربما تلجأ إلى شراء السلاح مباشرة من أي دولة نووية، مثل كوريا الشمالية أو الصين أو روسيا ذاتها!

المشهد الضبابي القائم حاليًا، يثير شهية بعض الأطراف لأداء أدوار بعينها، أو لتنفيذ مُخططات؛ فالمنطقة باتت تعيش فوق تنُّور ضخم، يتصاعد اللهب منه ولا أحد يعلم كيفية تفاديه، لكن هناك من يجمع الخيوط ويعُد العُدة لتفجير مُفاجآت، البعض منها مُتوقّع والآخر ربما لا. وهذا التوقعات لا تنفصل أبدًا عن قضية غزة الجريحة، التي ما تزال تنزف دمًا، في مذابح المساعدات، والطحين المعجون بدماء الأبرياء من سكان غزة الأبية. ويؤكد ذلك التسريبات المتتالية عن اعتزام الرئيس الأمريكي الإعلان عن وقف لإطلاق النار في غزة، وتنفيذ هدنة تستمر لمدة 60 يومًا، ومن بعدها يجري الاتفاق على وقف دائم ومستدام لإطلاق النار، بالتوازي مع إبرام اتفاقيات تطبيع أو معاهدات أمنية مع بعض الدول العربية، والمرشح الأبرز في هذا السياق: سوريا.

واختيار سوريا لم يكن عشوائيًا أو اعتباطيًا؛ بل قائم على رهانات محسوبة، تستهدف في المقام الأول والأخير، قطع شريان الإمدادات نهائيًا عن المقاومة في لبنان، وتهيئة الأجواء للتخلص من الحشد الشعبي في العراق بعد ذلك، من خلال كتائب ومليشيات طائفية مسلحة، تتقاتل فيما بينها؛ الأمر الذي سيضمن لإسرائيل مسلكًا سهلًا نحو إيران، إذا ما أرادت أن تُكرر مقامرتها الخاسرة مجددًا.

ويبقى القول.. إنَّ الهزيمة النكراء لإسرائيل في حربها مع إيران، ومحاولات دعم الولايات المتحدة لها والتغطية على هذه الهزيمة، تؤكد أنَّ هذا الكيان الهش ليس سوى نمر من ورق، ويتعين على دول المنطقة الاتحاد والوحدة لمواجهة أي عربدة صهيونية، تستهدف أمننا واستقرارنا، وهو ما يفرض بالتبعية الاعتماد على الذات، وتعزيز الوعي الشعبي بالمخاطر التي تُحدِّق بِنا، والسعي نحو الانعتاق من الهيمنة الأمريكية، التي لا تستهدف سوى سلب إرادة الدول بعد نهب مواردها وخيراتها، وما دون ذلك سيُفضي إلى مزيد من الهزائم النفسية قبل المادية، وسيسمح لثُلة من المتطرفين الصهاينة وتيار اليمين الأمريكي، أن يفرض سطوته على المنطقة، وتنفيذ مخططاتهم لما يصفونه بـ"شرق أوسط جديد"، أشبه بجمهوريات الموز والحدائق الخلفية للقوى الإمبريالية. وفي المرحلة القادمة الخوف كل الخوف من انزلاق بعض الدول العربية في تطبيع مجاني مع الكيان الصهيوني دون إعلان للدولة الفلسطينية حسب مخطط ترامب فيما يعرف بـ"مشروع الدرع الإبراهيمي"، الأمر الذي سيفقد هذه الدول شرعيتها وما تبقى من شعبيتها الفقيرة، ومما سيعرض المنطقة لانفجارات مستقبلية قادمة، ويحرمها من فرص السلام والتنمية، وهذا ما يريده ويطمح إليه أعداء الأمة "والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون".

مقالات مشابهة

  • مروحيات الجيش العربي السوري تشارك في عمليات إخماد الحرائق بريف اللاذقية
  • السلام على الحسين المظلوم الشهيد…
  • هزيمة الصهيونية
  • في القبّة.. عبارات دينية مكتوبة على جدران مدخل أحد المشاريع والجيش يتحرك
  • الفاشر تحت نيران القصف المدفعي والجيش يتقدم في الخوي وسط نزوح ومجاعة خانقة
  • البيشمركة تستنفر والجيش يتحرك: ظلال حرب على حقل قنير النفطي
  • لماذا ننسى ذكريات الطفولة المبكرة؟
  • «لن ننسى سحرك في الملاعب».. رابطة الأندية تودع شيكابالا بعد اعتزاله كرة القدم
  • وزير الإعلام: استعاد السوريون بلادهم بعد عقود من التضحيات، ونعيد تقديم رمز الدولة تجسيداً للانتصار ولعقد سياسي جديد، نعلن فيه أن سوريا صارت فضاء سياسياً من الشعب وإليه
  • السيد القائد يحذر من الخطر الوجودي للأمة ويكشف : هذا ما سيحدث بعد فلسطين (تفاصيل)