دبي في 19 أكتوبر / وام / كشفت القيادة العامة لشرطة دبي عبر منصتها بمعرض جيتكس جلوبل للتكنولوجيا 2023، عن آلية جديدة ستستخدمها مستقبلاً في التخطيط الذكي لحوادث السير البسيطة عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي التي ستقوم بتحليل الحوادث البسيطة وإصدار التقارير بشكل فوري للسائقين دون أي تدخل بشري.
وبينت شرطة دبي أن الآلية الجديدة يتم العمل على تطويرها من خلال خدمة " الإبلاغ عن الحوادث البسيطة" المتوفرة حالياً على تطبيق شرطة دبي والموقع الإلكتروني، والتي تعتمد على إرسال السائقين لبيانات الحادث التي يتم التدقيق عليها من قبل رجل الشرطة المختص ثم إرسال التقرير لطرفي الحادث، إلا أنه مستقبلاً سيكون إصدار التقارير دون الرجوع إلى رجل الشرطة وإنما من خلال تحليل الذكاء الاصطناعي للحادث وإرسال التقرير لطرفيه.


وأوضح اللواء خالد الرزوقي، مدير الإدارة العامة للذكاء الاصطناعي في شرطة دبي، أن آلية استخدام الذكاء الاصطناعي في تخطيط الحوادث البسيطة يجري تطويرها وإجراء التجارب عليها حالياً، وتهدف لتطوير الخدمات المقدمة إلى الجمهور بطريقة ذكية، ومبتكرة بما يساهم في سرعة إصدار التقارير المرورية لطرفي الحادث، وخفض العمليات اليدوية بنسبة 50‎%‎، وتقليل الازدحام الناجم عن الحوادث البسيطة.
وأكد اللواء خالد الرزوقي، أن تطوير خدمة الإبلاغ عن الحوادث واستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي فيها يأتي في إطار حرص القيادة العامة لشرطة دبي بتوجيهات من معالي الفريق عبد الله خليفة المري القائد العام لشرطة دبي، على تطوير الخدمات الذكية بشكل دائم لتسهيل معاملات المتعاملين وتوفير الوقت والجهد عليهم.
وأوضح اللواء الرزوقي أن خدمة " الإبلاغ عن الحوادث البسيطة" تمكن السائقين من الإبلاغ عن الحوادث من تلقاء أنفسهم دون الحاجة إلى سيارة الشرطة، ما يساهم في منع وقوع الإزدحامات المرورية وعدم ضياع وقتهم، مبيناً أن الخدمة بسيطة وسهلة الاستخدام حيث يتطلب من السائق الدخول إلى الخدمة ثم إدخال البيانات المطلوبة كبيانات المركبة ورقم رخص القيادة لطرفي الحادث وتصوير السيارتين ثم انتظار الحصول على تقارير عبر البريد الإلكتروني لإرساله إلى شركات التأمين.
وبعد تطوير الخدمة واستخدام الذكاء الاصطناعي فيها، سيتطلب من السائق 4 خطوات بسيطة فقط، تتمثل في دخول أحد طرفي الحادث إلى تطبيق شرطة دبي الذكي، وثانياً تسجيل البيانات الخاصة برخصة القيادة أو الهوية الشخصية أو رخصة السيارة وصورها، ثم سيعمل الذكاء الاصطناعي في الخطوة الثالثة على تحديد المتسبب والمتضرر ويحدد أماكن الضرر، وفي الخطوة الرابعة تصدر آلية الذكاء الاصطناعي تقرير الحادث.

مصطفى بدر الدين/ سالمة الشامسي

المصدر: وكالة أنباء الإمارات

كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی فی الحوادث البسیطة شرطة دبی

إقرأ أيضاً:

منظمة دولية لتنظيم الذكاء الاصطناعي.. ضرورة عالمية؟!

 

 

عارف بن خميس الفزاري

persware@gmail.com

 

في ظل الطفرات المُتلاحقة في مجال الذّكاء الاصطناعيّ، تتزايد الحاجة إلى ضرورة إنشاء مُنظمة دولية مُستقلة تُعنى بتنظيم هذا المجال الآخذ في التوسع بشكل غير مسبوق. فبينما تحقق أنظمة الذّكاء الاصطناعيّ إنجازات مُذهلة في قطاعات متعددة، من الرعاية الصحية إلى أنظمة الدفاع، تتنامى المخاوف بشأن التهديدات الأخلاقية والقانونية وحتى الوجودية التي قد تنشأ عن غياب إطار دولي موحد يضبط هذا التطور. وقد عبّر عن هذه المخاوف البروفيسور جيفري هينتون (Geoffrey Hinton)، أحد مؤسسي تقنيات التعلم العميق، محذرًا من أنّ الذّكاء الاصطناعيّ قد يصبح أذكى من البشر، وأنه "من غير الواضح إن كنَّا سنتمكن من السيطرة عليه لاحقًا" (Vincent, 2023).

تصريحات هينتون تعكس قلقًا متناميًا بين خبراء الصناعة بشأن تسارع الذّكاء الاصطناعيّ وتجاوزه للقدرة التنظيمية الحالية، وهو ما يجعل الحاجة إلى تدخل دولي أكثر من أيّ وقت مضى.

لقد بات الذكاء الاصطناعي جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية. فهو يُستخدم في المستشفيات لتشخيص الأمراض، وفي المؤسسات الأمنية لرصد التهديدات وفي الأنظمة التعليمية لتحليل أداء الطلاب وتقديم محتوى مخصص لهم، بل وحتى في أنظمة العدالة لاتخاذ قرارات متعلقة بالإفراج أو التوصية بالأحكام. لكن هذا الانتشار السريع ترافقه تحديات عميقة ترتبط بالخصوصية والتمييز وشفافية الخوارزميات وغياب المساءلة القانونية في حال وقوع ضرر. السؤال الذي يُطرح اليوم: من يملك سلطة رسم الخطوط الحمراء لاستخدام الذكاء الاصطناعي؟ هل يُترك الأمر لتقديرات كل دولة على حدة، أم أن الأمر بات يستوجب تدخلاً دوليًا شاملًا، يضمن الاستخدام الآمن والعادل والمسؤول لهذه التقنية؟ في الواقع تعكف العديد من الدول الكبرى وتتنافس على تطوير نماذج متقدمة من الذكاء الاصطناعي، منها ما يمتلك قدرات توليدية قادرة على كتابة النصوص وإنتاج الصور، بل وحتى محاكاة المشاعر. هذه النماذج، إذا تُركت دون رقابة قد تُستخدم في التزييف العميق والتحريض السياسي والتلاعب بالأسواق، أو حتى إدارة أنظمة أسلحة مُميتة ذاتيًا دون تدخل بشري مباشر.

وفي ظل هذه التحديات، بدأت بعض التكتلات مثل الاتحاد الأوروبي في وضع تشريعات تنظم الذّكاء الاصطناعيّ، مثل قانون الذّكاء الاصطناعيّ الأوروبي (AI Act)، الذي يُعد من أوائل المحاولات الجادة لتصنيف المخاطر وفرض معايير للشفافية والمساءلة وفق تكتلات سياسية واقتصادية والذي دخل حيز التنفيذ في أغسطس 2024م. كما تبنّت منظمة اليونسكو في عام 2021 توصيات أخلاقية بشأن الذّكاء الاصطناعيّ والتي ركزت على احترام حقوق الإنسان وتعزيز التنمية المستدامة. غير أن هذه المبادرات، رغم أهميتها تبقى ذات طابع إقليمي أو توجيهي غير ملزم للغير، مما يبرز الحاجة إلى كيان دولي يتمتع بصلاحيات أوسع.  وفي هذا السياق، حذرت دراسة صادرة عن جامعة أكسفورد ومراكز بحثية دولية من أن الاستخدامات الخبيثة للذكاء الاصطناعي ستتزايد بشكل خطير في غياب تنظيم دولي فعال.

وقد أكدت الدراسة- التي حملت عنوان The Malicious Use of Artificial Intelligence: Forecasting, Prevention, and Mitigation، والصادرة عن معهد مستقبل الإنسانية بجامعة أكسفورد (Future of Humanity Institute, University of Oxford)- على أن المخاطر تشمل التضليل الإعلامي، والتحكم الآلي في الأسلحة، والهجمات السيبرانية المتقدمة، داعية إلى إنشاء منظمة دولية تعزز التعاون بين الدول، وتضع أطرًا للوقاية والتخفيف من التهديدات المستقبلية. وإلى جانب التهديدات السياسية والأمنية، تناولت ذات الدراسة أيضًا أبعادًا اقتصادية مقلقة لاستخدامات الذكاء الاصطناعي الخبيثة، مشيرة إلى أن الذّكاء الاصطناعيّ قد يُستخدم في أتمتة الهجمات المالية والابتزاز الرقمي والتلاعب بالأسواق.

فقد أوضحت أنّ المهاجمين السيبرانيين يمكنهم استغلال تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل قواعد بيانات ضخمة وتحديد الأهداف بناءً على الثروة أو السلوك الشرائي، مما يسمح بشن هجمات موجهة بدقة على مؤسسات أو أفراد بعينهم. وتضيف أنّ انخفاض تكلفة تنفيذ مثل هذه الهجمات بفعل الأتمتة وسرعة انتشارها، قد يؤدي إلى اضطرابات اقتصادية على نطاق واسع وتهدد الاستقرار المالي خصوصًا في الدول ذات البنية الرقمية الهشة. بل إنّ الدراسة حذّرت من أنّ هذه الهجمات قد تضعف الثقة في الأنظمة المالية الرقمية وتُحدث خللًا في السوق العالمي نتيجة تكرار الهجمات المعتمدة على تزييف البيانات أو نشر المعلومات الكاذبة عبر شبكات ذكية تعمل بشكل ذاتي دون رقابة بشرية مباشرة. (Brundage et al., 2018)

إنّ إنشاء منظمة دولية تُعنى بتنظيم الذّكاء الاصطناعيّ، تحت مظلة الأمم المتحدة يكتسب أهمية متزايدة في الأوساط الأكاديمية والبحثية والاقتصادية والسياسية. هذه المنظمة من المفترض أن تضطلع بعدة مهام رئيسة، منها على سبيل المثال لا للحصر: وضع إطار تشريعي وأخلاقي ملزم ومراقبة التطبيقات العسكرية والأمنية والتجارية للذكاء الاصطناعي وتسهيل نقل التكنولوجيا للدول النامية بالإضافة إلى ضمان احترام الخصوصية والعدالة وعدم التمييز في خوارزميات التعلم الآلي. ومع ذلك، ربما قد تواجه الفكرة تحديات سياسية واقتصادية كبيرة، إذ تخشى بعض الدول الصناعية من أن يؤدي وجود منظمة رقابية إلى كبح جماح الابتكار أو التأثير على تفوقها التقني والاقتصادي. وتبرز هنا إشكالية تحقيق التوازن بين حرية التطوير من جهة، وضرورة التنظيم والحماية من جهة أخرى. وفي هذا السياق، يمكن الاستفادة من نماذج ناجحة لتعاون دولي قائم، مثل الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تنظم الاستخدام السلمي للطاقة النووية أو منظمة الصحة العالمية التي تدير التنسيق الصحي العالمي. فكما أنّ الطاقة النووية والصحة تمسان مصير البشرية، فإنّ الذّكاء الاصطناعيّ بات اليوم في صميم القرارات المصيرية والمجتمعية. إنّ إنشاء منظمة دولية للذّكاء الاصطناعيّ لا يُعد ترفًا تنظيميًا فحسب، بل ضرورة استراتيجية لحماية البشرية من انفلات تقني قد يؤدي إلى كوارث سياسية واقتصادية واجتماعية. فكلما تأخر العالم في وضع أسس مشتركة، زادت الفجوة بين الدول وتعاظمت المخاطر المحتملة.

والسؤال الذي ينبغي أن يُطرح على طاولة قادة الذّكاء الاصطناعيّ والمعنيين ليس "هل يجب أن ننظم الذّكاء الاصطناعيّ؟" بل "هل نستطيع أن نتحمل تكلفة عدم تنظيمه؟".

مقالات مشابهة

  • الثقافة والمعلوماتية وسؤال الذكاء الاصطناعي
  • حوادث وأصوات مزعجة وغياب للرقابة.. عدن تواجه شبح الدراجات النارية
  • احذر فخ “مرحباً أمي”.. خدعة واتساب المرعبة بتقنية الذكاء الاصطناعي
  • مدير عام شرطة السير يتفقد سير فعاليات أسبوع المرور بمدينة سيئون
  • إعفاء مدير صندوق حوادث السير تسبب في خسائر بالملايير.. وزير العدل يفجر قضية تبديد مال عام على المباشر
  • 22347 مخالفة بسبب الوقوف وسط الطريق 2024
  • منظمة دولية لتنظيم الذكاء الاصطناعي.. ضرورة عالمية؟!
  • «البابا» ترامب في الذكاء الاصطناعي
  • الباكري يفتتح معرض الصور التوعوي بمناسبة أسبوع المرور العربي بمأرب
  • تحولات سوق العمل في عصر الذكاء الاصطناعي