فشلت "قمة القاهرة للسلام"، التي احتضنتها العاصمة المصرية القاهرة بحضور عدة دول عربية وغير عربية السبت، في إصدار بيان ختامي حول الوضع المتدهور وغير المسبوق بقطاع غزة الفلسطيني، نتيجة العملية العسكرية الهمجية التي ينفذها الاحتلال الإسرائيلي ولم يسلم منها لا البشر ولا الحجر بالقطاع المحاصر.

فشل قمة السلام تجلى بشكل رئيسي في عدم إصدار بيان ختامي بسبب تباين المواقف بين الدول الأوروبية التي أصرت على إدراج عبارة تؤكد على ما تصفه "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها" و"إدانة المقاومة وحركة حماس"، في المقابل رفضت دول عربية المطالب الأوروبية، وأمام تباعد المواقف وإصرار كل طرف على موقفه كان القرار النهائي بعدم إصدار بيان ختامي.

وبخصوص أسباب فشل "قمة السلام" يرى حسني عبيدي، مدير مركز الدراسات حول العالم العربي والمتوسط، في تصريح لـ"الخبر"، أن مصر "رفعت سقف تطلعاتها عاليا دون مراعاة تعقيدات المشهد الفلسطيني. أرادت التوصل إلى اتفاق وقف القتال، لكن الغياب الملحوظ للعديد من الدول المهمة فضلا عن الاختلافات الحادة بين المشاركين حول شرعية الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي في الدفاع عن النفس حال دون إصدار بيان ختامي". وأبرز في هذا السياق أنه "ماعدا رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، لم تتم دعوة حماس ولم تحضر إسرائيل إلى المؤتمر وكان حضور الولايات المتحدة باهتا، ما نسف آمال المشاركين في التوصل إلى اتفاق".

وشاركت في "مؤتمر القاهرة للسلام"، الذي رفضت الجزائر حضوره، 31 دولة و3 منظمات دولية، حيث شارك كل من الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، ورئيس المجلس الأوروبي والأمين العام للجامعة العربية وقادة ومسؤولين من فلسطين وقطر والسعودية والإمارات والبحرين والكويت والعراق والمغرب وبريطانيا وإيطاليا وإسبانيا وقبرص والنرويج وتركيا والبرازيل ومبعوثين خاصين لكل من الولايات المتحدة والصين.

وفي قراءته لخلفيات تباين المواقف الذي ظهر جليا منذ بداية المؤتمر، أوضح الدكتور حسني عبيدي أنه "منذ بداية المؤتمر، اقترح الرئيس المصري خارطة طريق لتقديم مساعدات إنسانية مستدامة إلى قطاع غزة ووقف إطلاق النار بين الجانبين ورفع الحصار المفروض على قطاع غزة واستئناف المناقشات السياسية" لتؤدي "إلى حل الدولتين داخل حدود عام 1967 مع القدس الشرقية عاصمة فلسطين".

لكن في المقابل، غالبية الممثلين الأوروبيين رفضوا البت في هذا الموضوع وتمسكوا بحق "إسرائيل في حماية نفسها بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر ودعوا إلى وصف حماس بأنها منظمة إرهابية"، حسب ما ذهب إليه المتحدث الذي أكد أنه "كان من الصعب على مصر أن تحقق أدنى اختراق في زمن قياسي لا يتجاوز ساعات معدودات".

وفي قراءته للأسباب التي دفعت الجزائر لرفض المشاركة في المؤتمر، حيث رفضت حضور القمة، يقول الدكتور حسني عبيدي إن الجزائر رأت "أن قمة القاهرة تعقد في زمن قياسي ولم يحضر لها كما ينبغي لتكون في مستوى تطلعات الشعب الفلسطيني، خاصة في مواجهة موقف غربي متماسك ومتحيز للموقف الإسرائيلي".

وأوضح المتحدث في هذا السياق أن "المقاربة الجزائرية تتبنى موقف السلطة الفلسطينية وترفض تجزئة الموقف الفلسطيني من خلال ضرب فصيل بفصيل ثان"، كما أن الجزائر وفق تقديره "ترى في أن الموقف العربي مبعثر ومنقسم على نفسه، خاصة منذ تطبيع دول عربية مع إسرائيل دون مراعاة الموقف الفلسطيني ومخالفة مبدأ وحدة الصف الذي تستغله إسرائيل والدول الغربية".

وأكد مدير مركز الدراسات حول العالم العربي والمتوسط أن "حضور الجزائر حتى على مستوى وزاري يمكن أن يقرأ كتكريس للوضع الحالي وقبول به، ففضلت عدم الحضور لعدم شرعنة الاحتلال وللتعبير عن تحفظها ومعارضتها للإدارة الحالية للصراع العربي الإسرائيلي من قبل بعض الدول العربية".

ومعلوم أن اجتماع القمة لوزراء الخارجية العرب أظهر حجم تباين مواقف الدول العربية نفسها حول الوضع في غزة، ما دفع عدة دول إلى التحفظ على البيان الختامي الذي ساوى بين الضحية والجلاد، ما أعطى نكهة لما ستكون عليه مخرجات "قمة القاهرة للسلام".

إن فشل "قمة القاهرة للسلام" أظهر صواب موقف الجزائر التي رفضت المشاركة، لإدراكها أن المؤتمر بتركيبته وأجندته والظرفية التي انعقد فيها لن يقدم شيئا للفلسطينيين، بل على العكس أضر بالشعب الفلسطيني وبمعنوياته في هذا الظرف الحالك الذي يمر به.

 

المصدر: الخبر

كلمات دلالية: قمة القاهرة للسلام فی هذا

إقرأ أيضاً:

دمار غير مسبوق و34 مصابا.. ما الذي نعرفه من هجوم إيران على إسرائيل

بعد 18 ساعة على بدء الهجوم الإسرائيلي الواسع عليها، شنت إيران مساء اليوم هجومين صاروخين على إسرائيل، عبر عشرات أو ربما مئات الصواريخ البالستية، في أكثر هجوم إيراني قوة على إسرائيل.

وعلى الفور أكد الحرس الثوري الإيراني تنفيذ هجمات على عشرات الأهداف في إسرائيل بينها "مراكز عسكرية وقواعد جوية للنظام الصهيوني الغاصب"، ونقلت رويترز عن مسؤول إيراني قوله "لن يكون هناك أي مكان آمن في إسرائيل.. وانتقامنا سيكون مؤلما. العدو الصهيوني سيدفع ثمنا باهظا لقتله قادتنا وعلماءنا وأبناء شعبنا".

في المقابل، ما زالت إسرائيل تتكتم على حج الخسائر جراء الضربة الإيرانية. حيث دعا الجيش الإسرائيلي، السكان إلى عدم نشر أو مشاركة مواقع وفيديوهات عن أماكن سقوط الصواريخ الإيرانية.

وأضاف في بيان أن "العدو يراقب هذه التوثيقات من أجل تحسين قدراته الهجومية".

وأُطلقت إيران على الهجوم اسم "عملية الوعد الصادق 3″، علما بأن هجومين إيرانيين سابقين أطلق عليهما نفسم الاسم تقريبا، أحدهما (الوعد الصادق1)، ونفذ في أبريل/نيسان 2024، بينما أطلق على الثاني الوعد الصادق 2 ووقع في أكتوبر/تشرين الأول 2024.

فما الذي جرى، وما هي أهم المواقع التي استهدفها القصف الإيراني، وما أهم الخسائر المعروفة حتى الآن.

إعلان الخسائر البشرية

بعيد الهجوم الإيراني بوقت قصير، أكدت هيئة البث الإسرائيلية أن 17 شخصا أصيبوا بسبب القصف الصاروخي الإيراني، دون أن تتحدث عن طبيعة هذه الإصابات، وهل هي خطيرة أم طفيفة.

ولاحقا، أفادت نجمة داود الحمراء (الإسعاف الإسرائيلي) بارتفاع حصيلة المصابين جراء سقوط صواريخ في وسط إسرائيل إلى 21 من بينهم اثنين في حالة وصفت بالخطيرة.

كما أكدت نجمة داود الحمراء وجود عالقين داخل مبنى في تل أبيب جراء سقوط صاروخ أطلق من إيران.

دمار غير مسبوق

أكد قائد شرطة لواء تل أبيب أن ما جرى (يقصد الهجوم الإيراني) يمثل حدثا كبير شمل عددا كبيرا من المواقع، وأن قوات الإنقاذ تحاول الوصول لمحتجزين.

وقال إن قوات الإنقاذ تحاول الوصول إلى محتجزين داخل ملاجئ مغلقة.

وأضاف أن المنطقة تعرضت لعدة أنواع من الصواريخ، وأن هناك مبان انهارت وأخرى دمرت فيها طوابق كاملة.

ومن جهتها، أفادت القناة 13 الإسرائيلية بأن "دمارًا غير مسبوق" لحق بمنطقة تل أبيب الكبرى، حيث تعرضت عشرات المباني والمركبات لأضرار مباشرة بفعل الصواريخ الإيرانية أو شظايا الصواريخ الاعتراض.

9 مناطق تعرضت للصواريخ

وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فقد تعرضت 9 مناطق في إسرائيل للاستهداف من الصواريخ البالستية الإيرانية.

وأظهرت مشاهد بثتها وسائل إعلام إسرائيلية وفلسطينية سحب دخان كثيفة تتصاعد من قلب تل أبيب، فيما دوّت صفارات الإنذار في معظم أنحاء البلاد، بما في ذلك القدس وحيفا وبئر السبع، وسط حالة من الذعر العام.

وأكدت الشرطة الإسرائيلية أنها تتعامل مع "مواقع متعددة" سقطت فيها صواريخ وشظايا، بينما دعا الجيش الإسرائيلي السكان إلى التزام الملاجئ وعدم مغادرتها حتى إشعار آخر.

الإجراءات الإسرائيلية

مع اقتراب الصواريخ والمسيرات الإيرانية من إسرائيل، تم تفعيل جميع أنظمة الدفاع الجوي فورا، بما في ذلك القبة الحديدية (للهجمات الصاروخية القصيرة المدى) وأنظمة أخرى لاعتراض الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة.

إعلان

وتم تفعيل أجهزة إنذار سقوط الصواريخ في تل أبيب والقدس ومناطق داخل إسرائيل، ووُجه السكان إلى الملاجئ فورا.

وأكدت مصادر إسرائيلية أن أنظمة الدفاع الصاروخي الإسرائيلية أطلقت عشرات الصواريخ في محاولة لاعتراض الهجوم.

وقال مسؤول إسرائيلي إن القوات الأميركية تساعد إسرائيل أيضا في اعتراض الصواريخ القادمة.

مقالات مشابهة

  • لهذه الأسباب.. مصر تعلن تأجيل الافتتاح الرسمي للمتحف الكبير
  • دمار غير مسبوق و34 مصابا.. ما الذي نعرفه من هجوم إيران على إسرائيل
  • خبراء يقيّمون للجزيرة نت موقف حزب الله من قصف إسرائيل لإيران
  • أردوغان ينتقد إسرائيل بشدة: “يجب وضع حد لهذه البلطجة”
  • بلحاج لـعربي21: إسرائيل ضربت الأمة لا إيران.. وصمت الأنظمة العربية لن يحميها
  • نذير لكناوي: “مولودية الجزائر أحسنت الاستثمار في الأخطاء التي ارتكبناها”
  • لهذه الأسباب.. تناول السمك مرة في الأسبوع
  • من هو محمد حسين باقري رئيس الأركان الإيراني الذي اغتالته إسرائيل؟
  • ما الذي حققه هجوم إسرائيل على قلب إيران النووي؟
  • مزيان يُحذر من حملة السطو الممنهجة التي تقودها أطراف معينة للمساس بكينونة الجزائر