من القاهرة إلى غزة.. ملحمة مصرية لدعم الأشقاء
تاريخ النشر: 26th, October 2023 GMT
من يريد أن يتنبأ بالمستقبل عليه أن يستشير الماضى، وأن يتعلم من دروس التاريخ؛ لذلك أدعو شعوبنا العربية والإسلامية إلى إعادة قراءة التاريخ والاستفادة منه، خاصة عندما يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية تلك القضية التى يرجع عمرها إلى 75 عاما، وتحديدا نكبة عام 1948 عندما احتلت الحركة الصهيونية بدعم من الغرب معظم أراضى فلسطين، وقاموا بطرد ما يقدر بـ 750 ألف فلسطينى وتحويلهم إلى لاجئين، بعد أن ارتكبوا بحقهم عشرات المجازر والفظائع وأعمال النهب، وهدم أكثر من 500 قرية وتدمير المدن الفلسطينية الرئيسية وتحويلها إلى مدن يهودية.
واليوم يتكرر نفس السيناريو بنفس التفاصيل جرائم إسرائيلية تصل إلى حد التطهير العرقى ترتكب ضد سكان قطاع غزة لإجبارهم على النزوح جنوبا نحو شبه جزيرة سيناء، لكى تتمكن دولة الاحتلال من تصفية القضية الفلسطينية تماما، فضلا عن تنفيذ مخططاتها التوسعية، وهو ما أدركته الدولة المصرية منذ اليوم الأول لبدء التصعيد الإسرائيلى، معلنة رفضها لتهجير الفلسطينيين لما فى ذلك من خطورة على مستقبل القضية الفلسطينية وضياع كفاح أجيال من الشعب الفلسطينى دفعت ثمنا باهظا من أجل الوصول إلى حلم الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف، وهو ما يتطلب وعيًا وإدراكًا كبيرًا لأبعاد المخطط الصهيونى الذى قررت حكومة نتنياهو بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية والغرب تنفيذه الآن، بتصدير الأزمة إلى دول الجوار وحرمان الشعب الفلسطينى من أرضه وحقوقه.
والحقيقة أن الشعب المصرى أثبت أنه على قدر كبير من الوعى فى توجيه رسالة إلى العالم أن الشعب المصرى فى وقت الأزمات يصبح واحدًا مهما تنوعت الآراء والاتجاهات والأيديولوجيات، لذلك خرج الشعب المصرى بالملايين فى جميع ميادين الجمهورية ليعلن للعالم رفض المصريين لتهجير سكان غزة، مطالبين بالتصدى لآلة الحرب التى تقضى على الأخضر واليابس دون مراعاة لحقوق المدنيين، لتعيد تعريف الإنسانية فى العالم من جديد، الإنسانية المقيدة باللون والعرق والدين، فالدم الفلسطينى ليس كالإسرائيلى، ليستيقظ العالم على أكاذيب العالم الأول الذى استأثر لنفسه بحق الدفاع عن حقوق الإنسان فى العالم لينهار كل ذلك عندما يصبح الدم عربيًا فلسطينيًا.
واستكمل الشعب المصرى انتفاضته بإطلاق حملات التبرع بالدم، وتجهيز المساعدات الإنسانية والإغاثية التى تحركت إلى معبر رفح، ليخوض شباب مصر ملحمة كبيرة على أبواب المعبر حيث أعلنوا الاعتصام حتى دخول المساعدات إلى سكان قطاع غزة، بعد إصرار الاحتلال الإسرائيلى على منع دخولها، وتعمده قصف معبر رفح من الجانب الفلسطينى لتعطيل دخول المساعدات، إلا أن الدولة المصرية لم تقف مكتوفة الأيدى فقد مارست كل أشكال الضغط من أجل السماح بدخول المساعدات، بعد تدنى الأوضاع الإنسانية والإعلان عن انهيار المنظومة الصحية داخل القطاع فى ظل نفاد جميع الأدوات الطبية والأدوية.
ولا يخفى على أحد حجم الجهود المبذولة من جانب مصر وعدد قليل من القوى الإقليمية من أجل وقف القصف الإسرائيلى على قطاع غزة، وإدانة الجرائم التى ارتكبتها إسرائيل، فحق الإنسان الفلسطينى ليس مستثنىً ممن شملتهم قواعد القانون الدولى الإنسانى أو الاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، هذا ولن يتزحزح الشعب المصرى يوما عن دعم الحقوق الفلسطينية، وأن اللجوء إلى طاولة المفاوضات هو الخيار المناسب لجميع الأطراف لوقف نزيف الدماء والحفاظ على أمن واستقرار المنطقة، لذلك على العالم الانحياز إلى حل الدولتين وفقا لمقررات الأمم المتحدة فى هذا الشأن.
مصر تواصل توجيه الدروس التاريخية للعالم كله، تؤدى واجبها فى الدفاع عن القضية الفلسطينية بكل ما أوتيت من قوة، فهى ضمير العالم العربى، ولم ولن تتخلى يوماً عن دعم حقوق الشعب الفلسطينى، لذلك هذا موقف القيادة السياسية التى ترفض تصفية القضية الفلسطينية على حساب دول الجوار، وترفض التهجير القسرى للفلسطينيين، لذلك خرج الشعب المصرى بكافة أطيافه معلنا دعم الدولة وقيادتها فى اتخاذ أى إجراءات وتدابير لحماية الأمن القومى المصرى ودعم القضية الفلسطينية، وهذا معدن الشعب المصرى العظيم، وهذا قدر الدولة المصرية أن تكون أم الدنيا وضمير الوطن العربى.
عضو مجلس الشيوخ
عضو الهيئة العليا لحزب الوفد
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: دروس التاريخ المدن الفلسطينية شبه جزيرة سيناء القضیة الفلسطینیة الشعب المصرى
إقرأ أيضاً:
محمد عبد اللاه: عودة القضية الفلسطينية للساحة الدولية نتيجة الدور المصري
أكد الدكتور محمد عبد اللاه، رئيس جامعة الإسكندرية الأسبق ورئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب سابقًا، أن عودة القضية الفلسطينية إلى الساحة الدولية يعود الفضل فيها إلى الدور المصري بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، مشددًا على أن موقف مصر الرافض لتهجير الفلسطينيين كان حاسمًا ومبدئيًا.
مفاوضات السلامواستعاد "عبد اللاه" خلال حواره مع الإعلامي نشأت الديهي ببرنامج "بالورقة والقلم" المذاع عبر فضائية "TeN"، مساء السبت، موقفًا تاريخيًا جمع الرئيس الراحل أنور السادات مع رئيس وزراء الاحتلال مناحيم بيجن، خلال مفاوضات السلام، حيث قال بيغن إن إسرائيل مستعدة لمنح غزة لمصر، إلا أن الرئيس السادات رفض ذلك بقوة، مؤكدًا أن غزة يجب أن تعود للفلسطينيين وحدهم.
وأضاف "سألتُ الرئيس السادات لاحقًا عن سبب رفضه، فقال إن غزة قنبلة موقوتة، وإذا أخذناها سيتهموننا أننا سرقنا أرض الفلسطينيين، ولذلك قالها بصراحة: خذوها ودوها لأصحابها".
كما تطرق إلى لقاء جمعه في وقت سابق مع الرئيس الإسرائيلي الراحل شيمون بيريز، الذي عاتبه على تعامل مصر مع الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات، فأجابه "عرفات هو ممثل السلطة الفلسطينية الشرعي"، لافتا إلى أن بيريز أبلغه لاحقًا بأن قيام دولة فلسطينية مرهون باتفاق الفلسطينيين فيما بينهم أولاً.
وأشار إلى أنه نقل تلك التفاصيل للرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، الذي أبدى استغرابه من تلك التصريحات، مشيرًا إلى أن التطورات اللاحقة شهدت بروز تنظيم ذو صبغة إسلامية بدأ في مهاجمة ياسر عرفات وحركة فتح، في سياق واضح لضرب الوحدة الفلسطينية.