القدس المحتلة- لا شيء في القدس بقي على حاله بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، فلا التعليم ولا العمل انتظما، ولا روتين الحياة اليومية سار بشكل طبيعي، لكن الأصعب هو الشعور بانعدام الأمن في ظل تعامل السلطات الإسرائيلية مع المقدسيين بسياسة الحديد والنار، فهل تكون المدينة حاضرة في أي اتفاق قادم بين حركة المقاومة الإسلامية "حماس" وإسرائيل لإنهاء الحرب؟

ومنذ إطلاق معركة "طوفان الأقصى"، في السابع من أكتوبر، بات إجراء المقابلات الصحفية للحديث عن الانتهاكات اليومية في القدس، أمرا شبه مستحيل، لأن من يتحدث عما تعرض له يعاقب من جديد بشكل أقسى.

وداخل سور القدس التاريخي تزداد الصورة قتامة مع انتشار الجيش والشرطة والقوات الخاصة في الأزقة على مدار الساعة، وينكل هؤلاء بالمارة والسكان بدءا من توقيفهم وتفتيشهم وليس انتهاء بضربهم وإرغامهم على فتح هواتفهم وتفتيشها ومعاقبتهم على أي محتوى لا يروق للجنود بداخلها.

يعبر المقدسيون عن مخاوفهم في مجموعات تطبيق "واتساب" أحيانا، فيتحدث أحدهم، ممن بقي على رأس عمله حتى الآن، عن وقوفه على بُعد أمتار من أحد أبواب البلدة القديمة وخشيته من دخولها نحو منزله ليلا بعد انتهاء عمله خوفا من استفراد الجنود به.

بينما يتحدث غيره عن بحث إمكانية وفرص التوصل إلى آلية يرفض المقدسيون من خلالها بشكل جماعي انتهاك الخصوصية الجديد المتمثل بفتح الهواتف المحمولة وتفتيشها.

إجراءات مشددة للاحتلال على أبواب القدس منذ 3 أسابيع ولا يسمح لغير سكان البلدة القديمة بدخولها (الجزيرة) انتهاكات غير مسبوقة

تسجل كافة هذه الانتهاكات إلى جانب التضييق الخانق على المسجد الأقصى ورواده ومنع المصلين من الوصول إليه والصلاة في رحابه، وبالتزامن مع ذلك لم تتوقف جماعات الهيكل المتطرفة عن حث أنصارها على اقتحامه وأداء الصلوات فيه.

ورغم أن الاقتحامات سجلت انخفاضا ملموسا خاصة في الأيام الثلاثة الأولى من الحرب، فإن الجماعات المتطرفة لم تتوانَ في حشد أنصارها عبر العديد من الإعلانات التي رصدت الجزيرة نت أبرزها.

فقد عممت جماعات الهيكل على أنصارها بضرورة اقتحام الأقصى فور انطلاق الحرب، وجاء في دعوتها "الجواب الصهيوني المناسب هو الدخول الحر لليهود إلى جبل الهيكل".

كما دعت جماعات الهيكل إلى إغلاق المسجد الأقصى بوجه المسلمين حتى إطلاق سراح كافة الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة، وقالت "لا بد من إغلاق جبل الهيكل تماما في وجه المسلمين حتى يعود آخر مختطف إسرائيلي إلى إسرائيل".

ونشر المتحدث باسم "اتحاد منظمات الهيكل" أساف فريد صورة لميدالية زجاجية قال إنها تحتوي على غبار من الحفريات غربي المسجد الأقصى قرب حائط البراق، مضيفا أنه احتفظ بها ووزعها على جنود فرقته لأنها حافز "للقتال والنصر".

كما نشرت إحدى منظمات الهيكل صورة لمصلى قبة الصخرة المشرفة مطالبة بتسريع هدم المسجد الأقصى وإقامة الهيكل مكانه وكتبت عليها "سنؤذيهم بأغلى ما لدى حماس".

تغطية صحفية: قوات الاحتلال تنتشر حواجز في محيط وداخل البلدة القديمة في القدس المحتلة لمنع الفلسطينيين من الوصول إلى المسجد الأقصى. pic.twitter.com/I0NHHqS6rf

— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) October 27, 2023

قضية جامعة

وعند سؤاله: القدس والأقصى إلى أين في ظل هذا الواقع؟ أجاب الباحث المختص في الشأن الإسرائيلي عادل شديد أنه لم يكن من الفراغ تسمية المعركة الحالية بـ"طوفان الأقصى" وبتفصيل ما يتعرض له هذا المقدس من انتهاكات وتدنيس.

كما أن هذه المدينة ومسجدها باتا القضية الوحيدة الجامعة للكل الفلسطيني بعد فشل اتفاقية أوسلو ومسار المفاوضات والسلام، ومن هنا جاء التفاف غالبية الرأي العام الفلسطيني حول معركة "طوفان الأقصى" خاصة أن القائد العام لكتائب عز الدين القسام محمد الضيف أوضح أن أحد أهداف المعركة وقف ما يتعرض له المسجد الأقصى، وفقا لشديد.

وبالتالي "فإنه لا يمكننا القول القدس والأقصى إلى أين؟ بل الشرق الأوسط إن لم يكن العالم كله بعد السابع من أكتوبر إلى أين؟ لأن ما بعده لن يكون كما قبله".

وفي التفاصيل تساءل الباحث شديد هل ستبقى منظمة التحرير الفلسطينية وقيادتها الحالية متحدثة باسم الفلسطينيين بعد هذه الحرب؟ وأجاب: بالتأكيد لا، لأن كل شيء تغيّر، مشيرا إلى أن القدس والأقصى "سيحضران حتما في أي اتفاق لوقف إطلاق النار".

يواصل عشرات المستوطنين اقتحامهم لـ #المسجد_الأقصى في ظل إغلاق قوات الاحتلال المسجد أمام المصلين منذ السابع من أكتوبر الجاري، ومنع جميع المصلين باستثناء كبار السن من سكان البلدة القديمة من الوصول للأقصى.

شاهد المزيد: https://t.co/vnX3VH9Dsr pic.twitter.com/gXP5btELjE

— الجزيرة نت | قدس (@Aljazeeraquds) October 29, 2023

حضور بعد تغييب

وعمّا إذا كانت القدس حاضرة في تغطية وسائل الإعلام الإسرائيلية، أكد شديد أن اقتحام المقاومة الفلسطينية لغلاف غزة ومستوطناته سرق كل الأنظار، ولم يعد أحد يلتفت إلى القضايا الأخرى بما فيها الضفة الغربية والقدس والمسجد الأقصى نتيجة قوة الحدث في القطاع ومحيطه.

وتابع: "لاحظنا أيضا ضعف استجابة المستوطنين مؤخرا لمطالبات جماعات الهيكل، ويبدو أن الرسالة وصلت لجزء منهم بأن استمرار اقتحام الأقصى بهذا الشكل سيؤدي إلى إشعال المنطقة".

وأضاف الباحث المختص بالشأن الإسرائيلي أن المواقف الضعيفة للسلطة الفلسطينية والحكومة الأردنية وغياب الموقف العربي الرسمي الرادع لما يحدث، واقتصاره على الشجب والاستنكار هو ما أوصل الأمور إلى ما وصلت إليه قبل معركة "طوفان الأقصى".

وتابع أن هذا أدخل المنطقة كلها بالزمن الإسرائيلي الذي أعاد رسم المنطقة وتحديدا القدس بما ينسجم مع مصالحه، لكن الأمور اختلفت الآن بما يحتّم وجود القدس والمسجد الأقصى في اتفاقية وقف إطلاق النار المستقبلية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: السابع من أکتوبر البلدة القدیمة المسجد الأقصى جماعات الهیکل طوفان الأقصى

إقرأ أيضاً:

دولة جديدة على خط النار: ملاجئ تُفعّل مع تصاعد شبح الحرب بين إسرائيل وإيران

صورة تعبيرية (وكالات)

في مشهد يُنذر بتوسع دائرة الحرب، أعلنت السلطات القبرصية، اليوم الأحد، عن تفعيل تطبيق إنذار مبكر يوفّر معلومات فورية للسكان عن أقرب الملاجئ، تحسباً لأي طارئ عسكري محتمل، مع تصاعد التوترات بين إسرائيل وإيران.

التحرك المفاجئ يعكس حجم القلق الذي يخيّم على الجزيرة الواقعة شرق المتوسط، في وقت يتزايد فيه الحديث عن إمكانية تحوّل قبرص إلى هدف إيراني محتمل، نظراً لاحتضانها قواعد عسكرية بريطانية لطالما استُخدمت في عمليات ذات طابع استراتيجي.

اقرأ أيضاً انفجار نقدي: الدولار يتجاوز 2600 ريال في عدن والريال اليمني يلفظ أنفاسه 15 يونيو، 2025 "ضربنا قلب المشروع النووي".. نتنياهو يكشف ما لم يُعلَن من قبل 14 يونيو، 2025

وذكرت وزارة الداخلية القبرصية أن الجزيرة تضم نحو 2200 ملجأ وغرفة طوارئ، يجري حالياً تعزيزها وتجهيزها ضمن خطة احترازية شاملة. وتُرافق هذه الخطوات تحركات أمنية موسّعة لرفع مستوى الجاهزية.

الأنظار تتجه نحو قاعدة "أكروتيري" البريطانية غرب ليماسول، والتي تبعد أقل من 300 كيلومتر عن شمال إسرائيل. وتُعد هذه القاعدة واحدة من أبرز البؤر العسكرية التي يُحتمل أن تكون على قائمة الأهداف في أي تصعيد إقليمي، خصوصاً مع تصاعد التهديدات الإيرانية.

وفي خطوة داعمة، أعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر عن إرسال مقاتلات "تايفون" إلى الجزيرة، دون الخوض في تفاصيل بشأن الدعم العسكري لإسرائيل، مكتفياً بالقول إن "الوضع يتطور بسرعة".

بالتزامن، كشفت إذاعة "RIK" القبرصية أن شركات طيران إسرائيلية قامت بنقل طائراتها إلى مطارات قبرص كإجراء احترازي، في ظل مخاوف من استهداف مباشر داخل إسرائيل. وفي المقابل، شددت السلطات القبرصية إجراءات الأمن في مطاري لارنكا وبافوس.

تأتي هذه التطورات في وقت يزداد فيه احتمال اتساع رقعة المواجهة بين إسرائيل وإيران لتشمل أطرافًا إقليمية أخرى، ما دفع قبرص إلى التحرك وكأن الحرب باتت على الأبواب.

مقالات مشابهة

  • إيران طلبت من عدة دول حث ترامب على الضغط على إسرائيل لوقف إطلاق النار
  • جبل المكبر.. صرخة الهوية الفلسطينية من تلة عمر إلى جدران الحصار
  • تنديد فلسطيني بإغلاق الأقصى وخنق القدس بذريعة الحرب بين إسرائيل وإيران
  • حماس تُعقّب على استمرار إغلاق المسجد الأقصى لليوم الرابع على التوالي
  • إيران تبلغ الوسطاء رفضها التفاوض على وقف إطلاق النار مع إسرائيل
  • دولة جديدة على خط النار: ملاجئ تُفعّل مع تصاعد شبح الحرب بين إسرائيل وإيران
  • هذا شرط إيران لوقف إطلاق الصواريخ على إسرائيل
  • صواريخ إيرانية فوق المسجد الأقصى
  • ماذا حدث في القدس تزامنا مع المواجهة الإسرائيلية الإيرانية؟
  • سمير فرج: إيران قد تلجأ لورقة هرمز والاتصالات الدولية لوقف إطلاق النار تبدأ خلال أيام.. فيديو