هل يجوز نشر الإسلام بالقوة ؟.. علي جمعة يفند أكذوبة التصقت بالفتوحات
تاريخ النشر: 30th, October 2023 GMT
هل يجوز نشر الإسلام بالقوة ؟ سؤال يكثر البحث عن جوابه، خاصة في ظل ما يشاع من أن الإسلام انتشر بحد السيف، وهي أكذوبة فندها الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف من خلال صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”.
هل يجوز نشر الإسلام بالقوة ؟وقال علي جمعة إن الصحابة الكرامة على نهج رسولهم الأمين ﷺ ، واقتفوا أثره، فإذا كان النبي ﷺ قرآنا يمشي على الأرض فإن أصحابه كانوا سنة تمشي على الأرض، وعلى ذلك تبعهم التابعون، ومن بعدهم حتى وصل إلينا الدين غضًا سمحًا.
وتابع: واصل الصحابة الكرام مسيرة نبيهم ﷺ في نشر الإسلام، والدعوة إلى الله على بصيرة، وبالحكمة والموعظة الحسنة، وكانوا لا يلجئون إلى القتال إلا إذا فرض عليهم من قوى العالم المتجبرة.
وشدد على جمعة أن المسلمون لم ينشروا دينهم بالسيف، وقد شهد بذلك المنصفون من أبناء الحضارة الغربية، فهذا المستشرق الفرنسي جوستاف لوبون في كتابه حضارة العرب - وهو يتحدث عن سر انتشار الإسلام في عهده ﷺ وفي عصور الفتوحات من بعده - : (قد أثبت التاريخ أن الأديان لا تفرض بالقوة... ، ولم ينتشر القرآن إذن بالسيف بل انتشر بالدعوة وحدها ، وبالدعوة وحدها اعتنقته الشعوب التي قهرت العرب مؤخرا كالترك والمغول، وبلغ القرآن من الانتشار في الهند التي لم يكن العرب فيها غير عابري سبيل ما زاد عدد المسلمين على خمسين مليون نفس فيها).
وأكمل: نسجل شهادة الكاتب الغربي الذي يدعى (توماس كارليل) ، حيث قال في كتابه «الأبطال وعبادة البطولة» ما ترجمته :« إن اتهامه ـ أي سيدنا محمد ـ بالتعويل على السيف في حمل الناس على الاستجابة لدعوته سخف غير مفهوم ؛ إذ ليس مما يجوز في الفهم أن يشهر رجل فرد سيفه ليقتل به الناس ، أو يستجيبوا له ، فإذا آمن به من يقدرون على حرب خصومهم ، فقد آمنوا به طائعين مصدقين ، وتعرضوا للحرب من غيرهم قبل أن يقدروا عليها
وأكد علي جمعة أن من يقرأ التاريخ ويلاحظ انتشار الإسلام على مر العصور يعلم أن الإسلام لم ينتشر بالسيف، بل انتشر بطريقة طبيعية لا دخل للسيف ولا القهر فيها، وإنما بإقامة العائلات بين المسلمين وغيرهم وعن طريق الهجرة المنتظمة من داخل الحجاز إلى أنحاء الأرض.
في حين، انتقد فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس حكماء المسلمين مقولة : أن الإسلام انتشر بالسيف، ووصفها بأكذوبة يدحضها الواقع و التاريخ وسيرة النبي –صلى الله عليه وسلم- كما أن كلمة السيف لم ترد في القرآن الكريم وليست من مفرداته.
وقال الإمام الأكبر إن كتاب الله نزل في مجتمع تقوم فلسفته الاقتصادية والاجتماعية وعلاقاته على السيف ومنطق السيف، ومع ذلك لا يشير إلى السيف على الإطلاق بل أدوات القتال كلها لم يرد منها إلا الرمح مرة واحدة في قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ"، وقد ورد (الرمح) هنا للتحذير من قتل الصيد في حالة أن تكون محرمًا وفى حالة أن تلقاه في الحرم، وليس للتحريض على قتال المشركين.
وأوضح أن لفظ الحرب ذكر في القرآن الكريم بمشتقاتها 6 مرات في مقابل ذِكر السلام 146 مرة، وهذا يدل على أن مفردات القرآن الكريم تكره الحرب وتكره ذكر أدواتها، مشيرًا إلى أنه مع كثرة أسماء السيف في اللغة العربية وزيادتها عن ألف اسم كما في "تاج العروس"، لم تُذكر أي من هذه الأسماء في القرآن الكريم لا مفردة ولا مثناة ولا مجموعة.
وبين فضيلة الإمام الأكبر في برنامج (الإمام الطيب) الذي تمت إذاعته خلال شهر رمضان على التليفزيون المصري وعدد من القنوات الفضائية الأخرى، أن الحديث الذي يَتذرَّع به الذين يدعون أن الإسلام انتشر بالسيف: "بُعِثْتُ بين يَدَيِ السَّاعة بالسَّيف، حتى يُعبَدَ اللهُ وحدَه لا شريك له، وجُعِلَ رِزْقي تحت ظلِّ رُمْحي، وجُعِلَ الذَّلُّ والصَّغار على مَنْ خالَف أمري، ومَنْ تَشَبَّهَ بقومٍ فهو منهم" فقد رواه الإمام أحمد في مسنده الذي يشتمل على أحاديث صحيحة و حسنة و ضعيفة بل وأحاديث موضوعة.
كما يتعارض متن الحديث مع أكثر من مائة آية في القرآن الكريم تؤكد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعث بالسلام، قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)، وقال-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ" ومَن قال هذا الكلام لا يمكن أن يقول بعد ذلك : "بُعِثْتُ بين يَدَيِ السَّاعة بالسَّيف..".
أعرب الطيب عن أسفه لاستخدام كثير من جماعات العنف المسلح مفردات دار الإسلام ودار الكفر أو دار الحرب في خطابها التي تروج فيه للعنف، رغم أن هذه المفردات تأتى في إطار القراءة في كتب التراث التي تقسم العالم أو المعمورة -على حد تعبير بعض المستشرقين- إلى دارين.
أكد الامام الأكبر أن القرآن الكريم والسنة المطهرة و أقوال الصحابة الكرام لم يرد فيها مثل هذا التقسيم، بل جاء -هذا التقسيم- من الأحكام التي أنشأها واقع معين، ولذلك يجب التفريق بين الأحكام التي أنشأها فقه الواقع وبين فقه النص، إذ فقه الواقع دائما لا يعتمد على نص؛ لأنه مرتبط بحادثة معينة.
ونوه بأن العلاقات الدولية كانت في فوضى في ذلك الوقت والحروب كانت تنطلق من منطق "إن لم أقض عليك سوف تقضى عليَّ" وهذا المنطق أضر بالمسلمين؛ لأن الجميع آنذاك كانت يتربص بالإسلام، وفي هذا الجو نشأت هذه التسمية (دار الإسلام ودار الحرب) لكن الواقع تغير وانقلب رأسًا على عقب.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: نشر الاسلام الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر القران الكريم فی القرآن الکریم نشر الإسلام أن الإسلام علی جمعة
إقرأ أيضاً:
بعد تصريحات ليلى طاهر.. رأي الأزهر والإفتاء في فرضية الحجاب
أثارت تصريحات الفنانة ليلى طاهر بشأن عدم اقتناعها بفرضية الحجاب جدلًا واسعًا، بعد أن أعلنت صراحة أنها لا تؤمن بأن تغطية الشعر واجبة دينيًا، معتبرة أن الآيات لا تشير بشكل مباشر إلى غطاء الرأس، وأن الحجاب في القرآن يُفهم على أنه "حاجز" وليس "غطاء".
وأكد الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية، على أن الحجاب فريضة شرعية على كل فتاة مسلمة بلغت سن التكليف، وليس مجرد خيار شخصي أو مظهر اجتماعي.
رأي شيخ الأزهر
قال الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، في لقاء تليفزيوني إن الحجاب – بمعنى تغطية شعر الرأس – هو أمر وارد في القرآن الكريم، وأجمعت عليه الأمة الإسلامية، موضحًا أن المرأة التي لا ترتدي الحجاب لا تُعد خارجة عن الإسلام، لكنها تكون قد ارتكبت معصية، والمسألة محسومة شرعًا وليست محل نزاع فكري أو اجتماعي كما يروّج البعض.
وشدد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية على أن الحجاب فريضة شرعية، بدليل صريح من القرآن الكريم، ومنه قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ) [الأحزاب: 59]، وقوله تعالى: (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) [النور: 31].
وأوضح المركز أن "الخمار" في لغة العرب هو غطاء الرأس، ودلالة الآيات واضحة وصريحة ولا تحتمل التأويل.
رأي دار الإفتاء
وأكدت دار الإفتاء المصرية، أن الحجاب فرض على كل امرأة مسلمة بلغت سن الحيض، وهو واجب بنصوص قطعية الثبوت والدلالة في القرآن والسنة، مشيرة إلى الحديث النبوي الشريف: "يا أسماء، إن المرأة إذا بلغت المحيض لا يُرى منها إلا هذا وهذا" وأشار إلى وجهه وكفيه، كما ورد في حديث آخر: "لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار".
وشدّدت دار الإفتاء على أن وجوب الحجاب من المسائل التي أجمعت عليها الأمة الإسلامية سلفًا وخلفًا، وهو جزء من الدين لا يجوز إنكاره، مؤكدة أن الخلاف حوله ليس خلافًا علميًا معتبرًا، بل هو مخالف لما استقر عليه علماء الشريعة عبر العصور.
إذن القول بأن الحجاب ليس فرضًا لا يستند إلى أي أساس شرعي معتبر، ويتعارض مع ما ثبت في القرآن الكريم والسنة النبوية والإجماع الفقهي عبر قرون من الزمان.