في ظل الحرب بين حماس وإسرائيل... كيف نحمي أنفسنا من آثار الصور العنيفة؟
تاريخ النشر: 30th, October 2023 GMT
إعداد: صبرا المنصر إعلان اقرأ المزيد
منذ أكثر من عشرين يوما يتابع العالم باستمرار على مواقع التواصل الاجتماعي كمّا هائلا من المشاهد التي تتضمن صورا صادمة في ظل الحرب المستمرة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية التي اندلعت في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول والتي أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 1400 إسرائيلي، وفق حصيلة رسمية، فيما أكثر من ثمانية آلاف فلسطيني، 3457 منهم أطفال، حسب آخر حصيلة أعلنتها وزارة الصحة في قطاع غزة الإثنين.
للحديث عن تأثير هذه الصور الصادمة على نفسية الإنسان وكيف يمكنه أن يحمي نفسه من تأثيرها، حاورت فرانس24 الطبيبة النفسية في فرنسا هالة كرباجي.
فرانس24: ما هو تأثير الصور العنيفة على نفسية الإنسان؟الطبيبة هالة كرباجي: قبل كل شيء أريد أن أركز على نقطة معينة، وهي أنه من الطبيعي جدا أن يتأثر الإنسان عندما يشاهد صور عنف يسلط على أشخاص آخرين، والتأثر يدل أننا لا زلنا نحمل حسّا إنسانيّا، نتفاعل مع آلام الآخرين مهما كانت هويته أوبلده ومهما كان دينه أو عرقه.
كما أنه من غير الطبيعي ألا نشعر بالتأثر حين نشاهد صور العنف أو أن نعتبر ما يحدث أمرا عاديا في حين أن هناك أشخاص يموتون.
اقرأ أيضافرنسا: فلسطينيون "يخافون من التعبير عن رأيهم والتعاطف مع ضحايا غزة"
لذا من الطبيعي والعادي أن تحصل لدينا ردود فعل لأننا نشعر بالتعاطف عندما نشاهد صور عنف تمس أي طرف كان، أو عندما نشاهد صور أذى يحصل لأشخاص مهما كانوا فإننا نتأثر، وهو أمر صحي لأن لدينا تعاطفا مع الضحايا، وهذا يعني أن حياة الإنسان لها قيمة لدينا.
لكن من المؤكد أن هذا الأمر يؤثر علينا على المدى البعيد، فالتعرض للكثير من الصور العنيفة والمتكررة يجعل هذا الأمر اعتياديا بالنسبة إلينا، ونصل إلى مرحلة أننا لا نعود نشعر بشيء.
ما هي الأعراض التي يمكن أن تظهر؟التعرض المتكرر لهذه الصور يمكن أن يؤدي إلى العديد من الأعراض كمشاكل النوم والأرق والقلق، وحالات اكتئاب أيضا وإحساس بالعجز أي أن المرء يشعر أنه غير قادر على التأثير أو فعل شيء... وهو خلف الشاشة. ومشاهدة هذه الصور تولد هذه الأعراض لا سيما لدى الشباب والمراهقين الذين هم أكثر هشاشة فذلك يخلق لديهم أيضا اضطرابات سلوكية وشعورا بالخوف إضافة إلى التعلق بآبائهم ويخافون أن يحصل لهم شيء، كما يصبحون غير قادرين على التركيز في دراستهم.
كما يفقد الإنسان أيضا الشعور بالأمان، حيث يصبح متأهبا وقلقا بأن شيئا ما سيحصل له أينما كان.
كما أن هذه الصور يمكن أن توقظ صدمات كامنة بداخلنا، لا سيما لدى أولئك الذين عايشوا الحروب والاضطرابات أو تفجيرات... سيتجدد لديهم الشعور وبشكل أقوى بذكرياتهم وتجاربهم، إذا كانوا معرضين باستمرار لهذه الصور والمشاهد العنيفة.
كيف يمكن للإنسان أن يحمي نفسه في هذه الحالة؟قبل كل شي يجب أن نذّكر أنفسنا ونستوعب أنه من الطبيعي التعاطف مع القضايا الإنسانية وأنه من الطبيعي أن نشعر بالخوف.
ونحاول ألا نكون معرضين لوقت طويل لهذا الكم الهائل من هذه الصور، نحاول أن نحمي أنفسنا قليلا. والهدف ليس أن نبتعد كليا عن الواقع وألا نعرف ما الذي يحصل في العالم وإنما الهدف أن نقول مثلا سأتابع عشر أو عشرين دقيقة فقط في اليوم لأخذ مسافة عن عنف هذه المشاهد.
أحاول أن أتابع الموضوع من خلال القراءة والاستماع أكثر من مشاهدة الصور والفيديوهات، لنحمي أنفسنا من الأعراض التي تحدثنا عنها.
ونحاول أن نتكلم أكثر عما نشعر مع أشخاص نثق فيهم لنعبر عن الغضب الذي نشعر به تجاه ما يحصل في العالم، نتحدث عن الخوف عن الإحساس بعدم الأمان.
الهدف ليس أن نصم آذاننا عما يحدث في العالم، لكن الهدف أن نكون أكثر وعيا بما نشعر تجاه ما يحصل في العالم.
وعلينا أن نحاول أن نواصل حياتنا بطريقة طبيعية نقتصر فيها على عشر دقائق، أو عشرين دقيقة على أقصى تقدير في اليوم، نتابع خلالها المعلومات المكتوبة والمسموعة ونحاول بعد ذلك أن نمارس العادات التي كانت في السابق تساعدنا على الخروج من حالات الضيق.
كما أنه من المهم جدا أن نحافظ على علاقاتنا الاجتماعية، لنتحدث عما نشعر به.
ونحاول أيضا أن نحمي أبناءنا بقدر الإمكان من هذه الصور، نحاول أن نجنبهم مشاهدة مقاطع العنف والصور الصادمة، لأن ذلك سيؤثر عليهم كثيرا. وأن نفسر لهم إذا طلبوا ما يحصل في العالم من أحداث، طبعا ليس قبل السبع سنوات. ونحاول أن نطمئنهم ونؤكد لهم أنهم بأمان.
المصدر: فرانس24
كلمات دلالية: الحرب بين حماس وإسرائيل الحرب في أوكرانيا ريبورتاج غزة إسرائيل الحرب بين حماس وإسرائيل للمزيد فلسطينيون النزاع الإسرائيلي الفلسطيني حماس یحصل فی العالم من الطبیعی هذه الصور أنه من
إقرأ أيضاً:
أكاذيب الكيان الصهيوني التي لا تنتهي
لم يعرف التاريخ الإنساني، وأعتقد لن يعرف حتى قيام الساعة، دولة تكذب وتتحرى الكذب في كل أقوالها وأفعالها مثل دولة الكيان الصهيوني الغاصب التي تكذب كما تتنفس، وتعيش على الكذب الذي قامت على أساسه وتحيا عليه.
الدولة التي قامت على كذبة في العام 1948، لا يمكن أن تستمر وتبقى سوى بمزيد من الأكاذيب التي تنتجها آلة الدعاية الصهيونية المدعومة بوسائل الإعلام العالمية، بشكل يومي لكي تستدر عطف العالم الغربي وتبرر احتلالها البغيض للأراضي الفلسطينية وعدوانها الدائم والهمجي على أصحاب الأرض، وعلى كل من يحاول الوقوف في وجهها وكل من يكشف أكاذيبها ويقاوم غطرستها، وجرائمها التي لا تتوقف ضد الإنسانية.
بدأت الأكاذيب الصهيونية في أواخر القرن التاسع عشر مع نشأة الحركة الصهيونية، بالترويج لأكذوبة أن «فلسطين هي أرض الميعاد التي وعد الله اليهود بالعودة لها بعد قرون من الشتات في الأرض». وكانت هذه الأكذوبة، التي تحولت إلى أسطورة لا دليل على صحتها تاريخيا، المبرر الأول الذي دفع القوى الاستعمارية القديمة، بريطانيا تحديدا، الى إصدار الوعد المشؤوم «وعد بلفور» قبل عام من نهاية الحرب العالمية الأولى بانشاء وطن لليهود في فلسطين. وكان هذا الوعد، كما يقول المؤرخون، الذي صدر عن وزير الخارجية البريطاني أرثر بلفور حجر الأساس لأكبر عملية سرقة في التاريخ، سرقة وطن كامل من أصحابه، ومنحه لمجموعة من العصابات اليهودية دون وجه حق. الوعد الذي لم يعره العالم انتباها وقت صدوره تحول إلى حق مطلق للصهاينة في السنوات التالية، ومن أكذوبة «أرض الميعاد» ووعد الوطن القومي أنتجت الصهيونية العالمية سلسلة لا تنتهي من الأكاذيب التي ما زالت مستمرة حتى اليوم، والمسؤولة، في تقديري، عما يعيشه الفلسطينيون الآن من جحيم تحت الاحتلال الصهيوني.
الكذبة الأولى الخاصة بأرض الميعاد، والتي صدقها العالم نتيجة تكرارها وبفعل التأثير التراكمي طويل المدى لوسائل الاعلام التي سيطر عليها اليهود طوال القرن العشرين، لم تكن سوى أكذوبة سياسية ذات غطاء ديني غير صحيح. إذ تم تفسير النص التوراتي بطريقة ملتوية لتخدم المشروع الصهيوني. ولم تُثبت الحفريات التي يقوم بها الصهاينة أسفل المسجد الأقصى وجود هيكل سليمان أو وجود مملكة داود وسليمان في فلسطين كما تزعم الرواية التوراتية المحرفة، بل أن بعض المؤرخين الإسرائيليين شككوا في وجود اليهود في فلسطين كأمة قبل إنشاء إسرائيل.
دعونا في هذا المقال نتتبع أبرز الأكاذيب الصهيونية التي روجت لها إسرائيل لاستمرار سياساتها العنصرية والتي لم تكن مجرد دعاية عابرة، بل جزءًا من استراتيجية تم وضعها وتهدف في النهاية الى تحقيق الحلم الصهيوني بدولة تمتد «من النيل إلى الفرات»، والترويج للسردية الصهيونية في الاعلام العالمي وحصار السردية الفلسطينية والعربية.
الأكذوبة الثانية التي تمثل امتدادا للأكذوبة الأولى والمرتبطة بها ارتباطا وثيقا، هي أن فلسطين كانت أرضا بلا شعب، وبالتالي يمكن الاستيلاء عليها واحتلالها وتهجير أهلها منها، وجعلها وطنا للشعب اليهودي الذي كان بلا أرض»، وبذلك يتم نفي الوجود العربي الفلسطيني فيها. وتم الترويج لهذه الأكذوبة في الغرب المسيحي المحافظ من خلال خطاب إعلامي يربط إقامة إسرائيل بقرب ظهور المسيح (عليه السلام). وقد نجح الإعلام الصهيوني والمتصهين في تصوير اليهود باعتبارهم عائدين إلى أرضهم، فيما تمت شيطنة الفلسطينيين والتعامل معهم باعتبارهم إرهابيين يعارضون الوعد الإلهي. وكانت هذه الأكذوبة من أخطر الأكاذيب الصهيونية لتبرير احتلال فلسطين بدعوى أنها خالية من السكان، في حين كان يعيش فيها قبل إعلان قيام إسرائيل نحو مليون وثلاثمائة ألف عربي فلسطيني من المسلمين والمسيحيين.
وتزعم الأكذوبة الصهيونية الثالثة أن الفلسطينيين غادروا أرضهم طواعية بعد هزيمة الجيوش العربية وإعلان قيام دولة إسرائيل في العام 1948. وتم استخدام هذه المزاعم للتغطية على مجازر التطهير العرقي الذي قامت به عصابات الصهاينة، وأبرزها مجازر دير ياسين، واللد، والرملة، لطرد الفلسطينيين من أراضيهم وبيوتهم.
لقد ثبت للعالم كله كذب إسرائيل في كل ما روجت له من مزاعم تخالف الحقيقة في الإعلام العالمي المتواطئ معها والمساند لها على الدوام. ومن هذه المزاعم القول بإنها «واحة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط» الذي لا يعرف الديمقراطية. ولم ينتبه العالم إلى أن الديمقراطية الإسرائيلية ترى بعين واحدة، ومخصصة لليهود فقط، ولا تشمل سكانها من الفلسطينيين الذين يعانون من تمييز وفصل عنصري في كل مجالات الحياة. وتستخدم هذه الديمقراطية الأسلحة المحرمة والإبادة الجماعية وسياسات الاغتيال والاعتقال والتعذيب كوسيلة للتعامل مع الفلسطينيين المحرومين من حقوقهم السياسية.
وشبيه بهذا الزعم القول إن «الجيش الإسرائيلي هو الجيش الأكثر أخلاقية في العالم». ومع الأسف ما زالت هذه المقولة تتردد على ألسنة العسكريين والسياسيين الصهاينة وفي بعض وسائل الاعلام الغربية، رغم الجرائم الموثقة من جانب منظمات حقوقية عالمية، والتي ارتكبها ويرتكبها هذا الجيش «عديم الأخلاق» في غزة والضفة الغربية ولبنان وسوريا وإيران، واستهدافه المدنيين من النساء والأطفال، والصحفيين والأطباء وغيرهم، واستخدامه لسلاح التجويع في غزة ومنع الإمدادات الإنسانية من الدخول الى القطاع وإتلافها عمدا، وقتل الجوعى.
ولا تتوقف آلة الكذب الصهيونية عند هذا الحد وتضيف لها الجديد من الأكاذيب كل يوم، مثل الأكذوبة المضحكة التي أصبحت مثار سخرية العالم، وهي إن «إسرائيل تواجه تهديدا وجوديا من جيرانها العرب» المحيطين بها، في الوقت الذي يعلم فيه القاصي والداني أن الكيان الغاصب هو الدولة الشرق أوسطية الوحيدة التي تمتلك ترسانة نووية قادرة على محو جميع الدول العربية، وتتمتع بتفوق عسكري يضمنه ويحافظ عليه ويعززه الشريك الأمريكي ودول غرب أوروبا، وتمنع بالقوة أي دولة في المنطقة من امتلاك الطاقة النووية حتى وإن كان للأغراض السلمية، كما فعلت مع العراق وايران. وينسي من يردد هذه الأكذوبة إن إسرائيل فرضت من خلال الولايات المتحدة التطبيع معها على العديد من الدول العربية، ليس فقط دول الجوار التي كان يمكن ان تهددها، وإنما على دول أخرى بعيدة جغرافيا عنها، وفي طريقها لفرضه على المزيد من الدول.
ويكفي أن نعلم أن غالبية الحروب التي دخلتها إسرائيل كانت حروبا استباقية، وكانت فيها المبادرة بالعدوان، وآخرها الحرب على إيران. والحقيقة أن حربها المستمرة منذ نحو عامين على غزة والتي تزعم أنها، أي الحرب، «دفاع عن النفس» ما هي إلا أكذوبة أخرى تأتي في إطار سعيها لتفريغ القطاع من سكانه وتهجيرهم خارجه بعد تدميره وحصاره المستمر منذ العام 2007 وحتى اليوم، وهو ما ينفي الأكذوبة الأكثر وقاحة التي ترددها الآن بأن «حركة حماس هي المسؤولة عن معاناة أهل غزة، وهي من تجوعهم»، مع أن العالم كله يشاهد كيف حولت القطاع إلى أطلال وإلى أكبر سجن مفتوح في العالم بشهادة الأمم المتحدة.