الولايات المتحدة و"القائمة السوداء"
تاريخ النشر: 1st, November 2023 GMT
انعكست الحرب الدائرة في غزة في الولايات المتحدة في شكل رصد وملاحقة لأصحاب المواقف المنتقدة لإسرائيل في وسائل التواصل الاجتماعي، وفقد العديد وظائفهم، كما أجبر البعض على التراجع.
إقرأ المزيدأشخاص من مختلف الفئات الاجتماعية والدينية والمهنية، عدت أفعالهم أو أقوالهم معاداة للسامية وعوقبوا بالطرد من وظائفهم في الولايات المتحدة، حيث تشن رابطة مكافحة التشهير وجماعات ضغط يهودية أخرى حملات لمعاقبة من يوجه انتقادات لإسرائيل على خلفية الحرب الدائرة في غزة.
على خلفية هذه النشاطات الضاغطة، توصلت دراسة استقصائية أجرتها رابطة الدفاع الأمريكية بالتعاون مع جامعة شيكاغو إلى أن " نحو 10 ملايين من البالغين الأمريكيين لديهم مستويات عالية من معاداة السامية ودعم للعنف السياسي"، وعلقت الرابطة بالقول إن "هذا العدد من السكان يتجاوز أيضا العدد الإجمالي لليهود في الولايات المتحدة".
صحيفة نيويورك تايمز كانت كشفت أن الممولين الرئيسيين للمؤسسات التعليمية الأمريكية، بمن فيهم ممثلو القطاع المالي الأمريكي، يمارسون ضغوطا على الجامعات الأمريكية لإدانة الانتقادات التي توجه إلى إسرائيل.
وكانت عدة روابط طلابية في الجامعات الأمريكية قد بدأت تتحدث بصراحة منذ اندلاع الجولة الجديدة من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي عن أن الحصار الإسرائيلي الطويل لغزة، كان أحد الأسباب التي دفعت الفلسطينيين إلى "مستوى اليأس".
الصحيفة الأمريكية أفادت في هذا السياق بأن الرعاة في "وول ستريت" لجامعات أمريكية كبرى من بينها هارفارد وستانفورد ونيويورك وبنسلفانيا، يضغطون، ويطالبون هذه المؤسسات التعليمية بـ"الدفاع بحزم عن إسرائيل"، وأيضا "إدانة الانتقادات التي توجه إلى إسرائيل"، وكان ذلك على خلفية تحميل روابط طلابية إسرائيل مسؤولية التصعيد الحالي في الصراع.
صحيفة واشنطن بوست كانت أفادت هي الأخرى بأن سياسيين وشركات ومؤسسات تعليمية أمريكية تعرضت لانتقادات لإدانتها عنف الجيش الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، مشيرة في نفس الوقت إلى أنه على الرغم من أن العديد من الأفراد والمنظمات في الولايات المتحدة اختاروا طريقا "آمنا" فيما يتعلق بتصعيد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وقرروا "إدانة العنف على جانبي الصراع في إسرائيل والتعبير عن دعم متساو لليهود والفلسطينيين"، إلا أن حتى مثل هذه التصريحات "الحيادية" قوبلت بالانتقاد، وتعرض الكثيرون لضغوط شديدة دفعت البعض إلى تغيير مواقفهم!
وكان طلاب جامعة هارفارد الذين اتهموا إسرائيل بالعنف والاستيلاء على الأراضي وممارسة الفصل العنصري، جازفوا بمستقبلهم، حيث أعلن رؤساء الشركات الكبرى المتنفذة في العالم أنهم سيضعون هؤلاء في القائمة السوداء ولن يقوموا بتوظيفهم، بحسب صحيفة ديلي ميل.
وكانت 31 رابطة طلابية في هذه الجامعة قد أصدرت بيانا مشتركا وصفت فيه النظام الإسرائيلي بأنه "مسؤول مسؤولية كاملة عن العنف القائم"، مشيرة أيضا إلى أن هجوم يوم 7 أكتوبر "لم يأت من فراغ"، وأن الحكومة الإسرائيلية أجبرت الفلسطينيين على" العيش في سجن في الهواء الطلق لأكثر من عقدين".
اللافت أن موقع التواصل الاجتماعي "إنستغرام" كان حذف في البداية هذا البيان، إلا أنه أعاد نشره لاحقا واستعاض عن أسماء الروابط الطلابية بعبارة "منظمات هارفارد للتضامن مع فلسطين"، وذلك حفاظا على سلامة الطلاب المهددين بـ"القائمة السوداء".
منظمة "Palestine Legal" وهي منظمة حقوقية مقرها شيكاغو، ذكرت أنها تلقت مئات الطلبات للحصول على مساعدة قانونية من قبل أشخاص فقدوا وظائفهم أو تعرضوا للتهديد بالفصل أو واجهوا عقوبات أخرى بسبب حديثهم علنا دعما للفلسطينيين.
يحدث كل ذلك على الرغم من الدعاية الطويلة العريضة في الولايات المتحدة لـ"حرية الرأي" وحرية التعبير، وهو المبدأ الذي يعمل مثل غيره أو لا يعمل، بحسب مصالح مراكز القوى هناك.
المصدر: RT
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: أرشيف الحرب على غزة حركة حماس قطاع غزة فی الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
حرب 1812.. صراع ناري على الهوية والسيادة بين الولايات المتحدة وبريطانيا
في صيف عام 1812، وبينما كانت أوروبا مشتعلة بنيران الحروب النابليونية، اندلعت حرب جديدة على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي، بين الولايات المتحدة الأمريكية والإمبراطورية البريطانية.
حرب قصيرة نسبياً، لكنها كانت مفصلية في رسم ملامح الهوية الأمريكية، وترسيخ استقلالها الناشئ.
جذور الصراع..سيادة مهددة ومصالح متشابكةبدأت الحرب نتيجة تراكم طويل من التوترات، أبرزها فرض البحرية البريطانية لحصار اقتصادي على فرنسا خلال الحروب النابليونية، ما أثّر على التجارة الأمريكية.
كما عمدت بريطانيا إلى تجنيد البحارة الأمريكيين قسرًا للخدمة في صفوفها، وهي سياسة أغضبت الإدارة الأمريكية واعتبرتها إهانة للسيادة الوطنية.
بالإضافة إلى ذلك، اتُهمت بريطانيا بدعم القبائل الهندية في الغرب الأمريكي بالسلاح، ما زاد من حدة الصراع في الداخل.
كل هذه الأسباب دفعت الرئيس الأمريكي جيمس ماديسون إلى إعلان الحرب في يونيو 1812.
حرب بلا نصر حاسمشهدت الحرب معارك متفرقة عبر الأراضي الأمريكية والكندية، من بينها محاولة فاشلة للولايات المتحدة لغزو كندا، ومعركة بحرية شهيرة بين السفينتين USS Constitution الأمريكية وHMS Guerriere البريطانية.
وفي عام 1814، أحرقت القوات البريطانية العاصمة الأمريكية واشنطن، بما في ذلك البيت الأبيض، ردًا على هجوم أمريكي على مدينة يورك.
ورغم ذلك، فشلت بريطانيا في كسر المقاومة الأمريكية في معركة بالتيمور.
سلام بلا منتصرانتهت الحرب رسميًا بتوقيع معاهدة غنت في ديسمبر 1814، والتي أعادت الأوضاع لما كانت عليه قبل الحرب، دون أن يحقق أي طرف انتصارًا صريحًا.
لكن المعاهدة لم تصل إلى أمريكا إلا بعد أسابيع، وخلال ذلك الوقت خاض الطرفان معركة نيو أورلينز في يناير 1815، حيث حقق الجنرال الأمريكي أندرو جاكسون نصرًا مدويًا زاد من شعبيته وأدى لاحقًا إلى انتخابه رئيسًا.
تُعد حرب 1812 نقطة تحول في التاريخ الأمريكي، فقد أثبتت قدرة الولايات المتحدة على الصمود أمام قوة عظمى.
كما تراجعت بعدها المقاومة الهندية في الغرب، وبدأت أمريكا عصر التوسع نحو الغرب