بوابة الوفد:
2025-12-13@13:49:21 GMT

سعار الخوف من بكره

تاريخ النشر: 1st, November 2023 GMT

فى الوقت الذى تسعى فيه الدولة إلى لملمة أوضاعها الاقتصادية، وسد الثغرات التى فرضتها الظروف السياسية والاقتصادية والعسكرية، عالميا وإقليميا؛ جراء الحرب الروسية الأوكرانيا والاعتداء الإسرائيلى الغاشم على غزة، وعدم استقرار لبنان وليبيا واليمن وغيرها من المناطق العربية التى تمثل نقاط تماس خطيرة ومهمة مع مصر، نجد أفعالًا وأنماطًا غريبة من سلوك المصريين تجاه مواجهة الأزمة الاقتصادية.

فبينما يعرف القاصى والدانى أزمة الدولار وعدم توفره بشكل كاف، ونقص إمدادات الطاقة والغاز، نجد فئة من المواطنين إن لم يكن الغالبية من الشعب المصرى يتفنون فى صنع الأزمات، بتكالبهم غير المبرر على شراء السلع بحجة الخوف من التعويم ومن الارتفاع المتوقع للاسعار، فيساهمون بطريقة مباشرة فى زيادة الطلب على السلعة ومن ثم رفع سعرها.

حدث ذلك فى كثير من السلع الغذائية، والمحاصيل الاستراتيجية، والصناعات الاساسية مثل السكر والأرز وأخيرا الحديد والاسمنت وغيرها من مستلزمات مواد البناء.

هذا السعار الذى أصاب المصريين لابد أن يتوقف وإلا سنجد أنفسنا نخرج من أزمة فندخل فى الثانية، وكما يقولون «نخرج من حفرة نقع فى دحديرة» وكله من صنع أيدينا، فليس منطقيا على الاطلاق ان يقفز طن الاسمنت مثلا الى الضعف فى يوم وليلة، ففجأة ودون سابق انذار ارتفع من 2000 جنيه إلى 4000 جنيه، وعندما يسأل الناس لماذا هذا الارتفاع المفاجىء والجنونى، يقول التجار قانون التصالح على مخالفات البناء، الذى اوشك على الصدور فى ثوبه الجديد قبل إجراء الانتخابات الرئاسية.

وما علاقة هذه الزيادة الرهيبة التى تصل الى الضعف فى بعض الانواع بقانون التصالح؟ يأتى الرد بأن الناس فى الأرياف وخاصة فى محافظات البحيرة وكفرالشيخ والدقهلية، استغلوا غياب الرقابة وانشغال الجميع بحرب غزة، تماما مثلما حدث فى أعقاب ثورة 25 يناير، واسرعوا فى عمليات البناء ليلا، فسحبوا كل المخزون من التجار، وخلقوا طلبا فظيعا على الاسمنت ومشتقاته، مما اضطر التجار الكبار الجشعين الى اطلاق صبيانهم من الوكلاء والموزعين ورجالهم فى المحافظات الأخرى وخاصة القاهرة والاسكندرية لشراء الأسمنت باسعار مرتفعة من الموزعين الصغار، مما أحدث ارتباكا كبيرا فى سوق الأسمنت. 

الخطورة هنا أن ارتفاع اى سلعة مؤثرة يؤدى بالضرورة الى ارتفاع سلع اخرى ترتبط بها، فما إن تحركت اسعار الأسمنت حتى تحركت معها أسعار الجبس والزلط والرمل، وعلى المواطن الدفع وإلا سيتوقف مشروعه، وعلى المقاول أيضا الاستمرار والا اتوقف حاله واتخرب بيته، إذا لم يلتزم فى تسليم المشروع. كما ينعكس ذلك سلبا على أسعار الشقق التى تجاوزت حدود المعقول.

والغريب أن كل هذا يحدث علنا وأمام أعين الأجهزة الرقابية وبعلم كبار المسئولين، دون أن نجد تدخلا رادعا من الدولة ولا من الغرف التجارية ولا من جهاز حماية المستهلك، ولا حتى من الاعلام الحكومى والخاص لتوعية المصريين بخطورة هذا التكالب على شراء أى سلعة.

يجب أن يعلم المصريون أن هذا السعار يضرهم ولا ينفعهم، ويفاقم من حدة ومشاكل الأزمة الاقتصادية التى تمر بها مصر ودول المنطقة الآن، كما يجب ان نكون جميعا على قدر المسئولية والمواجهة، فلا نسمح لتاجر جشع يستغلنا أو لرجل أعمال يطلق زبانيته لخنق السوق وتعطيشه لتحريك أسعار منتجاته.

إن الخوف من بكره لا يعنى أبدا يا مصريين أن نخنق أنفسنا، ثم نجلس جانب الحائط ونضع ايدينا على رؤوسنا ونلعن الحكومة والدنيا والحياة، فلا تساعدوا أعداء الوطن فى الداخل على ضرب اقتصادنا وزيادة أزماتنا، واعلموا أننا إذا لم نحافظ على اقتصادنا ونحميه من تجار الأزمات والحروب، سندفع الثمن غاليا ومضاعفا.

SAMYSABRY19 @GMAIL.COM

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الوقت الظروف السياسية

إقرأ أيضاً:

من همس متقطع إلى صوت يصل إلى الجميع.. رحلة شفاء من التأتأة بالكتابة

بيروت- لم تكن التأتأة بالنسبة للبنانية كارين الحر، ابنة بلدة حومين الفوقا في جنوب لبنان، مجرد اضطراب لغوي عابر، بل تجربة عميقة شكّلت طفولتها ورافقت محاولاتها الأولى لفهم العالم والتواصل معه. فمنذ سنواتها المبكرة، كانت الكلمات تتجمع عند طرف شفتيها قبل أن تتشابك، معلقة بين رغبتها في التعبير وخوفها من ردود الفعل من حولها.

وفي كل مرة حاولت فيها المشاركة في أحاديث الصف، كانت النظرات الفاحصة والنصائح الجاهزة من نوع "احكي على مهلك.. خدي نفس" تزيد الفجوة بين صوتها وما تريد قوله. ومع مرور الوقت، لم يعد تعثر الكلام مجرد صعوبة لغوية، بل عبئا اجتماعيا يربط بين الطريقة التي يخرج بها الصوت وبين الشخصية والثقة والقدرة.

كبرت كارين وهي تتساءل بصمت: لماذا يُعامل التلعثم كعيب؟ ولماذا تتحول الهفوة الصوتية إلى معيار للحكم على الإنسان؟ لم تكن تبحث فقط عن طريقة تتجاوز بها التأتأة، بل عن مساحة ترى فيها نفسها كاملة، حتى لو خرج صوتها متقطعا.

ومع تقدمها في العمر، تغيّر منظورها. فتحولت التأتأة من مصدر قلق إلى رحلة اكتشاف ذاتي، أدركت خلالها أن صوتها، بكل ارتباكاته، يحمل شجاعة خاصة لا يشعر بها إلا من عاش التجربة فعلا.

في كتابها الأول "ت ت تَأتأة" تقدّم كارين رحلة مصالحة مع الذات تتجاوز مجرد اضطراب لغوي (الجزيرة)رحلة شفاء

في كتابها الأول "ت ت تَأتأة"، لا تقدّم كارين الحر حكاية عن اضطراب لغوي فحسب، بل مسارا شخصيا طويلا نحو التصالح مع الذات. أرادت منذ اللحظة الأولى أن يكون الكتاب صادقا إلى حد يعرّي التجربة دون تزيين، وأن يسمح للقارئ بالاقتراب من عالمها الداخلي كما هو، لا كما يُفترض أن يكون.

كتبت بلغتها التي تشبهها، وتركت الأفكار تتدفق على الورق من دون رقابة. تقول في حديثها للجزيرة نت: "كنت أكتب وأترك الأشياء تخرج وحدها، كأن الورق كان ينتظر هذه المشاعر التي حملتها سنوات". وبذلك تحوّل النص إلى مساحة تحرّر، أسقطت عليها ما ظل عالقا بين الصوت والقلب لوقت طويل.

إعلان

اختارت كارين عنوان الكتاب بعناية. تكرار حرف التاء لم يكن زخرفة لغوية، بل إعلان مواجهة. فما كانت تخجل منه يوما جعلته في الواجهة، كأنها تقول للقارئ: "هذا صوتي الحقيقي، بهذه التأتأة أوجد وأحكي". لقد أرادت استعادة ملكية صوتها، ووضعه في مكانه الطبيعي: جزءًا من هويتها لا يمكن فصله عنها.

وراء هذه الرحلة، كانت هناك عائلة احتضنتها دون شروط. وتؤكد كارين أن ثبات والدتها وأختها منحها القدرة على الوقوف في وجه العالم، وأن إيمانهما المتواصل بصوتها كان حجر الأساس في بنائها الداخلي. هذا الدعم ذكّرها دائما بأن المشكلة لم تكن يوما في صوتها، بل في الطريقة التي يتلقى بها المجتمع اختلافه.

وتعود بذاكرتها إلى سنوات المدرسة الأولى، حين كانت تحاول نطق كلمة بسيطة، فتتقدمها ضحكات أو نظرات شفقة. تقول: "الضحك كان يؤلمني، لكن كلمة يا حرام كانت أشد وجعا". وتضيف: "مع الوقت صار الخوف من ردّة فعل الناس أصعب من التأتأة نفسها".

كارين تواصل إطلاق مشاريع جديدة لتعزيز الوعي بالتأتأة (الجزيرة)بين التأتأة والمرض

ورغم أن التأتأة انتزعت من كارين الكثير في طفولتها وشبابها -من جرأتها ومن اندفاعها الفطري نحو الكلام- فإنها منحتها في المقابل حساسية عالية تجاه الآخرين وقدرة استثنائية على الإصغاء. وتوضح قائلة: "أحب التواصل والكلام، لكن الخوف كبلني لفترة طويلة. لاحقا أدركت أن المشكلة لم تكن في الصوت بل في الخوف نفسه. ومع ذلك، التأتأة منحتني القدرة على أن أسمع بصدق".

ولا تخفي كارين أن المجتمع لا يزال يخلط بين التأتأة والمرض، فحين يتحدث شخص يتأتئ أمام الآخرين، يسارع البعض إلى تقديم نصائح عفوية تثقل عليه أكثر مما تساعده. وتقول: "نحن نعرف كيف نتعامل مع التأتأة، لسنا بحاجة لمن يعلّمنا كيف نتكلم. هذه العبارات تضع الشخص تحت ضغط كبير". لكنها ترى في الوقت ذاته أن الوعي يتحسن تدريجيا، وأن السخرية يجب أن تتوقف تماما. وبالنسبة إليها، يأتي كتابها خطوة في مسار أطول لنشر الوعي، لا خاتمته.

وعندما جاء يوم توقيع الكتاب، شعرت كارين للمرة الأولى بأن صوتها يُستقبل كما هو، بلا تصحيح ولا مقاطعة. وتقول: "كان أجمل يوم في حياتي. أحبّ الناس من حولي، وشعرت بفخر وراحة، وخوف جميل، ذلك الخوف الذي يرافق كل بداية حقيقية".

بالنسبة إلى كارين، كانت الكتابة مسارا شِفائيا كاملا. جلست أمام الورق لتُفرغ ما ظل محبوسا لسنوات: الخوف، الوجع، وانكسارات الصوت. ومع الوقت تحولت الكتابة من فعل تعبيري إلى ملجأ يومي، طقس يعيد ترتيب الداخل ويهبه قدرا من الطمأنينة. تقول: "حين أكتب، أتنفّس. وأترك خوفي على الورق".

واليوم، بعد صدور كتابها، تمضي كارين في العمل على مشاريع جديدة تُعنى بالتوعية حول التأتأة، ساعية إلى خلق مساحة أوسع تتقبل اختلافات الصوت واللغة وطريقة التعبير، وتتيح لمن يعيش التجربة أن يشعر بأنه مسموع بلا أحكام.

وفي ختام حديثها، توجّه رسالة إلى كل من يمر بالطريق نفسه: "أصواتكم جميلة، وطريقتكم ليست خطأ. على المجتمع أن يسمعكم كما أنتم، لا كما يريدكم أن تكونوا. وإذا لم يسمعكم جيدا. فالمشكلة ليست فيكم".

إعلان

مقالات مشابهة

  • اسعار الحديد اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى المنيا
  • استقرار نسبي في أسعار الأسمنت اليوم السبت13ديسمبر 2025 بمحافظة المنيا
  • أسعار الرحلات النيلية السياحية في أسوان وطريقة الحجز
  • أسعار الحديد في أسوان اليوم السبت 13 ديسمبر 2025
  • «فخ» كأس العرب
  • أسعار مواد البناء في أسوان الجمعة 11 ديسمبر 2025
  • أسعار الحديد في أسوان اليوم الجمعة 11 ديسمبر 2025
  • فؤاد باشا سراج الدين .. الرجل الذى علم المصريين معنى الكرامة
  • أسعار الحديد في محافظة أسوان اليوم الخميس 11 ديسمبر 2025
  • من همس متقطع إلى صوت يصل إلى الجميع.. رحلة شفاء من التأتأة بالكتابة