ندوة تسلط الضوء على المنجز والتطلعات في تحقيق ونشر المخطوطات العُمانية
تاريخ النشر: 1st, November 2023 GMT
«العمانية»: نظمت وزارة الثقافة والرياضة والشباب اليوم بمقر النادي الثقافي ندوة بعنوان «تحقيق المخطوطات العُمانية: المنجز والتطلعات»، وذلك لتسليط الضوء على ما تم إنجازه من تحقيق ونشر للمخطوطات العُمانية التي تزخر بها سلطنة عُمان من الإرث العلمي واللغوي والأدبي. تناولت الندوة التي شارك فيها عدد من المختصين، أربعة محاور من خلال أربع أوراق بحثية، ففي المحور الأول والذي حمل عنوان «تحقيق المخطوطات الفقهية» قدم الباحث فهد بن علي السعدي ورقة بحثية بعنوان «جهود وزارة الثقافة والرياضة والشباب في تحقيق المخطوطات الفقهية العُمانية»، وفي المحور الثاني والذي حمل عنوان «تحقيق المخطوطات اللغوية دراسة تقييمية» قدم الدكتور محمود بن سليمان الريامي ورقة بحثية بعنوان «المؤلفات العُمانية اللغوية المحققة».
أما المحور الثالث للندوة فقد تناول موضوع «تحقيق مخطوطات دواوين الشعر العُمانية» من خلال ورقة بحثية بعنوان «دواوين الشعر العُماني بين الواقع والمأمول» قدمها الدكتور راشد بن حمد الحسيني، وفي المحور الرابع والأخير والذي تطرق إلى موضوع «تحقيق المخطوطات التاريخية» من خلال ورقة بحثية بعنوان «المخطوطات التاريخية العُمانية المحققة المنجز والمأمول» قدمها الدكتور ناصر بن سيف السعدي.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: تحقیق المخطوطات الع مانیة
إقرأ أيضاً:
فوضى العملات تحوّل راتب الموظف اليمني إلى ورقة تائهة
يمن مونيتور/ من محمد عبد القادر اليوسفي
يعيش الموظفون في اليمن حالة من التشويش المالي المستمر، حيث تتعدد العملات المتداولة في حياتهم اليومية دون معيار واضح، فهم يتلقون رواتبهم بالعملة المحلية المنخفضة القيمة، بينما يضطرون لدفع معظم التزاماتهم بعملات أجنبية أقوى.
وتتحول الحياة المعيشية إلى معادلة مستحيلة، إذ يصبح الموظف مجبرًا على التعامل مع ثلاث عملات مختلفة في آن واحد، فالرواتب تُصرف بالريال اليمني المتدهور، بينما تُدفع إيجارات المساكن بالدولار الأمريكي، وتُشترى السلع الأساسية إما بالريال السعودي أو بالعملة الخضراء حسب مزاج التجار.
ويخلق هذا الوضع فجوة هائلة بين الدخل والإنفاق، حيث تفقد الأجور قيمتها الحقيقية بمجرد صرفها، فلا تكفي لتغطية احتياجات أسبوع واحد، رغم ثبات قيمتها الرقمية، مما يحول الموظفين إلى مطاردين دائمين للقيمة المالية التي تتبخر من بين أيديهم.
ويسود النظام النقدي في البلاد فوضى عارمة، تتنازع فيها العملات الأجنبية السيادة على المعاملات اليومية، في ظل غياب أي سياسة اقتصادية موحدة، فمن أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، يجد اليمنيون أنفسهم مضطرين للتعامل بالريال السعودي والدولار في الأسواق، بينما تفرض عليهم الحكومة استلام أجورهم بالعملة المحلية الضعيفة.
ويقدم التقرير الذي أعده “يمن مونيتور” رؤية شاملة لهذه الأزمة المعقدة، من خلال شهادات موثقة من الميدان، وقراءات تحليلية مدعمة بالأرقام، ومقارنات دقيقة بين مستويات الدخل وتكاليف المعيشة، في مشهد يعكس عمق الانهيار الاقتصادي الذي تعانيه البلاد منذ سنوات الحرب الطويلة.
رواتب بلا كرامة
في محافظة تعز، يتقاضى الموظف الحكومي “عبد الكريم البحيري” راتبًا شهريًا قدره 43 ألف ريال يمني، أي ما يعادل أقل من 20 دولارًا بسعر صرف السوق، يقول لـ”يمن مونيتور”: “هذا الراتب لا يغطي حتى قيمة باقة الإنترنت الشهرية لأولادي، ناهيك عن الإيجار أو الطعام أو مصاريف الدواء”.
لا يختلف حال “صفية نعمان”، وهي موظفة حكومية في لحج، إذ تتقاضى راتبًا لا يتجاوز 50 ألف ريال، بينما يطالبها مالك الشقة التي تسكنها بدفع 300 ريال سعودي شهريًا كإيجار، ما يعاد 225 ألف ريال بالحد الأدنى، تقول بمرارة: “أحتاج إلى اقتراض اضعاف راتبي لأدفع الإيجار فقط، أما الطعام والدواء فمهمة مستحيلة”.
كذلك في عدن، يعرض الموظف التربوي “أمين سالم” إشعار راتبه، والذي يقلّ عن 45 ألف ريال، “نحن نعيش في عالمين، نتقاضى بالريال ونشتري بالدولار أو السعودي، من أين نأتي بالفارق؟” يسأل مستنكرًا، ويضيف أن “حياته انقسمت إلى معادلات لا تنتهي بين ما يقبضه وما يُفرض عليه”.
هذه الشهادات ليست حالات فردية، بل نماذج متكررة لما يزيد عن مليون موظف حكومي في اليمن، باتوا عاجزين عن مواكبة سوق يعمل وفق عملات متعددة بينما رواتبهم ظلت جامدة منذ سنوات، لا تخضع لمعايير التضخم ولا تغيّر سعر الصرف.
أسعار بثلاث وجوه
حين تُسعّر السلع في السوق اليمنية، فإنها تُسعَّر بثلاث عملات (الدولار الأمريكي، والريال السعودي، والريال اليمني)، لكن ما يثير السخرية أن الراتب الوحيد الذي لا يتحرك هو الراتب بالريال اليمني، أما الأسعار فتتحرك صعودًا وبثلاث لغات مالية لا ترحم.
خذ مثلًا، سلة غذائية متواضعة لعائلة من خمسة أفراد تتجاوز قيمتها 200 ريال سعودي شهريًا، أي ما يعادل 3 أضعاف راتب موظف حكومي يمني إن حُسِب بالعملة الرسمية.
بالمقارنة، راتب الموظف الذي لا يتجاوز 50 ألف ريال يمني يعادل بالكاد 80 ريال سعودي أو 20 دولارًا، وربما لا يتعدى 17 دولارًا بسبب تقلب سعر الصرف، وعدم استقراره.
المفارقة الأشد ألمًا أن معظم العقود، سواءً عقود إيجار أو خدمات أو مديونيات، تتم بالدولار أو السعودي، بينما يتم السداد بالريال اليمني، وهذا التفاوت يُنتج فجوة يومية لا تتوقف، تجعل الموظف الحكومي دائمًا ملاحقًا بالعجز حتى لو لم يشترِ شيئًا.
حتى القروض الصغيرة من محلات البقالة باتت تُحتسب بالدولار في بعض المدن. يقول “علي الشميري”، وهو موظف في مؤسسة خدمية بمدينة تعز: “ذهبت لشراء علبة حليب بالدَّين، فدونها صاحب البقالة كدين قيمته 2 دولار، وليس 4 آلاف ريال، حين سددت له بعد أسبوع، طلب 5100 ريال بدلاً من 4 آلاف بحجة ارتفاع الصرف”.
وتعدد العملات لا يعني التعدد في الخيارات، بل فوضى تضرب المواطن فقط، ولا تترك له إلا عملة منزوعة القيمة.
تشوه في القيمة
الأزمة لا تتعلق فقط بانهيار الريال، بل بالتشوه في مفهوم القيمة ذاته، فحين يصبح الدولار هو مرجع التقييم لكل شيء وتُربط الرواتب بالريال، فإن المعادلة تسحق الموظف تمامًا، وتفقد الراتب أي صلة بحقيقة السوق.
يوضح الخبير، والمستشار الإقتصادي في مكتب رئاسة الجمهورية، “فارس النجار”، في تصريح خاص لـ”يمن مونيتور”: “وفقًا للقانون من المفترض أن تُستمر عملية دفع الرواتب بالريال اليمني باعتباره العملة الوطنية الرسمية، لكن المشكلة لا تكمن في هذا الإطار القانوني، بل في استمرار تدهور قيمة الريال نفسه، ما يجعل من الراتب مجرد رقم دون قيمة حقيقية”.
ويضيف النجار: “الحكومة مطالبة اليوم، أكثر من أي وقت مضى، بتبنّي سياسات اقتصادية جديدة وفعّالة تهدف إلى تحسين قيمة العملة الوطنية، من خلال تحسين الإيرادات ورفع كفاءة الجمارك والضرائب، لا تزال الحكومة قد فقدت ثاني أهم مصدر للنقد الأجنبي وهو صادرات النفط، ما يُفاقم الأزمة النقدية ويجعل الرواتب بلا أي حماية واقعية”.
ويحذر الخبير الاقتصادي من أن “الراتب فقد أكثر من 90% من قيمته خلال السنوات الأخيرة ولم تُتخذ أي خطوات لإعادة تقييمه أو ربطه بآليات صرف السوق أو التضخم، وهذا ما يجعل حياة الموظف مفصولة كليًا عن منطق السوق ومتطلباته”.
في ظل هذا الواقع، بات الناس يقيسون قوتهم الشرائية بالدولار أو السعودي لا بالريال الذي يتقاضونه، وأصبح الحديث عن “راتب” أقرب إلى “مبلغ رمزي” لا علاقة له بالحياة.
فوضى بلا رقابة
ما يزيد الوضع تعقيدًا هو غياب رقابة مالية موحّدة، ففي ظل الانقسام السياسي بين صنعاء وعدن، تتبع كل جهة سياسة نقدية خاصة بها، وتختلف أسعار الصرف الرسمية، وتُفرض قوانين متضاربة.
تاجر الجملة في عدن يبيع بالدولار فقط، وتاجر التجزئة يضيف نسبة بالريال اليمني، بينما المواطن لا يعلم بأي عملة ستحاسب البقالة غدًا، بعض التجار في عدن وتعز ومأرب وغيرها من المحافظات اليمنية، يبيعون بالريال، لكن بمرجعية سعر صرف غير مستقرة، وتتم المضاربة علنًا في السوق السوداء.
والنتيجة سوق فوضوي تُفصل فيه الأسعار على مقاس الدولار، وتُحتسب الأرباح بالريال السعودي، بينما يُرمى الموظف براتبه في مهب لعبة لا يتحكم بها.
في ظل هذا الوضع، باتت معظم العائلات الموظفة تعيش على الدَّيون، ليس من البنوك أو الجمعيات، بل من محلات البقالة، والجيران، والأصدقاء، وحتى أصحاب العقارات.
“ندفع الإيجار بالتقسيط، ونؤجل الفواتير إلى آخر الشهر، ونشتري الاحتياجات دَّين من المحل”، تقول منى حمود، موظفة حكومية في احد المكاتب بتعز، وتضيف: “لا أملك ترف الحسابات، فقط أحاول أن لا يُطرد أطفالي من البيت”.
في مناطق كثيرة أصبح الموظف يتناوب بين أكثر من وظيفة: حراسة، توصيل، دروس خصوصية وغيرها، ليعوض العجز الناتج عن الراتب، لكنه في النهاية يبقى تحت خط الفقر.
بين انهيارين
ينحصر الموظف اليمني بين انهيارين، انهيار الريال، وانهيار المسؤولية، راتبه بلا قيمة، وحياته بلا حماية، وصوته بلا صدى، في بلاد تتكاثر فيه العملات وتتضاءل فيه القيمة الحقيقية، يظل الموظف هو الخاسر الوحيد في معركة لا يخوضها أحد معه.
يؤكد المستشار الاقتصادي فارس النجار أن تحسين الوضع لا يتم فقط بتغيير السياسات المالية، بل بتوازي ذلك مع استعادة موارد الدولة المهدورة، وعلى رأسها صادرات النفط، ورفع كفاءة الإيرادات وتوسيع الإنتاج المحلي.
ويرى النجار، أن جزءًا كبيرًا من الحل يكمن في توجيه مشاريع سبل العيش القادمة من المنظمات الدولية نحو القطاعات الإنتاجية، وتحديدًا الزراعة والاصطياد، لأنها تمثل جوهر الأمن الغذائي والاقتصادي، حسب النجار.
يضيف: لا يكفي أن تكون موظفًا لتعيش، بل يكفي أن تبقى على قيد الفقر، حتى لا تنقطع عن الراتب المنهار الذي لا يُطعم ولا يُسكن ولا يُداوي، لكن حتى إشعار آخر، ستظل ثلاث عملات تحكم السوق، بينما يُحكم على الموظف بحياة بلا عدالة، في اقتصاد تتضاعف فيه التحديات ويغيب فيه الإنصاف، ويظل الموظف ضحية تَصمّ عنها كل الجهات.