خبراء: إسرائيل لا تدرك حجم الأزمة التي يواجهها اقتصادها
تاريخ النشر: 6th, November 2023 GMT
تشير التقديرات الأولية الإسرائيلية إلى أن الحرب التي تشنها تل أبيب على قطاع غزة منذ شهر من الآن قد تكلف الميزانية أكثر من 200 مليار شيكل (51 مليار دولار).
ويتجه الاقتصاد الإسرائيلي في الربع الأخير من العام 2023 إلى إلغاء جميع المكاسب التي حققها خلال العام الجاري، بفعل الحرب على قطاع غزة.
وقبل أيام أفاد تقرير لبنك "جي بي مورغان تشيس" الأميركي، قال فيه إن الاقتصاد الإسرائيلي قد ينكمش بنسبة 11% على أساس سنوي، في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الجاري، مع تصاعد العدوان على غزة.
وكانت آخر مرة سجلت فيها إسرائيل هذا الانكماش خلال عام 2020، مع إغلاق الاقتصاد بسبب تفشي جائحة كورونا.
والتقدير الأولي لوزارة المالية لتكلفة الحرب على خزينة الدولة مبني على أن الحدث يستمر ما بين 8 أشهر وسنة، ولن يتم تطوير ساحات إضافية وسيعود جنود الاحتياط البالغ عددهم 350 ألف إلى العمل قريبا.
وأشارت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية إلى أنه نظرا لكثرة الافتراضات وعدم اليقين بشأنها، فقد حددت وزارة الخزانة الرقم 200 مليار شيكل كتقدير متفائل.
تخفيض التصنيف
والشهر الماضي، أصدرت وكالة موديز للتصنيف الائتماني، تقريرا وضعت فيه إسرائيل تحت المراجعة، ترقبا لاحتمالية خفض تصنيفها الائتماني، بسبب تبعات الحرب القائمة. كما اتخذت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني خطوة مماثلة بوضع إسرائيل تحت المراقبة، في حين أعلنت وكالة "ستاندرد آند بورز" أنها خفضت توقعاتها لتصنيف إسرائيل من مستقرة إلى سلبية.
تحذير خبراءوالأسبوع الماضي، حذر 300 من كبار الخبراء الإسرائيليين، من أن الاقتصاد الإسرائيلي يمر بوقت صعب، بشكل يستوجب إجراءات فورية لمنع وقوع مزيد من الضرر.
ووجه خبراء الاقتصاد رسالة الى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش كتبوا فيها: "أنتم لا تستوعبون حجم الأزمة التي يواجهها الاقتصاد، يجب أن تتصرفوا بطريقة مختلفة".
وأشارت إلى أن الاقتصاديين ينظرون "إلى وقت صعب يعيشه اليوم الاقتصاد الإسرائيلي.. ويجب اتخاذ إجراءات لمنع وقوع أضرار كبيرة على الفور".
وذكرت أن من بين الموقعين روني حزقيا المشرف السابق على البنوك والمحاسب العام، ويائير أفيدان المشرف السابق على البنوك، وجاكوب فرانكل المحافظ السابق لبنك إسرائيل.
كما تتضمن القائمة الحنان هيلفمان من جامعة هارفارد، وحاييم شاني المدير العام السابق لوزارة المالية، وجوش أنغريست الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد لعام 2021 وآخرين.
وفيما يلي أبرز الخاسرين في اقتصاد إسرائيل
البورصةوخلال العدوان على غزة، تراجع مؤشر (تاسي 35) لبورصة تل أبيب بنسبة 15%، في حين تراجعت أسهم بعض الشركات فيه بأكثر من 35%، مقارنة مع إغلاق قبيل الحرب.
وفقدت القيمة السوقية للبورصة ما قيمته 25 مليار دولار، قبل أن تقلص خسائرها في تعاملات الأسبوع الماضي، مع ظهور مؤشرات أولية على الخسائر المتوقعة للحرب.
ومنذ عشية الحرب حتى نهاية جلسات أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تراجعت أسهم أكبر 5 بنوك مدرجة في بورصة تل أبيب بنسبة 20%، على إثر الحرب.
البنوك الخمسة الأكبر في إسرائيل هي: بنك لئومي، بنك هبوعليم، بنك ديسكاونت، بنك مزراحي تفاهوت، بنك إسرائيل الدولي الأول.
وواصل مستثمرون محليون وأجانب بيع أسهم لهم في الشركات الإسرائيلية المدرجة، وخاصة البنوك العاملة في السوق المحلية.
الشيكل الإسرائيليوخلال الشهر الماضي تراجع سعر صرف الشيكل الإسرائيلي أمام الدولار إلى أدنى مستوى له منذ عام 2012 إلى 4.08 شيكل.
وبتاريخ التاسع من أكتوبر/تشرين الأول، أعلن بنك إسرائيل (البنك المركزي) ضخ ما يصل إلى 45 مليار دولار في محاولة لتحقيق استقرار في سعر صرف الشيكل، لكن أرقام أسعار الصرف تظهر إخفاق خطة البنك.
وتأثر إنتاج مستوطنات غلاف غزة من المحاصيل الزراعية خلال فترة الحرب، بسبب وجود نسبة هامة من المحاصيل في هذه الأراضي.
والشهر الماضي، أوردت صحيفة "غلوبس" المختصة بالاقتصاد الإسرائيلي، تقريرا تحدثت فيه عن أهمية أراضي مستوطنات غلاف غزة بالنسبة للأمن الغذائي الزراعي للسوق الإسرائيلية.
ونقلت الصحيفة عن عميت يفراح، رئيس اتحاد المزارعين الإسرائيليين، قوله إن 75% من الخضروات المستهلكة في إسرائيل تأتي من غلاف غزة، إضافة إلى 20% من الفاكهة، و6.5% من الحليب.
وتُعرف المنطقة المحيطة بقطاع غزة باسم "رقعة الخضار الإسرائيلية"، وهي تحتوي أيضا مزارع للدواجن والماشية، إلى جانب مزارع للأسماك.
كذلك، تعرضت مساحات واسعة من الأراضي الزراعية في الشمال على الحدود مع لبنان إلى تعليق عمليات قطف المحاصيل بسبب التوترات الأمنية مع حزب الله اللبناني والفصائل في جنوبي لبنان.
القوى العاملةوفي موضوع القوى العاملة في إسرائيل، استدعى الجيش 350 ألف موظف من أجل الانضمام إلى الجيش، يمثلون ما نسبته 8% من إجمالي القوى العاملة في إسرائيل.
ويضاف إلى هذا الرقم قرابة 140 ألف عامل فلسطيني كانوا يعملون في إسرائيل، تعطلت أعمالهم منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بسبب الحرب القائمة.
وطالب اتحاد المصدرين ومؤسسات اقتصادية خاصة، بضرورة استعادة العمالة حتى لا يصاب الاقتصاد بحالة تدهور غير مسبوقة.
والخميس الماضي قالت وزارة العمل الإسرائيلية إن نحو 46 ألف عامل إسرائيلي تم تسريحهم منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
جاء ذلك بعد شهر من إعلان بيانات البطالة في السوق الإسرائيلية التي تبلغ 3.1% من إجمالي القوة العاملة.
وذكرت الوزارة -في بيان لها- أن هناك 760 ألف عامل إسرائيلي، أو حوالي 18% من القوة العاملة، لا يعملون في الوقت الحالي، وذلك لـ 3 أسباب: خدمة العمال والموظفين الإسرائيليين الاحتياطية في الجيش، والعمال الذي يقطنون في محيط غزة، وآخرين اضطرتهم الظروف الجديدة للمكوث مع أطفالهم بالمنزل.
وفي السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي شنت المقاومة الفلسطينية -بقيادة كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لـحماس– عملية "طوفان الأقصى" ضد الاحتلال، وأعقبتها إسرائيل بحرب على غزة دخلت يومها الـ31.
وأحصت وزارة الصحة في غزة نحو 10 آلاف شهيد منذ بداية العدوان الإسرائيلي، وأكدت أن 70% من ضحايا العدوان هم من النساء والأطفال، إلى جانب أكثر من 24 ألف مصاب.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: أکتوبر تشرین الأول الماضی من أکتوبر تشرین الأول الاقتصاد الإسرائیلی فی إسرائیل تل أبیب
إقرأ أيضاً:
السودان وفروقات الوعي السياسي
أن الحرب تعتبر أعلى درجات الأزمة في أية مجتمع، و العقل السياسي الذي تسبب في الأزمة حتى وصلت إلي الحرب، لا يستطيع أن يحدث تغييرا في واقعها، إلا إذا استطاع تغيير طريقة تفكيره.. و التغيير لا ينتج بعقول خاملة لا تستطيع أن تنتج أفكار جديدة، فقط تعيد إنتاج ذات المقولات التي تسببت في الحرب.. المطلوب عقول جديدة، تنتج أفكار جديدة، تستطيع من خلالها أن تحدث تنشيط في الفعل السياسي يتجاوز سلبيات الماضي.. لكن محاولات إعادة ذات العقليات برفع ذات الشعارات القديمة سوف تعيد إنتاج الأزمة.. أن النخب السياسية السودانية تتخوف من نقد ممارساتها التي أوقعتها في الأخطاء التي قادت إلي الأزمة.. لذلك الكل يميل للتبرير الذي يغيب معرفة الأسباب و يعيد إنتاج الأزمة بصور مغايرة..
أن أغلبية النخب السودانية السياسية، أو المثقفة التي تدور في المحور السياسي، لا يفكرون إلا من خلال مصالحهم الخاصة، أو مصالح أحزبهم، لذلك ينظرون لواقع الأحداث من خلال عدسات ضيقة لا تساعد على النظرة الكلية للأزمة.. مثالا لذلك نشرت سودان اندبندنت خبرا يقول ( طالب نائب رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل ز جعفر الميرغني رئيس الوزراء كامل إدريس بالعمل على تهيئة المناخ للانتخابات العامة في السودان) و أضاف قائلا ( إقامة مؤسسات انتخابية تضمن انتقال السلطة عبر انتخابات حرة و نزيهة) أن جعفر الميرغني لم يجد ما يقوله إلي رئيس الوزراء غير الانتخابات الأداة الموصلة للسلطة.. رغم أن البلد ماتزال الحرب مستمرة فيها، المؤامرات الخارجية تنوع في تحدياته.. فالعقل الذي لا ينظر للأزمة بكلياتها لا يكون مفيدا في معالجة الأزمة.. و أيضا هناك أحزاب و سياسيين متمسكين بالتفاوض ليس قناعة منهم إنه طريقا ناجعا للحل، بل لأنهم يعتقدون أن أنتصار الجيش على الميليشيا سوف يحدث واقعا سياسيا جديدا يصعب عليهم شروط الالتحاق به.. و أيضا هناك قوى سياسية تريد أن تنتهي الحرب لكي تواصل فعلها الثوري.. الأمر الذي يؤكد خمول العقل السياسي في إنتاج أفكار جديدة تتجاوز بها الأزمة..
أن الحرب ليست عملية سياحة للترفيه، أو حالة من حالات الغضب و بعدها ترجع الأشياء كما كانت قبل الحرب.. الحرب تستخدم فيها كل أدوات القتل و التدمير، و يظهر السلوك السالب بكل تفاصيله، و كلها أشياء سوف يكون لها انعكاسات على حياة الناس و سلوكهم و علي طريقة تفكيرهم.. الحرب حتما سوف تظهر قوى جديدة من الشباب الذين شاركوا في القتال، هؤلاء يجب أن يكون لهم دورا في مستقبل البلاد السياسي.. الجيش بعد الانتصار أيضا لديه مهمة أخرى.. هي حفظ الأمن و جمع السلاح من كل المقاتلين و فرض السلام الاجتماعي و السياسي في البلاد.. و وضع حد لتدخل النفوذ الخارجي في الشأن السياسي السوداني.. و كلها قضايا في حاجة للتفكير العقلاني الموضوعي... و ليس التفكير القائم على المصالح الضيقة..
معلوم في الفكر السياسي أن عملية البناء و النهضة تؤسس عن طريقين.. الأول أن تكون هناك أحزاب ناضجة و فاعلة، على رأسها قيادة لها مشروع سياسي، يلتف حولها الشعب و تعمل بجد، و عمل إداري بخبرات عالية، و نزاهة و شفافية. و التزام قوى بتطبق القوانين، و استطاعت أن تنجح في ذلك حدث ذلك في البرازيل و الهند و تركيا و ماليزيا و رواندا.. و هناك دول نهضت من خلال حزب واحد أو قيادات عسكرية أيضا استطاعوا أن يلتزموا بمعايير النهضة.. المشروع السياسي و حسن الإدارة و النزاهة و الشفافية و تطبيق القوانين و حدث ذلك في الصين و سنغافورة و كوريا الجنوبية و فيتنام.. و النجاح في الثاني الرهان عليه في التحول غلي الديمقراطية مرتبط بالتطور الاقتصادي الذي يبرز طبقة أوسطى جديدة تقود إلي تحول ديمقراطي من خلال دورها السياسي و الفكري و الثقافي في المجتمع..
إذا أردنا أن نقارن العملية السياسية في السودان.. بالتطورات التي حدثت بعد ثورة ديسمبر نجد أن الشارع كان أكثر وعيا من القوى السياسية، التي فشلت في إدارة الأزمة السياسية، لأسباب عديدة.. اولا - أنها لم تكن لديها مشروعا سياسيا.. ثانيا - القيادات التي قدمتها للمواقع الدستورية " الوزارات" أغلبيتهم كانت ذات خبرات ضعيفة، و بعض منهم أول وظيفة له في حياته و حياتها كانت وزارة.. ثالثا - خسارتهم للشارع الذي جاء بهم للسلطة.. رابعا – راهنوا على الخارج أن يعيدهم للسلطة.. خامسا - تحالفهم مع الميليشيا و أصبحوا جناحها السياسي.. سادسا - فشلوا في تقييم التجربة و مايزالون يرهانوا حتى الآن لكيفية العودة للسلطة، دون أن يكون لهم تصورا مقنعا للشارع... سابعا – عندما تفشل قيادة الأحزاب في معركتها و تخسر الشارع تبدأ بتغيير قياداتها في محاولة من أجل كسب الشارع، لكن قلة الخبرة، و عدم وجود قيادات أفضل ظلت الأحزاب تصارع بذات القيادات التي باتت غير مقبولة في الشارع..
أن البلد ليس كما قال جعفر الميرغني (بإنها في حاجة إلي مؤسسات انتخابية تضمن انتقال السلطة عبر انتخابات) البلد حتى يكون فيها أحزاب قادرة على تحمل المسؤولية الوطنية، هي في حاجة لتشريعات " قانون الأحزاب" أن تجرى الأحزاب مؤتمراتها قبل كل أنتخابات على أن لا يترشح أي عضو أكثر من دورتين.. و في الفترة الانتقالية أن تجري الأحزاب انتخاباتها مرتين قبل الانتخابات.. لكي يضمن الشعب ليس هناك احتكارية للأحزاب من قبل شلة أو مجموعات بعينها، أو بيوتات، أو أفراد، و بالتالي يضمن تداول القيادة في الأحزاب، و الانتخابات تضمن تجديد للأفكار و البرامج، و النافسة هي التي تخلق الوعي، و تقدم قيادات مدركة لدورها، إلي جانب مراقبة ألأموال حتى لا يتدخل النفوذ الخارجي عبر التمويل.. أن أهم خطوة قبل الانتخابات قانون الأحزاب.ز حتى تأتي قيادة ضعيفة القدرات لأنها لم تصعد لقمة الحزب إلا بسبب علاقة الأبوة و المحسوبية و الشللية و غيرها.. نسأل الله حسن البصيرة
zainsalih@hotmail.com