ألمانيا تبحث عن حلول لاستيعاب الأعداد المتزايدة من المهاجرين
تاريخ النشر: 6th, November 2023 GMT
يصل قرابة مائتي لاجئ يوميا إلى العاصمة الألمانية برلين
تشير التقديرات إلى وصول قرابة مائتي لاجئ يوميا إلى العاصمة الألمانية برلين فيما يفترض أن تكون إقامتهم بشكل مؤقت في مراكز استقبال أولية خاصة باللاجئين كالموجودة في مطار "تيجل" السابق في ضواحي المدينة قبل انتقالهم إلى أماكن إقامة أخرى.
لكن نظرا لصعوبة إيجاد شقق للإيجار، يبقى بعض اللاجئين في تيجل لأكثر من عام حتى وصل العدد إلى حوالي 4000 شخص فيما تجرى توسيعات من أجل استيعاب 8000 شخص.
رداً على طلب إحاطة من نائب برلماني عن حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي، قالت الحكومة الألمانية إن نحو 45 ألف شخص تقدموا بطلبات لجوء في ألمانيا خلال الأشهر التسعة الأولى من هذا العام.
وأثار هذا الأمر الكثير من الجدل ليس فقط في برلين وإنما في المدن والبلديات في جميع أنحاء البلاد.
الجدير بالذكر أنه منذ بداية 2023، شرع 220 ألف مهاجر في تقديم طلبات اللجوء فيما يسجل المزيد أسمائهم لدى السلطات من أجل إيوائهم خاصة مليون لاجئ أوكراني فروا من الحرب الروسية على بلادهم التي بدأت أواخر فبراير / شباط العام الماضي.
"حالة طوارئ"
وفي هذا السياق، يقول رؤساء البلديات ومجالس الولايات في جميع أنحاء البلاد إنه لم يعد هناك أماكن لإيواء واستيعاب اللاجئين الذين يتم توزيعهم وفقا لقواعد ثابتة خاصة بتوزيع اللاجئين في البلاد.
وقد نظمت منصة Mediendienst Integration المعنية بتبادل المعلومات حول الهجرة واللجوء في ألمانيا استطلاعا للرأي الشهر الماضي بالتعاون مع باحثين في مجال الهجرة من جامعة هيلدسهايم وبمشاركة 600 من أصل 11 ألف بلدية في ألمانيا.
وقد وصف قرابة 60% ممن استطلاع آرائهم الوضع في البلاد فيما يتعلق بقضية اللاجئين بأنه "صعب، لكنه مازال ممكنًا" فيما قال 40% إنهم باتوا "مثقلون بالأعباء" أو قالوا إنهم وصلوا إلى "حالة الطوارئ".
ويرى مراقبون أن أزمة السكن تعد مشكلة رئيسية، لكنها ليست الوحيدة إذ يدخل في هذا الإطار نقص الموظفين الإداريين وعدم وجود أماكن كافية في دور الحضانة والمدارس ودورات اللغة ومراكز تقديم الخدمات الاستشارية للاجئين الذين يعانون من مشاكل نفسية جراء الصراعات والنزاعات في بلدانهم الأصلية.
وخلال الاستطلاع، قال 53 % من رؤساء البلديات والمجالس المحلية إن المدن باتت "مثقلة بالأعباء" فيما يقول مراقبون إن المسؤولين المحليين يميلون إلى تبني نظرة سلبية حيال قضية اللجوء.
وترجع ميريام مارنيتش، المتحدثة باسم الاتحاد الألماني للمدن والبلديات، ذلك إلى الاستياء المتزايد من سياسة الهجرة بين السكان بشكل عام، مضيفة "لم يعد من الممكن فعليا تحقيق الاندماج في العديد من البلديات في الوقت الحالي بسبب استنفاد الموارد."
وتشمل الحلول التي اقترحها المشاركون في الاستطلاع الحد من الهجرة لضمان توزيع عدد أقل من اللاجئين على المدن الألمانية أو وقف التوزيع بشكل مطلق، فيما طالب آخرون بالحصول على مزيد من المخصصات المالية من الحكومة الفيدرالية بما يشمل تمويل طويل الأجل ودعم في مجال السكن وزيادة برامج الإسكان الاجتماعي فضلا عن تسهيل الإجراءات القانونية.
يقترح سياسيون تقديم مزايا عينة إلى اللاجئين بدلا من دفع أموال نقدية
ماذا عن الترحيل؟
وقال خمس المشاركين في الاستطلاع إنهم يرغبون في زيادة عمليات الترحيل، فيما قال بوريس كوهن، باحث الهجرة في جامعة هيلدسهايم، إن هذا المنطق "قد يكون مقبولا بالنظر إلى حساسية وأهمية هذا الموضوع حاليا في السياسة الفيدرالية وسياسات الولايات الألمانية".
يشار إلى أنه جرى رفض طالبات لجوء تقدم بها حوالي 250 ألف شخص في ألمانيا حتى الآن، لكن ليس من الممكن المضي قدما في إعادة ترحيل مائتي ألف منهم سوءا بسبب رفض أي دولة استقبالهم أو أن بلدانهم الأصلية تعصف بها حروب أو أنهم يعانون مشاكل صحية خطيرة حيث لا يتوفر العلاج المناسب في بلدانهم الأصلية.
يشار إلى أنه في أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، صاغت الحكومة مشروع قانون لزيادة وتيرة عمليات الترحيل، لكن الارتفاع الكبير في عدد اللاجئين يعود إلى أعداد الوافدين الجدد فيما قال كوهن إنه "لن يتم تحقيق الكثير فيما يتعلق بخفض الأعداد من خلال قواعد الترحيل الأكثر صرامة".
إعادة النظر في المزايا الاجتماعية؟
ويناقش السياسيون إمكانية الحد من الإعانات الاجتماعية المقدمة للاجئين حيث تعد ألمانيا أكثر سخاء مقارنة بباقي دول الاتحاد الأوروبي وهو ما دفع بعض السياسيين من الأحزاب المحافظة إلى القول بأن هذا الأمر ساهم في جعل ألمانيا "نقطة جذب" للاجئين مع طرح إمكانية تقليل المزايا المالية أو عدم دفع أي شيء للاجئين الجدد.
لكن المقترح قوبل بانتقادات من قبل باحثين في مجال الهجرة حيث قال نيكلاس هادر، الخبير في المركز الألماني لأبحاث الاندماج والهجرة في برلين، إنه جرى في تسعينيات القرن الماضي وفي عام 2015 "تجربة مبدأ تقديم مزايا عينية، لكن ثبت أن الأمر غير عملي".
وكان يمكن من الناحية القانونية في السابق أن تقدم البلديات على تقديم مزايا عينية لللاجئين، لكن الأمر استلزم المزيد من الموارد فيما تبين أنه أكثر تكلفة بكثير من مجرد أموال نقدية.
ويحصل البالغون الذين يعيشون في مرافق الاستقبال الأولية، على الطعام في أماكن إقامتهم بالإضافة إلى مبلغ 150 يورو كحد أقصى شهريا في صورة "نثريات أو مصروف جيب" لتلبية الاحتياجات الشخصية مثل فواتير الهاتف وتذاكر السفر فيما نصت المحكمة الدستورية أنه لا يمكن تخفيض هذه الإعانة المالية بشكل تعسفي.
وفي تعليقها، قالت ميريام مارنيتش، المتحدثة باسم الاتحاد الألماني للمدن والبلديات، إنه إذا جرى الاعتماد بشكل حصري على "المزايا العينية، فهذا لا يعني أن عددا أقل من (اللاجئين) سوف يقصد ألمانيا". واقترحت توزيع العبء على الدول الأوروبية.
بطاقات دفع إلكترونية ربما الحل
وذكرت تقارير محلية إن السلطات الالمانية تدرس التحول إلى دفع المخصصات المالية للاجئين عن طريق بطاقات الدفع الإلكترونية بدلا من الدفع النقدي وهو ما يطبق في بلدان أخرى، مثل فرنسا حيث يحصل اللاجئون على بطاقة تقوم السلطات الاجتماعية بتحويل الأموال إليها بانتظام مع إمكانية استخدامها في محلات السوبر ماركت وذلك بدلا من الحصول على أموال نقدية.
لكن لا يمكن سحب أموال نقدية من هذه البطاقات.
ورغم ذلك، مازال الباحث في شؤون الهجرة هادر يساوره بعض الشكوك، قائلا "نعلم جميعا أنه يمكن سحب أموال من هذه البطاقات إذا أراد اللاجئ ذلك فالأمر ليس مستحيلا".
سابين كينكارتز / م. ع
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: سياسة اللجوء المهاجرين طالبي اللجوء المانيا الهجرة المستشار الألماني أولاف شولتس دويتشه فيله سياسة اللجوء المهاجرين طالبي اللجوء المانيا الهجرة المستشار الألماني أولاف شولتس دويتشه فيله فی ألمانیا
إقرأ أيضاً:
لبنان يطلق المرحلة الأولى من خطة عودة اللاجئين السوريين
شعبان بلال (دمشق، القاهرة)
أعلن لبنان، أمس، انطلاق المرحلة الأولى من خطة الحكومة لعودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.
وقالت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية: إن العودة تتم بالتنسيق بين المديرية العامة للأمن العام اللبناني والدولة السورية، عبر مركز «المصنع» الحدودي البري شرق البلاد، مشيرةً إلى أنه تم تحديد نقطة التجمع في بلدة «بر الياس» استعداداً لانطلاق القوافل نحو سوريا. وتأتي الخطوة في إطار العودة المنظمة والآمنة بمشاركة كل من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة والصليب الأحمر اللبناني وعدد من المنظمات الإنسانية.
وكان نائب رئيس مجلس الوزراء اللبناني طارق متري قد صرح في وقت سابق أن العودة ستنقسم إلى قسمين، منظمة وغير منظمة، بحيث يتم في الأول تسجيل الأسماء وتأمين حافلات لنقلهم إلى الداخل السوري على أن يحصل كل لاجئ على مبلغ 100 دولار.
أما بالنسبة للعودة غير المنظمة فسيكون على اللاجئ أن يحدد موعد مغادرته وتأمين وسيلة التنقل لكنه سيحصل أيضاً على 100 دولار.
وسيقوم الأمن العام اللبناني بإعفاء المغادرين من الغرامات المترتبة عليهم نتيجة إقامات منتهية الصلاحية مع شرط عدم العودة إلى لبنان.
وكشفت المتحدثة باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، سيلين شميت، عن عودة أكثر من 443 ألف لاجئ سوري إلى بلادهم حتى أبريل الماضي، موضحةً أن أكثر من مليون نازح داخلياً عادوا إلى مناطق إقامتهم الأصلية.
وذكرت شميت، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن العائدين يواجهون تحديات كبيرة، أبرزها الدمار الذي لحق بمنازلهم، والمخاطر الناتجة عن الألغام الأرضية، ونقص الخدمات الأساسية، مما يتطلب استجابة إنسانية مرنة وسريعة، ودعماً دولياً مستمراً لضمان كرامتهم واستقرارهم.
وأشارت إلى أن أبرز التحديات التي يواجهها العائدون تتعلق بالإسكان، حيث إن العديد من المنازل تضررت كلياً أو جزئياً، مما يجبر السكان على الإقامة في مراكز إيواء مؤقتة أو لدى أقاربهم في ظروف مزدحمة، موضحة أن الحصول على خدمات المياه والكهرباء لا يزال محدوداً في العديد من المناطق.
وأفادت شميت بأن الألغام والذخائر غير المنفجرة تشكل خطراً كبيراً على المدنيين في محافظات إدلب وحلب واللاذقية ودرعا، حيث تُسجل إصابات ووفيات أسبوعية، لا سيما بين الأطفال.
وقالت المسؤولة الأممية: إن الأوضاع الاقتصادية لا تزال هشة للغاية، إذ تتفاقم الأزمة نتيجة تدهور الخدمات العامة، وانخفاض القدرة الشرائية، وصعوبة الوصول إلى المعاملات المصرفية، إضافة إلى مشاكل السيولة.
وحذرت من خطورة النقص الواسع في خدمات الكهرباء والمياه في العديد من المناطق، مؤكدة أن إصلاح هذه الخدمات يشكل تحدياً بسبب الأضرار الجسيمة التي لحقت بالبنية التحتية، مشيرة إلى فقدان عدد كبير من السوريين لوثائق الهوية والملكية، جراء تدمير سجلات الأحوال المدنية، مما يعرقل حصولهم على وثائق بديلة.
احتياجات إنسانية
أكدت شميت أن الاحتياجات الإنسانية ما تزال مرتفعة، حيث يقدر عدد المحتاجين للمساعدات بأكثر من 16.7 مليون شخص، إضافة إلى وجود نحو 7.4 مليون نازح داخلياً، و6.2 مليون لاجئ خارجياً، مشددة على أن الظروف لا تزال بالغة الصعوبة، مما يستوجب استمرار دعم المجتمع الدولي لمساندة السوريين في إعادة إعمار وطنهم ومعالجة الأزمة الإنسانية.