حكم الثناء على الميت أثناء الدفن
تاريخ النشر: 7th, November 2023 GMT
قالت دار الإفتاء المصرية، إن الله سبحانه وتعالى اختص الأمة المحمدية على غيرها مِن الأمم السابقة ليكونوا شهداء الله في أرضه في الحياة الدنيا، وعند البعث بعد الموت يوم القيامة، وهذا ما تواردت عليه النصوص الشرعية.
. الإفتاء توضح الحكم
أضافت الإفتاء، أن الثناءَ على الميت والشهادةَ له بالخير عند دَفْنِهِ سُنَّةٌ مستَحَبةٌ أقرَّها النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعَوَّل عليها، ونَصَّ العلماء على استحبابها، وأن ذلك يَنفع الميتَ ويَشفَع له، لا سيما إذا كانوا مِن أهل الفضل والصدق، فيغفر الله عَزَّ وَجَلَّ للميت بشهادتهم له.
بعض من خصائص الأمة المحمدية وبيان فضلهاأوضحت الإفتاء، أن الله تعالى خص الأمةَ المحمديةَ بجملة من الخصائص، وشَرَّفها بمزيد مِن المزايا والفضائل، فمنها ما انفَرَدَت به عن غيرها مِن الأمم السابقة، ومنها ما شارَكَها فيه غيرُها، وتميَّزَت عنهم فيه بالكمال والتمام، ومِن جملة ما اختَصَّ اللهُ به هذه الأمةَ دون غيرها مِن الأمم السابقة: أنهم شهداء الله في أرضه، فقال الله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾ [البقرة: 143]، وقال سبحانه: ﴿مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾ [الحج: 78].
وبينت الإفتاء، أن الشهادة المخصوصة بها الأمةُ المحمدية: شهادتان: تتحقق الأُولى منهما في الآخرة بشهادة الأمة المحمدية على غيرها مِن الأمم السابقة بتبليغ أنبيائهم لهم، والأصل في ذلك ما روي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «يُدْعَى نُوحٌ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: هَلْ بَلَّغْتَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيُقَالُ لِأُمَّتِهِ: هَلْ بَلَّغَكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: مَا أَتَانَا مِنْ نَذِيرٍ، فَيَقُولُ: مَنْ يَشْهَدُ لَكَ؟ فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ، فَتَشْهَدُونَ أَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ: ﴿وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾، فَذَلِكَ قَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾»، وَالوَسَطُ: العَدْلُ. أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه".
وتتحقق الثانية في الحياة الدنيا بشهادة الناس بعضِهم على بعضٍ بالخير أو بالشَّرِّ عند الموت، والأصل في ذلك ما روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قَالَ: مُرَّ بجنازة، فأُثْنِيَ عليها خيرًا، فقال نبيُّ الله صلى الله عليه وآله وسلم: «وَجَبَتْ، وَجَبَتْ، وَجَبَتْ»، ومُرَّ بجنازة، فأُثْنِيَ عليها شرًّا، فقال نبيُّ الله صلى الله عليه وآله وسلم: «وَجَبَتْ، وَجَبَتْ، وَجَبَتْ»، قال عمر رضي الله عنه: فدى لك أبي وأمي، مُرَّ بجنازة، فأُثْنِيَ عليها خيرٌ، فقلتَ: «وَجَبَتْ، وَجَبَتْ، وَجَبَتْ»، ومُرَّ بجنازة، فأُثْنِيَ عليها شَرٌّ، فقلتَ: «وَجَبَتْ، وَجَبَتْ، وَجَبَتْ»؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْرًا وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ، وَمَنْ أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرًّا وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ فِي الْأَرْضِ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ فِي الْأَرْضِ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ فِي الْأَرْضِ» أخرجه الشيخان.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيَشْهَدُ لَهُ أَرْبَعَةٌ مِنْ أَهْلِ أَبْيَاتِ جِيرَانِهِ الْأَدْنَيْنَ أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ مِنْهُ إِلَّا خَيْرًا، إِلَّا قَالَ اللهُ تَعَالَى وَتَبَارَكَ: قَدْ قَبِلْتُ قَوْلَكُمْ -أَوْ قَالَ: شَهَادَتَكُمْ-، وَغَفَرْتُ لَهُ مَا لَا تَعْلَمُونَ» أخرجه الأئمة: أحمد في "المسند"، وأبو يعلى في "المعجم"، وابن حبان في "الصحيح"، والحاكم في "المستدرك" وصححه.
وقد سَخَّر اللهُ سبحانه وتعالى ملائكةً تَنْطِقُ على أَلْسِنَةِ الخَلْق بما في المَرْءِ مِن خيرٍ أو شَرٍّ، كما في الحديث الذي رواه أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ لِلهِ مَلَائِكَةً تَنْطِقُ عَلَى أَلْسِنَةِ بَنِي آدَمَ بِمَا فِي الْمَرْءِ مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ» أخرجه الإمام الحاكم في "المستدرك" وصححه.
وأحاديث الباب كثيرةٌ، حتى بَوَّب الأئمةُ الحُفَّاظ في كُتُبهم أبوابًا مخصوصة لذلك، فبَوَّب الإمامُ البخاري: (بَاب ثَنَاءِ النَّاسِ عَلَى المَيِّتِ)، وبَوَّب الإمامُ مسلم: (بَاب فِيمَنْ يُثْنَى عَلَيْهِ خَيْرٌ أَوْ شَرٌّ مِنَ الْمَوْتَى)، وبَوَّب الإمامُ ابن حبان: باب (ذِكْر مَغْفِرَةِ اللهِ جَلَّ وَعَلَا ذُنُوبَ مَنْ شَهِدَ لَهُ جِيرَانُهُ بِالْخَيْرِ وَإِنْ عَلِمَ اللهُ مِنْهُ بِخِلَافِهِ)، وباب (ذِكْر إِيجَابِ الْجَنَّةِ لِمَنْ أَثْنَى عَلَيْهِ النَّاسُ بِالْخَيْرِ إِذْ هُمْ شُهُودُ اللهِ فِي الْأَرْضِ).
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الميت الدفن دار الافتاء الإفتاء الحياة الدنيا يوم القيامة الموت الله صلى الله علیه وآله وسلم رضی الله عنه ف ی ال أ ر ض ف ی ق ول ش ه ید ا
إقرأ أيضاً:
هل يجوز صلاة ركعتين تحية المسجد والإمام يخطب الجمعة؟.. الإفتاء تجيب
هل يجوز صلاة ركعتين تحية المسجد والإمام يخطب الجمعة؟ سؤال أجاب عنه الشيخ عويضة عثمان، مدير إدارة الفتوى الشفوية وأمين الفتوى بدار الإفتاء.
وقال فى فتوى سابقه له: إنه يُسنُّ للداخل إلى المسجد صلاة ركعتين، تسمى ركعتي تحية المسجد، ففيما ورد عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أن صلاة ركعتين تحية المسجد سُنة مؤكدة، ولا ينبغي لمن دخل المسجد أن يجلس قبل أن يصلي ركعتين، حتى في يوم الجمعة والإمام يخطب.
ولكنه أوضح أنه يشترط لمن صلى ركعتي التحية أثناء خطبة الإمام أن يخففهما.
واستشهد بما ورد في صحيح مسلم، أن رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ، فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، وَلْيَتَجَوَّزْ فِيهِمَا»، حيث إن معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: «وليتجوز فيهما» يعني يخففهما.
وتابع: أن في هذا مراعاة لـ خطبة الجمعة؛ فحصل الجمع بين مصلحتين: أداء حق بيت الله تعالى، وعدم التفريط في خطبة الجمعة إلا بالقدر الذي لا بد منه لأداء تحية المسجد.
قال مجمع البحوث الإسلامية، في إجابته على سؤال: هل يأثم من ترك تحية المسجد إذا دخل أثناء خطبة الجمعة ؟، إنه كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يأمر من دخل المسجد في أثناء الخطبة ولم يصلِّ التحية أن يصليها؛ وقد ورد في هل ياثم من ترك تحية المسجد إذا دخل أثناء خطبة الجمعة ؟ عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: دخل رجلٌ يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال: «أصليت؟»، قال: لا، قال: «قم فصلِّ ركعتين»؛ متفق عليه، كما ورد في إجابة هل ياثم من ترك تحية المسجد إذا دخل أثناء خطبة الجمعة ؟ في رواية لمسلم: قال جابر بن عبدالله رضي الله عنهما: جاء سليك الغطفاني يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب، فجلس، فقال له: «يا سليك، قم فاركع ركعتين، وتجوَّز فيهما»، ثم قال: «إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين، وليتجوز فيهما»، ففيه أنه أمره بهما بعد أن جلس، وهذا أبلغ في بيان مشروعيتهما، وإن كان أثناء خطبة الجمعة ، بل حتى لو جلس الرجل جاهلًا أو ناسيًا، فإنه يشرع له أن يقوم فيصليهما.
وأوضح «البحوث الإسلامية» عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أنه كذلك قوله - صلى الله عليه وسلم: «والإمام يخطب - أو قد خرج -»، يعم ما إذا دخل الشخص وقد خرج الإمام ولم يبدأ في الخطبة وإنما قد شرع المؤذن في الأذان، فإنه يستحب له أن يصلي تحية المسجد وإن كان أثناء الأذان، وليتجوز فيهما أيضًا؛ حتى يتمكن من الاستماع إلى الخطبة من أولها، وهذا أولى من الانتظار حتى يتم الأذان، وقد نبه بعض الفقهاء رحمهم الله إلى هذا، فقال العلامة ابن مفلح رحمه الله في كتابه الفروع: ولا يركع داخل المسجد التحية قبل فراغه (يعني المؤذن)..(قال): ولعل المراد غير أذان الجمعة؛ لأن سماع الخطبة أهم، ونقله عنه صاحب الإنصاف وكشاف القناع وغيرهم، وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: استثنى بعض العلماء من دخل المسجد والمؤذن يؤذن يوم الجمعة الأذان الثاني، فإنه يصلي تحية المسجد لأجل أن يستمع الخطبة، عللوا ذلك بأن استماع الخطبة واجبٌ، وإجابة المؤذن ليست واجبة، والمحافظة على الواجب أولى من المحافظة على غير الواجب.