الجزيرة:
2025-10-08@02:17:00 GMT

اقتلوا ولكن على غير مَرأى من الصحافة

تاريخ النشر: 9th, November 2023 GMT

اقتلوا ولكن على غير مَرأى من الصحافة

لم يصطبر مديرُ مكتب المندوبية السامية لحقوق الإنسان التابع للأمم، بنيويورك السيد كريك موخيبر Craig Mokhiber على ما يجري في غزّة وقدّم استقالته لِما اعتبره إبادة جماعيَّة تجري أمام الأعين، للتهاون الذي أبدته المنظومة الدوليّة والمجموعة الدولية في وقف العدوان وحماية المدنيين، وشفع الاستقالة برسالة إلى المندوب السامي لحقوق الإنسان تُوضّح حقيقة الوضع وسبب المشكل:

"يظهر جليًا، مع ما يطبع ذلك من أسى، أننا تخلّفنا عما يلزم وما يفرضه الواجب لتجنب فظائع جماعيّة، وعن واجبنا في حماية الأشخاص في وضعيّة هشّة، وإلى الواجب المرتّب عن ذلك في عرض من اقترفوا تلك الجرائم أن يكونوا محاسَبين على أفعالهم.

استمرّ الأمر من خلال موجات متكرّرة من تقتيل الفلسطينيين واضطهادهم منذ أن وُجدت الأمم المتحدة."

وليضيف:

"إنَّ المجزرة التي يتعرّض لها الشعب الفلسطيني- والتي تستند إلى أيديولوجية استعمارية، وإثنية قومية، بعد عقود من الاضطهاد والتطهير المنهجي، على أساس وضعيتهم بصفتهم عربًا، مع إعلان عن تلك النوايا بشكل جلي، من قِبل زعماء الحكومة الإسرائيلية، وجيشها- لا تترك مجالًا للشكّ ولا للحوار".

ويسترسل :

"في غزة تُقصف المساكن والمدارس والكنائس والمساجد والمؤسسات الطبية، من غير سبب، ويُقتل آلاف المدنيين. وفي الضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة، تتم مصادرة بيوت أصحابها، وتُمنح للأغيار، استنادًا لعِرقهم. يرافق المستوطنين- الذين يرتكبون بوغرومات (مجازر)- وحداتٌ عسكرية إسرائيلية. تسود شِرعة الأبارتيد البلد كله.

ندخل إلى صنف جديد من الإبادة (..) القضاء بشكل سريع على بقايا الحياة الفلسطينية الأهلية في تلك الأراضي".

لنصل إلى بيت القصيد :

"حكومات كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وجزء كبير من أوروبا مشاركون في هذه الهجمة المريعة. إنهم لا يكتفون بالامتناع عن الاضطلاع بواجبهم بالنظر لاحترام معاهدات جنيف، ولكنهم يمدُّون إسرائيل بالسلاح والمعلومات ويغطون سياسيًا ودبلوماسيًا على الفظائع التي ترتكبها".

أتوقف هنا، لأنَّه ليس هناك تحليل أدقّ عن جذور المأساة، والتي تعود إلى فجر الأمم المتحدة، أو عقبها مباشرة، وإلى جوهر المشكل، وهو واقع الاحتلال والأبارتيد، والقتل والاضطهاد، وإلى التطور الذي حصل في مسار النزاع- مع الانتقال إلى فصل جديد في الإبادة، إلى إبادة نهائيّة، والإشارة إلى المسؤولين عمّا يجري- وهو مشاركة الغرب، وليس فقط تواطؤُه، مع كل من الولايات المتحدة وبريطانيا والغرب، عسكريًا ولوجيستيكيًا، ثم تغطية أعمال إسرائيل سياسيًا ودبلوماسيًا.

أهمية التحليل هو أنه يأتي من شخص ليس فلسطينيًا ولا عربيًا ولا مسلمًا، ولا ناشطًا سياسيًا، ولكنه مسؤولٌ عن ملفّ حقوق الإنسان، في منظمة أممية، وهو ما يضفي عليه الموضوعية.

هناك مسؤولية دولية عن الإبادة الجماعية التي تجري في غزة، ومشاركة غربية، فعلية أو ضمنية، ولا يمكن لأحد منذ الآن، أن يتذرع بأنه لم يكن يعرف.

ما تزعمه الولايات من حقّ "إسرائيل في الدفاع عن نفسها" بل "واجبها"- حسب الرئيس الأميركي بايدن- يعني عمليًا قتل شعب وإبادته، وعدم التحرج من التطهير العِرقي.

هذا ما يقوله مسؤولوها في إسرائيل، جهارًا، ويرسمون خطط الإبادة في الاجتماعات التي يعقدونها مع القيادة العسكرية الإسرائيلية سرًّا.

المؤذي ليس هو اصطفاف الولايات المتحدة إلى جانب القوة، والعنف والتقتيل، والدمار، والتشريد، والزيف والتضليل، وتقديم أدوات التقتيل؛ إذ ليس في الأمر جديد، ولكن تقديم خدمة الشفاه، كما يقال في اللغة الإنجليزية، أو الضحك على الذقون باللغة العربية؛ لأنّ أميركا تزعم أنها تُعنى بحَيَوات المدنيين، وتقديم المساعدات لهم، وفتح "الممرات الإنسانية"، وهي التي حملت في أول مُكوكها خيار "الترانسفير".

بلينيكن، الذي يمثل جيلًا جديدًا من ساكنة فوغي باتوم (مقر كتابة الدولة الأميركية)، يُغلفون خطابهم ببعض المراهم. اقتلوا ولكن لا تغلوا في القتل، واقتلوا ولكن على غير مرأى من الصحافة. اقتلوا، وأعطوا ضحاياكم مهلة، كي تستردوا قوتكم.. ويسترجعوا أنفاسهم.

لا شيء يمكن انتظاره من الولايات المتحدة، "الوسيط النزيه"، الذي روّج الأداة السحرية، في الحديث إلى العالم العربي، من خلال توظيف تناقضات مكوناته، ولغة خدمة الشفاه.

الحديث ينبغي أن يجري مع التاريخ. وما يقع هو إبادة جماعية، وهو تطهير عِرقيّ، غير مسبوق مما تعرض له الفلسطينيون منذ النكبة. ينبغي حفظ كل ما يجري وتوثيقه لتحديد مسؤولية الجناة، ومسؤولية المشاركين والمتواطئين، للتاريخ.

نحن أمام تطهير عِرقيّ وإبادة جماعيَّة، ونكبة جديدة، ولكن في حجم أكبر من الأولى. فلم يعرف الفلسطينيون تقتيلًا كهذا الذي يجري الآن- وفي برودة دم- يفوق دير ياسين، وكفر قاسم، وجنين، وغزة 2009، وغزة 2014.

ولكن التاريخ لا يعيد نفسه، وإن تكرّر. يأخذ شكلًا تراجيديًا أول الأمر، ولكنه يأخذ شكلًا مغايرًا بعدها. لن تكون حرب "استقلال" ثانية، كما زعم نتنياهو، ولكن بداية منعرج في العلاقات الدولية لن يكون أبدًا -من منظور التاريخ- في مصلحة إسرائيل، ولا الغرب، ولا الدول المتمسّكة بتلابيه، والمستظلّة بحمايته.

ما يقع هو تحول جذريّ ليس فقط على مستوى الصراع العربي- الإسرائيلي، ولكنه على مستوى العالم، ستبلغ فرقعاته مجتمعات العالم العربي، يحجبه عنا اليوم نقْعُ المواجهة.. نعم الثمن غالٍ، ذلك الذي أدّاه الفلسطينيون ويؤدّونه، ولكن التحوّل لن يكون في صالح من ارتكنوا للقوَّة، وخنقوا الحقيقة.

الانتصار العسكري ليس بالضرورة صنو الانتصار السياسي، والقوة ليست مرادفًا للحق والعدل. والموضوعية تقتضي النظر إلى الصورة كاملة، إلى سياق ما قبل "طوفان الأقصى"، إلى الحصار المضروب على غزّة والتضييق والتقتيل والاستهتار الذي يطال الفلسطينيين.

ونتحمل مسؤوليتنا فيما يجري؛ لأننا حرمنا الفلسطينيين من جدارٍ يسندون إليه ظهورهم حين المواجهة، وعمقٍ يلوذون به، ليضمّدوا جراحهم، ويستردوا أنفاسهم.

حينما كان مسلمو الأندلس يواجهون وحدهم عمليات الإبادة بعد مجزرة معارك البوشارات (1568) بعث فقيهٌ رسالة إلى علماء تلمسان والأزهر حول ما كان يتعرض له مسلمو الأندلس من تقتيل وانتهاك حرمات ذويهم، وشفع أن ما يؤذيه ليس ما يتعرضون له، فذلك أهون عليهم من الفُرقة التي عليها أبناء جلدتهم وإخوانهم في الدين، فذلكم يؤذيهم أكثر مما يؤذيهم ما كان العدو يفعله بهم.

وستبقى مسؤوليتنا قائمة ما أبقينا على الفُرقة بيننا والنزاعات الهامشية، ولم نستخلص العِبرة مما يجري، ونقبل أن نكون كما الأيتام على مائدة اللئام.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الولایات المتحدة ما یجری ا یجری

إقرأ أيضاً:

الجزيرة نت ترصد توقعات السوريين في حماة من مجلس الشعب الجديد

حماة- أعلنت اللجان الفرعية في المحافظات السورية انتهاء الانتخابات الأولية لمرشحي مجلس الشعب، عقب فرز الأصوات بحضور الهيئات الناخبة ومشاركة وسائل الإعلام، كما كشفت عن أسماء الفائزين، في انتظار اعتماد النتائج رسميا من اللجنة العليا للانتخابات خلال 48 ساعة من انتهاء عملية الاقتراع.

وخلال عملية الاقتراع في محافظة حماة، التي مددتها اللجنة الفرعية 5 ساعات إضافية لاستكمال التصويت وفرز الأصوات، أجرت الجزيرة نت استطلاعا رصَد تطلعات الناخبين تجاه أعضاء مجلس الشعب الجديد، وهو الأول في سوريا بعد مرحلة التحرير.

عمليات الاقتراع في دائرة مجلس الشعب السوري الانتخابية بحماة (الجزيرة)آراء الناخبين

أكد الناخب حافظ طيفور من دائرة حماة أن "الانتخابات لم تكن لتُعقد لولا حضور أكثر من 80% من أعضاء الهيئة الناخبة، وقد تحقق ذلك فعلا مع إقبال كبير".

وأضاف في حديثه للجزيرة نت، أن "العملية الانتخابية جرت بحرية تامة ودون أي ضغوط، حيث صوت كل ناخب وفق قناعته وبرنامجه الانتخابي"، موضحا أنه اعتمد في اختياره المرشحين على الكفاءة والخبرة القانونية بالدرجة الأولى.

وتمنى طيفور من أبناء مدينة حماة ومن الشعب السوري عموما، أن يحتفظوا بالبرامج الانتخابية لكل مرشح فائز، بهدف تعزيز الرقابة الشعبية على مدى التزام النواب بتنفيذ ما ورد في برامجهم ومتابعة تطبيقه على أرض الواقع.

وأعربت الصيدلانية زينة عبيسي، وهي من أعضاء الهيئة الناخبة في حماة، عن أملها في أن يعمل الفائزون على توفير فرص عمل للشباب، ودعم القطاع التنموي بما يعزز قدراتهم، إلى جانب فتح قنوات تواصل مستمرة أو عقد اجتماعات دورية مع المواطنين ولجان الأحياء، لنقل مطالبهم وصوتهم إلى قبة المجلس.

وأكدت عبيسي في حديثها للجزيرة نت، "أهمية العمل على تعديل القوانين الناظمة للجامعات وغيرها من المؤسسات"، مشيرة إلى أن ما يميز هذه الانتخابات هو خلو الشوارع من صور المرشحين التي اعتادها السوريون طوال ستين عاما، وغياب تأثير "المال السياسي" المتمثل في الولائم أو شراء الأصوات.

إعلان

وأضافت أن قِصر المدة بين الترشح والانتخاب -والتي لم تتجاوز ثلاثة أيام-، كان كافيا برأيها لتحكيم الضمير والاختيار بحرية تامة دون أي ضغوط من أي جهة.

كما أعربت المهندسة عبير حموية، وهي عضو في الهيئة الناخبة بحماة، عن أملها في أن يسهم الفائزون في تطوير مختلف قطاعات البلاد الاقتصادية والاجتماعية والشبابية والتعليمية، للوصول إلى مستوى متكامل من التنمية المطلوبة.

من جانبه، قال وائل المرعي، وهو عضو مراقب لصالح أحد المرشحين في دائرة حماة، إن "أجمل ما ميز هذا اليوم هو استبعاد مناصري الأسد أو من يؤيده عن العملية الانتخابية"، معبرا عن إعجابه بسير التنظيم منذ انطلاق الانتخابات، بدءا من تشكيل الهيئات الناخبة وصولا إلى عملية الاقتراع.

وأشار المرعي خلال حديثه للجزيرة نت، إلى أن آلية اختيار أعضاء مجلس الشعب رسمت ملامح المجلس مسبقا، إذ قامت على معايير محددة توجهت نحو خيارات معينة دون غيرها.

لجنة الانتخابات تفرز أصوات الناخبين في انتخابات مجلس الشعب السوري بحماة (الجزيرة)أسس الاختيار

من جانبه، أكد الدكتور عماد برق، عضو اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب والمشرف على الدوائر الانتخابية في حماة، أنه تابع مجريات العملية الانتخابية ميدانيا، واطلع على الأجواء العامة، مؤكدا في حديثه للجزيرة نت حرص اللجنة على تأمين بيئة مناسبة للناخبين أثناء الاقتراع.

وأشار إلى أن جميع المراكز الانتخابية فُتحت أمام وسائل الإعلام لضمان الشفافية والنزاهة، في تجربة وصفها بأنها "الأولى من نوعها" التي يخوضها السوريون بحرية وديمقراطية حقيقية، لإعادة تأسيس سلطتهم التشريعية بعد عقود من حكم الأسد، لافتا إلى عدم وجود أي نتائج كاسحة، ما يعكس حجم المنافسة بين المرشحين.

بدوره، قال محمد عبيدة سوتل، مسؤول العلاقات الإعلامية في دائرة الانتخابات بحماة، إن مديرية الإعلام اتخذت إجراءات خاصة بتوزيع منسقين إعلاميين في المراكز الانتخابية الخمسة بمحافظة حماة، كالسلمية، ومصياف، والسقيلبية، ومحردة بهدف تسهيل عمل وسائل الإعلام المحلية والعربية والدولية، وضمان سرعة تدفق المعلومات ووضوحها.

واعتبر في حديثه للجزيرة نت، أن هذه الخطوة أسهمت في تعزيز الشفافية، خاصة أنها المرة الأولى التي يُسمح فيها لوسائل الإعلام بتغطية العملية الانتخابية مباشرة بعد تحرير سوريا.

عملية فرز الأصوات في انتخابات مجلس الشعب السوري بحماة (الجزيرة)تطلعات الفائزين

أما نافع البرازي، رئيس اللجنة الفرعية لدائرة حماة الانتخابية، فأوضح أن النتائج المعلنة حتى الآن أولية، مؤكدا -للجزيرة نت-، أن النتائج الرسمية ستصدر عن اللجنة العليا للانتخابات يومي الاثنين أو الثلاثاء.

وقال "نأمل أن يكون المجلس القادم ممثلا حقيقيا لجميع السوريين، وأن يعكس احتياجات الناس وطموحاتهم في بناء وطن مزدهر ومستقبل مشرق لسوريا الجديدة”.

وفي السياق ذاته، تحدثت مؤمنة عربو، المرشحة الحاصلة على أعلى عدد من الأصوات في دائرة حماة، أن حصولها على هذا الدعم الواسع جاء من تواصلها المباشر بالناخبين خلال اليومين السابقين، وحرصها على مناقشة برنامجها الانتخابي معهم.

إعلان

وأعربت عن أملها في الوفاء بالوعود التي قطعتها على نفسها لخدمتهم، سواء على المستوى التشريعي أو الخدمي، مشيرة إلى أنها وضعت خطة عمل تتضمن آليات تواصل فعالة مع المجتمع، لضمان استمرارية الحوار ونقل احتياجات المواطنين إلى مجلس الشعب، واختتمت "فوزي لم يكن إنجازا فرديا، بل ثمرة عمل جماعي متكامل".

مقالات مشابهة

  • بعد عامين على طوفان الأقصى…غزة التي غيرت العالم
  • كروس : برشلونة يمتلك أحد أكثر الأساليب جاذبية ولكن ينهار بعد الدقيقة 75
  • بوتين يجري محادثة هاتفية مع نتنياهو
  • وسم الجزيرة نت صدى معاناة أهالي غزة خلال عامي الإبادة
  • مراسل الجزيرة يرصد غارة جوية على غزة أثناء مداخلته على الهواء مباشرة
  • الملك عبد الله الثاني يجري اتصالات هاتفية مع قادة قطر والإمارات
  • اللواء نبيل أبو النجا: أكتوبر 73 يجري فينا مجرى الدم في العروق
  • فيديو لحريق كبير... إليكم ما يجري في بلدة الزعرورية
  • عاجل | مراسل الجزيرة: مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في بلدة زبدين جنوبي لبنان
  • الجزيرة نت ترصد توقعات السوريين في حماة من مجلس الشعب الجديد