بعد أكثر من عام على أكبر حرب برية، منذ عام 1945، لم تكن أوروبا جادة في الدفاع عن حدودها الشرقية. ولايزال الحلفاء الأوروبيون الغربيون، لا يفعلون ما يكفي لحماية الأراضي الشرقية، التي انضمت للناتو منذ نحو عقدين، وفق ما ذكرت مجلة فورين أفيرز الأميركية. ورأت المجلة، أن الناتو في قمته في مدريد الصيف الماضي، كشف عن خطط لتعزيز دفاعاته الشرقية، بما في ذلك توسيع قوات الناتو عالية الجاهزية، بما يقرب من عشرة أضعاف، وتوسيع المجموعات القتالية متعددة الجنسيات، المنتشرة في بولندا ودول البلطيق، لكن بعد مرور عام لم تتحقق هذه الوعود إلى حد كبير.

ورأى التقرير، أنه منذ بداية الحرب الأوكرانية، زاد وجود القوات الألمانية شرق الناتو من 653 جندياً إلى 2225 جندياً، وزاد عدد جنود فرنسا من 300 إلى 969، أما هولندا فقد زاد عدد جنودها من 270 إلى 595 جندياً. في غضون ذلك ، ارتفع عدد القوات الإيطالية من 350 إلى 385. أما الولايات المتحدة فقد زادت عديد قواتها في أوروبا الشرقية من 5000 إلى حوالي 24000، في وقت قام أعضاء الناتو الشرقيون بتجهيز تعزيزات غير مسبوقة، مثل بولندا التي ستمتلك في وقت قريب، عدداً من الدبابات، يفوق ما تمتلكه جميع دول أوروبا الغربية مجتمعة. ويضيف التقرير، إن التفاوت في الجهود هو جزئياً، “نتيجة ثانوية” لأوجه القصور الموثقة جيداً، في قدرات أوروبا الغربية، لكن جذورها تمتد أعمق من ذلك، إلى “مزيج من التاريخ المؤلم، وتصورات التهديد المختلفة، والمحرمات القديمة ضد استعداء روسيا في مجال نفوذها السابق”. ومنذ البداية، كانت أوروبا الغربية فاترة بشأن الدفاع عن أراضي الأعضاء الشرقيين في أوروبا، بنفس مستوى الالتزام الذي دافعوا به عن ألمانيا الغربية خلال الحرب الباردة. والنتيجة هي أن حلفاء الناتو الشرقيين، حُرموا من المزايا الكاملة للعضوية، في شكل عمليات نشر تقليدية كبيرة، وقاعدة دائمة، والمشاركة في برنامج الناتو للمشاركة النووية، التي مُنحت للأعضاء السابقين. وبعد عام ونصف العام من الحرب، “لا تختلف الحقائق على الأرض في الجناح الشرقي للناتو، بشكل كبير عما كانت عليه قبل الحرب. وحيثما كان هناك تغيير، كان مدفوعاً من الولايات المتحدة التي وسعت قواتها الجاهزة للقتال في أوروبا الشرقية”. لكن رد الحلفاء الغربيين كان أبطأ بكثير، فالعقبة المباشرة هي البنية التحتية، والتي تعتبر أقل تطوراً في أوروبا الشرقية، منها في أوروبا الغربية، علماً أنّ المشكلة الأعمق تظل “الإرادة السياسية”، وفق المجلة. ويختم التقرير: “خلف الكواليس، دفعت العواصم الغربية الكبيرة، من أجل إبقاء الالتزامات الشرقية الجديدة ضمن حدود يمكن إدارتها”. ومع ذلك، لا تزال القضية الأساسية هي الاختلاف في تصورات التهديد، ولا يزال الأوروبيون الغربيون، لا يشعرون بدرجة عالية من الخطر النابع من روسيا، كما تحظى فكرة العودة النهائية إلى الحوار السياسي مع روسيا بجاذبية أكبر في أوروبا الغربية، مما هي عليه في البلدان الأقرب إلى الصراع. (الميادين)

المصدر: رأي اليوم

كلمات دلالية: فی أوروبا

إقرأ أيضاً:

الناتو: روسيا تعيد تسليح نفسها.. ونواجه تحديًا هائلًا

أكد أمين عام حلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، أن رفع دول الاتحاد الأوروبي لإنفاقها العسكري ضروري من أجل ضمان أمن أوروبا، محذرًا من أن ذلك يحقق "الردع" أمام روسيا.

وقال روته، في مقابلة مع صحيفة "نيويورك تايمز": "روسيا تعيد بناء نفسها بوتيرة مذهلة، ليس لمهاجمة النرويج، ولكن لمهاجمة الولايات المتحدة في نهاية المطاف، وإذا لم يكن القطب الشمالي، والمحيط الأطلسي، وأوروبا آمنين، فإن الولايات المتحدة تواجه مشكلة كبيرة".

وأضاف: "الدول الأعضاء - باستثناء إسبانيا - وافقت على زيادة إنفاقها الدفاعي إلى 5% من ناتجها المحلي الإجمالي بحلول عام 2035، ونواجه تحديًا جيوسياسيًا هائلًا".

وتابع: "الروس يُنتجون الآن 3 أضعاف كمية الذخيرة في 3 أشهر مما يُنتجه حلف الناتو بأكمله في عام، هذا الوضع غير قابل للاستمرار"، مشيرًا إلى أن روسيا تتلقى دعمًا من كوريا الشمالية والصين وإيران في حربها على أوكرانيا.

وقال: "نحتاج إلى تطوير القاعدة الصناعية الدفاعية، ونحتاج إلى إنفاق الأموال على الأمن السيبراني، وعلى الأمن الهجين، نحتاج إلى إعداد مجتمعاتنا على نطاق أوسع يتجاوز الجيش، هذا إنفاق هائل، لكن إن لم نفعل، فسيتعين علينا تعلم اللغة الروسية".

مقالات مشابهة

  • “الأرصاد”: رياح نشطة وأتربة مثارة على المنطقة الشرقية ومحافظاتها
  • حذر من كابوس.. أمين حلف الناتو: الحرب العالمية ستندلع بسبب روسيا والصين
  • روسيا تعلن السيطرة على قريتين شرقي أوكرانيا وهجوم متبادل بالمسيّرات
  • أمين عام «الناتو» يحذر أوروبا من تعلم الروسية.. وردود ساخرة من موسكو
  • هل تتخلى الصين عن حيادها ولماذا تخشى هزيمة روسيا؟
  • الناتو: روسيا تعيد تسليح نفسها.. ونواجه تحديًا هائلًا
  • في عملية “نوعية”.. روسيا تدمر قلب الصناعات المسيرة الأوكرانية!
  • الناتو يُعيّن قائدًا جديدًا لـ “التحالف الأوروبي” ويعزز وحدة الحلف
  • موسكو: الغرب “يشيطن” صورة روسيا لتهيئة الرأي العام لصراع عسكري محتمل ضدها
  • غرينكويتش يتولى قيادة الناتو في أوروبا: التحديات تتزايد أمام الحلف