فورين بوليسي: المحادثات السعودية-الحوثية تترك اليمن عرضة للصراع وتتعارض مع مصالح الإمارات في اليمن (ترجمة خاصة)
تاريخ النشر: 10th, November 2023 GMT
قالت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية إن اقصاء مجلس القيادة الرئاسي في اليمن من المحادثات الجارية بين المملكة العربية السعودية وجماعة الحوثي مخاطرة بإغراق اليمن مجدداً في الاضطرابات وينذر بدورة جديدة من العنف.
وذكرت المجلة في تحليل للباحثة فينا خان وترجم مضمونه للعربية "الموقع بوست" إن كلا من المملكة العربية السعودية والحوثيين يريدا تجاوز المحادثات التي تتوسط فيها الأمم المتحدة، لكن تجنب الوساطة سيؤدي إلى العنف وعدم الاستقرار في المستقبل.
وأضافت أن الاتفاق السعودي الحوثي الذي يترك اليمن عرضة للصراع يمكن أن يتعارض مع المصالح الأساسية الإمارات في البلاد.
وأشارت إلى إن الأحداث في قطاع غزة تظهر مدى السرعة التي بالوسع أن يتصاعد بها الصراع الذي طال أمده. وهذا الأمر، بحسب الكاتبة مقلق بالنسبة لليمن، حيث قادت محادثات السلام المتعثرة إلى تجميد القتال بشكل ملحوظ، لكن الهدنة الفعلية لم تسفر عن تقدم يذكر منذ دخلت حيز التنفيذ في أبريل 2022".
وتابعت "أنه ومنذ نوفمبر الماضي، سعت السعودية- الداعمة الرئيسية للقوات الحكومية- إلى تسريع وتيرة عملية السلام من خلال التوصل إلى اتفاق مباشر مع منافسي الحكومة، الحوثيين المدعومين من إيران، متجاوزة شركائها اليمنيين على الأرض وكذلك الأمم المتحدة".
وأردفت "لكن خلال الأشهر الأخيرة، تبددت آمال المملكة في عملية سلام سريعة المسار، بينما يهدد الحوثيون بالعودة إلى ساحة المعركة". وقالت ومع استمرار المحادثات الحوثية-السعودية مع عدم وجود أدلة تذكر على إحراز تقدم، فإن تهميش اللاعبين الغربيين يمكن أن يشكل تحديات مستقبلية للرياض والغرب معا".
تقول الكاتبة "لتجنب المزيد من القتال– ومزيد من التصعيد في المنطقة حيث يطلق الحوثيون صواريخ طويلة المدى يبدو أنها تستهدف إسرائيل– يجب على السعودية إعادة الأمم المتحدة والأطراف اليمنية إلى الحظيرة لتنشيط عملية السلام الشاملة التي بقيادة الأمم المتحدة. وحتى لو بدا أن كلا الجانبين لديه حوافز لتجنب مشاركة الأمم المتحدة في الوقت الحالي، فإن المزيد من الصراع وعدم الاستقرار يشكل تهديدا لمصالح السعودية والحوثيين على المدى الطويل".
تضيف "فمنذ عام 2015، كان الحوثيون في حالة حرب مع الحكومة اليمنية وداعميها الإقليميين، السعودية والإمارات، فيما اليوم، يتمتع الحوثيون بالهيمنة العسكرية. وعلى الرغم من رغبة الرياض في طرد الجماعة، إلا أنها تتمتع بقبضة قوية على العاصمة اليمنية، صنعاء، والمناطق الأكثر اكتظاظا بالسكان في البلاد، بما في ذلك المناطق المرتفعة حيث يقيم حوالي 80 في المائة من السكان".
الرياض في عجلة من أمرها لإنهاء الصراع
وذكرت أن الرياض مستعجلة لإنهاء الصراع. فمنذ عام 2015، أنفقت المملكة ما يقدر بأكثر من 265 مليار دولار على حملتها في اليمن. وتريد الرياض حاليا تحويل تركيزها إلى رؤية 2030، وهي خطة محلية طموحة لإصلاح اقتصادها، بما في ذلك من خلال جذب السياح الدوليين. ويمكن للحوثيين أن يفسدوا هذه الخطة بإطلاق الصواريخ عبر الحدود على المملكة، كما فعلوا طوال الحرب. لذا فالرياض تحتاج إلى انتهاء القتال في اليمن لضمان أمنها".
وأفادت "في أبريل 2022، وافقت الأطراف المتحاربة في اليمن على هدنة بوساطة الأمم المتحدة. لكن بعد خمسة أشهر، لم يتم تجديدها بعد أن رفضت الحكومة الموافقة على مطالب الحوثيين في اللحظة الأخيرة بدفع رواتبهم المدنية والعسكرية باستخدام دخل الحكومة من صادرات النفط والغاز".
وأردفت خان "منذ ذلك الحين، أصبحت القناة الخلفية التي تيسرها عمان للسعودية والحوثيين هي المكان الرئيسي للمفاوضات. وقد استبعدت الرياض الأمم المتحدة والجهات الفاعلة الغربية والحكومة اليمنية من المحادثات الجارية على أمل أن يؤدي ذلك إلى تسريع الطريق إلى السلام".
واستدركت "في 14 سبتمبر، سافر وفد من الحوثيين إلى الرياض للقاء المفاوضين السعوديين. وجاءت هذه الزيارة غير المسبوقة بعد ستة أشهر من سفر السفير السعودي لدى اليمن، محمد آل جابر، إلى صنعاء لإجراء مناقشات مع المسؤولين الحوثيين. وبينما قالت الرياض إن الاجتماع حقق "نتائج إيجابية"، لم تكن هناك مؤشرات تذكر على تحقيق انفراجة".
ومؤخرا، في 18 أكتوبر، تطرق المجلة إلى أن وزير الدفاع السعودي، خالد بن سلمان، قدم مقترحا لأعضاء الحكومة اليمنية. ووفقاً لمناقشاتي مع الأطراف المتحاربة، يبدو أن الإطار العام للاتفاق الحوثي -السعودي قد أصبح قائما، على الرغم من أن بعض التفاصيل الصغيرة لا تزال بحاجة إلى حل، حيث تستند الصفقة على اقتراح قدمته عمان في البداية.
واستدركت "لم يتنازل الحوثيون عن شروطهم لإنهاء الحرب، والتي تشمل مطالبهم رفع جميع القيود المفروضة على الحركة في مطار صنعاء الدولي وميناء الحديدة الذي يسيطرون عليه؛ ضمان دفع رواتب جميع موظفي الدولة– بما في ذلك العسكريين والأمنيين– من عائدات النفط الحكومية. ولن تفكر الجماعة في الدخول في محادثات يمنية مع خصومها إلا بعد استيفاء هذه الشروط. وتشمل مطالبهم الإضافية انسحاب جميع القوات الأجنبية من اليمن، بينما على السعودية تغطية تكاليف إعادة الإعمار".
تضيف الكاتبة "استنادا إلى مناقشاتي السابقة مع مسؤول سعودي، يبدو أن الرياض مستعدة للاستجابة لمعظم مطالب الحوثيين في حال وافقت الجماعة على وقف دائم لإطلاق النار. وكما أشارت، ولو بشكل أقل قوة، إلى أنها تريد من الحوثيين الالتزام بالمشاركة في المحادثات المستقبلية التي تقودها الأمم المتحدة مع منافسيهم اليمنيين".
وأوضحت أن إحدى النقاط الشائكة الرئيسية هي مسألة دفع الرواتب، أي الآلية التي سيتم من خلالها توزيع دفعات الرواتب. كما يصر الحوثيون على أن يحصل موظفو الدولة في مناطق سيطرتهم على رواتبهم من أرباح صادرات النفط الحكومية. ويشكل هذا تحديا كبيرا للحكومة، حيث تشكل تلك الأرباح غالبية إجمالي إيراداتها. كما يريد الحوثيون مصدرا مستداما للإيرادات لضمان استقلالهم الاقتصادي وضمان قدرتهم على الحكم بغض النظر عن نتيجة الصراع. لقد حاولوا دون جدوى تأمين ذلك عسكريا من خلال محاولة الاستيلاء على حقول النفط في مدينة مأرب في عام 2021 ويسعون الآن لتحقيق نفس الأهداف من خلال التفاوض.
وتوقعت أن الجانبين قد وجدا حلا بديلا لمسألة دفع الرواتب. فقد وافقت السعودية على تغطية رواتب الحوثيين لمدة عام، على أن يتم دفعها على قسطين. وخلال هذه الفترة، ستقوم كل من الحكومة اليمنية والحوثيين بتشكيل لجان اقتصادية للتفاوض وتحديد الجوانب الفنية لاتفاق دائم لتقاسم الإيرادات بين الجانبين.
وأشارت إلى أن هناك عقبة أخرى تتمثل في أن الرياض تريد أن يعترف بها الحوثيون كوسيط، وليس طرفا في الصراع، في محاولة محتملة لتجنب تحمل تكاليف إعادة الإعمار.
ووفقا للتحليل فإن المملكة تدرك أيضا أن هذا الأمر قد يكون صعبا على شريكها الاسمي– الحكومة اليمنية، ممثلة في مجلس القيادة الرئاسي. ومن المفهوم أن المجلس منزعج من أن يتم التفاوض على ثروته النفطية دون مساهمته. فضلا عن ذلك، تعمل الرياض على افتراض أنها إذا رضخت لمطالب الحوثيين، فسوف تشارك الجماعة في محادثات يمنية داخلية للتوصل إلى تسوية. لكن الحكومة اليمنية تخشى أنه إذا تنازلت الرياض بالكامل للحوثيين وبالتالي خرجت من الصراع، فقد تحاول الجماعة الاستيلاء على البلاد بأكملها.
شكوك حول تخلي الرياض عن حلفائها عقب الاتفاق
تواصل خان تحليلها بالقول "تتفاقم مخاوف الحكومة اليمنية بسبب قيام السعودية باستبعادها مؤخرا من محادثاتها مع الحوثيين. وقد أثار هذا الشكوك في أن الرياض قد تعطي الأولوية لمصالحها الخاصة وتتخلى عن حلفائها اليمنيين بمجرد التوصل إلى اتفاق. وفي الواقع، لم تؤكد المملكة للحكومة أنها ستقدم الدعم العسكري إذا انزلق اليمن مرة أخرى إلى الصراع. في حال شن الحوثيون هجوما- وهو أمر غير مؤكد- فإن الحكومة اليمنية سترد، لكن نجاحها سيتوقف جزئيا على ما إذا كانت الرياض ستقدم دعما جويا حاسما أو تتخلى عنه في سيناريو على غرار أفغانستان".
وأكدت أن جولة أخرى من القتال– واحتمال استيلاء الحوثيين على السلطة– هي نتيجة تريد السعودية تجنبها كذلك، حيث تريد الرياض منع عدم الاستقرار في المستقبل. وحتى لو تمكن الحوثيون من السيطرة على البلاد بأكملها بعد التوصل إلى السلام مع الرياض، فإن قدرتهم على الحفاظ على السلطة ستكون موضع شك. إنهم يواجهون معارضة كبيرة من منافسيهم اليمنيين، وعلى الأخص القوة العسكرية للجماعات المدعومة من الإمارات، مثل ألوية العمالقة، التي نجحت في صد الحوثيين في الجبهات الرئيسية في محافظتي شبوة ومأرب.
وقالت "بشكل عام، فإن عودة الصراع المحلي الذي يمكن أن يغير الخطوط الأمامية لن يؤدي إلا إلى تفاقم الوضع الأمني الهش، وهو أمر لن تتمكن السعودية، باعتبارها جارة اليمن، من تجاهله".
وأكدت أن التحدي الذي يواجه الرياض- والذي يمكن القول إنه سبب إطالة أمد المفاوضات- هو ضمان التزام الحوثيين بوقف إطلاق النار والعمل على التوصل إلى تسوية مع منافسيهم اليمنيين، ومن خلال التواصل مع الحوثيين مع الحفاظ أيضا على قنوات مباشرة مع طهران، تختبر الرياض ما إذا كان بإمكانهم شن هجوم دون موافقة إيران.
ولفتت إلى أنه خلال الأشهر القليلة الماضية، لم ينفذ الحوثيون إلى حد كبير تهديداتهم بالعودة إلى الصراع، لذا فإن استراتيجية المملكة في العمل مع كل من القنوات الحوثية والإيرانية قد تكون ناجحة.
وعلى الرغم من حالة الجمود، تتابع "كانت كل من السعودية والحوثيين مترددين في إشراك الأمم المتحدة. وتخشى الرياض أن يؤدي ذلك إلى إطالة أمد العملية، لأن الأمم المتحدة تشترط إشراك الأطراف اليمنية الأخرى في محادثات السلام. ولكي نكون منصفين، سيكون من الصعب للغاية إيجاد تسوية سياسية سريعة عبر قنوات الأمم المتحدة بسبب المواقف السياسية المتنوعة والمتعارضة في كثير من الأحيان داخل المجلس الرئاسي".
وزادت "في ذات الوقت، يعتقد الحوثيون أنه من الاستراتيجي تجنب الأمم المتحدة. فهم يريدون مضاعفة مسار المفاوضات الذي سيجلب لهم أكبر الفوائد، ويبدو أن الرياض مستعدة لتقديم تنازلات أكبر إذا تمكنت من تأمين خروج سريع. علاوة على ذلك، فإن الحوثيين ليسوا حريصين على التعامل مع الحكومة اليمنية، التي يعتبرونها بيدقا في أيدي المملكة".
ودعت الباحثة فينا خان إلى أنه يتعين على السعودية والحوثيين أن يدركوا أنه على الرغم من هذه الصعوبات، فإن الأمم المتحدة ضرورية للتوسط في التوصل إلى اتفاق في الوقت الحالي. بما أنه لا يثق أي من الطرفين بالآخر، من المؤكد أن الرياض ستستفيد من مشاركة الأمم المتحدة. كذلك تحتاج الرياض إلى الأمم المتحدة لضمان موافقة الحكومة اليمنية- وكما أظهرت محادثات السلام السابقة، فإن الاتفاق المقدم إلى الحكومة، دون مساهمتها، سيكون أكثر هشاشة بكثير؛ فهي مترددة في قول لا للسعوديين، كما أن فصائلها معروفة بالاقتتال الداخلي.
وذكرت أن السعودية تفضل أيضا أن تنفذ الأمم المتحدة تعقيدات الصفقة، وتتعامل مع ما تعتبره الرياض عملها القذر، وهو جعل الأطراف اليمنية تتفاوض على الجوانب الفنية للتسوية السياسية المستقبلية، بدءا من نزع السلاح إلى عائدات النفط.
تشير إلى أن هذه مهمة ضخمة للأمم المتحدة، وهي مهمة تنطوي على مخاطر محتملة. ويمكن للقوى المحلية الموجودة على الأرض أن تعرقل تنفيذ الاتفاق؛ وعلى وجه الخصوص، فإن المجلس الانتقالي الجنوبي، وهو مجموعة انفصالية ممثلة في الحكومة اليمنية التي تسيطر على مناطق كبيرة في الجنوب، يعارض بشكل علني أي اتفاق يقتطع من ثروته النفطية لدفع الرواتب. فضلا عن ذلك، فإن دولة الإمارات، الداعم الرئيسي للمجلس الانتقالي الجنوبي، غائبة عن المناقشات الحوثية السعودية.
كما أشارت إلى أن الإمارات، الحليف الظاهري للمملكة، استثمرت موارد عسكرية واقتصادية كبيرة لدعم الحلفاء المحليين وتأمين السيطرة على الموانئ الجنوبية وحقول النفط والغاز.
وقالت إن الاتفاق السعودي الحوثي الذي يترك اليمن عرضة للصراع يمكن أن يتعارض مع المصالح الأساسية للإمارات في البلاد، مما يشجع المجلس الانتقالي الجنوبي على تقويضه. بالإضافة إلى ذلك، في حال فشلت المحادثات اليمنية التي تيسرها الأمم المتحدة في مناقشة الجوانب الفنية لاتفاق تقاسم الإيرادات مع الحوثيين، فقد تنهار عملية السلام، مما يزيد من خطر تجدد الصراع.
تحقيق التسوية السياسية المستدامة
تواصل "مع ذلك، فإن مشاركة الأمم المتحدة من شأنها أن تزيد من احتمال التوصل إلى اتفاق مستدام. ويسيطر أعضاء المجلس الرئاسي على مناطق واسعة وقوات عسكرية كبيرة. ومهما حدث، فإن المجلس سوف يلعب دورا هاما في مستقبل اليمن. وفي حال واجهت البلاد المزيد من الحرب، فإن القوات الحكومية ستكون حاسمة في صد الحوثيين.
"وفي المقابل، إذا توصلت اليمن إلى حل سياسي، فسيكون أعضاء المجلس الرئاسي وقواتهم مسؤولين عن تنفيذ أي اتفاق. وقد يؤدي تخطي قبولهم إلى دفع الفصائل داخل الحكومة اليمنية إلى تعطيل الاتفاق الحوثي السعودي، وبالتالي زيادة خطر الصراع وامتداده عبر الحدود" بحسب التحليل.
وبشأن جماعة الحوثي قالت إن الحوثيين يدركون أن العودة إلى ساحة المعركة ليست في مصلحتهم. ويجب عليهم الآن أن يقبلوا أن الأمم المتحدة هي السبيل الوحيد لتحقيق السلام الدائم، وأن هذا سيتطلب الدخول في حوار مع منافسيهم اليمنيين. كما لم يدرك الحوثيون بعد أن المجلس الرئاسي يمثل أحزابا سياسية شرعية لها مصالح تتجاوز مصالح الرياض. وفي حين أن التوصل إلى اتفاق مع السعودية أمر ضروري، فإن التسوية السياسية المستدامة لن تكون قابلة للتحقيق دون إشراك المجلس الرئاسي.
وقالت "في نهاية المطاف، فإن وجود اليمن على شفا الحرب بشكل دائم يهدد أمن السعودية على المدى الطويل. ما هو مطلوب للتوصل إلى اتفاق سياسي دائم هو أن تقوم المملكة بجلب المزيد من الجهات الفاعلة والموارد إلى الحظيرة.
وأكدت خان أنه من خلال دمج الأمم المتحدة في المناقشات الحوثية السعودية، يمكن لرؤى الدول الأخرى المستثمرة في الصراع– مثل دول الخليج الأخرى والأردن والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة– يمكن لها أن تساعد الأطراف على إيجاد حل وسط بشأن النزاع.
وذكرت أن المسألة الشائكة المتعلقة بدفع الرواتب، تعد من بين قضايا أخرى، بينما توسيع نطاق هذه المحادثات سيسهل الانتقال بشكل أكثر سلاسة إلى الحوار اليمني الداخلي في نهاية المطاف.
واختمت فينا خان بالقول إن هذه حرب معقدة، ولا توجد حلول سريعة لها. وكلما أسرعت الرياض في الاعتراف بذلك، زادت احتمالية بدء محادثات جوهرية بين اليمنيين. وبخلاف ذلك، فإن التوصل إلى اتفاق تم التوصل إليه على عجل ويفتقر إلى المتانة قد يؤدي إلى إغراق اليمن مرة أخرى في حالة من الاضطراب".
*يمكن الرجوع للمادة الأصل : هنا
*ترجمة خاصة بالموقع بوست
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن السعودية الحوثي محادثات الأمم المتحدة السعودیة والحوثیین التوصل إلى اتفاق الحکومة الیمنیة المجلس الرئاسی الأمم المتحدة على الرغم من دفع الرواتب المزید من أن الریاض فی الیمن یمکن أن من خلال إلى أن فی حال
إقرأ أيضاً:
فيلم العودة إلى العمل.. المزج بين الحركة والكوميديا بغلاف بوليسي
قدمت السينما عبر تاريخها نوعا فيلميا اجتذب الجمهور العريض وشكل علامة فارقة وهي أفلام الحركة التي لا تزال شركات الإنتاج تنفق أموالا طائلة مراهنة على إنتاج هذا النوع من الأفلام والنجاح الجماهيري والعائد المالي المنتظر منه من خلال الإنتاج الفيلمي الذي صار يوما بعد يوم يوظف التقنيات الرقمية السمعية- البصرية المتطورة وإمكانيات الذكاء الاصطناعي من أجل إنتاجه.
وفي هذا السياق يأتي هذا الفيلم لكاتب السيناريو والمخرج سيث جوردن ليقدم مزيجا من الكوميديا والحركة من خلال النجمين جامي فوكس في دور مات، وكاميرون دياز في دور ايميلي، حيث تعود إلى الشاشة بعد غياب دام أكثر من عقد من السنوات، وقبل ذلك كانت قد شاركت في عشرات الأفلام التي تراوحت ما بين النجاح والمستوى المتوسط في الرضا الجماهيري وبين ما هو أدنى من ذلك.
في هذا الفيلم يكون الزوجان ايميلي ومات قد خاضا آخر مغامراتهما في جمهورية التشيك بوصفهما يشتغلان في مجال التجسس ويتمكنان في آخر مهماتهما من الحصول على بصمة زعيم مافيا من أوروبا الشرقية لغرض الحصول بواسطة تلك البصمة على ملف حساس وبالغ الأهمية في شكل مخزن ذاكرة رقمية يتمكنان من الاستيلاء عليه وتكون تلك المهمة وهما في طريق العودة إلى الديار من خلال مغامرة محفوفة بالخطر.
فمن جهة يُخدعان وهما في الطائرة بكون الطاقم بأجمعه هم حراس مسلحون ويريدون انتزاع مخزن الذاكرة منهما ومن جهة أخرى انتهاء مصير الطائرة إلى التحطم والاشتعال في منطقة جبلية ثلجية وعرة، مما يتطلب من الزوجين استخدام الهبوط المظلي في مشهد واضح انه مصنوع مونتاجيا وبواسطة الخدع السينمائية.
هذه المقدمة تفتح الأبواب على مصاريعها لمزيد من المغامرات، فالزوجان اللذان يتميزان بالقدرات الجسدية وخفة الحركة قادران على قهر خصومهما، فهما مدربان تدريبا عاليا في مجال القتال الفردي والقتال الأعزل ولهذا يكتظ الفيلم بمشاهد المصادمات والحركة من منطلق عودة الممثلة دياز إلى موقعها السابق كنجمة في الصف الأول وها هي تقدم نفسها في شكل مختلف يجمع بين المغامرة والكوميديا والصراعات وعمليات التجسس في خليط واحد.
من جهة أخرى سوف يكون لعامل الزمن دور مهم في مسار هذا الفيلم وفي عموم مسار السرد السينمائي، ذلك أن الفاصلة الزمنية ما بين حادثة الطائرة وما بين العثور على الزوجين بعد تزوير خبر اختفائهما، تلك الفاصلة تمتد إلى 15 عاما، يتمنيان خلالها أن ينجبا طفلا، فإذا بنا في قفزة زمنية ونحن نشاهد الزوجين ولديهما طفلان يصبح لهما دور في مسار المغامرات.
هذا التنقل الزمني ينسحب أيضا على المهام التي أوكلت للزوجين وكذلك لوالدة الزوجة -تقوم بالدور الممثلة المعروفة جلين كلوز وقد نالت منها سنوات العمر وبدت في مرحلة الشيخوخة، فهي الأخرى كانت تعمل في الأجهزة السرية ولكن في بريطانيا ولهذا سوف تكون سببا بالإضافة إلى استمرار مغامرة الزوجين ومطاردتهما، لكي ينتقل الزوجان وأولادهما إلى لندن وهنا يبدأ فصل آخر من فصول التعقب والمطاردات تلعب فيه عملية الاختفاء والظهور دورا بارزا في التصعيد الدرامي ومن ذلك اختفاء الضابط المسؤول عن الزوجين تشاك -يقوم بالدور الممثل كايل تشاندلر، ثم ظهوره فجأة وهو يحذرهما من هجوم وشيك سوف يقع على منزلهما وهو ما يقع بالفعل.
هذه التشابكات في البناء الدرامي كانت الإشكالية الرئيسية فيها هي كيفية الموازنة ما بين عناصر الحركة والمطاردات وبين خفة الدم والبساطة وعدم التعقيد، بينما معلوم أن العمليات السرية تتميز في كونها شديدة التعقيد ومركبة في تطوراتها وتتميز بالكتمان والغموض، أما هنا فالصراعات مكشوفة وفي الشوارع ولا يختلف مكان وقوعها سواء أمام مطار هيثرو أو في غابة او في وسط لندن.
وفي هذا الصدد يقول الناقد جيم فوريل في موقع بيست:"إن ميزة هذا الفيلم تكمن في كون فكرته مألوفة إلى حد ما، أما إذا كان هناك ما هو متميز في الفيلم فهو الطريقة التي يُصوّر بها التوتر والذي استعاره أو تماهى من خلال أحداثه مع أفلام الحركة الكوميدية الحديثة، انه فيلم حركة مألوف ومعتاد، لكنه يتميز بتفوق العناصر التقنية، مع شخصيات رئيسية فاعلة ومتميزة، مع أن ليس هنالك الكثير مما يمكنهم فعله. يمكن أن أضيف إلى ذلك، أن الفيلم يدمج بسلاسة بين وجوه ونجوم الصف الأول وحشد من الممثلين الثانويين، والملفت للنظر أن حضور أولئك النجوم لم يسيطر على نظرائهم الممثلين الثانويين. خلال ذلك كان من الملاحظ أن أغلب مشاهد الحركة قد تم تصويرها في مواقع متواضعة نسبيا - محطة وقود، أو ممر، إلخ - بدلًا من دمجها في مشاهد أكبر وأكثر جرأة ذات مخاطر أكبر، كما هو الحال في الأفلام ذات الإنتاج الضخم التي يحاكيها هذا الفيلم".
من جانب آخر، فإن جاسوسيّ المخابرات الأمريكية وهما يتنقلان من مغامرة إلى أخرى، فإن جزءا من واجبهما فيما يلي من أحداث هو أن يكشفان لطفليهما ما الذي ينويان القيام به خاصة مع وجود الابنة المراهقة صعبة المراس، والحاصل أن الابن والابنة ما يلبثان أن يصبحا جزءا أو امتدادا للمغامرة بل حضور المواجهات أو تلك السيارات التي يجري قذفها بعيدا وانقلابها.
وبسبب طابع الحركة السريع والصراعات كان لا بد أن يتواصل الإيقاع الفيلمي السريع والمتواتر وأن يستمر طيلة مسار الفيلم، بما يتطلبه من جودة التصوير والمهارة في اختيار الزوايا ومستويات التصوير ثم المؤثرات الخاصة والجرافيكس والخدع السينمائية.
على أن الميزة الأخرى الملفتة للنظر تكمن في كيفية الموازنة ما بين الكوميديا أو ما يريد له أن تكون مواقف طريفة وبين الطابع البوليسي ومشاهد الصراعات وهذه جميعها شكلت تحديا حقيقيا بالنسبة للمخرج وفريقه في كيفية المزج بين هذه العناصر جميعا وتقديم فيلم مقنع وجاذب للجمهور وهو في الواقع ما أضعف الميزة الأساسية لفيلم الحركة والعنف وخاصة على صعيد المباغتة والمفاجآت وقطع الأنفاس والترقب بينما كان إضافة الطفلين ما جعل الفيلم يسير في نطاق عائلي اجتماعي ثم إضافة والدة الزوجة لتكمل تلك الصفة مع أنها في آخر المطاف تصبح طرفا في الصراع وتساهم في المواجهات الدامية.
اما على صعيد التمثيل فلا شك أن الثنائي دياز وفوكس قدما افضل ما عندهما بل إنهما تكاملا إلى حد ملحوظ في أداء دوريهما فضلا عن أن دياز حاولت استعادة جمهورها من خلال هذا الفيلم وأنها لا تزال تتمتع بالكفاءة وخفة الحركة والجاذبية، لكن الأمر المختلف هنا هو أن هذا الفيلم يأتي في زمن مختلف عما عهدته دياز في أفلام الحركة، فالتطور الرقمي وقوة تدخل الذكاء الاصطناعي والتقنيات المستحدثة تجعل المهمة أشد تعقيدا في مثل هذا النوع من الأفلام مع أن الفيلم في حد ذاته حاول مجاراة أفلام الحركة، لكنه كان في كل مرة يتجه لإرضاء متطلبات الجانب الاجتماعي تارة والإيقاع الهادئ والحياتي تارة ثم التصعيد والمطاردات والمواجهات تارة أخرى.
...
إخراج: سيث جوردن
سيناريو: سيث جوردن وبريندن اوبراين
تمثيل: كاميرون دياز، جيمي فوكس، اندرو سكوت، جلين كلوز
مدير التصوير: كين سينج
موسيقى: كريستوفر لينيرز