الانقسام يهدد قراراتها ومصر تدافع وحدها.. هل تفيد قمة العرب غزة في شيء؟
تاريخ النشر: 11th, November 2023 GMT
تستضيف المملكة العربية السعودية اليوم السبت 11 نوفمبر 23 قمة عربية إسلامية استثنائية، وسط تأزم كبير للأوضاع داخل قطاع غزة، وانقسام واضح وجلي في الموقف العربي، والذي بدأ أقل من المطلوب بكثير بخلاف ما تقوم به القاهرة التي تتحمل عبء الدفاع عن القضية الفلسطينية وحدها.
وتعقد القمة العرببة الإسلامية الاستثنائية في وقت حرج للغاية بسبب ما يعيشه الشعب العربي الفلسطيني داخل قطاع غزة المحاصر كليا منذ 36 يوما، والذي يتعرض لحرب إباد//ة جماعية، ومخطط واضح وصريح للتهجير، وتهويد الأرض، تنفذه إسرائيل بحجة الدفاع عن نفسها، وسط صمت وتأييد دولي رهيب خاصة من قبل الغرب.
وأعلنت الخارجية السعودية عن صدور قرار بعقد قمة عربية إسلامية استثنائية غير عادية مشتركة في الرياض اليوم السبت، بشأن ما تشهده غزة والأراضي الفلسطينية من تطورات خطيرة وغير مسبوقة.
وقالت الخارجية السعودية في بيان لها: "استجابة للظروف الاستثنائية التي تشهدها غزة، وبعد تشاور المملكة العربية السعودية مع جامعة الدولة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، فقد تقرّر عقد "قمة عربية إسلامية مشتركة غير عادية" بشكل استثنائي في الرياض اليوم السبت 27 ربيع الآخر 1445 هجري الموافق 11 نوفمبر 2023، عوضا عن "القمة العربية غير العادية" و"القمة الإسلامية الاستثنائية" اللتان كانتا من المُقرر أن تُعقدا في التاريخ نفسه".
وأضاف البيان: "يأتي ذلك استشعارا من قادة جميع الدول لأهمية توحيد الجهود والخروج بموقف جماعي موّحد يُعبّر عن الإرادة العربية الإسلامية المُشتركة بشأن ما تشهده غزة والأراضي الفلسطينية من تطورات خطيرة وغير مسبوقة تستوجب وحدة الصف العربي والإسلامي في مواجهتها واحتواء تداعياتها".
وتستمر الحرب إسرائيل على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر الماضي، حيث يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي قصف القطاع بآلاف الأطنان من المتفجرات، بحسب المكتب الحكومي بغزة، فيما أعرب عدد من الدول والمؤسسات الدولية ذات الشأن عن مخاوفه من اتساع رقعة النزاع في الشرق الأوسط.
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة "ارتفاع عدد ضحايا القصف الإسرائيلي المستمر إلى ما يزيد عن 11078 شخصا بينهم أكثر من 4506 أطفال، وقرابة 3027 امرأة، و668 مسنا، فيما أصيب أكثر من 27 ألف آخرين"، فيما قُتل في إسرائيل جراء هجوم "حماس" أكثر من 1400 شخص، وأصيب أكثر من 5 آلاف بجروح.
ويقول أستاذ القانون الدولي، الدكتور مجيد بودن، إن القمم التي يعقدها قادة الدول سواء كانت عربية أو إسلامية أو عالمية أو غير ذلك، هي في حد ذاتها مسألة مهمة، لأنها تنطوي على تحليل المسؤولية لهؤلاء القادة لاتخاذ قرارات فعالة، حيث إن هناك عملية إباد.ة جماعية، وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب ترتكب في قطاع غزة، وبالتالي يجب أن تكون قرارات قمة الرياض على مستوى المسؤولية.
وأضاف بودن خلال تصريجات لـ"صدى البلد": ننتظر من قمة العرب والمسلمين الاستثنائية المزمع عقدها اليوم السبت في العاصمة السعودية الرياض، قرارات فعالة وبرنامج للخروج من الأزمة القائمة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، وهذا البرنامج يجب أن يكون فيه محورين؛
المحور الأول: أن هناك شعب "مدنيين" تحت القصف والحصار بغض النظر عن جنسيته وعن دينه وعن أي انتماء، والقانون الدولي يمنع قصف المدنيين وحصارهم، لأن ذلك يعتبر جريمة حرب، "الحصار المفروض على غزة ومنع الإمدادات من ماء وغذاء وأدوية وطاقة وبنزين وكهرباء واتصالات وغيرها من المواد الأساسية، فضلاً عن ضرب البنية التحتية هي أشياء ممنوعة من قبل القانون الدولي، ويجب حمايتها"، لذا على قمة الرياض اتخاذ إجراءات عاجلة لوقف القصف وفك الحصار وإدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية.
أما المحور الثاني: وهو المدى القريب والمتوسط والبعيد ، مشيراً إلى أن أمن فلسطين وإسرائيل واحد متبادل، وأنه لا يمكن أن يتحقق بالقوة والنزاع المسلح، الذي يؤجج من الأزمة، وبالتالي يجب أن يكون على أساس القانون الدولي، وهناك مجموعة من اللوائح التي يتكون منها القانون الدولي، ومن هنا يجب أن "يفعل قرار حل الدولتين".
وأضاف أستاذ القانون الدولي، أن هناك تخوف من أن يكون ممثل الفلسطينيين من حركة حماس أو الجهاد اللسلامي أو الأسلام السياسي وغير ذلك، مؤكدا أن هذا ليس مقبولاً بالنسبة للفلسطينيين ككل أو بالنسبة للمنطقة العربية، وليس مقبول عالميا.
ولفت إلى أن هناك سبب أساسي ألا وهو أنهم يريدون شطب إسرائيل تماما من الخارطة السياسية والعالمية والجغرافية أو كما يقال "رمي اليهود في البحر"، وهذا غير مقبول انسانيا ودوليا وقانونياً؛ لأن إسرائيل موجودة بالقانون الدولي الآن، وستكون هناك انتخابات إسرائيلية بعد هذه الحرب بفترة قصيرة.
وأشار: من المرجح ألا تستمر العناصر المتطرفة داخل الحكومة الإسرائيلية ومن المتوقع أن تأتي أطراف أخرى أقرب إلى السلام، وبهذا يمكن إقصاء الأطراف السياسية المتطرفة من العملية الانتخابية بالقانون، ويمكن أن تكون هناك انتخابات أو مشاورات في فلسطين، ويتم تشكيل حكومة مؤقتة معتدلة والموافقة على حل الدولتين بما يضمن إقامة دولة فلسطين بجانب إسرائيل على حدود 67.
وشدد: يجب أن تقدم للشعب الفلسطيني مكاسب سياسية، حيث إن الشعب الفلسطيني يعاني منذ 75 عاماً من التدمير والفقر والتجويع والتهميش، وهناك مسؤولية دولية ملقاه على عاتق المجتمع الدولي، حيث كان هناك حالة من عدم الاهتمام بحل مشكلة الشعب الفلسطيني، والظلم الذي يقع عليه.
وأكمل: يجب على العالم الآن أن يتجمع ويقدم ما يلزم إلى فلسطين وتفعيل برنامج اقتصاد لتنمية الدولة الفلسطينية، أي مشروع مثلما المشروع الذي تم بعد الحرب العالمية الثانية، حيث برنامج (مارشال)، الذي أعاد بناء أوروبا "يجب إعادة بناء فلسطين ببرنامج مارشال"، ويكون على أساس إحياء اقتصادي كامل.
وتابع: يجب إعادة بناء الدولة الفلسطينية من جديد في غزة والضفة الغربية، ويكون ذلك البناء بمجهود دولي من خلال جمع التمويل الكافي من دول العالم قاطبة، وتحديدا الدول العربية التي عليها لعب دور كبير؛ لإخراج فلسطين وشعبها من كبوتهم.
وأكد أن رد فعل الدول غير العربية خاصة الغربية المؤيدة لإسرائيل سيكون مقبولا، فلا يمكن لأحد رفض ذلك الطرح أو الوقوف ضده، وسيكون هناك تعاون وإقبال وقبول من تل أبيب نفسها ومن كل دول العالم.
وتابع بودن: فيما يخص مسألة التهجير فهو عمل مخالف للقانون الدولي، وبه خرق للقانون الدولي، مشيراً إلى أن التهجير بطبيعة الحال هو عمل قسري وكل شيء قسري هو مخالف للقانون الدولي، وبالتالي التحجج بالتهجير لتفادي سقوط أرواح من المدنيين غير مقبول، لأن القانون الدولي لا يجيز التهجير لأي سبب كان.
وشدد: لا يمكن أن يكون هناك تهجير ، لأنه أحد مكونات الإباد.ة الجماعية والجرائم ضد البشرية وجرائم الحرب، وفالتهجير جريمة ويجب ملاحقتها قانونيا أمام محكمة الجنايات الدولية، والمشهد الآن واضح، حيث هناك شعب يقع تحت القنابل والتجويع وتحت الظلم.
واختتم: "ما تقوم به إسرائيل ضد الفلسطينيين ليس وليد اللحظة، بل ممتد منذ سنوات وعقود، ويجب الوقوف بجانب شعب فلسطين ووضع برنامج واضح وفعال لإنقاذ وتفعيله بشكل فوري، والدول العربية لها القدرة السياسية والمالية للقيام بذلك، والمسألة صارت حتمية الآن".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: السعودية قمة عربية إسلامية قطاع غزة إسرائيل الخارجية السعودية الرياض فلسطين قمة عربیة إسلامیة استثنائیة القانون الدولی الیوم السبت قطاع غزة أن یکون أکثر من یجب أن
إقرأ أيضاً:
إيران تواجه وحدها.. والجزائر تُحاصر بصمتها
موقف إيرانمن الواضح أن اختلال الموازين في تقييم المعركة اليوم مدعاة لهذه الفوضى في المواقف. إيران تقف على جانب لا بأس به من الإسلام الذي يؤمن به المسلمون عامة عبر تاريخه كله، وتؤثر العصبية الفارسية في مواقفها كثيرا. ولا يختلف الفرس عن الأتراك كثيرا في العصبية من حيث الحدة وإن كان الترك أخف قليلا للمشترك الواسع بينهم وبين سائر العرب والمسلمين، ويقال مثل ذلك في أكثر العصبيات المسلمة المتباينة في درجات الغلو هنا وهناك.
لقد خسرت إيران في مواجهتها العالم الإسلامي كثيرا، وها نحن نراها اليوم تقف وحدها في المعركة ضد الاحتلال الصهيوني رغم أن غالبية العالم الإسلامي يظاهرها، ولكنها لفرط ما أدمنت التعصب والعصبية لم تستطع أن تجيّر هذا التعاطف الكبير معها في هذه الملحمة وقد بدا خطابها متفردا جافيا. وسواء استطاعت إيران أن تضعف الكيان الصهيوني أو يضعفها فالمسلمون جميعا بحاجة إلى قيادة من نوع آخر تماما لحسم هذا الصراع المتعاظم.
لقد خسرت إيران في مواجهتها العالم الإسلامي كثيرا، وها نحن نراها اليوم تقف وحدها في المعركة ضد الاحتلال الصهيوني رغم أن غالبية العالم الإسلامي يظاهرها، ولكنها لفرط ما أدمنت التعصب والعصبية لم تستطع أن تجيّر هذا التعاطف الكبير معها في هذه الملحمة وقد بدا خطابها متفردا جافيا.إيران في السنوات الماضية كانت قوة ناشئة، لم تنتظر أن تحقق مستوى عاليا من التحضر لشعبها كي تلج مرحلة التأثير في غيرها، بل انجرت بدافع من الرغبة الجامحة إلى غزو القريب قبل البعيد، في خطة واضحة المفاعيل، وإن تخفت عناوينها وراء ألسنة الفاعلين.
البحث عن امتدادات ذلك التوجه الديني يخدم إيران في محيطها الإقليمي من الناحية المذهبية خاصة، ويجعل لها مكانة في قرارات تلكم الدول باستمرار، أي أن المرجعية الدينية التي تريدها إيران للشيعة في العالم تريدها أن تكون في إيران لا في مكان آخر، ومعلوم أن الولاء الديني باسم المرجعية والتقليد من أمتن الولاءات على الإطلاق، ولا أدل عليه من مكانة النجف في نفوس الشيعة في التاريخ الإسلامي، رغم انقشاع الغطاء السياسي عنه في بعض مراحل ذلك التاريخ.
أما سياسيا، فإيران مطلة على قلب العالم الإسلامي، وقلب هذا العالم هو قلب القارات الخمس، وأهمية المنطقة جيوسياسيا جعلت القوى العظمى عبر التاريخ تتطلع للسيطرة على هذا المكان، لعلمها بأن التحكم في القرار الدولي يمر عبر هذا المكان. ولقد وجدت الولايات المتحدة، كأكبر قوة معاصرة في الحروب الناشبة عندنا، فرصة العمر للدخول إلى البيت ومن ثم العمل في ترتيب أوضاعه بما يخدم طموحات هذه الإمبراطورية التوسعية.
يبرز في هذا الواقع الصعب سؤال ملح بدأ يطفو على السطح، مفاده هل دفع الخليج تكلفة الحرب مسبقا؟ أعني تلك التريليونات التي تلقفها الراعي الأمريكي وهو غير ممتن في ما ظهر من لغته القولية والجسدية، لعلمه بأن "تخليص" المنطقة من إيران لا يساوي ما قدم من مال، ولعله سيطلب مستقبلا نصف الناتج المحلي لتلكم الدول إذا ما نجحت الصفقة. ولكن، ماذا لو أجرت إيران تجربة نووية؟
ومما يقطع النسق المنطقي لمحور المقاومة بقيادة الجمهورية الإيرانية في هذه الظروف، ما بدأ يقوله الإخوة في جماعة أنصار الله عن موقفهم المناصر لكل دولة إسلامية تتعرض للظلم من الصهاينة ما لم نره منهم حينما استهدف أهلنا في كشمير الهنود وقد كان الصهاينة من مناصريهم، وقد كان بإمكان الحوثيين غلق مضيقي باب المندب وهرمز في وجه الملاحة الهندية خاصة النفطية منها؟ ثم كم يمثل الحوثيون من اليمنيين كي يتكلموا باسمهم جميعا؟ ولماذا استأثروا بالقرار السيادي للبلاد من دون إخوتهم السنة وهم الأكثرية في المجتمع خاصة أولئك المؤمنين بالحكم الإسلامي؟ نسمع نداء متأخرا للأمة في هذه الملحمة المشرفة غاب طويلا في أدبيات المحور المقاوم!
هذه الأسئلة وغيرها تحتاج في الإجابة عنها إلى رؤية أوسع من الإيديولوجية، وإلى قواعد تحليل لا تنحصر في السياسة وحدها. مربط الفرس يكمن في نظرة الغرب إلى الشرق بعامة والمشرق الإسلامي منه بخاصة، نظرة استعمارية تختزن كل أصناف الصراع الحضاري والديني والأيديولوجي وصراع الشمال والجنوب. وفي عنفوان النظام الإيراني الذي أبداه في هذه الملحمة المشروعة تغيب اللحمة بينه وبين مظاهريه، لأنه عاش طويلا في عزلة، وولغ كثيرا في العدوان.
الجزائر إلى أين؟
(801) سيبقى رقما راسخا في الذاكرة الجزائرية، لا لكونه يمثل الحد الأدنى ممن أثروا بغير حق من مال الشعب باستغلال مناصبهم القيادية فأصبحوا بشهادة من يختزن أموالهم رأس حربة في فساد يتجدد إهابه ولا يزول، بل لأن فرنسا نفسها تسترت عليهم وقبلت بمال تعلم أنه مال منهوب وفضلت ادخار سره ليوم الحاجة، وها قد أزفت المناسبة. هي فضيحة جديدة في عالم السياسة، سنرى فصولها لا على المسرح الفرنسي الذي لا يعنينا أمره، بل على الساحة الجزائرية قضاء وسياسة واقتصادا وإعلاما...
ثمانمائة مسؤول ومسؤول واحد يزيد عنهم حدا وعدا غير العسكريين لهم أصول مالية في فرنسا! هذا تصريح رسمي يعني الكثير بالنسبة للشعب الجزائري، فهؤلاء يمارسون السلطة في بلادهم وهم معروفون لدى القيادة بهذه الأصول ولا ريب، وإذا علمنا سقوف الرواتب التي يتقاضاها الموظفون السامون في الدولة، فمن حقنا أن نسألهم من أين لهم بكل هذا؟ يعتبر منشور صحيفة "لاكسبراس" تبليغا للسلطات المعنية بمكافحة الفساد، وهي مضطرة إلى العمل على تبرئتهم قضائيا أو اتخاذ إجراءات بعزلهم إذا ثبت اتهامهم، ففي الجزائر أشخاص لا يزنّون بريبة أكفياء بهذه المناصب العليا وجديرون بهذه المعركة الوطنية ضد فرنسا المستعمرة.
كما أن السلطة الجزائرية تلعب على الحبال كلها لتبقى سالمة، والشعب يتلهف على نصرة غزة ويجمع لهم الأموال على الدوام. جماعة الإخوان المسلمين في هذا البلد غردت طويلا خارج السرب، تحتاج اليوم إلى الشعب الجزائري ليساندها في وقفاتها الاحتجاجية وفي قوافلها نحو غزة، ربما يفعل الشعب وربما لا. ومن الحكمة في هذه المحطات التنسيق مع الجهات الموثوقة والتي لها كلمة مسموعة في البلاد، طبعا هي موجودة خارج السلطة وبين صفوف الشعب. السلطة تحاول اللعب بكل الأوراق لتنال رضا الجميع، الأوراق التي تعود ملكيتها للشعب الجزائري وحده بطبيعة الحال، ولكن إلى متى ستظل الجرة سالمة في كل مرة؟
لا تملك الجزائر ما تملكه إيران من قوة ردع نووية وبالستية، ليس في يدها غير إعطاء أرباح من ريع البلاد في شكل استثمارات لا تهم مردوديتها ولا نجاعتها على الحياة اليومية للجزائريين، وبمزيد منها تسكت السلطة المتربصين بها إلى حين كما تظن. ولكن ماذا لو طلبوا أكثر، الاستحواذ على رأس المال أو تغيير النظام؟رأس النظام الجزائري أصبح مطلوبا للصهاينة وللغرب، لأنه لم يعد هنالك مكان للرأس المرفوع بعد السابع من أكتوبر، فالعدو الصهيوني جراحه نازفة وهيبته بالحضيض. والجزائر بالنسبة للغرب كعكة متاحة بقليل من الكيد، له أدوات جاهزة للتنفيذ. الساحل الجزائري يقع بفم التمساح الأوروبي من شرقه حتى غربه، فأمست الدولة محاصرة من كل جانب عدا من شرقيها تونس وليبيا طرابلس.
لا تملك الجزائر ما تملكه إيران من قوة ردع نووية وبالستية، ليس في يدها غير إعطاء أرباح من ريع البلاد في شكل استثمارات لا تهم مردوديتها ولا نجاعتها على الحياة اليومية للجزائريين، وبمزيد منها تسكت السلطة المتربصين بها إلى حين كما تظن. ولكن ماذا لو طلبوا أكثر، الاستحواذ على رأس المال أو تغيير النظام؟
يمكن للساسة الموريتانيين أن يكونوا بيضة القبان في هذه المشهدية الفوضوية، إذا ما تحالفوا مع محور إقليمي صلب وصعب الكسر، يضم: موريتانيا، الجزائر، أزواد، جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، تونس، وغرب ليبيا. في مقابل محاور أخرى أضعف أو فاقدة للسيادة. لكن نجاح هذا المحور الإقليمي المنشود مشروط ببناء مشروع سياسي جامع، يقوم على قواسم مشتركة أساسية: مرجعية الإسلام، والاعتراف المتبادل بين مكوّناته، والتنمية المستدامة، وحق الدفاع المشروع عن النفس وردّ العدوان.
*كاتب وإعلامي جزائري