بين المشروع الصهيوني والمشروع الإيراني: تشابه في البنية واختلاف في الظاهر
تاريخ النشر: 5th, July 2025 GMT
بين #المشروع_الصهيوني و #المشروع_الإيراني: تشابه في البنية واختلاف في الظاهر
د. #عبدالله_البركات
يُلاحظ المتأمل في المشهد السياسي والديني في الشرق الأوسط تشابهًا لافتًا بين المشروع الصهيوني والمشروع الإيراني، رغم ما يبدو من تضاد في الشعارات والاصطفافات. فكلا المشروعين يتبنيان ثلاث طبقات متداخلة: قومية، ودينية طائفية، ودينية شاملة، تُستخدم كأدوات ناعمة وذكية لتوسيع النفوذ وتوجيه الخطاب بحسب الجمهور المستهدف.
أولًا: الواجهة القومية
مقالات ذات صلةفي المشروع الإيراني، يظهر الوجه القومي بوضوح من خلال إحياء التراث الفارسي، والتمسك بالتقويم الإيراني، والترويج للغة الفارسية على حساب اللغة العربية، حتى في الأوساط الدينية. كما أن الإصرار الرسمي على تسمية الخليج بـ”الفارسي” بدلًا من “العربي” أو حتى “الإسلامي” يكشف عن أولوية القومية الفارسية في سلم أولويات الدولة، بما يناقض الخطاب الإسلامي الأممي الذي تتبناه نظريًا.
أما في المشروع الصهيوني، فتتمثل القومية في تبني الهوية العبرية كمرتكز للانتماء، وإحياء اللغة العبرية التوراتية، مع تقديم التاريخ اليهودي القديم كأساس لشرعية الدولة الحديثة. ويتم دعم هذا التوجه بأدبيات صهيونية تؤكد على “شعب الله المختار” وأرض الميعاد.
ثانيًا: الوجه الديني الطائفي
يحمل كل من المشروعين طابعًا دينيًا طائفيًا موجهًا لفئة معينة:
• فإيران تركز على المرجعية الشيعية الاثني عشرية، مع دعم مباشر للمؤسسات الدينية التابعة لها في العراق ولبنان والبحرين واليمن.
• بينما يحمل المشروع الصهيوني بُعدًا تلموديًا توراتيًا، يرتكز على نصوص دينية تُستخدم لتبرير التوسع والتهويد، وتُخاطب اليهود المتدينين من جهة، والمسيحيين الصهاينة (خصوصًا الإنجيليين في الولايات المتحدة) من جهة أخرى.
ثالثًا: الوجه الديني الأشمل
كلا المشروعين يسعيان لتوسيع نفوذهما خارج نطاق الطائفة أو القومية عبر واجهة دينية أكثر انفتاحًا:
• إيران تُقدّم نفسها كـ”نصير للمستضعفين” في العالم الإسلامي، وتُحاول تصدير الثورة تحت لافتات إسلامية عامة، مما يسهل خطابها في الأوساط السنية رغم التناقضات العقائدية.
• أما إسرائيل، فتحرص على الحفاظ على “تحالف توراتي إنجيلي” يربطها بالمسيحيين الإنجيليين حول العالم، خاصة في الولايات المتحدة، وهو تحالف يتجاوز الانتماء اليهودي الداخلي نحو مشروع ديني-سياسي عابر للطوائف.
رابعًا: نقطة الالتقاء… والعدو المشترك
رغم التباينات الظاهرة، إلا أن كلا المشروعين يلتقيان في العداء الصريح أو الضمني للإسلام السني، باعتباره التيار الأوسع انتشارًا في العالم الإسلامي، والأكثر تعبيرًا عن مشروع حضاري بديل. ويظهر هذا في:
• تحميل هذا التيار المسؤولية الحصرية عن ظواهر مثل القاعدة وداعش، مع تجاهل العوامل السياسية والاختراقات الاستخباراتية التي أسهمت في بروز هذه الحركات.
• تجاهل المرجعيات السنية الكبرى في اللقاءات الدولية، كما في زيارة البابا فرنسيس للعراق عام 2021 حيث التقى المرجعية الشيعية ولم يُخصص أي لقاء مماثل للعلماء السنة.
كذلك فإن القومية العربية تُعد عدوًا مشتركًا للمشروعين، إذ تشكل بُعدًا يوحّد شعوب المنطقة حول مفاهيم الاستقلال والوحدة ورفض التبعية، حتى وإن تراجعت كثيرًا في العقود الأخيرة بسبب التشرذم والاختراق الأيديولوجي.
خامسًا: المصالح المتقاطعة وليست المتطابقة
يُلاحظ في السياسات الإقليمية أن المشروعين الصهيوني والإيراني يلتقيان أحيانًا في المصالح التكتيكية، كضرب المكونات السنية المقاومة أو تقاسم النفوذ في مناطق الصراع، لكن لا يعني هذا تطابقًا كاملاً، إذ لكل مشروع طموحاته الخاصة وأجنداته الاستراتيجية، وبعضها قد يتقاطع أو يصطدم بالآخر في مراحل معينة.
وباختصار
فإن تشابه البنية الأيديولوجية والتكتيكية بين المشروعين الإيراني والصهيوني لا يعني بالضرورة وحدة الهدف، لكنه يشير إلى أنماط متشابهة في استخدام الدين والقومية كوسائل لا كغايات، وتوظيف التعدد الخطابي لتوسيع القبول والتأثير في جماهير متعددة. وهذا يفرض على المراقب ألا يُخدع بالشعارات الظاهرة، بل ينظر في البنية العميقة للمشاريع ويحلل حركتها التاريخية وأدواتها الناعمة والخشنة على حد سواء.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: المشروع الصهيوني المشروع الإيراني عبدالله البركات المشروع الصهیونی المشروع الإیرانی
إقرأ أيضاً:
"فيسبوك" يغيّر قواعد اللعبة.. تحكّم في المحتوى الذي تراه
أعلنت شركة "ميتا"، الثلاثاء، إصدار تحديث جديد يتيح لمستخدمي تطبيق "فيسبوك" تخصيص إعدادات الخوارزميات، للتحكم في المنشورات والفيديوهات القصيرة التي تظهر لهم أثناء تصفح التطبيق.
وستمنح هذه الميزة المستخدمين تحكما أكبر في المحتوى الذي يظهر لهم، إلى جانب اقتراحات يقدمها الذكاء الاصطناعي.
وستسهل هذه الميزة على مستخدمي "فيسبوك" التعبير عن اهتمامهم، أو عدم اهتمامهم بالمحتوى الظاهر، عبر استخدام خيارات الإعدادات، مما يدفع نظام التوصيات إلى التكيف مع هذا النوع من الملاحظات، وفقا لما جاء في مدونة "ميتا".
كما أضافت الشركة ميزة "الحفظ"، لجمع المقاطع القصيرة، والمنشورات المفضلة في مكان واحد.
وقالت "ميتا"، إن هذه الميزة ستساعد على معالجة شكاوى المستخدمين بشأن المحتوى غير المرغوب فيه.
وتسعى هذه الخوارزمية الجديدة لإعطاء الأولوية للمحتوى الأحدث، وستعرض للمستخدمين 50 بالمئة من المقاطع القصيرة التي تم نشرها في نفس اليوم، وفقا للشركة.
وسيقدم "فيسبوك" أيضا اقتراحات مدعومة بالذكاء الاصطناعي، لمساعدة المتصفحين على اكتشاف المزيد من المحتوى حول المواضيع التي تهمهم.
وستضيف الشركة في الركن الخاص بالمقاطع القصيرة أيقونات تظهر الأصدقاء الذين سجلوا إعجابا بالمنشور الظاهر على الشاشة، مثل "إنستغرام".
وكانت "ميتا" قد أعلنت، الإثنين، عن إدخالها نفس التعديلات الخوارزمية على منصة "إنستغرام".