الاحتباس الحراري.. كيف يتسبب باهتزاز الأرض حرفيا؟
تاريخ النشر: 11th, November 2023 GMT
مع ارتفاع وهبوط أمواج المحيطات، فإنها تؤثر في قاع البحر بالأسفل وتولد موجات زلزالية. هذه الموجات الزلزالية قوية جدا وواسعة الانتشار لدرجة أنها تظهر كنبض ثابت على أجهزة قياس الزلازل، وقد زادت هذه الموجات قوة في العقود الماضية.
وفي دراسة جديدة نشرت في دورية "نيتشر كوميونيكيشنز"، قام الباحث ريتشارد آستر أستاذ ورئيس قسم الجيوفيزياء بجامعة ولاية كولورادو وزملاؤه بتتبع هذه الزيادة في جميع أنحاء العالم على مدى العقود الأربعة الماضية.
وكما يقول الدكتور ريتشارد في مقال له على موقع "ذا كونفرسيشن"، فإن هذه البيانات العالمية إلى جانب دراسات الزلازل الأخرى المتعلقة بالمحيطات والأقمار الصناعية والإقليمية، أظهرت زيادة على مدى عقود في طاقة الأمواج تتزامن مع زيادة العواصف التي تعزى إلى ارتفاع درجات الحرارة العالمية.
تسجل أجهزة وشبكات رصد الزلازل العالمية شديدة الحساسية باستمرار، مجموعة هائلة ومتنوعة من الظواهر الزلزالية الطبيعية أو التي يسببها الإنسان، ومنها الإشارات الخلفية الزلزالية الأكثر انتشارا عالميا، والتي يُحدثها الضجيج المستمر الناتج عن أمواج المحيط التي تحركها العواصف. وتولّد أمواج المحيط إشارات زلزالية دقيقة بطريقتين مختلفتين.
الأولى والأكثر نشاطا بين الاثنين، هي المعروفة بالزلازل الميكروية الثانوية، والتي تنبض لمدة تتراوح بين نحو 8 و14 ثانية. فعندما تنتقل مجموعات من الأمواج عبر المحيطات في اتجاهات مختلفة، فإنها تتداخل مع بعضها البعض، مما يؤدي إلى تباين الضغط في قاع البحر. وهذا النوع ليس موجودا دائما.
الطريقة الثانية التي تولّد بها أمواج المحيط إشارات زلزالية عالمية تسمى عملية الزلازل الدقيقة الأولية، والتي تنتج عن طريق أمواج المحيط المنتقلة التي تدفع وتسحب قاع البحر مباشرة. وبما أن حركات المياه داخل الأمواج تهبط بسرعة إلى العمق، فإن هذا يحدث في المناطق التي يقل فيها عمق المياه عن حوالي 300 متر. وتظهر تلك الإشارات في البيانات الزلزالية على شكل همهمة ثابتة بفترة تتراوح بين 14 و20 ثانية.
الكوكب المهتز.. ماذا يخبرنا؟وفي دراستهم قام الباحثون بتقدير وتحليل كثافة الزلازل الدقيقة الأولية التاريخية التي تعود إلى أواخر الثمانينيات في 52 محطة لقياس الزلازل حول العالم، ووجدوا أن 41 (79٪) من هذه المحطات أظهرت زيادات كبيرة وتدريجية للغاية في الطاقة على مر العقود.
وتشير النتائج إلى أن المتوسط العالمي لطاقة أمواج المحيطات منذ أواخر القرن العشرين زاد بمعدل متوسط قدره 0.27% سنويا. ومع ذلك، ومنذ عام 2000، ارتفع متوسط الزيادة العالمية في المعدل بنسبة 0.35% سنويا.
وكانت هذه الزيادة ملحوظة أكثر في مناطق المحيط الجنوبي العاصفة جدا قرب شبه جزيرة القارة القطبية الجنوبية. وفي شمال المحيط الأطلسي الذي اشتدت فيه طاقة الأمواج بشكل أسرع في العقود الأخيرة مقارنة بمستوياتها التاريخية.
وكما يقول ريتشارد في المقال؛ امتصت المحيطات نحو 90% من الحرارة الزائدة المرتبطة بارتفاع انبعاثات غازات الدفيئة الناجمة عن الأنشطة البشرية في العقود الأخيرة. ويمكن أن تترجم هذه الطاقة الزائدة إلى موجات أكثر ضررا وعواصف أكثر قوة.
ويؤكد أن نتائجهم تقدم تحذيرا آخر للمجتمعات الساحلية، حيث يمكن أن تؤدي زيادة ارتفاع أمواج المحيط إلى ضرب السواحل، مما يؤدي إلى إتلاف البنية التحتية وتآكل الأرض.
وتتفاقم آثار زيادة طاقة الأمواج بسبب الارتفاع المستمر في مستوى سطح البحر الذي يغذيه تغير المناخ وهبوط الأرض. ويؤكد الباحثون أهمية التخفيف من آثار تغير المناخ وبناء القدرة على الصمود في البنية التحتية الساحلية وإستراتيجيات حماية البيئة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: أمواج المحیط
إقرأ أيضاً:
تحذيرات دولية: إسطنبول على أعتاب زلزال مدمر
أنقرة (زمان التركية) – سلّط تحليل معمق نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية الضوء على الخطر المحدق بمدينة إسطنبول التركية، مشيراً إلى أن “شيئاً مرعباً يحدث في أعماق بحر مرمرة”. وذكر التقرير أن خط صدع تحت هذا البحر الداخلي، الذي يربط البحر الأسود ببحر إيجة، يواجه ضغطاً متزايداً.
التحليل، الذي استند إلى دراسة جديدة نُشرت في مجلة ساينس (Science)، لفت الانتباه إلى نمط مقلق: ففي العشرين عاماً الماضية، وقعت زلازل متزايدة الشدة، وهي تتحرك بانتظام نحو الشرق. وحذّر عالم الزلازل ستيفن هيكس من جامعة لندن بالقول: “إسطنبول تتعرض لهجوم”.
يشير التحليل إلى أن الزلازل القوية تتجه نحو منطقة مغلقة يبلغ طولها من 15 إلى 21 كيلومتراً، يسميها العلماء “صدع مرمرة الرئيسي”، الواقع تحت سطح البحر جنوب غرب إسطنبول، وهي منطقة هادئة بشكل مثير للريبة منذ زلزال عام 1766 الذي بلغت قوته 7.1 درجة.
وإذا استمر هذا النمط وحدث تمزق في هذه المنطقة، فإنه قد يؤدي إلى زلزال بقوة 7 درجات أو أكثر في المدينة التي يقطنها 16 مليون نسمة. وقد لاحظت الدراسة الجديدة تسلسلاً لافتاً لأربعة زلازل متوسطة الشدة، كان آخرها زلزال بقوة 6.2 درجة في أبريل 2025 شرق خط الصدع مباشرةً. ويشير مؤلفو الدراسة إلى أن الزلزال القادم قد يكون أقوى من سابقه وقد يقع تحت إسطنبول مباشرةً.
وعلى الرغم من أن بعض العلماء، مثل جوديث هوبارد من جامعة كورنيل، يرون أن هذا التسلسل قد يكون مجرد مصادفة، إلا أن الإجماع العلمي يؤكد أن “زلزالاً مدمراً قادم” نتيجة لتراكم الضغط الخطير على صدع شمال الأناضول.
وقالت عالمة الزلازل باتريشيا مارتينيز-غارزون، إحدى مؤلفي الدراسة الجديدة، إن تركيز الجهود يجب أن يكون على “الكشف المبكر عن أي إشارات تدل على شيء غير عادي، وعلى التخفيف من آثاره”، مؤكدة أن الزلازل “لا يمكن التنبؤ بها”. واختتم التقرير بتحذير الدكتور هوبارد من أن زلزالاً كبيراً جداً بالقرب من إسطنبول “قد يؤدي إلى واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في التاريخ الحديث”.
Tags: اسطنبولتركيازلزال اسطنبولزلزال تركيانيويورك تايمز