الإمارات.. جهود ومبادرات لحماية التجارة العالمية من تداعيات تغير المناخ
تاريخ النشر: 14th, November 2023 GMT
jولي دولة الإمارات أهمية كبيرة للعمل على تخفيف تداعيات المناخ على التجارة الدولية، لإيمانها بأنه محفز للتنمية الاقتصادية المستدامة، الأمر الذي دعاها إلى اعتماد استراتيجية اقتصادية ذكية ودائرية، تتبنى أحدث ابتكارات تكنولوجيا التجارة وتشجع التدفق الشامل للتجارة، وكفاءة سلسلة التوريد.
وحجزت الإمارات لنفسها موقعاً رائداً على صعيد حركة التجارة الدولية بما أنها محطة عالمية لسلاسل التوريد، نتيجة موقعها الاستراتيجي بين الشرق والغرب، فضلاً عن امتلاكها إحدى أقوى شبكات الربط مع الموانئ البحرية واستثمارها على مدار عقود في بناء موانئ عملاقة، تتيح لها تلبية متطلبات حركة التجارة العالمية بأعلى درجات المرونة والانسيابية في التنقل بين الدول ضمن منظومة نقل بمواصفات عالمية ومميزات احترافية.
وتملك الإمارات تاريخاً طويلاً في تحفيز التجارة الدولية، كما تدعم العديد من اتفاقيات تيسير التدفقات التجارية، مثل اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة، وممرات التجارة الافتراضية، ومنصة أبوظبي المتقدمة للتجارة والخدمات اللوجستية لتسهيل التجارة.
وتدرك الإمارات أهمية التعاون الدولي لاستدامة قطاع التجارة الدولية عبر الاعتماد على الأفكار التي تتبنى حلولاً مبتكرة لتطوير نظام تجاري أكثر ذكاءً وسرعة وشمولاً واستدامة، حيث طالت تداعيات التغير المناخي شتى أنحاء العالم وأثرت بشكل مباشر أو غير مباشر على حركة التجارة العالمية، ما يفرض الاهتمام بها في أي تناول لدراسة شكل الاستجابة للتغير المناخي، وهو ما أكدته الدكتورة نغوزي أوكونغو إيويالا المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية التي أشارت إلى أن التجارة يجب أن تكون عنصراً أساسياً في أي محادثات حول تغير المناخ، مؤكدة أن التجارة كانت في أغلب الأحيان الحلقة المفقودة عند الاستجابة لأزمة المناخ.
توافق دولي
كانت استجابة الإمارات لتحذير منظمة التجارة العالمية، استباقية وفاعلة حيث أدرجت، ولأول مرة في تاريخ مؤتمرات COP، موضوع التجارة الدولية ضمن أجندة مؤتمرCOP28 الذي تستضيفه من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) إلى 12 ديسمبر(كانون الأول) حيث تشارك وزارة الاقتصاد ورئاسة COP28، في قيادة لجنة التجارة خلال المؤتمر، إلى جانب أمانة منظمة التجارة العالمية، ومؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية أونكتاد، وغرفة التجارة الدولية، والمنتدى الاقتصادي العالمي ودائرة التنمية الاقتصادية–أبوظبي، حيث ستتبلور المناقشات حول التجارة وبناء توافق دولي واضح لضمان تكامل سلاسل التوريد العالمية، فضلاً عن بلورة نظام تجاري أكثر ذكاءً وسرعة وشمولاً واستدامة، خاصة للمؤسسات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر في الدول النامية.
وحظيت الرؤية الاستشرافية لدولة الإمارات وريادتها في التركيز على التجارة خلال قمة المناخ بإشادة دولية، حيث يعتبر COP28 فرصة للارتقاء بالمناقشات حول دور التجارة الدولية في الحد من الانبعاثات، وبناء المرونة المناخية في سلاسل التوريد العالمية، ودعوة شبكات شركاتنا الكبيرة والصغيرة للمشاركة في النقاش.
كما تستضيف الإمارات المؤتمر الوزاري الثالث عشر لمنظمة التجارة العالمية، حيث تلتقي الهيئة التشاورية للمنظمة، التي تجتمع مرة كل عامين، في أبوظبي في الربع الأول 2024، بعد مؤتمر COP 28، ما يتيح للدولة دوراً فعالاً في قيادة الحوار والعمل على القضايا العالمية الملحة، كما يضع الإمارات في قلب المحادثات التي ستشكل مستقبل التجارة العالمية.
وتعكس استضافة الإمارات للمؤتمر مكانتها بوصفها داعماً رئيسياً لحرية تدفق التجارة والاستثمار بين دول العالم، ويوفر المؤتمر الوزاري الثالث عشر لمنظمة التجارة العالمية منصة مثالية للدولة لإشراك المجتمع التجاري الدولي في توفير سلاسل إمداد تتسم بالمرونة وسهولة الحركة، كما يؤكد مركزية الدولة في التدفق الحر للسلع حول العالم.
وتنسجم هذه المبادرات مع الأهداف المنشودة لحملة استدامة التي أطلقت بالتزامن مع قرب مؤتمر COP28، والتي تهدف إلى نشر الوعي بقضايا الاستدامة البيئية، وتشجيع المشاركة المجتمعية، ودعم الاستراتيجيات الوطنية ذات الصلة بالعمل المناخي.
حشد الجهود الدولية
وسعت الإمارات إلى استنفار الجهود العالمية لوضع حلول عملية لتأثير التغير المناخي على حركة التجارة العالمية ومرونة سلاسل التوريد، وخلال مشاركتها في المنتدى العام لمنظمة التجارة العالمية، بجنيف في سبتمبر (أيلول) الماضي تحت شعار “حان وقت العمل”، جددت الإمارات الدعوة إلى حشد الجهود الدولية لابتكار وتبني حلول تجعل التجارة العالمية أكثر استدامةً وصداقة للبيئة، وترفع مساهمتها في معالجة تحديات التغير المناخي، عبر رقمنة سلاسل الإمداد واعتماد التقنيات الحديثة.
وأكدت الإمارات التزامها بالعمل مع الشركاء العالميين لتطوير سلاسل إمداد ذكية قائمة على التكنولوجيا لتزيد كفاءة عمليات شحن ونقل البضائع، وتقلل استهلاك الطاقة، في ظل إلحاح تحديات التغيرات المناخية، ما يستلزم تكاتف المجتمع التجاري العالمي، لخفض البصمة الكربونية لهذا القطاع الحيوي حول العالم.
كما نظمت الدولة خلال المنتدى جلسة حوار بعنوان “العلاقة بين التجارة والاقتصاد العالمي وتغير المناخ”، شارك فيها مسؤولون من منظمة التجارة الدولية، والمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية أونكتاد، وجددت فيها الدعوة إلى تبني حلول جديدة لاستدامة سلاسل الإمداد منها تسريع الاعتماد على المركبات الكهربائية ووسائل النقل التي تعمل بالطاقة المتجددة، وتحسين كفاءة الخدمات اللوجستية والعمليات التشغيلية لنقاط الدخول.
إلى ذلك، وقعت الإمارات مذكرة تفاهم مع المنتدى الاقتصادي العالمي لدعم مبادرة “تكنولوجيا التجارة” التي أطلقتها الدولة،لتسريع رقمنة سلاسل التوريد الدولية، وتحسين الإجراءات الجمركية، وتعزيز وصول الدول النامية إلى نظام التجارة العالمي، تمهيداً لحقبة جديدة من النمو التجاري.
وتشكل “مبادرة تكنولوجيا التجارة” خطوة بالغة الأهمية لتحديث التجارة العالمية باستخدام أدوات وتطبيقات الثورة الصناعية الرابعة، والحد من العمليات الورقية غير الفعالة التي تهيمن على سلاسل التوريد، ولتوفير مزيد من الفرص بين مختلف الأسواق الدولية الرئيسية ودعم مرونة التجارة العالمية وقدرتها على تخطي التحديات وتحقيق النمو المستدام.
ونجحت الإمارات في السنوات الماضية في قيادة وحشد الجهود الدولية لحماية وتعزيز الأمن الغذائي العالمي عبر طرح الحلول،وإطلاق المبادرات ودعم المشاريع التي تسهم في تحسين إنتاج الغذاء، وتأمين استدامة سلاسل توريد المواد الغذائية ومكافحة الجوع في العالم.
حلول ذكية
بادرت الإمارات مبكراً إلى اعتماد حزمة حلول اقتصادية ذكية تشجع التدفق الشامل للتجارة، وتعزز كفاءة سلاسل التوريد، وتبني أحدث ابتكارات تكنولوجيا التجارة، ما يوفر فرصاً جديدة للمصدرين والمصنِّعين والمستثمرين حول العالم.
ولعبت الدولة دوراً راداً فيئ تطوير سلاسل التوريد المستدامة، بالتركيز على استثماراتها بمليارات الدولارات في إزالة الكربون من سلاسل القيمة، كما رسخت مكانتها على أجندة الطاقة النظيفة في المنطقة، بعد التحول الكبير الذي شهدته قي السنوات العشر الماضية مقارنة مع دول أخرى.
كما وقعت حكومة الإمارات بالتعاون مع منتدى الاقتصاد العالمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا مبادرة “تسريع الاقتصاد الدائري 360” ، لتكون أول دولة داعمة للمبادرة في العالم، وبما يعكس مكانتها مركزاً عالمياً ومختبراً مفتوحاً للابتكار الاقتصادي والتكنولوجي ونموذجاً في التنمية المستدامة، وتهدف المبادرة إلى إنشاء بيئة مؤهلة وبنية تحتية مستدامة لدعم نمو القطاعات الحيوية الاقتصادية،والاجتماعية، والبيئية بما يخدم الإنسان، كما تسعى إلى توظيف تقنيات الثورة الصناعية الرابعة في اقتصاد دائري بكفاءة وفعالية، حيث توفر هذه التقنيات إمكانات هائلة يمكن أن تحد من هدر الموارد، وتتبع استخداماتها وإعادة تدويرها.
شكل أمن الغذاء إحدى الأولويات الاستراتيجية للإمارات، وقد أثرت جائحة كورونا على كفاءة واستمرارية سلاسل التوريد العالمية، الأمر الذي تعاملت معه الإمارات باحترافية عالية بتوسيع قاعدة سلاسل توريد الغذاء لضمان مرونتها واستمراريتها، وفق أعلى معايير سلامة الغذاء، وتحفيز التوسع في مشاريع الزراعة الحديثة التي تضمن زيادة الإنتاجية وكفاءتها.
ويمكن اعتبار تعامل الإمارات مع أزمة كورونا تجربة ناجحة في ضمان استمرارية سلاسل التوريد، فقد سارعت الدولة للانضمام إلى البيان الوزاري المشترك الذي أصدرته عدة دول حول العالم عن استمرارية سلاسل التوريد خلال الأزمة.
وتعهدت هذه الدول بالتزامها بضمان استمرارية وترابط سلاسل التوريد خلال أزمة تفشي الوباء، وتعزيز العمل والتنسيق بصورة مكثفة لتحديد ومعالجة العوائق التجارية التي تؤثر سلباً على تدفق السلع والبضائع الضرورية، كما أكدت العمل على ضمان إبقاء خطوط التجارة مفتوحة بما فيها عمليات الشحن الجوي والبحري، لتسهيل تدفق السلع بما فيها الاحتياجات الأساسية، وأهمية الامتناع عن فرض ضوابط رقابية تعيق سلاسة التصدير أو تطبيق حواجز تعريفية أو غير تعريفية على حركة التجارة، والعمل على إزالة أي تدابير تقيد توريد السلع الأساسية، ولا سيما الطبية خلال الأزمة.
وخلال الجائحة شاركت الإمارات في الاجتماع الاستثنائي لمجموعة العشرين للتجارة والاستثمار على المستوى الوزاري، بحضور وزراء التجارة، والاقتصاد، والاستثمار في دول المجموعة، وممثلي عدد من المنظمات العالمية المعنية، وأكدت الإمارات أهمية تعاون دول المجموعة لضمان سلامة التجارة واستمرارية أنشطتها باعتبارها شرياناً لتوفير احتياجات الناس في مختلف مناطق العالم ومحركاً لعودة الانتعاش الاقتصادي.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الإمارات لمنظمة التجارة العالمیة التجارة الدولیة سلاسل التورید حرکة التجارة حول العالم
إقرأ أيضاً:
معكم حكومة بريطانيا.. المكالمة التي تلقتها الجنائية الدولية بشأن نتنياهو
كشف المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان أن الحكومة البريطانية هددت بوقف تمويل المحكمة والخروج من نظام روما الأساسي الذي أنشأها، إن مضت في خططها لإصدار مذكرة توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
كريم خان ذكر هذا الادعاء في مذكرة قدمها للمحكمة دفاعا عن قراره بمحاكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي. وكان ذلك في 23 أبريل/نيسان 2024 عندما تلقى خان اتصالا هاتفيا حازما من مسؤول بريطاني لم يكشف عن هويته.
لكن تقارير إعلامية رجحت أن يكون المتصل وزير الخارجية البريطاني آنذاك، ديفيد كاميرون.
وأضاف خان أن المسؤول البريطاني اعتبر أن إصدار مذكرات توقيف بحق نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت أمر غير متناسب.
وقد أوضح المدعي العام -وهو بريطاني من أصول باكستانية- أن التهديدات البريطانية لم تكن الوحيدة، فقد تلقى أيضا تحذيرات من مسؤول أميركي بأن إصدار مذكرات التوقيف سيؤدي إلى "عواقب كارثية".
وخلال مكالمة أخرى في الأول من مايو/أيار 2024، حذره السيناتور الأميركي ليندسي غراهام من أن تنفيذ المذكرات قد يدفع حركة حماس إلى قتل الأسرى الإسرائيليين.
وفي مواجهته لدعوات تأجيل إصدار مذكرة التوقيف، قال خان إنه أصرّ خلال المكالمة على أنه لم تكن هناك أي إشارة إلى استعداد الحكومة الإسرائيلية للتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية أو تغيير سلوكها.
وكشف خان أنه أصر على إرسال رد قوي من 22 صفحة على طلب إسرائيل بإلغاء المذكرات، "بعد أن رأى أن الرد الأولي كان ضعيفا.
كذلك، أوضح المدعي العام للجنائية الدولية أنه شكّل لجنة من خبراء القانون الدولي لتقييم اختصاص المحكمة وإمكانية محاكمة نتنياهو وغالانت و3 مسؤولين من حماس.
يذكر أنه بدعم أميركي، شنت إسرائيل حرب إبادة جماعية على غزة في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023 واستمرت عامين، وأدت لسقوط أكثر من 70 ألف شهيد و171 ألف جريح، معظمهم أطفال ونساء.
التزام علني
وعبرت عدة دول أوروبية عن التزامها بقرار الجنائية الدولية ضد نتنياهو، مما أجبره على تفادي المرور في أجواء هذه الدول الأوروبية خوفا من اعتقاله.
إعلانوإذا كانت بريطانيا، حاولت سرا إنقاذ نتنياهو فإنها لم تعارض علنا مذكرة توقيفه، بل أبدت احترام المحكمة وأكدت التزامها بميثاق روما الأساسي.
وفي وقت سابق، قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي إن لندن "ستتبع الإجراءات القانونية الواجبة" إذا زار نتنياهو البلاد.
وجاء ذلك تعليقا على إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق الأخير بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وردا على سؤال عما إذا كانت لندن ستنفذ أمر الاعتقال، قال لامي: "نحن موقعون على نظام روما، ودائما نلتزم بتعهداتنا بموجب القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي".