جريدة الرؤية العمانية:
2025-07-06@10:29:31 GMT

طوفان الأقصى كشف المنافقين

تاريخ النشر: 15th, November 2023 GMT

طوفان الأقصى كشف المنافقين

 

حمد الحضرمي **

 

إن النفاق الأكبر هو أن يظهر الإنسان الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، ويبطن ما يناقض ذلك كله أو بعضه، وهذا هو النفاق الذي كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونزل القرآن بذم أهله وتكفيرهم، قال تعالى "إن المنافقين في الدركِ الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرًا" (النساء: 145).

أما النفاق الأصغر هو نفاق العمل، وهو أن يظهر الإنسان أمرًا ما علانية ويبطن ما يخالف علانيته. وفي زمننا الحاضر كثر المنافقين وكثر أتباعهم، وتعددت أساليبهم وخططهم، وتظاهروا بالصلاح، وقلوبهم كلها خيانة وكذب وغدر، لأن المنافق مريض القلب يفرح إذا أصاب المسلمين ضر، ويحزن إذا انتصروا، ويتربص بهم الدوائر.

وقد أظهرت عملية طوفان الأقصى المنافقين على حقيقتهم وكشفت اقنعتهم، لأن الشدائد والمحن هي التي تظهر المنافق على حقيقته، وسيظل المنافقون في كل زمان ومكان إخوة للكافرين والمشركين يشدون أزر بعضهم البعض. فالنفاق من الأمراض الخطيرة التي يصاب بها الأفراد والمجتمعات، وتبدو خطورته حينما نلاحظ آثاره المدمرة على حياة الناس، لأنهم يقومون بعمليات الهدم من الداخل، ويحسبهم الآخرين بأنهم صالحين، وهم شياطين الإنس، يكذبون ويجحدون الحق، ويحبون المنافع ويطمعون فيها، فهم معول هدم وخراب في حياة الأفراد والمجتمعات، ولا بد من الابتعاد عنهم وتجنبهم.

إن المنافق لديه صفات تكشفه على حقيقته، فهو ناعم بكلماته، خبيث في نياته، يتحرك بين الناس بالرياء والأنانية، تراه ملاكًا في مظهره الخارجي، وهو شيطان في تفكيره الداخلي، يلقاك بوجه مبتسم، وفي قلبه كرهًا وحقدًا وحسدًا ليس له مثيل، لأنه من حزب الشيطان، قال تعالى "أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون" (المجادلة: 19)، فترى المنافق يغمز ويلمز إذا تحدث عن الناس، ويمشي بينهم بالنميمة، كثير الكلام، في لسانه إذاعة وجريدة، ويرتدي أقنعة كثيرة ليتعامل مع الناس بها.

إن المنافق حياته كلها خداع ومكر وأذية ولؤم وجحود، وتطاول على كرامات الآخرين، وقد اعتاد على الكذب، ولا يحفظ عهدًا، ولا يعرف للوفاء قيمة، ولا يعرف للمروءة معنى، ضرره خطير وشخصيته خادعة، لا يعرف الناس معدنه، ولا نفعه من ضرره، لأنه يستخدم كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة لتحقيق مصالحه، ويتجاوز كل المبادئ والقيم والأخلاق التي تقف في طريقه، لتحقيق مبتغاه ومراده. وتأتي الشدائد والمحن في لمح البصر، فتكشف معادن الناس وسياسات الدول، وتظهر لك الحقائق، وتعرف الصديق من العدو، والعادل من الظالم، والأمين من الخائن، والشجاع من الجبان، والقريب من البعيد، والصادق من الكاذب، والمخلص من المخادع، والمناصر من الخذلان، كل هؤلاء وغيرهم تكشفهم المحن والشدائد. 

إن الواقع المرير الذي يعيشه إخواننا وأهلنا في غزة وفلسطين من الصعب السكوت عنه لأنهم منا وفينا ونحن أمة واحدة، والشهامة والكرامة والمروءة والنخوة العربية والإسلامية تلزم كل شخص منا التحرك بما يستطيع، وعن نفسي أحاول بمقالاتي الكتابة بلسان حال الأمة، والتعبير عن ما تكنه ضمائرهم وسرائرهم، لأن الحزن والألم قد بلغ مداه. ولكن رغم كل الصعوبات والشدائد التي يعيشها أهلنا في غزة وفلسطين، يبقى الأمل والرجاء بالله كبير، ونصره على الكفار ليس بعزيز ونراه قريب، فعليكم بالصبر يا إخوة الإيمان والعقيدة، امتثالًا  لقول الله تعالى "يا أيها الذين آمنوا أصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون" (آل عمران: 200) فاصبروا على ما أنتم عليه الآن من الكروب والحروب، لأن جزاء الصابرين كبير، قال تعالى "إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب" (الزمر: 10) ونرجو من الله أن يكون الفرج والنصر قريب لإخواننا وأهلنا المرابطين المجاهدين الأحرار في غزة وفلسطين.

لن يستطيع الإنسان صاحب الضمير الحي السكوت، وهو يرى اليهود الصهاينة منذ أكثر من شهر يرتكبون جرائم حرب إبادة جماعية بشعة في حرب شعواء بحق إخواننا وأهلنا في غزة، دون احترام للمبادئ الأساسية للقانون الدولي الإنساني، المتضمن التمييز بين المدنيين والمقاتلين، وحظر مهاجمة العاجزين عن القتال، والذين لا يشاركون مباشرة في الأعمال العدائية، وحظر التسبب في معاناة لا داعي لها، وهذا القانون الدولي الإنساني ملزم لجميع أطراف النزاع المسلح، ولكن الجنود الصهاينة لا قيم ولا أخلاق لهم في السلم، لأنهم يخونون العهود والمواثيق، ولا قيم ولا أخلاق لهم في الحرب، لأنهم يستهدفون المدنيين من الأطفال والنساء والشيوخ والمصابين والجرحى.

للأسف الشديد الأمة العربية والإسلامية تتفرج دون حراك، فلماذا يا أمة الإسلام هذا الضعف والهوان والسكوت، ولماذا يجري لنا كل هذا؟! وقد اغتصبت منا الأرض والمال والعرض، وسلب منا القدس والخليل وحيفا ويافا وعكا وعسقلان وطبريا وطولكرم والناصرة وضفد واللد والرملة وجنين وبئر السبع وبيسان والجولان والنقب، فمن السبب، في كل ما جرى ويجري لكم أيها العرب؟!

** محامٍ ومستشار قانوني

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

خطبة الجمعة من المسجد النبوي

أوصى إمام وخطيب المسجد النبوي بالمدينة المنورة فضيلة الشيخ الدكتور صلاح البدير المسلمين في خطبة الجمعة اليوم بتقوى الله ومراقبته، فهي منبع الفضائل، ومجمع الشمائل، وأمنع المعاقل، من تمسك بأسبابها نجا.

وقال فضيلته: “ذكر الله تعالى رواء الأرواح وشفاء الجراح وعلامة الصلاح وداعية الانشراح وعين النجاح والفلاح قال جل وعز: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) ومن واظب على ذكر الله تعالى أشرقت عليه أنواره وفاضت عليه آثاره وتوافدت عليه خيراته وتواصلت عليه بركاته، والذكر هو الزّاد الصالح والمتجر الرابح والميزان الراجح فضائله دانية القطوف وفوائده ظاهرة جليّة بلا كسوف.

ومضى فضيلته قائلًا: “وقد أمر الله عباده بكثرة ذكره وتسبيحِهِ وتقديسِهِ، والثناءِ عليه بمحامدِهِ وجعل لهم على ذلك جزيل الثواب وجميل المآب قال جل وعزّ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا)، وعن عبدالله بن بسر -رضي الله عنه-: أنَّ رجلًا قَالَ: يَا رسولَ الله، إنَّ شَرَائِعَ الإسْلامِ قَدْ كَثُرَتْ عَليَّ، فَأَخْبِرْنِي بِشَيءٍ أَتَشَبثُ بِهِ قَالَ: «لا يَزالُ لِسَانُكَ رَطبًا مِنْ ذِكْرِ الله» أخرجه الترمذي، فاذكروا الله في البيع والشراء والأخذ والعطاء والعلن والخفاء والصباح والمساء وعلى وجه الأرض وفي جوّ السماء”.

أخبار قد تهمك خطب الجمعة من الحرمين: “السلام” عنوان موحّد بـ35 لغة 4 يوليو 2025 - 1:35 مساءً وكالة الشؤون النسائية بالمسجد النبوي تُطلق فرصًا تطوعية لتعزيز تجربة الزائرات 29 يونيو 2025 - 12:40 صباحًا

وأشار فضيلته أن الذكر يرضي الرحمن ويطرد الشيطان ويقوي الإيمان ويبدد الأحزان ويمنح النفوس الطمأنينة والسكينة والأمان، والذّكر يزيل الوحشة ويذيب القسوة ويذهب الغفلة وينزل الرحمة ويشفي القلوب قال أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه:” لكل شيء جلاء وإن جلاء القلوب ذكر الله عز وجل”، والذكر غياث النفوس الظامئة وقوت القلوب الخالية ونور الدروب الشائكة، وبه تستجلب الخيرات والبركات وتستدفع الكربات والنقمات وبه تهون الفواجع النازلات والحوادث المؤلمات فما ذكر الله عز وجل في مصيبة إلا هانت ولا في كربة إلا زالت.

وأبان إمام وخطيب المسجد النبوي في ختام الخطبة أن الأجور المترتبة على الذكر عظيمة لا يعبِّر عن عظمتها لسان ولا يحيط بها إنسان مطالبًا فضيلته المسلمين بالمحافظة على الأدعية والأذكار الصحيحة الواردة في الأحوال المختلفة والإكثار من ذكر الله تعالى في كل حين وأوان.

مقالات مشابهة

  • شروط وأسباب استجابة الدعاء.. الأوقاف توضحها
  • عرض شعبي لقوات التعبئة في أفلح الشام لخريجي “طوفان الأقصى”
  • تدشين المرحلة الثانية من دورات “طوفان الأقصى” في مديرية الوحدة
  • رسالة لشباب اليوم..
  • فعالية ثقافية بذكرى عاشوراء وتدشين الجولة الثانية لدورات طوفان الأقصى في اللحية
  • تدشين الجولة الثانية من دورات “طوفان الأقصى” في مديرية المراوعة
  • سعة ورحمة.. يسري جبر يحدد سبب تعدد الطرق الصوفية
  • لقاءات موسعة في عبس للتحشيد للدورات ” طوفان الأقصى”
  • خطبة الجمعة من المسجد النبوي
  • إحصائيات صادمة عن سياسة الهدم الإسرائيلية بالضفة منذ طوفان الأقصى