حظر بيع مواد البناء دون ترخيص.. إجراءات غير مسبوقة لمواجهة التعديات ومخالفات البناء
تاريخ النشر: 17th, November 2023 GMT
تشهد المحافظات خلال الأيام الحالية تشديدات غير مسبوقة لمواجهة التعديات على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة ومخالفات البناء.
جهود التصدي للتعديات ومخالفات البناءفي إجراء يتم لأول مرة لمواجهة هذه الظاهرة، أكد مصدر مطلع بوزارة التنمية المحلية، أنه قد صدرت توجيهات غير مسبوقة لجميع المحافظات.
وقال المصدر، في تصريحات خاصة لـ "الفجر" إنه تم التوجيه لأول مرة بحصر محال بيع مواد البناء والجباسات والمصانع المنتجة لمواد البناء بمختلف أنواعها وإخطارها رسميا بعدم بيع أي مواد بناء إلا بناءً على تصريح رسمي موقع من رئيس المركز ومختوم بخاتم شعار الجمهورية.
وأضاف المصدر أنه تم التوجيه أيضا بوضع اسم المتعدي واسم المقاول واسم المهندس المختص في محضر المخالفة الذي يتم تحريره سواء محضر تعدي على أرض زراعية أو محضر تبوير أرض زراعية.
وشدد المصدر على أن موظفي المحليات يقومون بعمليات مرور دوري لمراقبة أي مخالفات بناء أو تعديات على الأراضي الزراعية بجميع المحافظات.
وأوضح المصدر أنه في حالة رصد أي مخالفة سيتم إبلاغ الشرطة والزراعة وكافة الجهات المختصة لإزالة المخالفة واتخاذ الإجراءات القانونية ضد المخالفين.
وأشار المصدر إلى أن السبب في ذلك هو رصد موجة من التعديات خلال الفترة الأخيرة في محاولة لاستغلال الظروف الراهنة التي تمر بها مصر محليا وإقليميا.
كان تلقى اللواء هشام آمنة، وزير التنمية المحلية، تقريرا من غرفة العمليات وإدارة الأزمات بالوزارة عن جهود الحملات المكبرة التي قامت بها المحافظات بالتعاون مع قوات إنفاذ القانون والجهات المعنية لإزالة التعديات على أملاك وأراضي الدولة والأراضي الزراعية منذ بدء توجيهات رئيس الجمهورية الأخيرة بمتابعة ملف إزالة التعديات على أملاك الدولة والأراضي الزراعية ومخالفات البناء بصورة مستمرة، للحفاظ على حقوق الدولة والأجيال القادمة واسترداد حق الشعب.
وأكد التقرير، أن المحافظات نجحت بالتعاون مع قوات إنفاذ القانون والأجهزة المعنية خلال الفترة من 31 أكتوبر وحتى 14 نوفمبر 2023 في إزالة 1374 مخالفة بناء على مساحة نحو 335 ألف متر مربع وإزالة 10777 حالة تعدٍ على الأراضي الزراعية على مساحة 626 ألف فدان.
وأشار التقرير إلى أنه تم تحرير نحو 438 محضر تبوير، و8283 محضر بناء مخالف، وتمت الإزالة بالكامل لجميع الحالات واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيال المخالفين.
وأوضح وزير التنمية المحلية، أنه لن يسمح بأي تقاعس أو تهاون في مواجهة التعديات على الأراضي الزراعية، والتعامل بكل حزم مع أي مخالفات على الأراضي الزراعية، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيال المتعدي، لافتا إلى أنه سيتم الاستمرار في إزالة كافة التعديات التى تم رصدها خلال الفترة الأخيرة للانتهاء منها بالكامل.
وأكد اللواء هشام آمنة أن هناك تنسيقا على مدار اليوم مع المحافظات لمتابعة جهود إزالة التعديات التي رصدتها المحافظات بالتعاون مع منظومة المتغيرات المكانية.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: مخالفات البناء التعديات على الأراضي الزراعية البناء على الأراضي الزراعية التنمية المحلية أملاك الدولة على الأراضی الزراعیة ومخالفات البناء التعدیات على
إقرأ أيضاً:
السلام والتعايش في سوريا سبيل الاستقرار
تعيش سوريا مرحلة انتقالية معقدة تتشابك فيها امتدادات أزمات الماضي مع مشكلات الحاضر، وتتنوع المعضلات من السياسة والاقتصاد والعلاقات الدولية وإعادة الإعمار وحتى الحفاظ على كيان الدولة السورية، بتنوعاتها الوطنية، لكن رغم كل هذه التعقيدات، فإن إمكانية بناء مستقبل مستقر عنوانه الحوار والتعايش والسلام ممكن، مع عدم إعطاء الذرائع للتدخلات الخارجية في البلاد، خاصة في تغيير الجوانب الجغرافية والديموغرافية السورية.
إن الحوار بداية الطريق لتحقيق التعايش والسلام في سوريا، بشرط استيعاب كل الأطياف، والتشارك في صياغة رؤية مشتركة لمستقبل البلاد قائمة على العدالة والمساواة والتعددية وسيادة القانون، ولإفراز الحوار نتائج جيدة على الجميع طي صفحات الماضي، بالتوازي مع تأسيس آليات لـ”العدالة الانتقالية”، لضمان محاسبة مرتكبي الانتهاكات والجرائم بحق المواطنين وتعويض الضحايا، بما يضمن الانتقال السلمي والاستقرار في سوريا على المدى الطويل، فلا يمكن لمجتمع متنوع جغرافيًّا ودينيًّا تحقيق الاستقرار إلا بتوافق وطني يضمن تداول السلطة، والحفاظ على مؤسسات الدولة، واتخاذ خطوات عملية لترميم الثقة بين جوانب البلاد.
وتعالج المصالحة الوطنية آثار النزاع بين الأطراف المختلفة في المجتمع، حتى تعود الثقة بين المواطنين والدولة ومكونات المجتمع ككل، وحينها ننظر إلى الأمام وبناء المستقبل، خاصة أن الحرب في سوريا خلفت في السنوات الماضية عشرات الآلاف من الانتهاكات والجرائم، وحال الظن أن المصالحة الوطنية كافية دون عدالة انتقالية، فإن هذه الحالة تتجاهل محاسبة مرتكبي الجرائم، وتضعف الثقة في الدولة ومؤسساتها.
وسوريا ليست الوحيدة المارّة بالانتقال السياسي، فالدول مرت بتجارب مختلفة نتيجة صراعات طائفية أو عرقية أو الانتقال السياسي بعد سقوط أنظمة سياسية، ومع تحديات سوريا، إذ يعيش المواطن السوري ظروفًا صعبة نتيجة لتداعيات الحرب واضطرابات وتوترات الحاضر، على كل فئات المجتمع احترام التنوع، وربما تحويله إلى قوة دافعة لتعزيز الأمن وتسوية النزاعات بالطرق السلمية وإرساء السلام دون الإقصاء، أو تصور أن فئة يمكنها التحكم في كل شيء، وبالعكس ينبغي على الكل إدراك أن الوطن هو إرادة مشتركة ورغبة في العيش المشترك وصهر للانتماءات الفرعية في الوطن الكبير.
إن البديل عن السلام هو العنف والصراع، ومقتضيات السلم الأهلي تتطلب نبذ الكراهية والوعي بأهمية التعايش المشترك، وتغليب الصالح العام على الخاص، ولا يجوز إلغاء الآخر، فالاختلاف والتعدد أمر واقع، وإبراز قيم العيش المشترك أولوية في السلم الاجتماعي، وحفظ الاستقرار والأمان حتى مع وجود اختلافات في الدين أو المعتقد أو الرأي أو الثقافة، لكن على اعتبار أساسي هو رفض كُل أشكال الاقتتال، والانصياع للقانون وسيادته على الكل أيًّا كان المنصب أو الطائفة أو العرق أو الدين.
ويؤسّس خطاب الكراهية والتعصب لانقسامات مجتمعية عميقة، وبالتالي احتمال اندلاع الصراعات والحرب الأهلية، وأي إدارة سياسية ترتكز على الحكمة يهمها العبور إلى بر الأمان دون فرقة، وعدم القبول بأي تجاوزات أو انتهاكات تضعف الانتماء للوطن، أو تخلق مدخلًا للنزعات الانفصالية، ويمكن للدول فرض سيادتها على كامل أراضيها، لكن ليست كل الوسائل المتاحة عنيفة، وبالإمكان توفير البيئة الآمنة لتمكين الناس من إدارة شؤون حياتهم دون مخاوف، وضمان سيادة القانون والمساواة بين الناس حتى يثق كل أفراد الشعب بالقانون وسلطات القانون، ومشاركة كل أطياف الشعب في العملية السياسية.
وفي أعقاب الصراعات المسلحة، تتأزم مراحل الانتقال السياسي خاصة إذا ترافقت مع الحاجة إلى إعادة بناء مؤسسات داخلية، وإدارة تهديدات خارجية معقدة، وإذا ارتكز النهج على المرونة مع الخارج، دون عملية حوارية تشاركية في الداخل، فإن المآلات قد لا يُحمد عقباها، ولو أرادات الإدارة السورية التقدم تجاه التوافق والتعايش والسلام في البلاد، فإن عليها فتح المجال أمام حوارٍ وطنيٍّ لا يستثني أحدًا، وفتح المشاركة السياسية للجميع، وسيادة القانون في البلاد، وإنشاء آليات للعدالة الانتقالية تُتيح معالجة مظالم الماضي بشكل بناء.
إن انخراط كل المكونات السورية في مشروع وطني يتجاوز الانتماءات الطائفية والمذهبية والدينية والعرقية السبيل لإرساء الأمن والاستقرار لانطلاق سوريا إلى التنمية والازدهار، عبر المشاركة المجتمعية في بناء المؤسسات وصياغة السياسات، وحماية حقوق الأقليات من الحق في الوجود والهوية والمساواة أمام القانون حتى التمثيل العادل في المؤسّسات، ومنع تحوّل الانقسامات إلى سياسة دائمة، وتفادي الاستقطاب، ويمكن ترسيخ هذه القيم في دستور يقوم على أسس التعايش والسلام في الدولة الجديدة، مع وضوح مسار عملية الانتقال وعدم ترك الباب مفتوحًا وممتدًّا حسبما تحددها الظروف.