في يومه الـ43.. قراءة في سير العدوان الإسرائيلي على غزة ومستقبله
تاريخ النشر: 18th, November 2023 GMT
يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانه لليوم الـ43 على قطاع غزة، ويستمر في ارتكاب المزيد من المجازر بحق سكان القطاع البالغ عددهم أكثر من 2.3 مليون فلسطيني محاصرين منذ 17 عاما داخل قطاع غزة، وهدم المنازل واستهداف المستشفيات والأطقم الطبية وغيرها.
وبالتزامن مع استمرار آلة الحرب الإسرائيلية في قتل البشر وتدمير الحجر الشجر، تخوض المقاومة الفلسطينية معارك شرسة ضد القوات المتوغلة في بعض شوارع شمال القطاع وجنوب غرب مدينة غزة، وبشكل يومي تعلن عن تدمير كلي أو جزئي لآليات ودبابات الاحتلال، والأخير باستمرار يعلن عن خسائر في صفوف قواته المتوغلة برا، والتي بلغت 56 بين ضابط وجندي، وبذلك يرتفع عدد القتلى العسكريين من قوات الاحتلال منذ بداية عملية "طوفان الأقصى" يوم السبت 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 إلى 385 جنديا إضافة إلى 59 شرطيا بحسب سلطات الاحتلال.
كما ارتفع عدد شهداء العدوان الإسرائيلي المتواصل لأكثر من 12000 شهيدا؛ والجرحى لأكثر من 30 ألف إصابة بجروح مختلفة، بحسب آخر إحصائية صادرة عن المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة وصلت "عربي21"، حيث أكد أن جرائم الاحتلال أدت إلى إبادة عائلات فلسطينية بأكملها، وبلغ عدد المجازر 1270 مجزرة، إضافة إلى وجود أكثر من 3750 بلاغ عن مفقودين في مختلف مناطق القطاع، معظمهم من الأطفال.
"مخطط التهجير لم ينته"
تحاول "عربي21" بعد دخول العدوان الإسرائيلي الشرس يومه الـ43 ومغامرة الاحتلال في التوغل بريا، أن تقرأ سير المعركة ومستقبلها وإمكانية توسعها.
وفي قراءته أوضح مدير عام المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية "مسارات"، الخبير السياسي هاني المصري، أن "هذه حرب شرسة جدا وهي غير معهودة، وإسرائيل تحاول من خلالها تحقيق انتصار حاسم، ومستعدة أن تدفع الثمن مقابل ذلك، فهي ليست مثل المواجهات السابقة، حيث كانت إسرائيل تقف دائما ولا تخوض الحرب البرية لأنها مكلفة، لكنها الآن مستعدة لخوضها رغم أنها مكلفة، لأن عدم خوضها سيكلفها أكثر".
ولفت في حوار خاص مع "عربي21" أن "هذه الحرب أخذت أشكالا بربرية وحرب إبادة إسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، لأنها أخرجت كل ما في جعبتها من أفكار وخطط متطرفة وعنصرية مثل التهجير، علما أن هذا الموضوع لولا أنه مطروح بقوة لما قاموا بكل هذه المجازر، وما ركزوا على إزاحة الناس من الشمال إلى الجنوب، واستمرار قصف جنوب القطاع".
وأضاف المصري: "الفلسطينيون عليهم أن يكونوا حذرين، لأن موضوع التهجير لم ينته بعد، ولنا أن نتخيل ماذا سيحدث للناس إذا استمر هذا الوضع شهرين أو ثلاثة؛ بدون بيت وبدون طعام يكفي وماء وأمن ودواء، حتى إن بدأت عملية إعادة الإعمار فالأمر سيستغرق وقتا"، محذرا من خطورة "الانزياح نحو مصر أو فتح ممرات بحرية".
ونوه إلى أن "القضية الفلسطينية أصبحت اليوم في الصدارة، وطرح موضوع أصل الصراع والرواية الفلسطينية، وأصبحت القضية معروفة أكثر من أي وقت مضي، وهذا إنجاز تاريخي، بعدما همشت القضية الفلسطينية عادت بقوة شديدة، بحيث أن إمكانية تجاوزها أو تجاوز حقوق الشعب الفلسطيني أصبحت أصعب، بغض النظر عن نتيجة الحرب".
"أداء المقاومة بطولي"
وبشأن عمل المقاومة في الميدان، قال: "هناك صمود وبطولة في أداء المقاومة الفلسطينية؛ هناك كارثة بحق الناس وبطولة من المقاومة، وهذه معادلة من المهم رؤيتها من الوجهين".
وذكر أنه "في حال كانت الحرب طويلة، يمكن أن تزيد من احتمال اشتعال الجبهة الشمالية، علما أن خسائر إسرائيل الاقتصادية كبيرة جدا، لذلك إسرائيل تريد حربا أقصر ما يمكن مع تحقيق أكبر إنجاز ممكن، وكما ذكرنا، أنه في حال كانت قصيرة من الصعب تحقيق أهدافها، وإن كانت طويلة فهناك خسائر كبيرة حتى لو تحقق أهدافها، المعضلة كبيرة".
وبين الخبير السياسي أن "احتمالات التوسع في الضفة الغربية المحتلة أو مناطق الـ48 أو الجبهة الشمالية موجودة وتتزايد، وذلك في حال لم يتم ردع الحكومة الإسرائيلية ورئيسها بنيامين نتنياهو (يحاكم على 4 قضايا فساد) الذي له مصلحة شخصية في امتداد الحرب واستمرارها كي لا يحاسب، فهو يحاول أن يحقق نصرا كي يغطي على عجزه وإخفاقه الكبير جراء الزلزال الكبير (عملية "طوفان الأقصى") الذي تعرضت له إسرائيل والذي يؤثر على مكانتها الاستراتيجية المستقبلية في المنطقة".
وعن المواقف الدولية تجاه العدوان الشرس على غزة، ذكر أنه "كان في أول أسبوعين من الحرب كان هناك تبني للرواية الإسرائيلية بسبب التزوير الإسرائيلي، لكن الأمر تغير فيما بعد، خاصة مع واقع المذبحة الجماعية المفتوحة أمام العالم عبر شاشات الفضائيات ضد أبناء الشعب الفلسطيني، فعندما تبين ماذا تفعل إسرائيل (من جرام حرب وإبادة وقتل جماعي بحق الأطفال والنساء والشيوخ)، حصل تحول كبير في الرأي العام العالمي، واعتقد أنه غير مسبوق، حتى أنه وصل واشنطن ونيويورك وغيرها من المدن الأمريكية والعواصم الأوروبية في العالم أجمع".
وتابع: "التغير الكبير في الرأي العام العالمي، أصبح عاملا مؤثرا في هذه الحرب، لكنه ليس لدرجة تغيير القرار، ولكن إذا تصاعد يمكن أن يؤثر على القرار، خاصة أن الرئيس الأمريكي جو بايدن، خسر جزءا من المصوتين له، وبالتالي فرصته في النجاح في الانتخابات القادمة أصبحت أقل، وهذا أمر بات معترف به وهو أحد المحركات للموقف الأمريكي تجاه الحرب على غزة".
"صورة أمريكا مضحكة"
وعن التوافق بين بايدن ونتنياهو حول استمرار العدوان على غزة من أجل إنقاذ أنفسهم وتحقيق مصالحهم الشخصية، ذكر المصري أن "بايدن مع استمرار الحرب، وتبين أنه صهيوني أكثر وهذا ليس ادعاء، والموضوع عنده أكثر من مجرد مصالح، هو صهيوني ومؤمن بالحفاظ على دور إسرائيل ومستعد لأجل ذلك دفع أثمان، حتى أنه لو كان يفكر أن هذه الحرب سيستفيد منها، لكن ما حدث أثبت أنه سيتسبب بخسارته، وهو حتى الآن يتصرف وكأنه غير قادر على العمل ولا حول له، ويطلب من تل أبيب هدنه ولا يتحقق له ذلك، وكأنه أصبح معلقا رغم أنه شريك كامل، علما أن إسرائيل بدون أمريكا لا تستطيع أن تفعل ما فعلته".
ورأى أنه "من المهم إدراك أن القيادة الأمريكية ضعيفة، وبايدن المسن غير قادر على التصرف بشكل قوي، كما يبدو أنه لا يوجد أقوياء في أمريكا مثل السابقين الذين كانوا يعوضون ضعف الرئيس، ولذلك أصبحت صورة أمريكا مضحكة ومربكة، تقول أشياء كثيرة ولا تتحقق، ووزير خارجية أمريكا يزور المنطقة ويطرح أشياء وحلفاء واشنطن لا يستجيبون".
ومضي بقوله: "هذا أمر لا يصدق، فأمريكا عندما تريد أي شيء من إسرائيل تفرضه عليها، لكن هذا الرئيس يتصرف وكأنه مغلوب على أمره وينادي بأشياء لا تتحقق، فهو يحاول أن يرضي حلفاء أمريكا من العرب ويحافظ على النفوذ الأمريكي في المنطقة، لكنه يغلب مصلحة إسرائيل وحكومتها على أي شيء آخر".
وبشأن الموقف الفلسطيني والمطلوب؛ سواء من المقاومة أو السلطة الفلسطينية، ذكر مدير عام "مسارات" لـ"عربي21"، أن "المطلوب من أبو مازن (محمود عباس رئيس السلطة) أن يبادر لتشكيل حكومة فلسطينية وتشكيل إطار قيادي مؤقت، وأن يقف ويلتحق بشعبه، وهذا الأمر عندما يحدث، يقطع الطريق على كافة السيناريوهات التي تتحدث عن مستقبل قطاع غزة، ولكن للأسف، لا توجد بوادر أن أبو مازن سيسير في هذا المنحى".
ورأى الباحث الفلسطيني أن "على المقاومة أن تنسق ما بين أطرافها بشكل جيد، فبتنا لا نسمع عن الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة، كما يجدر التنسيق بشكل أكبر مع حزب الله ومحور المقاومة، وهذا أمر يؤثر على المعنويات وإدارة المعركة".
وفي نهاية حديثه، أشار المصري إلى أهمية أن "تقوم المقاومة بإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين المدنيين وخاصة الأطفال والنساء بأسرع وقت ممكن، لأن هذه هي النقطة الوحيدة التي يعملون عليها لإثارة الرأي العام والدول، لأن بعضهم ينتمي لجنسيات مختلفة"، وفق تقديره.
ويشهد القطاع الذي يمتد على مساحة 360 كلم مربع، بطول 41 كلم، وعرض يتراوح بين 6 إلى 12 كلم، ترديا كبيرا في مجمل الأوضاع الحياتية؛ وخلال الأيام الماضية من العدوان، واصلت طائرات الاحتلال استهداف مختلف مناطق القطاع عبر تدمير ممنهج لمنازل المواطنين بشكل متزامن، كما تواصلت الاشتباكات على بين المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال التي تكبدت خسائر كبيرة في الأرواح والآليات العسكرية المقتحمة لعدد من المناطق في القطاع.
واستهدفت صواريخ الاحتلال شديدة التدمير، الأطقم الطبية والمستشفيات وسيارات الإسعاف وأطقم ومقرات الدفاع المدني والمساجد والصحفيين والمخابز والأسواق ومخازن المياه ومولدات الكهرباء واللوحات الشمسية الخاصة بتوليد الكهرباء، وتدمير الطرق وشبكات المياه والاتصالات وانقطاع خدمة الإنترنت عن مناطق واسعة في القطاع بالتزامن مع غياب شبه تام للكهرباء.
وفجر السبت 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، أعلنت كتائب عز الدين القسام، الجناح المسلح لحركة "حماس" بدء عملية عسكرية أطلقت عليها "طوفان الأقصى" بمشاركة فصائل فلسطينية أخرى، ردا على اعتداءات قوات الاحتلال والمستوطنين الإسرائيليين المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني وممتلكاته ومقدساته، ولاسيما المسجد الأقصى، وبدأت العملية الفلسطينية ضد الاحتلال عبر "ضربة أولى استهدفت مواقع ومطارات وتحصينات عسكرية للعدو".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الاحتلال غزة المقاومة التهجير غزة الاحتلال المقاومة تهجير سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشعب الفلسطینی على غزة أکثر من
إقرأ أيضاً:
لماذا استهدفت القسام عربة همر وفشلت إسرائيل بإخلاء خسائرها؟
قال الخبير العسكري العميد إلياس حنا إن إستراتيجية المقاومة ترتكز على القتال في الأماكن البعيدة عن عمق قطاع غزة، كاشفا أسباب استهداف مقاتلو الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) عربة "همر" وفشل الطيران المروحي بإخلاء الخسائر.
وجاء حديث حنا للجزيرة بعد إعلان مواقع إخبارية إسرائيلية مقتل 3 جنود وإصابة 11 في استهداف سيارة عسكرية من نوع "همر" في منطقة جباليا شمالي قطاع غزة.
في السياق ذاته، أعلنت كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة حماس- خوض مقاتليها اشتباكات ضارية مع جنود الاحتلال من المسافة صفر شرق مخيم جباليا، مشيرة إلى إيقاع جنود الاحتلال بين قتيل وجريح، وسط استمرار الاشتباكات.
وبنظرة عسكرية، قال حنا إن عربة "همر" ليست مدرعة، ويستقلها جنود الاحتلال في الأماكن التي تعتبر آمنة وسهلة، مرجحا أن العملية وقعت قرب المناطق السكنية مما اسفر عن عدم قدرة جيش الاحتلال على إخلاء القتلى والجرحى.
ولم يستبعد استهداف المقاومة عربة "همر" في الخطوط الخلفية لجيش الاحتلال أو مسافة قريبة من مركز العمليات، مشيرا إلى أن هذه العربة تعد الهدف الأسهل، وتعطي نتيجة مؤلمة للاحتلال، مستدلا بسقوط 3 قتلى بين الجنود وعدد من الجرحى وفق ما أعلنت مصادر إسرائيلية.
إعلانوكانت وسائل إعلام إسرائيلية قد ذكرت أن العملية في جباليا نجمت عن "كمين مركب وصعب"، مشيرة إلى أن قتلى الجيش من اللواء التاسع.
وأوضحت المصادر ذاتها أن مروحيات عسكرية تطلق نيرانا كثيفة في منطقة العملية، مشيرة إلى أن عملية إجلاء الجنود القتلى والجرحى فشلت بسبب كثافة النيران، وأن مروحية عسكرية تعرضت لإطلاق نار خلال محاولتها إجلاء الجرحى.
وفي هكذا نوع من الحروب، تتساوى القوى بين الطرفين -وفق حنا- مستدلا بعدم قدرة جيش الاحتلال باستعمال الطيران الحربي بسبب وقوع اشتباك أقرب إلى المسافة صفر لذلك استعان بالمروحيات.
ولفت إلى أنه في الحرب الحالية كانت تهبط المروحيات وتنقل الخسائر في مناطق كانت تعتبر آمنة، لكن عدم قدرتها على الهبوط في جباليا يعني أنها ليست آمنة.
واعتادت فصائل المقاومة عند نصب كمائن للقوات والآليات الإسرائيلية -حسب الخبير العسكري- استهداف قوات النجدة والإنقاذ، خاصة في ظل عدم توفر استعلام تكتيكي لدى جيش الاحتلال يقول إن المنطقة آمنة.
ويعني عدم استعمال جيش الاحتلال الطائرات الحربية، أن الاشتباك وقع ضمن مسافة قصيرة، إذ تستطيع القدرة التفجيرية لأي قنبلة قتل أحد الجنود عبر ما يسمى بـ"النيران الصديقة"، كما يقول حنا.
إستراتيجية الاحتلالوبشأن توسيع نطاق العملية العسكرية الإسرائيلية، قال حنا إن هدف الجيش الإسرائيلي احتلال 75% من مساحة القطاع، من أجل حرمان المقاومة من هذه المساحة والضغط عليها، وإبقاء ما يقرب من 25% للغزيين.
وفي ظل هذا الوضع، تذهب المقاومة إلى القتال في الأماكن البعيدة مثل بيت لاهيا وبيت حانون وجباليا شمالا حتى حي الشجاعية شرقي غزة وخان يونس جنوبا، من أجل كسب الوقت واستنزاف الاحتلال إلى درجة متقدمة.
ووفق الخبير العسكري، فإن منطقة جباليا شهدت قرابة 50 عملية ضد جيش الاحتلال بينها عمليات استشهادية وأخرى بالسلاح الأبيض.
إعلانوشدد على أن الدخول إلى عمق قطاع غزة ليس أمرا سهلا، وبالتالي الذهاب إلى احتلال 75% منه ستكون كلفته كبيرة، إضافة إلى حجم القوة التي خصصت لهذه العملية العسكرية الجديدة.
ومطلع الشهر الجاري، قال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إنه أصدر تعليمات إلى قواته بتوسيع نطاق العملية العسكرية لتشمل مناطق إضافية في شمال قطاع غزة وجنوبه.