صحيفة الاتحاد:
2025-07-05@00:38:59 GMT

رئة العالم.. تحترق

تاريخ النشر: 19th, November 2023 GMT

شعبان بلال (القاهرة) 

أخبار ذات صلة الدول «الجُزرية الصغيرة».. في مهب رياح «تغير المناخ» أبوظبي.. مشاريع مبتكرة لنظام صحي مستدام مؤتمر الأطراف «COP28» تابع التغطية كاملة

لم يتخيَّل عادل رضوان، العربي الذي يعيش في إسبانيا منذ 28 عاماً، الارتفاع غير المسبوق في درجات الحرارة وتسببه في حرائق آلاف الهكتارات من الغابات التي تمد الأرض بالحياة، وهو الناتج عن ظاهرة تغير المناخ التي بدأت تأثيراتها في الظهور خلال السنوات الأخيرة.

 
حرائق الغابات في إسبانيا ليست الوحيدة، فخلال الفترة الماضية شهدت غابات أوروبا خاصة في فرنسا واليونان وإيطاليا، وكذلك البرتغال وقائع مشابهة غير مسبوقة، أدت لخسائر مادية وبشرية كبيرة، أرجعها خبراء وباحثون إلى ظاهرة تغير المناخ.  يقول عادل رضوان لـ«الاتحاد»: إن أشخاصاً لقوا حتفهم في إسبانيا بسبب ارتفاع درجات الحرارة بخلاف اشتعال الحرائق في مساحات شاسعة من الغابات ما نجم عنه تأثيرات بيئية واجتماعية خطيرة، موضحاً أنه يعيش في مدريد بإسبانيا منذ 28 عاماً ولم يحدث هذا الارتفاع في درجات الحرارة بهذه الصورة، حيث وصلت درجات الحرارة إلى 43 درجة مع توقعات بوصولها إلى 50 درجة خلال السنوات الماضية بسبب تغير المناخ. 
وكشف خبراء وباحثون ودراسات علمية عن وجود علاقة قوية بين زيادة معدلات حرائق الغابات وتغير المناخ الذي تسبب في ارتفاع درجات الحرارة بشكل غير مسبوق. 
وأوضح الدكتور محمد داوود، الأستاذ بالمركز القومي لبحوث المياه المصري، واستشاري أول موارد المياه بحكومة أبوظبي، أن التوسع في استخدام الوقود الأحفوري بعد الثورة الصناعية في القرن الماضي تسبب في زيادة الانبعاثات الغازية مثل ثاني أكسيد الكربون وأكسيد «النيتروز»، وهي غازات دفيئة قوية تغطي الأرض وتحبس حرارة الشمس، وهو ما أدى إلى حدوث التغيرات المناخية وظاهرة الاحترار العالمي، موضحاً أن إزالة وقطع مساحات كبيرة من الغابات الطبيعية لإنشاء مزارع أو مراعي أو استخدام الأخشاب أسهم في ذلك.

12 مليون هكتار من الغابات
وتشير الإحصائيات إلى أنه يتم قطع نحو 12 مليون هكتار من الغابات سنوياً، ونظراً لأن هذه الغابات تمتص ثاني أكسيد الكربون، فإن إزالتها يحد أيضاً من قدرة الطبيعة على إبقاء الانبعاثات خارج الغلاف الجوي، حسب داوود، الذي أشار إلى أن إزالة الغابات والزراعة والتغيرات الأخرى في استخدام الأراضي تعد مسؤولةً عما يقارب من ربع انبعاثات غازات الدفيئة العالمية. ورغم الجهود المبذولة عالمياً للحد من ظاهرة الاحترار العالمي للوصول بارتفاع درجة حرارة الأرض إلى أقل من درجتين في العقود المقبلة، إلا أنها ما زالت لها كثير من الآثار، وخصوصاً على حرائق الغابات الطبيعية، وقد أسهمت موجات الحر وظروف الجفاف وانخفاض رطوبة التربة التي يفاقمها الاحترار المناخي في السنوات الخمس الماضية، في اندلاع حرائق غير مسبوقة في غرب الولايات المتحدة وأستراليا وحوض البحر الأبيض المتوسط على سبيل المثال. 
ومع تزايد وتيرة التغيرات المناخية، كشفت دراسات حديثة أبرزها دراسة بعنوان «الغابات وتغير المناخ» لمنظمة الزراعة والأغذية العالمية الفاو، عن تأثيرات خطيرة لتغير المناخ على ارتفاع عدد حرائق الغابات الطبيعية الكبيرة في كل أنحاء العالم بشكل ملحوظ في العقود المقبلة، حيث سوف تصل زيادة الحرائق الشديدة بشكل خاص من تسعة إلى أربعة عشر في المائة بحلول عام 2030 حتى هذه الزيادة من عشرين إلى ثلاثة وثلاثين في المائة بحلول عام 2050. 

رئة العالم
وأوضح داوود أنه مع تزايد هذه الحرائق فإنه يتم التخلص من رئة العالم وزيادة ظاهرة الاحترار مرة أخرى، مضيفاً أن الأمر لا يقتصر الأمر على ذلك، بل يمتد إلى وجود الكثير من الآثار الصحية والاقتصادية والبشرية والبيئية، حيث تتسبب حرائق الغابات الكبيرة التي قد تبقى مشتعلة لأيام أو أسابيع مع صعوبة الحد من انتشارها ووقفها، في مشكلات في الجهاز التنفسي والقلب، لا سيما لدى المسنين والصغار في مناطق هذه الحرائق.  وأظهرت الدراسات العلمية الحديثة إلى أن التعرض لدخان حرائق الغابات يؤدي في المتوسط إلى أكثر من ثلاثين ألف وفاة سنوياً في ثلاثة وأربعين بلداً.  كما تراوحت الأضرار الاقتصادية في الولايات المتحدة وحدها وهي أحد البلدان القليلة التي تحسب هذه التكلفة بشكل سنوي، بين 71 و348 مليار دولار في السنوات العشر الأخيرة. 

حرائق الغابات
قضية التغيرات المناخية ليست بالجديدة، حيث أكد رئيس مركز معلومات تغير المناخ المصري الدكتور محمد علي فهيم لـ«الاتحاد»، أن العالم المتقدم بدأ الانتباه إليها منذ ما يقرب من 25 إلى 30 عاماً، عندما لاحظ أن هناك تغيراً ما طرأ على المناخ، بينما لم ينتبه إليها العالم النامي إلا مؤخراً. 
وتعود أسباب هذه الظاهرة - حسب فيهم - إلى زيادة معدلات النشاط البشري الصناعي الذي أدى إلى زيادة تركيز غازات معينة في الغلاف الجوي، وحدوث ما يسمى بـ«الاحتباس الحراري».
وحول علاقة تغير المناخ باحتراق الغابات، أوضح فهيم أن ارتفاع درجات الحرارة يؤدي إلى قابلية البقايا النباتية الجافة للاشتعال، موضحاً أن هذه الفترة من السنة تصاحبها ارتفاع كبير في درجات الحرارة مع سرعات عالية للرياح الساخنة تساعد على اشتعال النيران وتنتقل تباعاً إلى باقي المناطق حتى الأشجار الخضراء. 

زيادة عالمية
على الرغم من الحرائق التي شهدها العالم خلال الفترات الماضية، إلا أن تقرير جديد لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة توقع أن يؤدي تغير المناخ إلى زيادة تواتر حرائق الغابات وشدتها، مع زيادة عالمية في الحرائق الشديدة بنسبة تصل إلى 14 في المائة بحلول عام 2030، و30 في المائة مع نهاية عام 2050 و50 في المائة بحلول عام 2100.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: رئة العالم غابات الأمازون درجات الحرارة ارتفاع درجات الحرارة الاحتباس الحراري مؤتمر الأطراف الغابات حرائق الغابات درجات الحرارة حرائق الغابات تغیر المناخ من الغابات

إقرأ أيضاً:

رئيس حزب البيئة العالمي يُحذر: الكوكب يحترق والتغير المناخي يخرج عن السيطرة

حذر الدكتور دوميط كامل رئيس حزب البيئة العالمي وخبير في قضايا تغير المناخ، من أن درجات الحرارة المرتفعة التي تشهدها أوروبا والعالم لم تعد فقط ضمن السجلات الرسمية، بل أصبحت محسوسة بشكل يفوق المتوقع.

وأضاف، في تصريحات مع الإعلامية داليا نجاتي، عبر قناة "القاهرة الإخبارية": "درجة الحرارة قد تسجل 37 مئوية، ولكن الإنسان يشعر بها وكأنها 40 أو أكثر، وهذه الفجوة تؤكد خطورة ما نحياه بسبب كمية الحرارة غير المرئية الموجودة في الهواء، والتي أصبحت تشكّل تهديداً يومياً"، مؤكدًا، أن كوكب الأرض "بدأ فعلاً بالاحتراق" نتيجة تراكمات هائلة من الوقود والانبعاثات داخل الغلاف الجوي وعلى سطح الأرض".


وتابع، أنّ التحذيرات المناخية ليست وليدة اليوم، بل تستند إلى أبحاث ودراسات موثقة تمتد لأكثر من خمسين عامًا، متسائلًا: "لماذا نترك هذا الكوكب يحترق رغم امتلاكنا المعلومات والدراسات والخطط؟"، مشيرًا إلى أن وتيرة الاحترار العالمي تجاوزت التوقعات التي وُضعت في نهاية القرن الماضي، وأصبح ما كنا نتوقعه في عام 2050 يحدث بالفعل في الوقت الحالي.


ورداً على سؤال حول مقترح المفوضية الأوروبية لتقليل صافي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 90% بحلول عام 2040، قال الدكتور كامل: "هذا الطرح غير كافٍ وحده، لقد تابعنا جميع مؤتمرات المناخ منذ ثمانينيات القرن الماضي حتى اليوم، ولم تُنفَّذ التوصيات بالشكل المطلوب".

وأضاف أن الحلول الفعلية تكمن في البدء الفوري باستخدام الطاقة الشمسية على نطاق واسع، وزيادة الغطاء الغابي بشكل عاجل، مؤكداً أن "الغابات تتعرض لتدمير خطير على مستوى العالم، لا سيما في الأمازون وأفريقيا والشرق الأوسط".

ونوّه الدكتور كامل إلى أن العديد من الأشجار والنباتات باتت عاجزة عن تحمّل درجات الحرارة الحالية، ما يؤدي إلى جفافها وتهديد الغطاء النباتي العالمي: "أجرينا دراسة ميدانية حديثة في وادي نهر إبراهيم – المنطقة البيئية رقم واحد في المتوسط – وتبيّن أن هناك نسبة كبيرة من الأشجار اليابسة بسبب فشلها في التكيّف مع درجات الحرارة المرتفعة، وهذا أمر خطير جدًا".

وأكد أن العالم بات بحاجة ملحة إلى خطط فورية لمكافحة ومراقبة حرائق الغابات، لافتًا إلى أن الحرائق يمكن أن تخرج عن السيطرة خلال 15 دقيقة فقط في حال لم يتم التدخل السريع، بسبب ارتفاع كميات الأكسجين التي تطلقها الأشجار خلال النهار تحت تأثير أشعة الشمس، مما يساهم في تسريع انتشار النيران.

طباعة شارك حزب البيئة العالمي درجات الحرارة أوروبا العالم درجة الحرارة

مقالات مشابهة

  • حرائق “مادري” تخرج عن السيطرة: كاليفورنيا تحترق
  • حرائق الغابات في ألمانيا مستمرة والرياح سيدة الموقف
  • ارتفاع درجات الحرارة يؤدى إلى نشوب حرائق المخازن.. اقرا التفاصيل
  • حريق هائل بكريت اليونانية وعمليات إخلاء ونزوح
  • الإمارات تؤكد التزامها المناخي ودعمها لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ
  • رئيس حزب البيئة العالمي يُحذر: الكوكب يحترق والتغير المناخي يخرج عن السيطرة
  • تغير المناخ يهدد نصف موائل السلاحف البحرية
  • ما الذي نعرفه عن العلاقة بين التغيرات المناخية وموجات الحر؟
  • هل يحدث تسونامي بالبحر المتوسط.. أستاذ المناخ يكشف الحقيقة
  • رغم تحسن الوضع.. الرياح تهدد بزيادة حرائق الغابات في تركيا