ما الذي نعرفه عن العلاقة بين التغيرات المناخية وموجات الحر؟
تاريخ النشر: 2nd, July 2025 GMT
مع بلوغ درجات الحرارة في أوروبا مستويات غير مسبوقة، تبحث "يوروفيرفاي" فيما إذا كان التغير المناخي الناتج عن نشاطات الإنسان هو العامل المباشر وراء هذه الظاهرة. اعلان
من المتوقع أن تسجّل عدة دول أوروبية ارتفاعًا إضافيًا في درجات الحرارة يوم الأربعاء، مع استمرار ضغط جوي عالٍ، ويحذّر الخبراء من أن الطقس الحار لم يعد استثناءً، بل أصبح القاعدة الجديدة.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في وقت سابق من هذا الأسبوع: "لم تعد الحرارة الشديدة حدثًا نادرًا، بل أصبحت الوضع الطبيعي الجديد".
موجة الحر غير المسبوقة التي تشهدها أوروبا سببها "القبة الحرارية"، وهي ظاهرة تحدث عندما يستقر ضغط جوي مرتفع فوق منطقة واسعة، فيحبس الهواء الساخن ويمنعه من التحرك، مما يؤدي إلى تراكم الحرارة وارتفاعها بشكل كبير.
إلا أن الاحتباس الحراري الناجم عن نشاطات الإنسان، وعقود من التلوث الذي يسببه الوقود الأحفوري، يزيد من وطأة هذه الموجات، التي أصبحت أيضًا محور اهتمام.
ويلفت العلماء إلى أن ربط كل ظاهرة جوية بشكل مباشر بتغير المناخ أمر غير دقيق، لأن موجات الحر قد تحدث حتى بدون تغير المناخ.
لكن هناك اتفاق علمي على أن الاحتباس الحراري يجعلها أكثر تكرارًا وشدةً ومدةً، مما قد يسبب مشاكل صحية خطيرة للناس.
موجات الحر الأكثر حرارة ستبقىقام باحثون في موقع "كاربون بريف" مؤخرًا برسم خريطة لجميع الدراسات العلمية المنشورة، بهدف إيضاح كيفية تأثير التغير المناخي على الطقس المتطرف.
شمل هذا التحليل 116 حدثًا مرتبطًا بالحرارة في أوروبا، ووجد العلماء أن 110 منها (أي ما يعادل 95%) أصبحت أكثر وتيرةً أو شدةً بسبب تغير المناخ.
وتشير تقديرات العلماء في مؤسسة "World Weather Attribution" إلى أن احتمال حدوث موجات الحر في شهر يونيو ازداد بحوالي عشرة أضعاف الآن مقارنةً بعصر ما قبل الثورة الصناعية بسبب تأثير التغير المناخي.
ويقول آخرون إن الأحداث الجوية التي تؤدي إلى موجات الحر قد تضاعفت ثلاث مرات تقريبًا من حيث القوة والمدة منذ خمسينيات القرن الماضي.
وتُعرّف الموجات الحارة بأنها فترة طويلة — تدوم عادةً ثلاثة أيام على الأقل — من درجات حرارة أعلى من المعتاد. لكن عتبتها تختلف بين الدول، وحتى داخل البلد نفسه.
على سبيل المثال، يجب أن تصل درجات الحرارة إلى 39 درجة مئوية على مدى فترة طويلة في أثينا حتى تُصنّف كموجة حارة، أما في هلسنكي فلا يلزم سوى 25 درجة مئوية فقط لاستيفاء المعايير.
تحدث هذه الظواهر بمعدّل أكبر لأن متوسط درجات الحرارة ارتفع عمومًا بسبب تغيّر المناخ، مما يزيد من احتمال حدوث موجات حر.
ويشرح فاليريو لوكاريني، عالم المناخ في جامعة ليستر، أن الشذوذات المناخية أصبحت الآن أكثر ثباتًا واستمرارية.
ويضيف: "نظرًا لتغيّر ديناميكية الغلاف الجوي، فإن احتمالية حدوث ما يُعرف بـ'التدفّقات المحظورة' أصبحت أعلى"، في إشارة إلى أنظمة الضغط المرتفع التي تستمرّ لفترة طويلة وتتسبّب في موجات حرارة مطوّلة.
ويتابع: "هذه الأنماط تؤدي إلى شذوذات حرارية قويّة تدوم لفترات أطول".
وفقًا لدراسة أجراها لوكاريني وفريق من الباحثين الأوروبيين ضمن مشروع ClimaMeter، فإن موجات الحر الحالية في أوروبا قد تكون أكثر سخونة وجفافًا بما يصل إلى 2.5 درجة مئوية مما كانت عليه في السابق بسبب التغيّر المناخي.
وفي السياق نفسه، تقول سامانثا بورجيس، نائبة مدير خدمة كوبرنيكوس لتغيّر المناخ التابعة للاتحاد الأوروبي، في تصريح لـ"يورونيوز": "نحن نمرّ بموجة حر غير مسبوقة على مستوى القارة، كانت لتكون أقل حرارة لولا تأثير تغيّر المناخ".
وتوضح قائلةً: "هذه الموجة الحارة لافتة لثلاثة أسباب: شدة درجات الحرارة القصوى المتوقعة على مناطق واسعة، والمدى الجغرافي للشذوذ الحراري وأنها أتت في أول فترات الصيف".
وتضيف بورجيس أن موجات الحر الشديدة التي تحدث في أوائل الصيف أو نهايته أصبحت أكثر تكرارًا، ما يعني أن الفترة السنوية التي تزداد فيها مخاطر الإجهاد الحراري آخذة في التمدّد.
Relatedموجة حر غير مسبوقة تجتاح شرق روسيا: حرارة قياسية وحرائق تهدد السكان والمنشآتتوقعات بوفاة أكثر من 4,500 شخص خلال اليومين المقبلين في أوروبا بسبب موجة الحرحديقة حيوان براغ تستخدم أطنانًا من الثلج لتبريد الحيوانات أثناء موجة الحرلماذا أوروبا أكثر تأثرًا بشكل خاص؟تُعدّ أوروبا القارة الأسرع ارتفاعًا في درجات الحرارة، حيث تسجّل زيادة في المتوسط بنحو 0.5 درجة مئوية كل عقد، مقارنة بـ0.2 درجة على المستوى العالمي.
ويساهم قربها من القطب الشمالي – المنطقة الأسرع احترارًا على الكوكب – في تسارع هذا الارتفاع، مما يجعلها أكثر تأثرًا من غيرها.
فمن بين أشدّ 30 موجة حارة ضربتها بين عامي 1950 و2023، وقعت 23 منها منذ عام 2000، وفقًا لمركز المناخ الإقليمي لأوروبا التابع للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO).
ويعتقد العلماء أن جنوب القارة ومنطقة البحر الأبيض المتوسط معرضان بشكل خاص، نظرًا لموقعهما الجغرافي بين المناطق شبه الاستوائية الجافة في شمال أفريقيا والأجزاء الأكثر رطوبة في شمالها.
وخلصت دراسة أُجريت عام 2020 إلى أن هذا الموقع يجلب ضغطًا سطحيًا مرتفعًا غير معتاد فوق حوض المتوسط، بالإضافة إلى تدفّق هواء حار وجاف من الصحراء الكبرى نحو المغرب وجنوب غرب أوروبا، مما يؤدي إلى زيادة تواتر الينابيع الجافة، ويُفضي إلى الجفاف الصيفي وموجات الحر.
ويرى العلماء أيضًا أن السلوك المتغير للتيار النفاث – وهي تيارات هوائية سريعة تدور حول الأرض من الغرب إلى الشرق – يمكن أن يفسّر سبب تعرّض أوروبا وأمريكا الشمالية لموجات حر متزايدة، أحيانًا في الوقت نفسه.
وفي عام 2022، قال باحثون ألمان إن الظاهرة المعروفة باسم "التيار النفاث المزدوج" – حيث ينقسم التيار الهوائي، تاركًا الهواء الساخن محاصرًا فوق المنطقة – تُعدّ مسؤولة إلى حدّ كبير عن تزايد موجات الحر في غرب القارة.
ماذا عن موجات حرارة المحيطات؟ترتفع درجات حرارة المناطق البرية في أوروبا بشكل أسرع من المحيط، لكن البحر الأبيض المتوسط يشهد حاليًا درجات حرارة قياسية على سطح مياهه، بما في ذلك خلال شهر يونيو.
ويوضح البروفيسور لوكاريني أن "عندما تكون مياه البحر دافئة، فإنها تتبخر أكثر، ما يؤدي إلى تسخين الغلاف الجوي فوقها. وهذا التبخر يولد مزيدًا من الطاقة الكامنة للعواصف. لذا، هناك تغذية راجعة مستمرة بين الغلاف الجوي والمحيط".
ويشير إلى أن الموجة الحارة الحالية تزامنت مع فترة من درجات الحرارة المرتفعة بشكل غير طبيعي — تجاوزت المتوسط بـ4 إلى 5 درجات مئوية — في أجزاء من حوض المتوسط.
ويضيف: "نحن نشهد شذوذًا حراريًا كبيرًا في درجات حرارة سطح البحر في غرب البحر الأبيض المتوسط وشرق المحيط الأطلسي".
ويتابع: "خذ مثلًا فرنسا، فهي محاطة بمياه شديدة السخونة، ما يجعلها أكثر عرضة لحدوث شذوذات حرارية طويلة الأمد ومستمرة على اليابسة، إضافة إلى عواصف رعدية قوية جدًا".
عواقب بعيدة المدىتشير التقديرات إلى أن الطقس البارد يتسبب حاليًا في عدد وفيات بأوروبا يفوق بعشرة أضعاف تلك الناجمة عن الحرارة. لكن تغيّر المناخ قد يعكس هذا الاتجاه، ويزيد من الوفيات المرتبطة بالحرارة.
وتقدّر دراسة للمفوضية الأوروبية أنه في حال عدم التخفيف من آثار التغير المناخي أو التكيف معها، فقد يتضاعف عدد الوفيات الناتجة عن الحرارة الشديدة في الاتحاد الأوروبي وبريطانيا بمقدار ثلاثين مرة بحلول نهاية هذا القرن.
وبحلول الفترة نفسها، يُتوقّع أن ترتفع الوفيات المرتبطة بالحرارة في جنوب أوروبا بمقدار 9.3 مرات مقارنة بشمال القارة، علمًا بأن الفارق الحالي يبلغ نحو ست مرات.
وقد تؤدي الحرارة الشديدة أيضًا إلى ظواهر مناخية قاسية أخرى، مثل العواصف شبه الاستوائية، والجفاف، وحرائق الغابات.
ويوضح لوكاريني: "كلما ارتفعت درجات الحرارة، زاد التبخر من رطوبة التربة. وكلما جفّت التربة، ازداد جفاف الغطاء النباتي، مما يرفع خطر نشوب الحرائق بشكل كبير".
ويضيف: "لكن هذا لا يعني بالضرورة أننا سنشهد حريقًا، إذ ما زلنا بحاجة إلى مصدر للاشتعال".
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثةالمصدر: euronews
كلمات دلالية: دونالد ترامب إسرائيل إيران روسيا النزاع الإيراني الإسرائيلي الصراع الإسرائيلي الفلسطيني دونالد ترامب إسرائيل إيران روسيا النزاع الإيراني الإسرائيلي الصراع الإسرائيلي الفلسطيني حالة الطوارئ المناخية الاحتباس الحراري أوروبا تغير المناخ الطقس دونالد ترامب إسرائيل إيران روسيا النزاع الإيراني الإسرائيلي الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الحرب في أوكرانيا سوريا مجاعة تركيا الأمم المتحدة فرنسا التغیر المناخی درجات الحرارة درجات حرارة موجات الحر الحرارة فی درجة مئویة فی أوروبا ر المناخی ر المناخ موجات حر موجة حر إلى أن
إقرأ أيضاً:
حرائق مبكرة بتركيا وفرنسا وسط موجة حر شديدة تعم أوروبا
يكافح رجال الإطفاء حرائق غابات في تركيا وفرنسا يوم الاثنين مع هبوب موجة حر وحرائق مبكرة في المنطقة، فيما حذرت السلطات في عدة بلدان أوروبية من ارتفاع في درجات الحرارة.
وفي تركيا، استمرت حرائق الغابات لليوم الثاني على التوالي في إقليم إزمير بغرب البلاد، بسبب الرياح القوية، حسبما قال وزير الغابات إبراهيم يوماكلي، مما أجبر السلطات على إخلاء 4 قرى وحيَّيْن بالمدينة.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4الحرارة والجفاف يقلصان الإنتاج الزراعي عالمياlist 2 of 4توسع حرائق الغابات بكوريا الجنوبية وأوامر إخلاءlist 3 of 4كيف تتعافى النظم البيئية بعد الحرائق؟list 4 of 4الجفاف المتزايد يؤجج حرائق كاليفورنياend of listوتعرضت المناطق الساحلية في تركيا في السنوات الأخيرة لحرائق الغابات مع ارتفاع درجات الحرارة والجفاف في الصيف، وهو ما يقول العلماء إنه نتيجة لتغير المناخ الناجم عن أنشطة الإنسان.
وفي فرنسا، حيث من المتوقع أن تبلغ درجات الحرارة ذروتها يومي الثلاثاء والأربعاء، اندلعت حرائق غابات يوم الأحد في مقاطعة أود بجنوب غرب البلاد، حيث تجاوزت درجات الحرارة 40 درجة مئوية، مما أدى إلى حرق 400 هكتار وإجبار السلطات على إخلاء موقع للتخييم ودير، حسبما ذكرت السلطات.
وأصدرت هيئة الأرصاد الجوية الفرنسية تحذيرا من موجة حر برتقالية اللون، وهو رقم قياسي، يشمل 84 مقاطعة من أصل 101 مقاطعة في البلاد، بدءا من يوم الاثنين وحتى منتصف الأسبوع. وأعلنت وزارة التعليم من جهتها أن حوالي 200 مدرسة ستُغلق جزئيا على الأقل خلال الأيام الثلاثة المقبلة بسبب الحر.
وفي إسبانيا أكدت هيئة الأرصاد الجوية الإسبانية أن البلاد في طريقها إلى تسجيل أعلى درجة حرارة في شهر يونيو/حزيران على الإطلاق، وتوقعت أن تصل موجة الحر إلى ذروتها يوم الاثنين.
وقال روبين ديل كامبو، المتحدث باسم وكالة الأرصاد الجوية، "على مدى الأيام القليلة المقبلة، على الأقل حتى يوم الخميس، ستستمر الحرارة الشديدة في معظم أنحاء إسبانيا".
إعلانوفي إشبيلية الواقعة جنوبي إسبانيا، حيث كان يجتمع زعماء العالم لحضور مؤتمر للأمم المتحدة، فمن المتوقع أن تصل درجات الحرارة إلى 42 درجة مئوية.
أما في إيطاليا، فقد أصدرت وزارة الصحة تحذيرات حمراء من موجة حر في 16 مدينة، درجات الحرارة ستصل يوم الاثنين إلى 41 درجة مئوية في فلورنسا، و38 درجة مئوية في بولونيا، و37 درجة مئوية في بيروجيا.
وتعتزم منطقة لومبارديا، وهي جزء من قلب الصناعة في شمال إيطاليا، حظر العمل في الهواء الطلق خلال الجزء الأكثر حرارة من اليوم، استجابة لطلب من النقابات العمالية، حسبما قال رئيسها.
وفي هولندا، التي عادة ما تكون أكثر برودة من العديد من الأجزاء الأخرى في أوروبا، حذر المعهد الملكي للأرصاد الجوية من أن درجات الحرارة قد تتراوح بين 35 و40 درجة مئوية في أجزاء من البلاد في الأيام المقبلة، مع ارتفاع نسبة الرطوبة.
وفي ألمانيا أيضا، صدرت تحذيرات من ارتفاع درجات الحرارة في أجزاء واسعة من المناطق الغربية والجنوبية الغربية يوم الاثنين، حيث وصلت درجات الحرارة إلى 34 درجة مئوية. وناشدت السلطات المستهلكين الحد من استهلاكهم للمياه. ومن المتوقع أن تبلغ درجات الحرارة ذروتها بحلول منتصف الأسبوع.
وأدت موجة الحر إلى انخفاض منسوب المياه في نهر الراين، مما أعاق حركة الشحن ورفع تكاليف الشحن على أصحاب البضائع، وفقًا لتجار السلع. وارتفعت أسعار الطاقة الأساسية في ألمانيا وفرنسا، حيث أدت موجة الحر إلى زيادة الطلب على التبريد.
وقالت شركة "سويس ري" في وقت سابق من هذا الشهر إن الحرارة الشديدة تقتل ما يصل إلى 480 ألف شخص سنويا على مستوى العالم، وهو ما يتجاوز إجمالي عدد ضحايا الفيضانات والزلازل والأعاصير، كما أنها تشكل مخاطر متزايدة على البنية التحتية والاقتصاد وأنظمة الرعاية الصحية.
من جهتها، قالت خدمة "كوبرنيكوس" لتغير المناخ التابعة للاتحاد الأوروبي في وقت سابق من هذا الشهر إن درجات حرارة سطح الأرض في الشهر الماضي كانت أعلى بمقدار 1.4 درجة مئوية في المتوسط مقارنة بالفترة ما قبل الصناعية، عندما بدأ البشر في حرق الوقود الأحفوري على نطاق صناعي.
يقول العلماء إن السبب الرئيسي لتغير المناخ هو انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن حرق الوقود الأحفوري. وكان العام الماضي الأكثر حرارة على الإطلاق على كوكب الأرض.