اعتبرت قيادات حزبية يمنية تهميش القوى والأحزاب اليمنية من المفاوضات التي تجري بين المملكة العربية السعودية وجماعة الحوثي خطيرا ويشرعن للعمل المليشياوي.

 

وقال رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الإصلاح عبد الرزاق الهجري -خلال جلسة افتراضية نظمها مركز صنعاء للدراسات حول "الأحزاب اليمنية والتسوية السياسية"- إنه لا ينبغي استبعاد الأحزاب السياسية من المشاركة في أي مفاوضات، أو تهميشها، لأن ذلك سيشجع أطرافاً أخرى لملء الفراغ.

 

وانتقد الهجري تهميش القوى السياسية اليمنية من المشاركة في المفاوضات التي تقودها السعودية مع مليشيا الحوثي لإنهاء الحرب في اليمن، وقال إن ذلك شرعنة للعمل الميليشاوي واعتراف به كأمر واقع، معبرا عبر عن أمله في أن تفضي جهود السلام إلى استعادة الدولة وعودة مؤسساتها.

 

واعتبر من الخطأ الاستمرار في تهميش القوى السياسية، وانحصار النقاش بشأن التسوية السياسية في إطار مجلس القيادة الرئاسي، لافتاً إلى أن الأحزاب هي الحامل السياسي للشرعية، وأساس النظام السياسي القائم على الأحزاب.

 

وأعرب عن أمله في أن تنجح جهود الأشقاء في السعودية وسلطنة عمان، في قيادة عملية سياسية، تفضي إلى إنهاء الانقلاب واستعادة الدولة ومؤسساتها، واستئناف المسار السياسي الذي كان قائماً، قبل أن يطيح به الانقلاب الحوثي.

 

وحذر الهجري من خطورة شرعنة العمل المليشياوي كأمر واقع، أو أمام التسويفات في العملية السياسية، مشيراً إلى أن مليشيات الحوثي ظلت 9 سنوات تراوح وتماطل أمام المجتمع الدولي، في قضية خزان النفط صافر، متسائلاً: كيف سيكون الأمر في تعاطيها مع التسوية السياسية.

 

وأكد الهجري أن القوى السياسية ستستمر في الدعوة لإحلال السلام، بإنهاء الانقلاب واستعادة الدولة واستئناف المسار السياسي.

 

من جانبه قال الأمين العام للتنظيم الناصري عبد الله نعمان، إنه لا يمكن الوصول لتحالف يساعد على تحقيق سلام مستدام دون ترميم العلاقات بين مكونات الحكومة الشرعية، مضيفاً بأن أكبر خطأ هو أن التحالف السعودي الإماراتي عمل على تكوين علاقات مباشرة مع أحزاب أو قوات على الأرض ودعمها، بينما كان يجب أن تظل العلاقة تلك بين دولة ودولة.

 

وأكد نعمان أن التحالفات داخل الشرعية أو خارجها لن تنجح إلا إذا تم التخلي عن المكاسب الضيقة والمصالح الشخصية والحزبية.

 

واستبعد ان تقود المفاوضات التي تجري حاليا بمعزل عن المجتمع اليمني وقواه السياسية "لتسوية تحمي مصالح وحقوق اليمنيين".

 

وقال نعمان، إن التسوية التي تقودها السعودية لحل النزاع اليمني، في ظل استبعاد الحكومة المعترف بها دوليا، عن مفاوضات الرياض مع الحوثيين ستكون استجابة لمصالح إقليمية فقط، والغائب الوحيد فيها هو اليمن.

 

وأضاف:" نسمع حديثا عن اتفاق بين السعودية والحوثيين، لكننا لا نعرف شيئا عن مضمونه أو تفاصيله أو المرجعيات التي استند عليها".

 

وأشار إلى أن الهدنة التي جرت مع الحوثيين خلال تشكيل مجلس القيادة الرئاسي قوّضت المركز القانوني للدولة ومنحت الجماعة امتيازات. معبرا عن خشيته من أن تُمنح جماعة الحوثي المزيد من تلك الامتيازات خلال الاتفاقية الحالية.

 

كما انتقد نعمان العلاقة البينية بين الأحزاب والقوى السياسية اليمنية من جهة، وبين مكونات الحكومة الشرعية. وقال: فشلنا في التحالف السياسي، لأن من كان في السلطة مثل عائقا لتنفيذ البرنامج الذي وقع عليه، ولا يمكن أن تنجح التحالفات داخل الشرعية أو خارجها إلا إذا جرى التخلي عن المكاسب الضيقة والمصالح الشخصية والحزبية.

 

وأكد أنه لا يمكن أن نصل لتحالف يساعد على تحقيق ‎سلام مستدام دون ترميم العلاقات بين مكونات الحكومة الشرعية.

 

 


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن الاحزاب السياسية السعودية الحوثي مفاوضات القوى السیاسیة

إقرأ أيضاً:

حجرُ الأحزاب في بركة السياسة

12 دجنبر، 2025

بغداد/المسلة:

رياض الفرطوسي

من قبل سقوط النظام كان الحزب أشبه بصوتٍ واحدٍ يعلو فوق الجميع: لا يُناقَش، لا يُجاوَر، ولا يُزاحم. المعارضات كانت في المنافي، تُراكم ضوءها على نارٍ صغيرة، تنتظر لحظة العودة. لكن حين انهار الباب الحديدي عام 2003، لم تخرج السياسة بهدوء… بل انفجرت، وانفتح

المشهد حتى كاد يتشظّى من فرط الكثرة.

ظهرت الأحزاب كما لو أن الأرض أفرزتها دفعة واحدة: مئات اللافتات، عشرات الزعامات، وخطابات تتشابه حتى يُظنّ أنها خرجت من ورشةٍ واحدة. وبدلاً من أن تُحدث هذه الكثرة موجة حياةٍ سياسية، صنعت دوامةً بلا اتجاه. كل حزب يحمل هدفاً، وكل هدف يذوب بين الطائفة والهوية والغنيمة.

ثم جاء الشباب… لا كما حلمنا أن يأتوا، لا بوصفهم طلائع تُضيف معنى وتبني فكرة. جاءوا متعبين، يبحثون لا عن مشروعٍ ولا عن دور، بل عن «موقع» أو «فرصة» أو (امتياز). في زمنٍ صارت فيه الأحزاب بواباتٍ للترقي الوظيفي لا للارتقاء الفكري، وفي زمن صار فيه (الانتماء) بطاقةً للعبور أكثر منه إيماناً بمبادئ.

هكذا انقلب المشهد: بدلاً من أن تكون الطلائع الشابة رافعةً تعيد للحزب روحه، صار الحزب هو من يُغذي الأعضاء بالوعود والمغانم، حتى تفَرَّغت الأحزاب من مضمونها التربوي والفكري، وصارت أقرب إلى شبكاتٍ تنظيميةٍ تبحث عن القوة العددية أكثر مما تبحث عن القوة الأخلاقية.

ومع ولادة كل قضية اجتماعية، تولد معها أحزاب جديدة تقدم (رؤى للحل) على الورق، لكنها في العمق تتزاحم على صوتٍ واحد: صوت النفوذ. تاريخ الأحزاب يمتد عبر العصور، سريةً وعلنية، لأنها الوسيلة الأكثر منطقية حين تعجز قوة الفرد عن مواجهة الدولة أو المجتمع أو الخارج. هذا ما نعرفه نظرياً… لكن الواقع العراقي تَفَصَّل بطريقةٍ أخرى.

ففي ظل العراق الجديد، لم تعد الأحزاب فقط كيانات سياسية تُحاول أن تُمثّل جماهيرها. صار بعضها (أحزاباً صغيرة) تُنشئها الأحزاب الكبيرة، كظلالٍ لها: واجهات تُبرقِع المسارات، أو أدوات لتشويش الخريطة، أو إشارات تُوحي بأن هناك «تنوعاً» بينما هو تنسيقٌ مقنّع. لعبةٌ تُؤدى على مسرح كبير، لا يعرف الجمهور تماماً من الذي يكتب النص.

وحين يعجز الحزب عن تمثيل الحقيقة المجتمعية — حين يفشل في صقل طبقته المستهدفة، أو يعجز عن تقديم قراءة ثاقبة للحدث — يذوي حوله الجمهور شيئاً فشيئاً. يبتعد الناس كما يبتعد الطير عن شجرة لم تعد تعطي ظلاً. لا يبقى سوى الهياكل: مقرات بلا فكرة، شعارات بلا روح، ووجوهٌ تُكرر ما لا تؤمن به.

يزداد هذا التآكل حين يتحول الخطاب إلى ازدواجية: قولٌ في العلن و قولٌ آخر في السر، وعندما يتجاور النفاق السياسي مع الجهل الثقافي، في مساحةٍ تتداخل فيها النخب السياسية مع النخب الثقافية دون أن تنتج رؤية مشتركة. إنها مساحةٌ ضبابية لا تُنتج فكراً ولا تفتح أفقاً. وحين نصل إلى الجذر العميق للأزمة، نجد أن تغييب الفرد في ثقافتنا كان عاملاً حاسماً في إجهاض أي تعددية سياسية حقيقية. نحن، بثقل الموروث، لم نمنح الفرد فرصة ليقف مستقلاً، ربّيناه ليكون ظلّ جماعته لا صوته الخاص. وفي اللحظة التي يحاول فيها اتخاذ قرار، تنهض العائلة والعشيرة والطائفة لتعيده إلى (الحظيرة) القديمة. وهكذا ينمو الفرد نصف مكتمل: يتكلم بثقة، لكنه يتصرف بتردد. وفي غياب الفرد الحرّ، تتولد أحزاب بلا روح، هياكل بلا مشروع، وتيارات تذوب عند أول امتحان. فالتعددية تحتاج أناساً أحراراً لا مجموعات تتحرك بدافع العرف والولاء. ولذلك لم تكن التعددية عندنا مشروعاً سياسياً بقدر ما كانت زينة لغوية… بينما التعدد الحقيقي الوحيد الذي نجحنا فيه، وبامتياز مبهر، هو تعدد الزوجات.

اليوم، يبدو العراق كبركةٍ طال سكونها، تحتاج إلى حجرٍ يُلقى فيها لا ليُحدث ضجيجاً عابراً، بل ليوقظ الماء من غفوته الطويلة. حجرٌ لا يُضيف حزباً إلى ازدحام الأحزاب، بل يضيف فكرة إلى جفاف الأفكار؛ حزبٌ يعيد للمثقفين مكانتهم الطبيعية في قيادة المزاج العام، وينهض بالطبقة الوسطى من سباتها، ويصلُ بالشباب إلى المعنى قبل المصلحة، ويُعيد تعريف الولاء باعتباره انتماءً للدولة لا ارتهاناً لسلطاتها العارضة. حزبٌ يمنح السياسة وجهاً يشبه حياة الناس، لا تشبه مقايضات السياسيين.

قد لا يتغيّر شكل الماء عند أول ارتجاجة، لكن ما في القاع سيتحرّك، وسيعرف السكون أن زمنه لم يعد مطلقاً. والعراق، بعد هذه السنوات الثقيلة، يستحق ارتجافةً تعيد إليه نبضه، وتذكّره بأن المعنى يمكن أن يعود… إذا وُجد من يملك الشجاعة ليرمي الحجر.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

مقالات مشابهة

  • التيار الوطني الحر ينعى النائب غسان السكاف: مثال للعمل والتعاون السياسي الهادئ والهادف
  • الأردن يدين مصادقة حكومة الاحتلال على إقامة وشرعنة 19 مستوطنة في الضفة الغربية
  • الشباب في صدارة التحديث السياسي: ملتقى وطني يرسم ملامح المشاركة وصناعة المستقبل
  • ملتقى شبابي في الوسط لتعزيز المشاركة السياسية والتحديث
  • زيدان: اختيار الرئاسات الثلاثة بيد القوى السياسية العراقية
  • حجرُ الأحزاب في بركة السياسة
  • أحمد علي عبدالله صالح يكسر الصمت ويطلق نداء هام لكل القوى السياسية في اليمن
  • إعلامي سعودي: السعودية ترفض استنساخ نموذج الحوثي في شرق اليمن والانتقالي يتحمل المسؤولية
  • حكومة نتنياهو تصدّق على إقامة وشرعنة 19 مستوطنة بالضفة الغربية
  • الكابينت الإسرائيلي يصادق على إقامة وشرعنة 19 مستوطنة في الضفة الغربية