1040 مشاركًا في برنامج "الذكاء الاصطناعي وتأثيره على المجتمع".. وخطط للتطبيق في قطاع التعليم
تاريخ النشر: 29th, November 2023 GMT
الرؤية- فيصل السعدي
استعرض عدد من الخبراء والمتخصين تأثيرات مستقبل الذكاء الاصطناعي على المجتمع، وذلك في ختام البرنامج الذي نظمته وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات تحت رعاية سعادة الدكتور علي بن عامر الشيذاني وكيل الوزارة للاتصالات وتقنية المعلومات.
ونُفِّذ برنامج "مستقبل الذكاء الاصطناعي" في جميع محافظات سلطنة عمان، بمشاركة 1040 من موظفي الجهات الحكومية والمهتمين بالذكاء الاصطناعي من الأفراد والطلبة والباحثين عن عمل.
وشهد البرنامج مشاركة عدة مؤسسات متخصصة في مجال الذكاء الاصطناعي، وشهد خلاله عقد محاضرات وحلقات عمل حول تقنيات الذكاء الاصطناعي وتطبيقاتها في مختلف المجالات، مثل الصحة، والتعليم، والتجارة، والصناعة، والخدمات الحكومية، إلى جانب تسليط الضوء على الفرص الاقتصادية والتنموية التي يمكن أن يوفرها الذكاء الاصطناعي، لتعزيز التنافسية وتحقيق التقدم في سلطنة عمان.
فيما تضمن برنامج حفل الختام، كلمة قدمها حسن بن فدا اللواتي رئيس البرنامج الوطني للذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة؛ حيث قال "إن هذا البرنامج يعد مبادرة مهمة ورائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، والذي يمثل أحد أهم التقنيات المتقدمة في العصر الحالي، والتي تحمل في طياتها العديد من الفرص والتحديات للمجتمعات والدول". وأشار اللواتي إلى مدى الاهتمام والمشاركة الفاعلة من قبل مختلف فئات المجتمع في البرنامج خلال الأشهر الماضية، والذي استهدف تعريفهم بمفهوم الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة، وكيفية استخدامها بطرق إيجابية لتحسين الحياة. وأضاف اللواتي أن نتائج الاستبيان الذي تم توزيعه على المشاركين في البرنامج، أكسبهم معرفة ووعيا أكبر بأهمية الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته في مختلف المجالات، وساهم في تعريفهم بالتحديات والفرص التي توفرها هذه التقنيات مختلف المجالات.
من جهتها، تحدثت الدكتورة مشاعل بنت عوض الصيعرية محاضرة بجامعة التقنية ومشاركة في أعمال الجلسة النقاشية حول مستوى الوعي المجتمعي بالذكاء الاصطناعي في سلطنة عمان، وقالت إن "البرنامج تناول مواضيع مهمة للغاية؛ مثل: التوظيف والاستفادة من الذكاء الاصطناعي في شتى المجالات وصولًا إلى المستوى الشخصي؛ حيث يمكن توظيف تقاتنة الذكاء الاصطناعي في الحياة اليومية لتسهيل أعمالنا المتنوعة، كما قدم البرنامج دورًا مهمًا في نشر الوعي بين الموطنين حول أهمية تقنيات الذكاء الاصطناعي في قطاع التعليم والصحة والتوظيف وغيرها من المجالات".
وأكدت الصيعرية اهتمام وزارتي التربية والتعليم وزارة التعليم العالي بمجال الذكاء الاصطناعي وتوظيفه في المراحل التعليمة، مشيرةً إلى وجود العديد من السياسات والخطط الاستراتيجية التي أُعدت في هذا المجال التنامي، مع وجود تشجيع واضح في جانب البحث العلمي المختص في مجال الذكاء الاصناعي ودراستة كيفية الاستفادة منه في رفع جودة التعليم وتطويره باعتباره جزءًا لا يتجزء من الحياة اليومية.
وقال حمد بن راشد المشرفي المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "داتا ماينينج" إن البيانات تمثل ثروة أساسية في اتخاذ أي قرار، ومن الممكن توظيف البيانات عن طريق الذكاء الاصطناعي لسرعة اتخاذ القرارات وأيضا جمع البيانات وتنظيفها لجعلها بيانات مناسبة في اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب. وينصح المشرفي بضرورة توفير البينات للباحثين في الجامعات والكليات للعمل على توظيفها والاستفادة منها بإعتبار أن البينات هي الوقود الحقيقي للذكاء الاصطناعي، مشيرا إلى أن هناك اهتمام كبير وواضح على المستوى العالمي في جوانب الذكاء الاصناعي، حيث أصبح من ضمن وسائل اتخاذ القرار.
واختُتِمَ البرنامج بجلسة نقاشية للشركات المشاركة حول مستوى الوعي المجتمعي بالذكاء الاصطناعي في سلطنة عمان؛ وكيف يمكن للروبوتات والذكاء الاصطناعي أن تساهم في تحسين الخدمات وتيسير الحياة اليومية في المجتمعات المحلية وتحسين التفاعل الجيد دون إثارة المخاوف المتعلقة بأمان المعلومات والخصوصية، كما تناولت الحلقة النقاشية تحسين جودة المحتوى وجعله أكثر تفاعلية في مختلف المجالات.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
هل يخفي الذكاء الاصطناعي عنصرية خلف خوارزمياته الذكية؟
مؤيد الزعبي
بما أننا مقبلون على مرحلة جديدة من استخدامات الذكاء الاصطناعي وجعله قادرًا على اتخاذ القرارات بدلًا عنَّا يبرز سؤال مهم؛ هل سيصبح الذكاء الاصطناعي بوابتنا نحو مجتمع أكثر عدلًا وإنصافًا؟ أم أنه سيعيد إنتاج تحيزاتنا البشرية في قالب رقمي أنيق؟ بل الأخطر من ذلك: هل سيغدو الذكاء الاصطناعي أداة عصرية تمارس من خلالها العنصرية بشكل غير مُعلن؟
قد تحب- عزيزي القارئ- تصديق أن هذه الأنظمة "ذكية" بما يكفي لتكون حيادية، لكن الحقيقة التي تكشفها الدراسات أكثر تعقيدًا؛ فالذكاء الاصطناعي في جوهره يتغذى على بياناتنا وتاريخنا، وعلى ما فينا من تحامل وتمييز وعنصرية، وبالتالي فإن السؤال الحقيقي لا يتعلق فقط بقدرة هذه الأنظمة على اتخاذ قرارات عادلة، بل بمدى قدرتنا نحن على برمجتها لتتجاوز عيوبنا وتاريخنا العنصري، ولهذا في هذا المقال نقترب من هذه المنطقة الرمادية، حيث تتقاطع الخوارزميات مع العدالة، وحيث قد تكون التقنية المنقذ أو المجرم المتخفي.
لنقرّب الفكرة بمثال واقعي: تخيّل شركة تستخدم الذكاء الاصطناعي لفرز السير الذاتية واختيار المتقدمين للوظائف. إذا كانت خوارزميات هذا النظام مبنية على بيانات تحمل انحيازًا ضد جنس أو لون أو جنسية معينة، فقد يستبعد المرشحين تلقائيًا بناءً على تلك التحيزات. وهذا ليس ضربًا من الخيال؛ فقد وجدت دراسة حديثة أجرتها جامعة واشنطن (أكتوبر 2024) أن نماذج لغوية كبيرة أظهرت تفضيلًا واضحًا لأسماء تدلّ على أصحاب البشرة البيضاء بنسبة 85%، مقابل 11% فقط لأسماء مرتبطة بالنساء، و0% لأسماء تعود لأشخاص من ذوي البشرة السوداء، تُظهر هذه الأرقام المقلقة كيف أن خوارزميات الذكاء الاصطناعي، والتي تستخدمها نحو 99% من شركات "فورتشن 500"، يمكن أن تؤثر سلبًا على فرص ملايين الأشخاص الباحثين عن عمل، لا لسبب سوى أنهم وُلدوا بهوية مختلفة، أي أن تحيّز هذه الأنظمة يمكن أن يمس ملايين الباحثين عن العمل.
الأمر يزداد خطورة عند الحديث عن أنظمة التعرف على الوجوه، والتي تُستخدم حاليًا في تعقب المجرمين ومراقبة الأفراد. دراسات عديدة أثبتت أن هذه الأنظمة تخطئ بنسبة تصل إلى 34% عند التعامل مع النساء ذوات البشرة الداكنة، كما تُسجَّل أخطاء في التعرف على الوجوه الآسيوية، ما قد يؤدي إلى اعتقالات خاطئة أو مراقبة غير مبررة لأشخاص أبرياء، فقط لأن الخوارزمية لم تتعلم بشكل عادل، وتخيل الآن كيف سيكون الأمر عندما يدخل الذكاء الاصطناعي- بكل تحيزاته- إلى قاعات المحاكم، أو إلى أنظمة القضاء الإلكترونية، ليصدر أحكامًا أو يوصي بعقوبات مشددة، وحينها بدلًا من أن نصل لقضاء عادل سنصل لعدالة مغلفة بواجهة من الحياد الزائف.
ولننتقل إلى السيناريو الأكثر رعبًا: الذكاء الاصطناعي في المجال العسكري. ما الذي قد يحدث إذا تم برمجة أنظمة قتالية لتحديد "العدو" بناءً على لون بشرة أو جنسية؟ من يتحمل المسؤولية حين ترتكب هذه الأنظمة مجازر على أساس تحيز مبرمج مسبقًا؟ تصبح هذه الأنظمة أداة للقتل بعنصرية عقل إلكتروني، ومن هنا ستتفاقم العنصرية، وستصبح هذه الأنظمة بلا شك أداة لقتل كل ما تراه عدوًا لها ليأتي اليوم الذي تجدنا فيه نحن البشر ألذ أعدائها.
في قطاع الرعاية الصحية أيضًا يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون عنصريًا خصوصًا لو تم برمجتها لتتحكم بمستحقي الدعم الصحي أو حتى استخدامها في أنظمة حجز مواعيد العمليات، فلو وجد أي عنصرية بهذه الأنظمة؛ فبالطبع ستعطي الأولوية لأصحاب بشرة معينة أو جنسية معينة مما سيحرم الكثيرين من الوصول للعلاج في الوقت المناسب.
حتى نكون منصفين هنا نحتاج إلى تمييز دقيق بين نوعين من عنصرية الذكاء الاصطناعي: العنصرية المقصودة: الناتجة عن برمجة متعمدة تخدم مصالح أو توجهات محددة، والعنصرية غير المقصودة: الناتجة عن تغذية الأنظمة ببيانات غير عادلة أو تمثل واقعًا عنصريًا، فتُصبح الخوارزميات انعكاسًا له.
وأيضًا هناك مشكلة مهمة يجب معالجتها فلو عدنا لموضوع الرعاية الصحية؛ فلو قمنا بإدخال بيانات المرضى على هذه الأنظمة وكان حجم البيانات لفئة معينة أكثر من فئة أخرى فربما يعالج الذكاء الاصطناعي هذا الأمر على أن فئة معينة لا تحتاج للعلاج أو تحتاج لرعاية صحية أقل من غيرها وبالتالي يستثنيها من علاجات معينة أو مطاعيم معينة مستقبلًا، ولهذا يجب أن نعمل على تنقيح بيناتنا من العنصرية قدر الإمكان لتجنب تفاقم الأزمة مستقبلا.
يجب ألا نعتقد أبدًا بأن الذكاء الاصطناعي سيكون منصفًا لمجرد أنه آلة لا تفاضل شيء على شيء، فهذا سيمكن الصورة النمطية الموجودة حاليًا في مجتمعاتنا، فالذكاء الاصطناعي تقنية مازالت عمياء وليست واعية بما يكفي لتميز أية التمييز وتحذفه من برمجياتها، إنما تأخذ الأنماط الموجودة وتبني عليها، وسنحتاج وقت أطول لمعالجة هذه الفجوة كلما مضى الوقت.
إذا سألتني عزيزي القارئ ما هي الحلول الممكنة نحو ذكاء اصطناعي عادل وشامل، فالحلول كثيرة أهمها أن نوجد أدوات ذكاء اصطناعي قادرة على إيجاد العنصرية وتبدأ بمعالجتها واستثنائها في خوارزمياتها، وهذه مسؤولية الشركات الكبرى التي تبني نماذج الذكاء الاصطناعي، وثانيًا يجب أن نطور أنظمة ذكاء اصطناعي مبنية على العنصرية فهذه الأنظمة ستطور من نفسها وستكون عدوة للبشرية في قادم الأيام، أيضًا يجب أن يكون هناك تنويع في البيانات فكلما انعكس التنوع في البيانات والتصميم، كلما انخفضت احتمالية انتشار النتائج العنصرية وحققنا الإنصاف المطلوب.
في النهاية يجب القول إن الذكاء الاصطناعي ليس عدوًا بالضرورة، لكنه قد يكون كذلك إذا تركناه يتغذّى على أسوأ ما فينا وأقصد هنا العنصرية.
رابط مختصر