راجي الأتربي: العالم يواجه فجوة مالية عالمية تقدر بنحو 23 تريليون دولار
تاريخ النشر: 29th, November 2023 GMT
عقد المركز المصري للدراسات الاقتصادية اليوم الأربعاء، مؤتمرا لعرض نتائج قمة الفكر 20 لعام 2023، وذلك بالتعاون مع مؤسسة اوبزيرفر للبحوث ORF، لأول مرة بالقاهرة، بهدف استعراض أهم نتائج ومخرجات قمة العشرين الناجحة التى ترأستها الهند فى سبتمبر الماضى تحت شعار: "أرض واحدة.. أسرة واحدة.. مستقبل واحد"، وذلك بحضور نخبة كبيرة من الخبراء والمتخصصين.
وقال عمر مهنا رئيس مجلس إدارة المركز المصري للدراسات الاقتصادية، أن القمة الأخيرة الناجحة أوصلت رسالة هامة لمجموعة العشرين بوضع دول الجنوب على الخريطة العالمية، وهو ما سيتم مناقشته خلال المؤتمر، كما تقدم بالتهئنة إلى المركز المصري للدراسات الاقتصادية بمناسبة مرور ثلاثين عاما على إنشائه.
وأشار السفير راجى الأتربى مساعد وزير الخارجية للشئون الاقتصادية متعددة الأطراف الدولية والإقليمية والممثل الشخصى لرئيس الجمهورية لدى مجموعة العشرين، أن الأحداث الجيوسياسية وموضوع حرب أوكرانيا كان المسيطر على المناقشات فى اجتماعات مجموعة العشرين، لافتا إلى ضرورة أن نعيد الحديث عن أهداف التنمية المستدامة على المسار الصحيح، وكان هناك قلق من المخرجات التى يمكن تصدر عن اجتماع مجموعة العشرين ولولا الوزن الدبلوماسى للهند لما خرج إعلان دلهى.
وأشار الأتربى إلى أن المؤسسات المالية العالمية غير جاهزة لمواجهة 3 – 4 مخاطر عالمية أخرى خلال السنوات الثلاثة المقبلة، وهو ما يتسبب فى عجز رهيب يؤثر ليس فقط فى ندرة التمويلات ولكن أيضا على قدرة المؤسسات على حشد رؤوس الأموال الخاصة، فهناك فجوة مالية عالمية تقدر بنحو 15 – 23 تريليون دولار، ونحتاج لضخ نحو 3 – 4 تريليون دولار سنويا لسد الفجوة وتلبية الاحتياجات التمويلية، ولا يمكن سد الفجوة بدون مساهمة القطاع الخاص، فى حين أن أداء المؤسسات المالية والبنك الدولى كان بعيدا جدا عن أداء هذه الأهداف، وأكد أن استمرار إنتاج الإنسان لمزيد من الكوارث المناخية سيؤدى إلى مزيد من الأزمات الاقتصادية، فى الوقت لذى لم تعد بنوك متعددة الأطراف تتسم بالقدرة على المقاومة.
واستعرض الدكتور سمير سران رئيس مؤسسة اوبزيرفر للبحوث ORF، جهود الهند فى رئاسة قمة العشرين الأخيرة، مؤكدا أنها خلال رئاستها حاولت تبنى محادثات ديموقراطية تعلى مصلحة الناس فى الشارع وتعلى مبادئ النزاهة والقيم فى النظم المالية العالمية، حيث تضمنت كل القضايا التى لها علاقة بالمجاعات والفقر والتغيرات المناخية والفجوات المالية التى أصبحت فى النظم العالمية، والتأكيد على مبادئ التنمية المستدامة التى تحترم حقوق المواطنين، والشمولية من خلال التركيز على كافة الشعوب وليس فقط القارة الأوروبية، ونبذ الأفكار الاستعمارية التى تهتم بدول الشمال على حساب الجنوب، وهو ما ظهر من خلال دعوة الاتحاد الأفريقي للانضمام إلى قمة العشرين الأخيرة.
وناقشت الجلسة الأولى كيفية تحقيق تحول أخضر عادل، وهو ما يعنى أن الدول التى حققت مكاسب أكبر من الانبعاثات الكربونية عليها ان تقوم بالجهد الأكبر فى تقليل الانبعاثات وبصورة سريعة، وأكد المشاركون أن السياسات الحالية التى تدعمها وتطبقها الدول تؤدى إلى زيادة درجات الحرارة بنحو 3 درجات مئوية فى وقت مستهدف خفضها بنحو 1.5 درجة، وهو ما سيؤدى إلى مزيد من الكوارث، مطالبين بضرورة بذل جهود أكبر للتحول نحو الطاقة النظيفة وهناك ضرورة لأن يقلل العالم الانبعاثات بنسبة 43% بحلول عام 2030، ولكن إذا استمرت السياسات الحالية فلن تنخفض سوى 2% فقط بحلول ذلك العام، مطالبين بحوافز لزيادة الاستثمار فى الطاقة النظيفة والاستفادة من التكنولوجيا والتحول الرقمى وحشد الاستثمارات فى الطاقة الجديدة والمتجددة.
وشارك فى هذه الجلسة كل من الدكتور زيادة بهاء الدين نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير التعاون الدولى الأسبق، وسانجوى جوشى رئيس مجلس الإدارة بمؤسسة اوبزيرفر للبحوث ORF، وإيلينا بانوفا المنسقة المقيمة للأمم المتحدة فى مصر، وأدارها طارق توفيق رئيس الغرفة التجارية الأمريكية فى مصر ونائب رئيس اتحاد الصناعات المصرية.
وناقشت الجلسة الثانية تحفيز التجارة والتواصل، وشارك فيها نافديب سورى السفير السابق لدولة الهند بالقاهرة وزميل مميز بمؤسسة اوبزيرفر للبحوث، والمستشارة رانيا عبد المجيد مديرة الشؤون الاقتصادية الدولية بوزارة الخارجية، ورشيد بنجيليون مدير مشروع تطوير التجارة وتنمية الصادرات فى مصر الممول من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وأدارها محمد قاسم الأمين العام للمركز المصري للدراسات الاقتصادية ورئيس مجلس إدارة الشركة المصرية العالمية للتجارة.
وناقش المشاركون أهمية التحول الرقمى والتكنولوجيا فى تعزيز التجارة الدولية، وأهمية الاتفاقيات التجارية متعددة الأطراف، مشيرين إلى ضرورة تخفيف القيود وتيسير الإجراءات حتى يمكن زيادة حركة التجارة والصادرات، فلا تكفى الاتفاقيات وحدها، وأيضا أهمية الممرات التجارية فى تطوير حركة التجارة العالمية.
أما الجلسة الثالثة فناقشت أوجه الارتباط بين تغير المناخ وأهداف التنمية المستدامة، شارك فيها كل من نيكولاس جى إيه بوشود مستشار أول لعميد معهد بنك التنمية الآسيوي، والدكتور على عوني أستاذ ممارس ومدير مركز جيرهارت بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، وإليزابيث سيديروبلوس المدير التنفيذى لمعهد جنوب أفريقيا للشئون الدولية، وأدارها علاء هاشم مؤسس وشريك تنفيذي لشركة ترانسينديام، مطالبي بضرورة حوكمة السياسات لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
في حين ناقشت الجلسة الرابعة والختامية إصلاح التعددية وإعادة تطوير المؤسسات والأطر العالمية، بمشاركة السيد عمرو موسى وزير الخارجية الأسبق والأمين العام لجامعة الدول العربية الأسبق، وأنطونيو فيلافرانكا مدير الدراسات ورئيس مشارك مركز أوروبا والحوكمة العالمية بالمعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية ISIP، والدكتور سمير سران رئيس مؤسسة اوبزيرفر للبحوث ORF، وأدارتها الدكتورة عبلة عبد اللطيف المدير التنفيذي ومدير البحوث بالمركز المصري للدراسات الاقتصادية، وهى الجلسة التى طالبت بإصلاح الأنظمة متعددة الأطراف والمنظمات الدولية حيث لم يعد العالم قادرا على التعامل مع المستجدات وهو ما يتطلب الإصلاح.
وقال عمرو موسى أن المنظمات الدولية قامت بعمل رائع مثل الفاو ومنظمة الصحة العالمية واليونيسيف، واستفاد العالم النامي كثيرا منها، ولكن يكمن الفشل فى النظام الأمنى العالمى بسبب حق الفيتو فى مجلس الأمن الدولى، لأنهم يهتمون فقط بمصالحهم، وأشار إلى أن قادر العالم لم يأخذوا قضية الفقر بجدية وهى القضية التى يجب أن تكون على أولويات جدول الأعمال، لافتا إلى أن من وظائف مجلس الأمن هو مواجهة الأخطار التى تهدد الأمن والسلم الدوليين ومن وظائفه التعامل مع تهديدات التغيرات المناخية والجوائح التى أصبحت أمرا خطيرا، ولا يعرف مجلس الأمن كيف يتعامل مع هذه التهديدات، ولا يوجد تمويل كافى لصندوق الأضرار والخسائر وهذا خطر علينا جميعا يجب مواجهته، وهو ما يتطلب الإصلاح.
وطالبت الدكتورة عبلة عبد اللطيف، بضرورة النظر فى إصلاح النظام المالى العالمى وإصلاح المؤسسات الدولية متعددة الأطراف، لأنها فشلت فى تحقيق الأهداف المنوطة بها وهو ما يعنى أن الأمر لن يختلف فى المستقبل فى ظل استمرار نفس السياسات، وبالتالى لابد من إصلاحها وإحداث تغيير حقيقي يمكنها من تمثيل صوت جميع الدول وتحقيق أهداف التنمية المستدامة ومواجهة الأخطار المختلفة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: استثمارات الاستثمار في الطاقة التعاون الدولي التحول الرقمي التنمية المستدامة
إقرأ أيضاً:
الصين.. تريليون دولار فائض وتهديد الإصلاح المؤجل
وجّه صندوق النقد الدولي دعوة مباشرة لبكين لاعتماد إصلاحات هيكلية أعمق وأسرع، بعدما أصبحت الضغوط الدولية على ثاني أكبر اقتصاد في العالم أكثر وضوحا.
ومع تحقيق الصين فائضا تجاريا قياسيا قدره تريليون دولار للمرة الأولى، تبرز أسئلة صعبة حول قدرة النمو القائم على التصدير على الاستمرار وسط توترات متصاعدة مع الشركاء التجاريين الرئيسيين.
صادرات ضخمة.. ونمو بحاجة لقاعدة صلبةوذكرت وكالة رويترز أن صندوق النقد الدولي شدد على ضرورة تقليل الاعتماد على نموذج "النمو المدفوع بالصادرات والاستثمار القائم على الديون"، مؤكّدا أن بكين مطالبة بالتحول إلى "نمو يقوده الاستهلاك المحلي".
وقال الصندوق إن "الاقتصاد الصيني أظهر مرونة ملحوظة رغم الصدمات المتعددة في السنوات الماضية"، لكنه حذّر من أن تلك المرونة لا يمكن أن تستمر دون تغيير جذري في النموذج الاقتصادي.
ووفقا لتقييمات صندوق النقد الدولي، فإن الفائض التجاري القياسي أثار انتقادات دولية بأن الصين "تغمر الأسواق الناشئة بالسلع الرخيصة" لا سيما بعد الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الصادرات الصينية.
رفع توقعات النمو.. وتحذيرات ثقيلةوبحسب رويترز، رفع الصندوق توقعاته لنمو الاقتصاد الصيني إلى 5.0% في 2025 بدلا من 4.8% سابقا، مع توقع نمو بنسبة 4.5% في 2026.
لكن هذه الأرقام الإيجابية ترافقت مع تحذيرات من تحديات جوهرية أبرزها:
ضعف الطلب المحلي أزمة العقارات الممتدة مديونية الحكومات المحليةوتُظهر بيانات الصندوق أن إنهاء أزمة العقارات قد يتطلب إنفاقا يعادل 5% من الناتج المحلي خلال 3 سنوات، خصوصا وأن "70% من ثروة الأسر الصينية محتجزة في العقارات".
إصلاحات هيكلية مستهدفةوقال الصندوق إن معالجة أزمة العقارات يجب أن تتضمن "خروج الشركات غير القابلة للاستمرار"، واصفا إياها بـ"الشركات الزومبي".
إعلانكما أوصى بإصلاح نظام هوكو (بطاقات الإقامة الداخلية)، الذي "يقيّد تنقّل المواطنين وحقوقهم الاجتماعية"، مؤكدا أن تسريع الإصلاح قد "يرفع الاستهلاك حتى 3 نقاط مئوية من الناتج المحلي".
ويشدد الصندوق على أهمية تطبيق 3 سياسات:
خفض الإنفاق الصناعي الحكومي المفرط تعزيز دور القطاع الخاص زيادة مخصصات الحماية الاجتماعيةوذلك لمنح الأسر الثقة في الإنفاق بدل الادخار القسري.
بين ضغط الخارج وحتمية الداخلوتتعامل الصين بحساسية مع تقييمات صندوق النقد الدولي، إذ يُنظر لموقف المؤسسة الدولية على أنه مؤشر مؤثر على صورة سياستها الاقتصادية عالميا.
ويرى الصندوق أن الصين "كبيرة جدا على أن تولّد نموا إضافيا من التصدير وحده"، محذرا من أن اعتماد ذلك المسار "يعرضها لاحتمال فرض قيود تجارية من شركائها".
وفي المقابل، فإن التحول إلى اقتصاد موجّه نحو الاستهلاك يمنحها:
استقرارا ماليا أطول أمدا حجم سوق داخلي قادرا على امتصاص الإنتاج توازنا تجاريا أقل استفزازا دولياويبدو أن النقاش في بكين لم يعد حول جدوى الإصلاحات، بل حول سرعتها وجرأتها. فالمكاسب القصيرة الناتجة عن الفائض التجاري الضخم، قد تخفي خلفها هشاشة في الطلب الداخلي وأعباء ديون ثقيلة.