قال مركز كارنيغي للدراسات إن أمن البحر الأحمر أصبح في الأعوام الأخيرة ركيزة أساسية من ركائز السياسات الداخلية والخارجية للمملكة العربية السعودية.

 

وذكر المركز في تحليل للباحثة إليونورا أرديماني إن المملكة عمدت مدفوعةً بطموحاتها الجيوستراتيجية وخططها الهادفة إلى تنويع اقتصادها النفطي، إلى تعزيز علاقاتها الأمنية في المنطقة من خلال بناء تحالفات مع إسرائيل والبلدان الأفريقية الساحلية، ونزع فتيل التصعيد في النزاعات مع إيران والحوثيين المدعومين منها في اليمن.

 

وذكرت أن المملكة بذلت جهودا لتحديث قواتها البحرية، ولا سيما الأسطول الغربي الذي ينتشر في البحر الأحمر، ولتوطيد التعاون البحري مع مصر.

 

وأضافت "كانت الرياض في واجهة المبادرات المتعددة الأطراف مثل مجلس الدول المطلّة على البحر الأحمر بقيادة السعودية، وفرق العمل التي تقودها الولايات المتحدة وتنتشر في البحر الأحمر لمكافحة التهريب وتدريب القوات البحرية المحلية".

 

وأكدت أن الاستقرار في منطقة البحر الأحمر يعد أمرا بالغ الأهمية لعدد كبير من مشاريع "رؤية 2030" بما في ذلك المنطقة الحضرية الجديدة "نيوم" شمال غرب منطقة تبوك، والتي تشمل مدينة مرفئية عائمة على ساحل البحر الأحمر ووجهات جُزرية فخمة، بالإضافة إلى المشروع الإنمائي السياحي المسمى "البحر الأحمر الدولية".

 

واستدركت أن محطة ينبع تكتسي أهمية بالغة للاقتصاد النفطي التقليدي في السعودية بوصفها بديلًا عن مضيق هرمز: في عام 2018، زادت المملكة قدرتها التصديرية بمقدار 3 ملايين برميل في اليوم انطلاقًا من ساحلها الغربي.

 

وتابعت الباحثة أرديماني "وسط هذه الخلفية، أحدثت الحرب الإسرائيلية في غزة والحرب الدائرة في السودان تحوّلًا في التوازن الأمني في البحر الأحمر، ما طرح تحدّيات جديدة أمام السعودية.

 

وقالت "منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، شنّت جماعة الحوثي العديد من الهجمات الجوية ضد إسرائيل، وبدرجة أقل، ضد أهداف أميركية في المنطقة. واستهدف الحوثيون أيضًا، من خلال سيطرتهم على الحُديدة، وهو الميناء اليمني الرئيس على البحر الأحمر، سفنًا على صلة بإسرائيل في جنوب البحر الأحمر.

 

وأوضحت أنه في مطلع عام 2023، باشرت السعودية محادثات مباشرة مع الحوثيين للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في اليمن. ولكن الحرب في غزة أحيت من جديد الطموحات العسكرية للحوثيين، فازدادت وتيرة القتال في وسط اليمن وعلى طول الحدود مع المملكة، ومثالٌ على ذلك ما حدث في منطقة جازان السعودية.

 

وأشارت إلى أن الهجمات الحوثية قد تشكل تهديدًا لجزيرتَي تيران وصنافير الصغيرتين اللتين تقعان عند مدخل خليج العقبة وتتبعان حاليًا للأراضي السعودية. لافتة إلى أنه في عام 2016، تنازلت مصر عن الجزيرتَين للرياض في خطوة تطلبت الحصول على موافقة إسرائيل في عام 2022 لأن الجزيرتَين كانتا جزءًا من اتفاقية كامب ديفيد التي أُبرِمت بين القاهرة وتل أبيب في عام 1979.

 

وأفادت أن السعودية قد سعت إلى السيطرة على جزيرتَي تيران وصنافير لتعزيز نفوذها العسكري، لا سيما في خليج العقبة الذي يُعَدّ بمثابة بوّابة تجارية للأردن وإسرائيل، فضلًا عن إمكانية تطوير المرافق المرفئية والعسكرية.

 

وأردفت "لكن نظرًا إلى قرب الجزيرتَين السعوديتين من مدينة إيلات المرفئية الإسرائيلية التي تتعرض تكرارًا للاستهداف من الحوثيين وحركة حماس، قد تصبح الجزيرتان عالقتَين في خضم النزاع".

 

وبشأن الحرب في السودان تقول الباحثة أرديماني إنها شكّلت تهديدًا للأهداف الأمنية السعودية في البحر الأحمر. منذ اندلاع القتال في عام 2023، خاضت الرياض جهود وساطة بالاشتراك مع الولايات المتحدة. ولكن في أيلول/سبتمبر، شهد ميناء بورتسودان أعمال عنف غير مسبوقة في حرب شوارع بين الجيش السوداني المدعوم من السعودية وإحدى الميليشيات القبلية المحلية. وعلى الرغم من أن الحركة في الميناء لم تتعطل حتى الآن، من الممكن أن يؤدّي ذلك إلى تأجيج الصراعات للسيطرة على هذا الطريق التجاري الحيوي.

 

واستطردت "قد ترحّب الرياض بإنهاء الأعمال العدائية في غزة والسودان، ولكن التطبيع السعودي-الإسرائيلي يظلّ القطعة المفقودة في الفسيفساء الاستراتيجية للمملكة في البحر الأحمر. فالتطبيع المعلّق في الوقت الراهن لن يؤدّي إلى تيسير التعاون الدفاعي الإسرائيلي-السعودي فحسب، بل أيضًا إلى تحسين القدرات الدفاعية للرياض من خلال التكامل مع الولايات المتحدة".

 

تضيف "في ضوء مزيج من الأسباب الاقتصادية والأمنية، ليس السؤال المطروح هل سيحدث التطبيع السعودي-الإسرائيلي، بل متى سيحدث، والدليل على ذلك الخطط المتعلقة بمشروع الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، والتي وقّعت عليها الرياض وتل أبيب في أيلول/سبتمبر 2023".

 

وخلصت الباحثة أرديماني إلى أن "رؤية 2030" تستند إلى الترابط بين العوامل المختلفة، فالرياض تحتاج إلى الاستقرار الإقليمي، والأمن البحري، ومجموعة واسعة من التحالفات لتحقيق أهدافها الاقتصادية، وكلّها تواجه تحديات طالما أن البحر الأحمر لا يزال نقطة تفجّر عسكرية.

 

 


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن السعودية البحر الأحمر الحوثي فی البحر الأحمر فی عام

إقرأ أيضاً:

موسم جدة يجمع بين فعاليات "الساحل الغربي" ومهرجان التسوق

تتألق مدينة جدة هذا الصيف بمزيج فريد من الفعاليات الترفيهية والسياحية الجامعة بين أجواء البحر وحيوية التسوق، من خلال موسم جدة 2025، الذي يضم فعاليات "الساحل الغربي" الممتدة على الشواطئ، ومهرجان جدة للتسوق الذي يشهد إقبالًا واسعًا من الزوار من داخل المملكة وخارجها.

وتحمل فعاليات "الساحل الغربي" طابعًا بحريًا متكاملًا، إذ تحوّلت شواطئ جدة إلى وجهات نابضة بالحياة تقدم أنشطة بحرية ورياضات شاطئية وعروضًا موسيقية حية، إضافة إلى مساحات مخصصة للاسترخاء والاستجمام، مما يعزز جاذبية المدينة وجهة صيفية مفضلة على ساحل البحر الأحمر.

ويبرز التوسع الكبير في الشواطئ الجديدة والخاصة أحد معالم الموسم، طُورت لتمنح الزوار تجربة استثنائية تجمع الفخامة والخصوصية، وتلبي مختلف الاهتمامات، من الترفيه العائلي إلى الاستجمام الهادئ.

وفي الجانب الآخر، يعزز مهرجان جدة للتسوق ديناميكية الموسم من خلال آلاف العروض الترويجية والخصومات في مختلف المتاجر والمراكز التجارية، مقدمًا تجربة تسوق متكاملة تمتد من الأسواق الشعبية إلى المجمعات الحديثة، في مشهد يعكس تناغم الأصالة مع الحداثة.

ويشكل هذا التكامل بين الترفيه البحري والتسوق الحضري عامل جذب رئيس يسهم في تنشيط الحركة السياحية والاقتصادية، ويُجسد مكانة جدة المتنامية عروس البحر الأحمر وإحدى أبرز وجهات الصيف في المنطقة.

موسم جدةمهرجان التسوقفعاليات الساحل الغربيقد يعجبك أيضاًNo stories found.

مقالات مشابهة

  • أخبار البحر الأحمر| حملات إزالة مستمرة .. ربط رقمي لتيسير تراخيص المشروعات
  • السعودية: مؤتمر "تنفيذ حل الدولتين" يأتي استنادا إلى موقف المملكة
  • موسم جدة يجمع بين فعاليات "الساحل الغربي" ومهرجان التسوق
  • 100 مليون شتلة.. المملكة تكشف مستهدفات زراعة الـ مانجروف حتى 2030
  • كاتب اقتصادي قال: بحلول 2030 ستتراجع نسبة الأجانب في المملكة إلى 30%
  • اليمن يتقدّم أولويات إسرائيل .. خطة موسّعة ضد صنعاء
  • رحلة عزام من قائمة الكيزان بجامعة البحر الأحمر إلي (المصطبة العجيبة)
  • كيف خسر الغرب معركة النفوذ في البحر الأحمر قبل أن تبدأ؟ تعرف على ابرز الحسابات الخاطئة
  • عائشة الماجدي تكتب ✍️ رجال المرور ببورتسودان
  • الأرصاد السعودية تحذر من سحب رعدية ممطرة ورياح نشطة على هذه المناطق