مجلة: واشنطن لن تقر مساعدة كييف بمعزل عن إسرائيل حتى في بداية عام 2024
تاريخ النشر: 1st, December 2023 GMT
لن يوافق الكونغرس الأمريكي على طلب تقديم تمويل إضافي لأوكرانيا بمعزل عن المساعدة لإسرائيل وتشديد السيطرة على الحدود الأمريكية حتى بعد نهاية العام الحالي أو أوائل عام 2024.
أعربت عن هذا الرأي مجلة The American Conservative، وأشارت إلى أنه على الرغم من موافقة زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل على تمويل أوكرانيا، إلا أن عدد الرافضين لتورط الولايات المتحدة في الأزمة الأوكرانية، يتزايد بين المشرعين والناخبين من الحزب الجمهوري.
ونوهت المجلة بأن الجمهوريين منعوا في خريف العام الحالي، مرتين في الكونغرس تنفيذ "تطلعات ماكونيل، ورفضوا تخصيص مساعدات لأوكرانيا في مجلس الشيوخ كجزء من مشروع لتمويل عمل حكومة الولايات المتحدة، وكذلك رفضوا في مجلس النواب ربط تخصيص الأموال لكييف بتمويل الدعم العسكري لإسرائيل.
وكتبت المجلة: "بغض النظر عن كل شيء، فإن ماكونيل يفهم شيئا واحدا بشكل صحيح: ما لم يتم ربط تمويل أوكرانيا بمساعدة إسرائيل أو أمن الحدود الأمريكية، فإن فرص تقديم مساعدات إضافية لأوكرانيا قبل نهاية عام 2023 أو أوائل عام 2024 تبقى ضئيلة. إذا أراد ماكونيل أن يمنح أوكرانيا هدية كبيرة في عيد الميلاد، فإن التزامات أمن الحدود [الأمريكية] يجب أن تكون قوية بما يكفي لإقناع عدد كافٍ من الجمهوريين في مجلس النواب بالموافقة على توفير التمويل لأوكرانيا".
المصدر: تاس
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: البيت الأبيض العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا الكونغرس الأمريكي مجلس الشيوخ الأمريكي مجلس النواب الأمريكي فی مجلس
إقرأ أيضاً:
أوكرانيا.. إسرائيل: الحسم في الظلال!
صباح 22 آب/ أغسطس 2023؛ كانت طائرة مسيّرة تضرب قاذفة استراتيجية روسية من طراز "توبوليف Tu-22M" في قاعدة "سولتسي-2" الجوية جنوب مدينة سانت بطرسبورغ. قالت وزارة الدفاع الروسية حينها إنّ الطائرة المسيّرة التي استهدفت القاذفة كانت من نوع "كوادكوبتر" مما يعني أنها، على الأرجح، تحركت من موقع قريب إلى الهدف، لكونها طائرة صغيرة ورخيصة ومتاحة تجاريّا.
لم تكن الخسارة فادحة ساعتها إذا قيست إلى الأسطول الذي تنتمي إليه هذه الطائرة، والذي يقال إنه يبلغ 60 طائرة، ولكنّ الحدث، وعلاوة على ما يشير إليه من انفتاح المشهد الحربي على عمليات غير متوقعة من الممكن أن تستهدف بها أوكرانيا روسيا، فإنّه كان بالغ الأهمية في دلالته على جانب من موازين القوى، بحيث يمكن حسم الحروب التقليدية بأدوات غير تقليدية، ودون الاضطرار طبعا إلى أسلحة الدمار الشامل.
بعد ذلك بأقلّ من 22 شهرا، وتحديدا في 1 حزيران/ يونيو 2025، كانت المسيرات الأوكرانية تضرب 4 مطارات في عمق روسيا، أبعدها قاعدة بيلايا في منطقة إيركوتسك، على بعد حوالي 4500 كيلومتر من حدود أوكرانيا مع روسيا، بينما كانت الأهداف الأخرى قاعدة أولينيا على بعد أكثر من 2000 كيلومتر من أوكرانيا؛ وقاعدة دياجليف الجوية في منطقة ريازان، على بعد حوالي 520 كيلومترا من أوكرانيا؛ وقاعدة إيفانوفو الجوية، وهي قاعدة لطائرات النقل العسكرية الروسية، على بُعد حوالي 800 كيلومتر من الحدود. وقد أظهرت صورةٌ نشرتها الاستخبارات الأوكرانية، قاعدة أخرى في مقاطعة أمور الشرقية قالت إنها كانت هدفا.
ثمّة قيمة أخرى للضربة، تتعلق بكونها مندرجة في "حرب الظلال"، مما يشير إلى تخلّف روسيّ على هذا الصعيد، لا مقابل أوكرانيا، ولكن مقابل المنظومة الغربية برمّتها، إذ ينبغي توقّع أن يكون التخطيط الجريء وطويل النفس لهذه العملية غير بعيد عن أجهزة الاستخبارات الغربية
تحدثت الدعاية الأوكرانية عن إصابة 41 طائرة روسية، بما في ذلك قاذفات استراتيجية وطائرات استطلاع (قاذفات من طراز توبوليف Tu-95MSوTu-22M3وهما العمود الفقري لضربات الصواريخ بعيدة المدى الروسية، وبحسب بعض المزاعم قاذفات Tu-160، وهي ملكة القاذفات الاستراتيجية الروسية، علاوة على طائرة إنذار مبكر واحدة على الأقل من طراز A-50 تُستخدم لتنسيق العمليات الجوية)، لكن وبقطع النظر عن الرقم الدقيق، وعن حجم الخسائر الاقتصادية المترتبة عليه والتي تقدّرها بعض الأوساط بـ7 مليارات دولار، فإنّ تحقيق عدد أقلّ من الإصابات من شأنه أن ينعكس على قدرة الطيران بعيد المدى الروسي على مواصلة إطلاق صواريخ كروز، علاوة على تضرر قدرات الردع النووي الروسي، لا سيما مع صعوبة تعويض المجمع الصناعي العسكري الروسي لهذه الخسائر الفادحة، في ظلّ الحصار الاقتصادي على روسيا، مما يعني نتائج مركبة للضربة عسكرية فورية متعلقة بالحرب الجارية، واستراتيجية متعلقة بالقدرات الروسية، واقتصادية، ومعنوية.
ثمّة قيمة أخرى للضربة، تتعلق بكونها مندرجة في "حرب الظلال"، مما يشير إلى تخلّف روسيّ على هذا الصعيد، لا مقابل أوكرانيا، ولكن مقابل المنظومة الغربية برمّتها، إذ ينبغي توقّع أن يكون التخطيط الجريء وطويل النفس لهذه العملية غير بعيد عن أجهزة الاستخبارات الغربية، وخاصة الـ"C.I.A"، فالضربة نُفذت في العمق الروسي، في مواقع بعيدة جدّا عن الحدود الأوكرانية، وهو ما تطلب إدخال الطائرات المسيرة إلى داخل روسيا، وإخفاءها في كبائن خشبية متنقلة، وإطلاقها في ساعة الصفر لضرب عدة أهداف بعيدة عن بعضها. وقد كان هذا الحلّ الاستخباراتي لمواجهة التفوق الروسي الجوّي مثاليّا، نظرا لكون الصواريخ بعيدة المدى التي زودت بها أمريكا وفرنسا وبريطانيا؛ أوكرانيا غير كافية للوصول إلى هذه الأهداف، وأمّا المسيرات التي تطلقها أوكرانيا من داخل حدودها فإنه، وبسبب بطئها، يسهل على الدفاعات الجوية الروسية إسقاطها.
لم تكشف الضربة فقط عن ضعف الترتيبات الدفاعية الروسية حول هذه القواعد العسكرية، واتكاء روسيا على بعد المسافة، بحيث يغيب عن توقعاتها احتمال ضرب هذه المواقع بهذه الكيفية، ولكنها كشفت كذلك عن إخفاق روسيا في اكتشاف العملية، التي أخذت بحسب زيلينسكي 18 شهرا و9 أيام من التخطيط، تضمنت انسحاب العملاء الذين أدخلوا الطائرات وحركوها، يُشبّه العديد من المراقبين هذه الضربة الأوكرانية لروسيا، بضربات البيجر التي استهدفت بها إسرائيل آلاف المقاتلين من حزب الله مرّة واحدة، مما كان له قدرة فائقة على إرباك الحزب، وإخراج آلاف العناصر من الخدمة، الكثير منهم في مواقع مفصلية في القيادة والسيطرة وعُقد التواصل العسكري والأمني والتنظيمي، علاوة على النتائج المعنوية والدعائية المترتبة عليهاإلى داخل أوكرانيا، وهو ما يعني أن أعداء روسيا تمكنوا من تضليلها طوال هذه الفترة، دون أن تتمكن من اكتشاف العملية في أيّ من مراحلها، بما في ذلك مراحل إدخال الطائرات، واستئجار المستودعات، وبناء الكبائن المتحركة، والكمون في البيوت الآمنة للعملاء الذين يحركون العملية كلها.
وإذا كانت العملية قد أخدت أكثر من 18 شهرا من التخطيط، وفصَلها عن ضرب المقاتلة "توبوليف Tu-22M" 22 شهرا، فإنه ينبغي القول إذن إنّ هذه العملية نتاج بُعد نظر، وطول نفس، وتخطيط مثابر، وعزيمة واضحة، وهذا كله ناجم عن تفوق غربيّ على روسيا في حرب الظلال، التي هي في حروب السنوات الأخيرة، العامل الذي ينطوي على قدرة حسم، أو في أقلّ الأحوال على زعزعة معنويات العدوّ، وفرض التردد عليه، أو إخراجه من المعركة.
يُشبّه العديد من المراقبين هذه الضربة الأوكرانية لروسيا، بضربات البيجر التي استهدفت بها إسرائيل آلاف المقاتلين من حزب الله مرّة واحدة، مما كان له قدرة فائقة على إرباك الحزب، وإخراج آلاف العناصر من الخدمة، الكثير منهم في مواقع مفصلية في القيادة والسيطرة وعُقد التواصل العسكري والأمني والتنظيمي، علاوة على النتائج المعنوية والدعائية المترتبة عليها. وما بين ضربة البيجرات وأجهزة اللاسلكي في 17 و18 أيلول/ سبتمبر 2024، وتوقيع اتفاقية وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، شهران وعشرة أيام، اغتالت إسرائيل أثناءها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، وخليفته السيد هاشم صفي الدين، لتُخرج الحزب من المعركة، بما ألقى بظلال ثقيلة لصالح إسرائيل على مجمل المشهد الإقليمي، سواء الحرب في غزّة، أو التحولات الإقليمية العميقة في الإقليم.
كانت إيران المسرح الأهم لهذا النوع من العمليات الإسرائيلية وبما يشبه العملية الأوكرانية، ففي 19 نيسان/ إبريل 2024، وردّا على عملية "الوعد الصادق 1"، ضربت إسرائيل مواقع في إيران قرب أصفهان، قالت العديد من التقارير إنها كانت بطائرات نوع "كوادكوبتر" تحركت من داخل إيران، وبغض النظر عن حقيقة ما جرى يومها، فقد سبق واستهدفت إسرائيل العمق الإيراني بهذا الأسلوب قبل ذلك عدة مرات، كما في شباط/ فبراير 2022، حينما شنت بهذا النوع من الطائرات هجوما على منشأة لتصنيع الطائرات بدون طيار قرب كرمنشاه، وقبل ذلك استهدفت مصنعا للطائرات المسيرة في أصفهان، في أيار/ مايو 2021، وليس بعيدا عن ذلك اغتيال العالم النووي الإيراني فخري زاده قرب طهران في تشرين الثاني/ نوفمبر 2020، واغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في طهران في تموز/ يوليو 2024. وذلك كله يذكر بسرقة الموساد في 31 كانون الثاني/ يناير 2018، تكشف هذه العمليات عن طول النفس لاستخبارات الولايات المتحدة، والدول المندرجة في خطتها الكونية، مثل أوكرانيا وإسرائيل، وهو ما ينبغي أن يدفع نحو أخذ ذلك بعين الاعتبار لقراءة أكثر دقة للعديد من التحولات التي حصلت أخيرا في المنطقةما زعمت إسرائيل أنه عشرات آلاف الوثائق من مستودع سري في منطقة كهريزك في جنوب طهران، والتي تمثل جزءا من المشروع النووي السري الإيراني، وعليه فإنّه يبقى احتمالا قائما أن يكون الرئيس الإيراني السابق إبراهيم رئيسي قد قضى في 19 أيار/ مايو 2024 في عملية اغتيال مدبرة.
هذا العدد من العمليات المعروفة الناجحة، والذي بدوره يشير إلى العلاقات الاستخباراتية الوثيقة بين الأطراف التي تدور حول المحور الأمريكي، يؤكد الأهمية القصوى لتعديل ميزان القوى في حرب الظلال، وبالرغم من أنه لا يمكن مقارنة أعداء أمريكا بها من حيث الموارد بمستوياتها المتعددة (التكنولوجية، واللوجستية، والاقتصادية، والعسكرية، والبشرية)، فإنّ الأمر في حروب الظلال ينبغي أن تكون القدرة عليه أعلى منه في تعزيز عناصر القوّة التقليدية، فبعمليات دقيقة من هذا النوع يمكن استهداف السلاح، أو شلّ القدرة على استخدامه، أو تحطيم معنويات العدوّ بما يدفعه لخيارات شبه استسلامية، وبأقل قدر ممكن من الموارد والتبعات يمكن الاستغناء عن الدخول في حرب مكشوفة مع دولة عدوّ، وهو أمر محتمل في حالة إيران لو كان ثمّة قرار باستهداف قدرات نوعية لها من داخل العمق الإيراني.
وفي حين تكشف هذه العمليات عن طول النفس لاستخبارات الولايات المتحدة، والدول المندرجة في خطتها الكونية، مثل أوكرانيا وإسرائيل، وهو ما ينبغي أن يدفع نحو أخذ ذلك بعين الاعتبار لقراءة أكثر دقة للعديد من التحولات التي حصلت أخيرا في المنطقة، فإنّها تكشف عن هذا القصور المريع لدى أعداء أمريكا، أو أعداء إسرائيل في منطقتنا، إذ لو توفّر قدر معقول من التوازن في هذا الجانب، لربما تغيّر المشهد الراهن بنحو ملاحظ، فالحرب قد لا تُحسم بالضرورة في ميدان القتال، بل في غرف العمليات السرية.
x.com/sariorabi