الدور الفريد الذي تلعبه قطر جعلها لا غنى عنه بالنسبة للولايات المتحدة والغرب، وقد باتت الدوحة منقذة لإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في غزة حاليا، كما كانت منقذة له في الأيام الأولى لإدارته من خلال مساعدة واشنطن في انسحابها الفوضوي من أفغانستان، وهي الآن تسعى نحو جائزة كبيرة وهي التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق نار في غزة.

ما سبق كان خلاصة تحليل نشره موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، مضيفا أن التوسط  في وقف دائم لإطلاق النار بين إسرائيل وحماس هو الاختبار الكبير التالي لحليف الولايات المتحدة قطر، حيث تتطلع الدولة الخليجية إلى تعزيز دورها كوسيط في الشرق الأوسط ودرء الانتقادات بشأن علاقاتها مع "حماس".

ومثلت الهدنة المؤقتة بين الاحتلال الإسرائيلي و"حماس"، والتي رعتها قطر بشكل أساسي، إلى جانب مصر، فرصة جيدة للدوحة لترتيب جهودها نحو الملف الأكبر، وهو وقف إطلاق النار (الهدنة انتهت، خلال ترجمة هذا التحليل، صباح الجمعة، وعاود الاحتلال هجومه على غزة).

وينقل التحليل عن بدر السيف، الأستاذ في جامعة الكويت قوله إن "قطر تريد الاستفادة من زخم تبادل الأسرى لتحقيق شيء دائم ونقل المحادثة في نهاية المطاف إلى محادثات حول حل الدولتين".

اقرأ أيضاً

"الإسلاميون".. نقطة تميز قطر الفريدة في الشرق الأوسط

مكاسب دبلوماسية

ويرى التحليل أنه بالنسبة لقطر،  فإن التوصل إلى وقف لإطلاق النار في الحرب الإسرائيلية الفلسطينية من شأنه أن يحقق طموحاتها في أن تكون حلا للمشكلات في الشرق الأوسط، مما يسمح لها بتعزيز مكاسبها الدبلوماسية في غزة بينما تتصدى لبعض الانتقادات في الغرب بشأن علاقاتها مع "حماس".

باعتبارها واحدة من أكبر منتجي الغاز الطبيعي المسال في العالم، استفادت قطر من ثروتها لتأخذ ثقلا دبلوماسيا، ووضعت نفسها كوسيط غير مدين لأحد، ومستعد للتعامل مع خصوم شرسين مثل "حماس" ودولة الاحتلال الإسرائيلي.

ويبدو أن دولة الاحتلال لا تريد أن تكون قطر محاورها الرئيسي، لكن هذا هو الواقع الذي ينبغي عليها التعامل معه، كما تقول  كيرستن فونتنروز، الرئيسة السابقة لشؤون الخليج في البيت الأبيض.

وبالتبعية، تشعر الولايات المتحدة بأهمية دور قطر في الأزمة الحالية بغزة، والتي تحولت إلى حالة إنهاك لواشنطن ومصالحها في المنطقة.

لذلك، لم يكن غريبا أن الرئيس الأمريكي جو بايدن أجرى ما لا يقل عن 7 مكالمات هاتفية مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كما يقول التحليل.

اقرأ أيضاً

قطر وحماس والاحتلال يعلنون تمديد هدنة غزة ليوم واحد

علاقات الدوحة و"حماس"

وفي حين عززت الحرب نفوذ قطر، فإنها أثارت أيضا تساؤلات حول مستقبل علاقات الدوحة مع حماس، التي تستضيف قطر قيادتها السياسية.

فقد تعهدت دولة الاحتلال بقتل زعماء "حماس"، في حين أبلغت الولايات المتحدة شركائها العرب أنهم لم يعودوا قادرين على التعامل مع الحركة كالمعتاد.

وقالت فونتنروز: "هذه الأسئلة حول علاقات قطر مع حماس ستصبح أكثر وضوحا في الأسابيع المقبلة".

ومنذ اندلاع الحرب، أصبح البعض في واشنطن أكثر صراحة في انتقاد قطر بسبب علاقاتها مع "حماس".

واتهم السيناتور الجمهوري تيد بود، الثلاثاء، قطر بالتحدث "من كلا الجانبين"، فيما يتعلق بالتعامل مع "حماس" وإسرائيل.

واتهم قطر باتباع "سياسة مؤيدة لحماس" مما يشكل "مسؤولية كبيرة".

وقال السيناتور الجمهوري مايك لي إن "قطر ملطخة بالدماء" لاستضافتها قيادة "حماس".

اقرأ أيضاً

"يمثل الدبلوماسية الخليجية".. أكاديمي إماراتي يثير تفاعلا بتغريدة حول رئيس وزراء قطر

غضب قطري

لكن قطر ليست غربة على الانتقادات، يقول التحليل، فلسنوات عديدة، واجهت اتهامات بأنها كانت متقربة أكثر مما ينبغي مع الجماعات الإسلامية مثل جماعة الإخوان المسلمين، في حين تعرضت قناتها الإعلامية المملوكة للدولة، "الجزيرة"، لهجوم من قِبَل المدافعين عن إسرائيل بسبب تغطيتها للقضية الفلسطينية.

وقد رد المسؤولون القطريون بشدة على انتقادات بعض المشرعين الأمريكيين.

وعلى سبيل المثال، أخذ سفير قطر لدى الولايات المتحدة، مشعل بن حمد آل ثاني، زمام المبادرة وكتب مقال رأي في صحيفة "وول ستريت جورنال" ذكر فيه أن بلاده لا تؤيد "حماس" وأوضح أفق علاقات الدوحة بالجماعة.

وينقل التحليل عن كريستيان كوتس أولريشسن، الخبير في شؤون الخليج في معهد "بيكر" قوله إن تصاعد انتقادات المشرعين الأمريكيين لقطر بسبب العلاقات مع "حماس" أشعر الدوحة بالغضب، حيث اعتبروها "أمرا ينم عن سوء نية، خاصة في الوقت الذي يتفاوضون فيه خلال تلك الحرب نيابة عن الولايات المتحدة".

ويقول مسؤولون قطريون إن الدوحة وافقت على استضافة قيادة "حماس" السياسية بعد خروجها من دمشق بسبب رفض الحركة لقمع رئيس النظام السوري بشار الأسد لشعبه، بناء على طلب الولايات المتحدة للحفاظ على خط اتصال غير مباشر مع المجموعة.

ويقول الأكاديمي الكويتي بدر السيف  إن نجاح الهدنة والإفراج عن الأسرى الإسرائيليين كانا حاسمين بالنسبة لقطر لأنه سمح لها بتقليل الانتقادات في واشنطن.

اقرأ أيضاً

قطر تجمع رؤساء سي آي إيه والموساد والمخابرات المصرية لتوسيع تبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل

هل تؤثر غزة على علاقات قطر مع جيرانها الخليجيين مجددا؟

ورغم أن الأزمة بين قطر وجيرانها الخليجيين باتت من الماضي، إلا أن التحليل يقول إن القضية الفلسطينية كانت وستظل مسرحا للمؤامرات بين زعماء الخليج.

وكانت تقارير قد أفادت بأن السعودية تتطلع إلى انتزاع الوصاية على المسجد الأقصى في القدس من الأردن.

وبينما تستضيف قطر قيادة "حماس"، فإن الإمارات هي موطن لزعيم "فتح" المنفي من غزة ومنافس "حماس"، محمد دحلان.

وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يطرح خطة لإنشاء "مناطق آمنة خالية من حماس" في غزة والتي ستحكمها حكومة مدعومة من السعودية والإمارات.

ويقول أولريشسن: "بالتأكيد، إذا سعت إسرائيل إلى جلب قيادة جديدة في غزة من الإمارات العربية المتحدة، فإن ذلك سيضعف نفوذ قطر".

اقرأ أيضاً

تقدير إسرائيلي: هكذا يجب التعامل مع قطر بعد الحرب على حماس

ماذا بعد؟

ثمة وجهة نظر يراها "ميدل إيست آي" منطقية، ويؤكد عليها عزام التميمي، الخبير في شؤون حركة "حماس"، وهي أن الحرب الحالية عززت من مكانة الحركة في غزة والضفة الغربية والأردن ودول عربية وإسلامية.

لذلك، فإن مسألة إنهاء قطر علاقاتها مع "حماس" وطرد قياداتها من الدوحة يظل غير وارد، حيث ستحتاج واشنطن وتل أبيب إلى الدوحة أكثر خلال الفترة المقبلة لفتح قنوات حوار مع الحركة الفلسطينية.

كما أن تدفق الدعم الشعبي لفلسطين عبر العواصم العربية والغضب من إسرائيل بسبب حملة القصف المدمرة جعل نهج قطر تجاه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني أكثر قوة ومنعة.

اقرأ أيضاً

كيف أنقذت قطر اتفاق الهدنة بين إسرائيل وحماس؟

مخاطر انهيار الهدنة

ويختم التحليل بالقول إن انهيار الهدنة في غزة يحمل مخاطر لقطر، حيث تستعد في أوائل ديسمبر/كانون الأول الجاري لاستضافة منتدى الدوحة، حيث غالباً ما تسلط الضوء على ثقلها الدبلوماسي.

ويقول الخبراء إن العودة إلى القتال أو فشل عملية إطلاق سراح الرهائن قد يكون محرجا لقادة قطر.

وسوف تواجه مهارات الوساطة القطرية اختباراً أكثر صرامة إذا أطلقت "حماس" سراح جميع الرهائن المدنيين في غزة، وانتقلت المحادثات إلى عملية تبادل أكثر حساسية من الناحية السياسية للرجال في سن الخدمة العسكرية، وفي نهاية المطاف، للمقاتلين.

وقال أولريشسن: "التحدي الذي تواجهه قطر هو توسيع محادثات الهدنة لتشمل المجال السياسي".

وبشكل عام، يبدو أن أهمية قطر بالنسبة لواشنطن وتل أبيب في المراحل التالية من الصراع في غزة ستزداد، في ظل وثوق "حماس" بالدوحة وضبابية مستقبل الحرب في غزة ومآلاتها.

المصدر | ميدل إيست آي - ترجمة وتحري الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: غزة قطر حماس الدوحة طوفان الأقصى بايدن الولایات المتحدة میدل إیست آی علاقاتها مع اقرأ أیضا فی غزة

إقرأ أيضاً:

تحركات عربية في نيويورك لوقف العدوان على غزة وإطلاق خطة إعادة الإعمار

شهدت نيويورك تحركات لوزراء خارجية مصر وقطر والأردن والسعودية للدفع باتجاه وقف فوري لإطلاق النار، إلى جانب بحث آليات تنفيذ الخطة العربية-الإسلامية لإعادة إعمار القطاع، في ظل استمرار الحرب وسياسة التجويع الجماعي.

وجاء ذلك خلال لقاء رباعي جمع وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، بكل من رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ونائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، ووزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، على هامش مؤتمر دولي رفيع المستوى يعقد في مقر الأمم المتحدة بنيويورك حول التسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين، برئاسة مشتركة بين المملكة العربية السعودية وفرنسا.

ووفق بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، فقد تناول اللقاء الجهود المصرية-القطرية، بالتعاون مع الولايات المتحدة، من أجل استئناف وقف إطلاق النار في غزة، والتوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى، ووقف نزيف الدم الفلسطيني، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية بشكل فوري ودون قيود.



وأشار البيان إلى أن اللقاء بحث كذلك "الخطوات التالية لتفعيل الخطة العربية-الإسلامية للتعافي المبكر وإعادة إعمار غزة"، إلى جانب التحضير لمؤتمر القاهرة الدولي لإعادة إعمار القطاع، بالتعاون مع الحكومة الفلسطينية والأمم المتحدة.

وكانت جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي قد أطلقتا، في آذار/مارس الماضي، خطة شاملة لإعادة إعمار قطاع غزة، تمتد على خمس سنوات، بتكلفة تقديرية تبلغ 53 مليار دولار، وتهدف إلى ضمان إعادة إعمار المنشآت والبنية التحتية المدمرة، دون المساس بحقوق الفلسطينيين في العودة والبقاء داخل القطاع.

وبحسب البيان المصري، "عكس اللقاء توافقاً واضحاً في الرؤى بين الدول الأربع، ووحدة في المواقف تجاه ضرورة مواصلة الجهود السياسية والدبلوماسية من أجل احتواء التصعيد وإنهاء المعاناة الإنسانية في غزة".

كما اتفق الوزراء على "مواصلة التشاور والتنسيق الوثيق خلال المرحلة المقبلة، بما يضمن خدمة المصالح المشتركة ودعم الاستقرار الإقليمي"، وفق المصدر ذاته.


مفاوضات الدوحة
ويأتي اللقاء الرباعي في نيويورك بينما تستمر المفاوضات غير المباشرة بين حركة "حماس" والاحتلال الإسرائيلي في العاصمة القطرية الدوحة، بوساطة مصرية وقطرية، وبدعم أمريكي، بهدف الوصول إلى اتفاق هدنة وتبادل للأسرى.

ورغم مرور أكثر من ثلاثة أسابيع على بدء جولة التفاوض الأخيرة، لا يزال مصير الاتفاق المرتقب غامضاً، خاصة بعد إعلان كل من تل أبيب والمبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف عن سحب فريقي بلديهما من الدوحة "للتشاور"، مع توجيه اتهامات لحركة "حماس" بأنها "غير جدية" في التوصل إلى اتفاق، وهو ما نفته الحركة وأكدت تمسكها بخيار التفاوض لإنهاء العدوان.

منذ اندلاع الحرب في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي ارتكاب مجازر دموية بحق المدنيين الفلسطينيين، حيث وثّقت وزارة الصحة في غزة أكثر من 205 آلاف شهيد وجريح، معظمهم من النساء والأطفال، فضلاً عن 9 آلاف مفقود تحت الأنقاض، ومئات الآلاف من النازحين الذين يعانون من ظروف إنسانية مأساوية.

وبالتوازي مع التصعيد العسكري، شدّدت سلطات الاحتلال منذ آذار/مارس الماضي حصارها الخانق على القطاع، عبر إغلاق كافة المعابر ومنع دخول المساعدات، ما تسبّب في تفشي المجاعة وبلوغ مؤشراتها "مستويات كارثية" بحسب توصيف الأمم المتحدة.

مقالات مشابهة

  • أمريكا والصين على استعداد لتمديد هدنة الرسوم الجمركية
  • ميدل إيست مونيتور يعلن قائمة الكتب المرشحة لجوائز فلسطين للكتاب 2025
  • تحركات عربية في نيويورك لوقف العدوان على غزة وإطلاق خطة إعادة الإعمار
  • رئيس الأركان الإيراني: لانثق في وعود أمريكا وإسرائيل
  • الخارجية الأمريكية: مؤتمر حل الدولتين في غير وقته ويقوض جهود السلام
  • وزير إسرائيلي يشيد بثبات العلاقات مع الإمارات رغم الحرب في غزة (شاهد)
  • إسرائيل تضع شرطا لاستئناف المفاوضات مع حماس
  • عضو عليا الوفد يطالب بتعليق تعاون الدول العربية اقتصاديا مع أمريكا وإسرائيل حتى تتوقف حرب غزة
  • ذا نيويورك صن: تطور القدرات اليمنية يزيد قلق أمريكا وإسرائيل وحلفائهما
  • ما هي الخيارات الأخرى التي تدرسها الولايات المتحدة وإسرائيل ضد حماس؟