عوض المغني
كنت أحسب أن الكتابة عن الطفولة المسروقة من بين أيادي أطفالنا وذلك بالاكتفاء بقضاء الإجازة الصيفية التي جلها تذهب بين أسوار البيت أو المجمعات التجارية، وبين ساعات السهر الطويلة أمام شاشات الألعاب الإلكترونية. مستذكرا كيف كان حالنا قبل أواسط التسعينيات عندما كانت تخلو المنازل من مختلف أصناف التسلية الحالية ابتداء من أجهزة الفيديو مرورا بالصحون اللاقطة إلى ألعاب الفيديو.
إلا أن قناعاتي تغيرت جذريا، فما يحدث معنا لا شيء يذكر أمام ما تعانيه أو تفتقده الطفولة في بعض أنحاء العالم، ومنذ 7 من أكتوبر اتضح جليا أن واقع أطفال فلسطين وأطفال غزة خصوصا يفوق كل معاناة الطفولة في مختلف النزاعات والحروب.
فما يحدث في فلسطين التاريخية وغزة حاليا أكبر السرقات التاريخية للطفولة، فهي معاناة ممتدة لـ 75 عاما، وتستمر هذا المعاناة حتى مع الاحتفال باليوم العالمي للطفولة الذي يوافق 20 من نوفمبر الفائت متزامنا مع جرائم وإبادات جماعية يندى لها الجبين وتصدم الضمير الحي، ولم يكتف الاحتلال الصهيوني بسرقة أحلام الطفولة الفلسطينية وغزة تحديدا منذ 17 عاما بحصار مشدد يقطع سبل الحياة الكريمة والأحلام المشروعة ويحجب الأمل بغد تتوق له كل نفس بشرية. فمر اليوم العالمي للطفولة هذا العام أكثر قسوة وألما بفعل آلة القتل الصهيونية مخلفة أكثر من 5000 طفل قتيل وآخرين منهم لا يزال الكثير منهم تحت الأنقاض يزيد عددهم على 4000 طفل، ولم تكفِ الهدنة الإنسانية التي امتدت لستة أيام لتمهل أطفال غزة وقتا للأحلام البريئة واللعب كأقرانهم في كل الدنيا، لتدور رحى الغارات الجوية والقصف المدفعي لقوات الاحتلال، وتعيد الوضع إلى سابقه وربما للأسوأ مع توقع خطط القيادات الصهيونية الهروب للأمام تملصا من كل الخيبات التي منيت بها على الصعيدين السياسي والعسكري إثر عملية "طوفان الأقصى".
الحقيقة أن الاحتلال يحيل أحلام الطفولة البريئة إلى واقع مرير ومستقبل مظلم، فمن سلم منهم ويلات الحروب المتكررة في غزة أو الاعتقالات في الضفة الغربية سيخرج إما بعاهات جسدية أو نفسية خطيرة، ودولة الاحتلال التي تسوق نفسها الجنة الديمقراطية الوحيدة بالشرق الاوسط ومكمن الحرية والسلام تخلت عن كل الواجبات التي أقرتها اتفاقية حقوق الطفل عام 1989، فلا هي ساوت بين الأطفال الفلسطينيين وبين أطفال بمدنها ومستعمراتها في عموم فلسطين، ولا هي عاملتهم بمنأى عن حروبها مع حركات المقاومة وما نشاهده يعكس الوحشية في التعامل والتي تصل حدَّ الإبادة العرقية !!
وحتى وإن توقفت الحرب في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فهذا لن يجعل الطفولة بمأى عن ترصد دولة الاحتلال، فاستمرار الحرمان من أبسط الحقوق كالحق في الحياة الكريمة والحق في التعليم والحق بالصحة، ويتضح ذلك في الاستهداف المتعمد للمدارس والمستشفيات حتى التي تقع تحت إشراف هيئات أممية -كوكالة غوث اللاجئين أونروا- وعدم الاكتفاء بإنهاء العام الدراسي منذ بدايته، وإنما تعدى الأمر إلى حد قصفها والأمثلة كثيرة كقصف مدرسة الفاخورة بخان يونس وغيرها من المدارس التابعة للوكالة الأممية، مخلفًا مئات الضحايا بين قتيل وجريح، مرورا بالهجوم على المستشفى المعمداني، وصولا اإى مجمع الشفاء الطبي وقطع الكهرباء وتهديد حياة المرضى واللاجئين بداخله.
ويتكشف لنا حال الطفولة في الضفة الغربية مقارنة بحال محمد نزال الصبي الفلسطيني ذي الـ13 عاما، الذي خرج في صفقة التبادل للسجناء الفلسطينيين وهو مغطى بضماداته وكدمات على وجهه والذي يظهر بعض ما يعانيه الطفل في فلسطين في سجون الاحتلال حيث يقبع أكثر من 300 طفل بمختلف الأعمار لا لشيء إلا كونه فلسطينيا !!!
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين: مقاومة العدو الاسرائيلي حق أصيل وخيار وطني لابديل عنه
الثورة نت/وكالات أكدت “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين” أن مقاومة الاحتلال بجميع أشكالها المشروعة حق أصيل وخيار وطني لا بديل عنه، وأن أي محاولات لنزع هذا الحق أو تحجيمه ستُواجَه بالتصدي والرفض القاطع. وقالت الجبهة في بيان لها ، اليوم الخميس ، بمناسبة الذكرى الـ 58 لانطلاقتها ، “في الذكرى الثامنة والخمسين لانطلاقة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ومنذ لحظة التأسيس والانطلاق من رحم حركة القوميين العرب 11 كانون الأول 1967، لا زلنا نحمل مع شعبنا أهداف التحرير والعودة ومواجهة مشاريع تصفية الوجود الفلسطيني، فلقد تأسست الجبهة رداً على النكبة والنكسة اللتين شَكلّتا صدمةً للأمة. فكانت الانطلاقة تأكيداً لإرادة الشعب ورفضاً واعياً للهزيمة وخياراً لمواجهتها بمشروع مقاومة واعي ومتكامل على أسس الكفاح والتحرر”. وأضافت “على امتداد ثمانية وخمسين عاماً، بقيت الجبهة حزباً كفاحياً مقاتلاً وإطاراً نضالياً وفكرياً جذرياً، يربط بين التحرر الوطني والعدالة الاجتماعية، ويحمل فلسطين كقضية وهدف في مواجهة المشروع الصهيوني، وهكذا بقيت الجبهة الشعبية حاضرة في ساحات المقاومة المسلحة والعمل الجماهيري والنقابي والطلابي، وداعمة وحارسة للصمود الفلسطيني ومتمسكة بالثوابت الوطنية في أصعب الظروف”. وتابعت “تحل هذه الذكرى اليوم في سياق استثنائي بالغ الخطورة، يتعرض فيه شعبنا الفلسطيني لحرب إبادة مفتوحة هي الأبشع في التاريخ الحديث، وخصوصاً في قطاع غزة، ولعدوان استيطاني وتهويدي غير مسبوق في الضفة والقدس، ضمن مشروع يستهدف تصفية القضية الفلسطينية، واقتلاع شعبنا من أرضه، وكسر إرادته الوطنية. غير أن شعبنا، كما عرفه العالم عبر تاريخه النضالي الطويل، يواجه هذه الجرائم بإرادة صلبة، وصمود أسطوري، وإيمان مطلق بحقه في الحرية والحياة والعودة”. وأكدت أنها “تستحضر في هذه المناسبة النضالية، بكل الفخر والاعتزاز قوافل الشهداء الذين ارتقوا على امتداد مسيرة الكفاح، من شهداء التأسيس والشهداء القادة، إلى شهداء المقاومة في معارك الدفاع عن الأرض والكرامة، وصولاً إلى شهداء حرب الإبادة والعدوان المتواصل. وتقف إجلالاً أمام دمائهم التي عمّدِت درب الحرية، وفي مقدمتهم شهداء ملحمة طوفان الأقصى: إسماعيل هنية، نضال عبد العال، أبو خليل وشاح، يحيى السنوار، داود خلف، عوض السلطان، وليد دقة، ومعهم آلاف الشهداء الحاضرين في ذاكرة الشعب ووجدان الأرض”. ووجهت الجبهة “تحية فخر للشهداء القادة في معركة إسناد فلسطين وشعبها، وفي طليعتهم القادة حسن نصر الله وعبد الكريم الغماري والحاج رمضان، وكل من جعل من دمه وموقفه جسراً يربط فلسطين بالعالم”. وحيّت ” نسور الحرية والتحدي الأسيرات والأسرى الأبطال الذين يحوّلون السجون إلى ساحات صمود ومواجهة، وفي مقدمتهم القادة أحمد سعدات ومروان البرغوثي وحسن سلامة وعاهد أبو غلمة”. وأكدت الجبهة على أن ” مقاومة الاحتلال بجميع أشكالها المشروعة حق أصيل وخيار وطني لا بديل عنه، وأن أي محاولات لنزع هذا الحق أو تحجيمه ستُواجَهه بالتصدي والرفض القاطع؛ فاستمرار الاشتباك السياسي والشعبي والميداني هو الطريق لإفشال مشاريع التصفية والوصاية، وصون وحدة الأرض والشعب والقضية، وتثبيت حق اللاجئين في العودة كركيزة غير قابلة للتفريط”. ودعت ” لبناء إطار وطني منظم يقود ويطوّر المقاومة الشعبية، عبر قيادة موحدة وفاعلة توفر الغطاء السياسي والميداني وتحمي الفعل الشعبي من القمع والاحتواء، وتُحوّل المقاومة إلى فعل مستدام يراكم الكلفة على العدو”. وحمّلت “العدو ومن خلفه الإدارة الأمريكية، المسؤولية الكاملة عن جرائم الإبادة والتجويع والاقتلاع والانتهاكات والخروقات المتواصلة” مطالبة ” الوسطاء والضامنين والمجتمع الدولي بالضغط الجاد لإجبار الاحتلال على وقف عدوانه بالكامل، وإنهاء الحصار، وفتح المعابر وفي مقدمتها معبر رفح بكلا الاتجاهين، وضمان تدفق المساعدات، والشروع في إعادة إعمار حقيقية تحفظ كرامة شعبنا”. ودعت ” إلى الإسراع في تشكيل إدارة وطنية مهنية مؤقتة في قطاع غزة من شخصيات مستقلة وكفؤة من أبناء القطاع، لإدارة المرحلة الانتقالية بعيداً عن الوصاية الخارجية أو المشاريع البديلة، ونؤكد رفضنا القاطع لأي ترتيبات تمس حق شعبنا في تقرير مصيره، أو تعيد إنتاج الاحتلال في غزة أو الضفة”. وشددت الشعبية “على أن أي وجود دولي، إن وجد، يجب أن يقتصر تواجده على خطوط التماس دون تدخل في الشأن الداخلي ومن أجل حماية شعبنا، مع بقاء المسؤولية الأمنية داخل المدن ومحيطها فلسطينية خالصة” وأكدت “أن سلاح المقاومة شأن وطني مرتبط بالتوافق على الاستراتيجية الوطنية، ولا يخضع لأي اشتراطات أو إملاءات من العدو”. كما أكدت “أن المرحلة الراهنة تفرض أولوية إعادة ترتيب البيت الفلسطيني عبر حوار وطني شامل، يشمل إحياء الاجسام النضالية المشتركة وإعادة بناء النظام السياسي ومؤسساته، وعلى رأسها منظمة التحرير الفلسطينية، على أسسٍ ديمقراطية وشراكة حقيقة، بما ينهي التفرد والإقصاء ويستعيد الوحدة الوطنية وثقة الجماهير”. وجددت “تمسكها بأن حق العودة هو جوهر القضية الفلسطينية، ونرفض أي محاولات لتحويله إلى ملف إنساني أو تعويضات، ونؤكد ضرورة حماية دور الأونروا كشاهد سياسي وقانوني على النكبة وقضية اللاجئين وحقوقهم”. واستطردت ” نشدد على أن قضية الأسرى في صميم الصراع مع العدو، وأن حريتهم واجب ومعيار للكرامة الوطنية، ستبقى معركة تحرير الأسرى التزاماً وطنياً ثابتاً وجزءً لا يتجزأ من معركة التحرر حتى كسر القيد وانتزاع الحرية الكاملة”. وبينت “نؤكد التزامنا بالدفاع عن أهلنا الصامدين وحماية حقوقهم في مواجهة الاستغلال والنهب، ونشدد على ضرورة محاسبة تجار الأزمات، واستعادة العدالة الاجتماعية، وتشكيل لجان صمود وطنية، وتعزيز التكافل الشعبي، خاصة في غزة والضفة، وما يعانوه في ظل الدمار الواسع وانهيار البنية التحتية”. كما دعت ” إلى توسيع النضال العربي المشترك، واستعادة زخم الحراك الجماهيري الدولي لدعم فلسطين وغزة والضفة والقدس والأسرى، عبر تصعيد التحركات وحملات المقاطعة ومناهضة الصهيونية، ومحاصرة سفارات العدو والولايات المتحدة، ومحاسبة قادة العدو كمجرمي حرب، والتصدي لكافة أشكال التطبيع بوصفها خدمة مباشرة لمشروع الاحتلال “. وجددت الجبهة الشعبية “عهدها للشهداء والأسرى والجرحى والمبعدين، ولكل جماهير شعبنا في الوطن والشتات، بأن تبقى الجبهة وفية لدماء الشهداء، منحازة للكادحين، ثابتة على خيار المقاومة، وماضية في معركة التحرير والعودة وبناء فلسطين الحرة المستقلة، مهما بلغت التضحيات وتعاظمت التحديات”.