اقتصاد الاحتلال الأكثر تألماً.. ما انعكاسات ذلك على الحرب الدائرة؟

اقتصاد الاحتلال بات الأكثر تألما، وأن ثقة المستهلكين والشركات في الاقتصاد تهاوت في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ولا تزال متهاوية.

الحرب تكلف الاقتصاد الإسرائيلي نحو  54 مليار دولار، والتكلفة الأكبر تذهب للنفقات الدفاعية وتمويل المجهود الحربي وقيمتها 29 مليار دولار.

مؤشرات وأرقام تمثل عنصرا مهما عندما تبحث حكومة الاحتلال مستقبل الحرب على غزة، فإما مواصلة الحرب أو هدنة طويلة الأجل تحول دون انهيار الاقتصاد كاملا.

* * *

لا يمكن الفصل بين خطوة تمرير الحكومة الإسرائيلية "موازنة تمويل حرب" استثنائية وغير مسبوقة بقيمة 8 مليارات دولار، لتلبية احتياجات الحرب المدمرة التي يشنها جيش الاحتلال على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر الماضي، وبين الأرقام بالغة التشاؤم التي جاءت على لسان أمير يارون محافظ البنك المركزي الإسرائيلي يوم الاثنين الماضي.

محافظ البنك كشف عن أن الحرب تكلف الاقتصاد الإسرائيلي نحو 200 مليار شيكل (54 مليار دولار)، وأن التكلفة الأكبر تذهب للنفقات الدفاعية وتمويل المجهود الحربي وتبلغ قيمتها 29 مليار دولار، في حين تتوزع المبالغ الأخرى ما بين 6 مليار دولار للتعويضات المباشرة وغير المباشرة للمتضررين من الحرب و7 مليار دولار للنفقات المدنية الأخرى.

كما تبلغ خسائر إيرادات الضرائب 9.5 مليار دولار، ومن المتوقع أن يرتفع الدين العام وأن تصل الفائدة على الديون الحكومية الإسرائيلية إلى 2.15 مليار دولار تتحملها الموازنة العامة التي من المتوقع أن تعاني من عجز حاد.

ولا يمكن الفصل بين الكشف عن تقديرات إسرائيلية تقول إن الخسائر الأسبوعية لاقتصاد الاحتلال، الناتجة عن غياب جنود الاحتياط عن أعمالهم الأساسية في المشروعات والشركات والأعمال المدنية، تقدر بنحو 1.2 مليار دولار، يضاف إليها 1.3 مليار دولار أخرى تكلفة رواتب يتم صرفها شهريا لهؤلاء الجنود، والكشف بعدها عن حدوث انهيارات في قطاع الأعمال وقفزة بنسبة 35% في عدد الشركات الإسرائيلية المغلقة، بما يوازي 57 ألف شركة بنهاية هذا العام بسبب تداعيات الحرب.

ولا يمكن الفصل بين حديث متزايد داخل المجتمع الإسرائيلي عن ضخامة عدد الشركات التي انهارت منذ بداية الحرب، وإجبار خسائر الحرب البنوك والمؤسسات على بيع أصولها في الخارج والداخل والبحث عن مصادر سيولة تعوضها عن الخسائر وسحب أموال المودعين، في وقت تتراجع فيه أسعار الأصول الإسرائيلية في الأسواق الدولية، ومواجهة الشركات الإسرائيلية منذ عملية "طوفان الأقصى" أزمة في جمع سيولة والحصول على قروض من الأسواق الخارجية.

وعلى مستوى القطاع المصرفي، لا يمكن الفصل بين توصية البنك المركزي الإسرائيلي المصارف التجارية بخفض توزيعات الأرباح على المساهمين، وبين زيادة مخاطر الديون المتعثرة التي تطارد تلك البنوك، وحاجتها إلى مزيد من المخصصات المالية لتغطية الديون المشكوك في تحصيلها، والتي من المتوقع ارتفاع عدم سدادها بسبب تداعيات الحرب.

كل تلك الأمور تعني شيئا واحدا هو أن اقتصاد الاحتلال الإسرائيلي بات الأكثر تألما، وأن ثقة المستهلكين والشركات في هذا الاقتصاد تهاوت في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ولا تزال متهاوية.

صحيح أن غزة أصابها الدمار الشامل على مستوى المباني والبنية التحتية والمدارس والوحدات السكنية، لكن نظرة للدمار الذي حل بالاقتصاد الإسرائيلي تجده الأعنف في تاريخ الدولة العبرية التي فقدت هيبتها وسمعتها على كل الصعد وثقة الأسواق والمستثمرين بها.

إذا أضفنا لهذه الأرقام والمؤشرات السابقة أرقاماً أخرى تؤكد أن كلفة وقف انهيار الشيكل وبورصة تل أبيب والقطاع المالي والمصرفي بلغت نحو 45 مليار دولار، وأن كل يوم حرب يُكلف خزينة الدولة العبريّة نحو مليار شيكل، أي ما يعادل ربع مليار دولار، يتبين لنا حجم الدمار الذي أصاب اقتصاد الاحتلال منذ انطلاق عاصفة طوفان الأقصى يوم 7 أكتوبر الماضي، وما تبعه من حدوث شلل في معظم الأنشطة الاقتصادية وهروب الأموال والاستثمارات وتوقف مشروعات التطبيع مع بعض دول الخليج.

هذه المؤشرات والأرقام ستكون عنصرا مهما عندما تبحث حكومة دولة الاحتلال مستقبل الحرب على غزة، فإما مواصلة الحرب، أو الدخول في هدنة طويلة الأجل تحول دون انهيار الاقتصاد كاملا، يتم بعدها تسريح قوات الاحتياط التي تمثل 65% من إجمالي عدد الجيش الإسرائيلي، وما يعادل 10% من القوة العاملة.

*مصطفى عبد السلام كاتب صحفي اقتصادي

المصدر | العربي الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: إسرائيل الشيكل الاقتصاد الإسرائيلي الحرب على غزة بنوك إسرائيلية جيش الاحتلال اقتصاد الاحتلال ملیار دولار

إقرأ أيضاً:

البنك المركزي: استمرار حرب غزة 6 أشهر يهدد اقتصاد إسرائيل

يهدد استمرار حرب إسرائيل على غزة 6 أشهر أخرى "بخفض نمو اقتصاد الدولة بنحو نصف نقطة مئوية في عام 2025 وزيادة أعباء الديون"، حسبما نقلت رويترز عن محافظ بنك إسرائيل أمير يارون.

وأضاف بعد يوم من إبقاء أسعار الفائدة دون تغيير، بعد خفضها في يناير/كانون الثاني 2024، أن هناك حاجة لتوخي الحذر بشأن السياسة النقدية نظرا لعدم استقرار الوضع الجيوسياسي ووضع التضخم على المدى القريب، مشيرا إلى استعداد صانعي السياسات لتأجيل أي خفض لأسعار الفائدة حتى يتراجع التضخم.

وبعد نمو بلغ 1% في 2024 يتوقع بنك إسرائيل نموا 3.5% هذا العام إذا توقفت الحرب، لكن إسرائيل تكثف غاراتها الجوية على أنحاء من غزة.

تأثير الحرب

وقال يارون على هامش المؤتمر الاقتصادي السنوي لمعهد الديمقراطية الإسرائيلي: "يتركز تأثير الحرب على الاقتصاد بشكل خاص في الوقت الحالي على سوق العمل"، مشيرا إلى الإسرائيليين الذين جرى استدعاؤهم للخدمة الاحتياطية العسكرية إذ سيتركون عملهم خلال فترة الخدمة.

وتوقع البنك المركزي في وقت سابق بدء تراجع معدل استدعاء جنود الاحتياط في الربع الثاني من العام الحالي.

لكن يارون قال "نشهد الآن عكس ذلك… إذا… تصاعدت حدة الحرب في غزة لـ6 شهور أخرى، فسيؤدي ذلك بالفعل إلى انخفاض النمو 0.5% إضافية خلال 2025″، وسترتفع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي من 69% إلى 71%.

بنك إسرائيل المركزي ثبّت الفائدة مؤخرا (الفرنسية)

ويتوقع خبراء في بنك إسرائيل كذلك خفض سعر الفائدة القياسي من 4.5% إلى 4% بحلول أوائل عام 2026، على أمل انحسار التضخم، وارتفع معدل التضخم إلى 3.6% في أبريل/نيسان من 3.3% في مارس/آذار، ليبقى فوق المستوى المستهدف الذي يتراوح بين 1% و3%.

إعلان

واستنادا إلى عوائد السندات، لا تزال الأسواق المالية تتوقع تراجع التضخم إلى 1.8% في العام المقبل.

وعبر يارون عن أمله في أن يتوازن العرض، المقيد بسبب الحرب، مع الطلب بشكل أكبر، مما يدفع التضخم إلى الانخفاض.

وقال يارون "إذا لم نشهد بعض هذه التصحيحات (التضخمية)، فقد يستغرق الأمر وقتا أطول (لخفض أسعار الفائدة). وإذا استغرق الأمر وقتا أطول، فسنستمر في تشديد (السياسة النقدية) لفترة أطول".

عجز الموازنة

في سياق متصل، قال مسؤول كبير في وزارة المالية الإسرائيلية اليوم الثلاثاء إن العجز في موازنة إسرائيل لعام 2026 يجب ألا يتجاوز 4% من الناتج المحلي الإجمالي.

وقال المحاسب العام في الوزارة يالي روتنبرغ إن الإنفاق الدفاعي مرتفع، وقد يلقي بظلاله على النفقات المدنية مثل التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية والبنية التحتية.

وأضاف في مؤتمر الاقتصاد السنوي للمعهد الإسرائيلي للديمقراطية أن ثمة حاجة إلى توازن في الإنفاق "لضمان عدم طغيان الإنفاق الدفاعي على الأولويات".

وزاد الإنفاق الدفاعي بشكل ملحوظ منذ بدء حرب غزة.

 

وبلغ عجز الموازنة العام الماضي 6.9% من الناتج المحلي الإجمالي، وقد بلغ 5.1% في أبريل/الماضي نيسان.

وارتفع معدل الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي 7.7% العام الماضي إلى 69%.

وتتضمن موازنة 2025 التي وضعت في زمن الحرب، والتي تم تأجيل إقرارها ثم تمت الموافقة عليها في مارس/آذار، سلسلة من الزيادات الضريبية وتخفيضات الإنفاق في المجالات غير الدفاعية.

مقالات مشابهة

  • البنك المركزي: استمرار حرب غزة 6 أشهر يهدد اقتصاد إسرائيل
  • محافظ بنك إسرائيل: استمرار الحرب في غزة يهدد الاقتصاد ويرفع الدين
  • رئيس الأركان الإسرائيلي: حرب غزة ليست أبدية وسنختصرها.. والحوثيون يطلقون صواريخ إسناد
  • استشهاد ثمانية فلسطينيين في اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي بالضفة الغربية وقطاع غزة
  • بعد قضمها عشرات الأمتار.. انسحاب القوة الإسرائيلية التي توغلت إلى أطراف ميس الجبل
  • 1800 شركة أمريكية تضخ 47 مليار دولار في السوق المصرية.. خبير يوضح هذه الشراكة الإستراتيجية
  • «دبي للثقافة» ووزارة الاقتصاد.. شراكة استراتيجية لدعم منظومة الملكية الفكرية
  • تكاليف الحرب تفجّر أزمة اقتصادية في كيان الاحتلال.. وعمليات اليمن تفرض معادلة الاستنزاف
  • الاقتصاد العادل
  • تعيينات على أنقاض الهزيمة.. من يحكم الشاباك الإسرائيلي في زمن الانكسار؟