مع اقتراب الحرب على قطاع غزة من انتهاء شهرها الثاني لم تحقق إسرائيل أي أهداف كانت أعلنت عنها على المستويين العسكري والسياسي، وهي القضاء على حركة حماس، وتدمير بنيتها التحتية، وإنهاء حكمها لقطاع غزة، وإطلاق سراح الأسرى والمحتجزين في القطاع، ثم تحقيق الهدف الأكبر وهو تهجير الفلسطينيين جنوباً باتجاه سيناء.
ما تحقق حتى الآن هو غضب إسرائيلي أعمى ضد المدنيين الذين سقط منهم أكثر من 16 ألف ضحية معظمهم من الأطفال والنساء، وتدمير واسع طال أكثر من 50 في المئة من مباني القطاع، وتدمير منهجي للمستشفيات والمؤسسات التعليمية، إضافة إلى منع الدواء والغذاء والمياه والوقود، وكلها أفعال إبادة.
هذه «الإنجازات» الإسرائيلية تعبر عن فشل في تحقيق الأهداف التي تسعى إليها، لأن الإنجازات الحقيقية تقاس بمدى ما يتحقق ميدانياً على الأرض. فالتدمير وقتل الأبرياء ليس انتصاراً، إذ إن الدولة التي تمتلك سلاح طيران وقوة عسكرية متفوقة في مواجهة طرف آخر تستطيع فعل ما تفعله إسرائيل الآن.
الولايات المتحدة مارست سياسة الأرض المحروقة في فيتنام وقتلت مئات الآلاف من المدنيين، وكذلك فعلت في أفغانستان والعراق، ولكنها خرجت بهزائم استراتيجية مدوية من الدول الثلاثة رغم ما تمتلكه من قوة تدميرية.
والآن وبعد مرور قرابة الشهرين على الحرب لا تزال الفصائل الفلسطينية فاعلة ميدانياً وتُلحق خسائر يومية بالقوات الإسرائيلية، وقادرة على إطلاق الصواريخ باتجاه مستوطنات غلاف غزة وفي العمق الإسرائيلي، وهذا يعني أن إسرائيل فشلت في معرفة قدرات عدوها، وهو أمر حاسم في تحديد مسار أي حرب.
وفي ذلك يقول الجنرال والخبير العسكري الصيني صن تزو (القرن السادس قبل الميلاد) في كتابه «فن الحرب»: «إذا كنت تعرف قدرات نفسك وتجهل قدرات خصمك فسوف تعاني هزيمة في كل نصر مكتسب، أما إذا كنت تجهل قدرات نفسك وتجهل قدرات خصمك فالهزيمة المؤكدة هي حليفك في كل معركة». وهو ما حذر منه وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن قبل يومين، بأن إسرائيل تخاطر ب«هزيمة استراتيجية» إذا لم تستجب للتحذيرات بشأن ارتفاع عدد القتلى المدنيين، في إشارة إلى التدمير والقتل الذي ترتكبه في حق المدنيين يومياً.
إذا كان «الهدف من الحرب هو تحقيق غرض سياسي»، كما يقول الجنرال والمؤرخ الحربي البروسي فون كلاوزفيتز (1831)، فإن الهدف الإسرائيلي لم يتحقق لا عسكرياً ولا سياسياً. ومن الواضح أن ما تقوم به القيادة الإسرائيلية هو مجرد انتقام أعمى لعملية السابع من أكتوبر/ تشرين الثاني الماضي التي كشفت خلل إسرائيل الاستخباري والأمني.
كل ذلك يؤكد، أن الحرب لا تحقق سلاماً، وأن لا خيار أمام إسرائيل إلا الامتثال لقرارات الشرعية الدولية، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، على حدود الرابع من يونيو/ حزيران 1967.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل
إقرأ أيضاً:
إطلاق سراح عيدان ألكسندر.. هل انتهى زمن الوصاية الإسرائيلية؟
#سواليف
في تطوّر غير مسبوق، يبدو أن مسار #الحرب على #غزة يشهد تحوّلاً استراتيجيًا، مع اقتراب إنجاز #اتفاق بين حركة #حماس و #الولايات_المتحدة للإفراج عن الجندي الأمريكي المحتجز لديها، #عيدان_ألكسندر.
هذا الحدث، إن اكتمل، لن يكون مجرّد #صفقة_تبادل، بل مؤشّرًا عميق الدلالة على تغيّرات جارية في مواقف القوى الكبرى، وعلى رأسها #واشنطن، التي باتت تنخرط في #مفاوضات_مباشرة مع حماس، بعيدًا عن قنوات التنسيق المعتادة مع #تل_أبيب.
اختراق للموقف الإسرائيلي
مقالات ذات صلة استهدفت خيمة نزوحهم الأخيرة .. إسرائيل تمسح عائلة كاملة من من سجل الحياة 2025/05/12في هذا السياق، قال رئيس تحرير جريدة /الشرق/ القطرية، جابر الحرمي، إن “إذا ما أنجز الإتفاق بين أمريكا وحماس للإفراج عن الأسير الأمريكي المحتجز لدى حماس عيدان الكسندر، واكتمل بتسلم المبعوث الأمريكي #ويتكوف بنفسه للأسير، فإن “تحولًا مهمًا” قد طرأ على مشهد العدوان الإسرائيلي على غزة، أبرزه بدء التفاوض الأمريكي مع حماس دون (وصاية) الكيان الإسرائيلي، والاعتراف الضمني بها”.
وأضاف الحرمي، في تغريدة عبر منصة “إكس” (تويتر سابقًا)، أن هذه الخطوة تمثل “ضربة قاسية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي ظل يُصرّ على أن تكون قنوات الاتصال الخاصة بالأسرى عبر إسرائيل فقط”، معتبرًا أن هذه الصفقة حال اكتمالها “تمثل اختراقًا للموقف الإسرائيلي وإقصاءً لتل أبيب من المشهد التفاوضي”.
وأشار إلى أن “دخول أمريكا في خط التفاوض المباشر مع حماس يكشف عدم ثقتها بوعود نتنياهو القائلة بإخراج الأسرى بالقوة العسكرية، وهي وعود فشلت في تحقيق أي نتيجة طوال عام ونصف من حرب إبادة ومجازر غير مسبوقة. كما أن هذه الخطوة ستُعمّق الضغوط الداخلية على نتنياهو، وتُربك حساباته السياسية والعسكرية”.
من جهته، علّق الباحث في مركز الجزيرة للدراسات، لقاء مكي، بأن “حماس قد لا تحصل على مقابل مباشر لقاء إطلاق عيدان ألكسندر، لكنها في المقابل تحقق #مكاسب_استراتيجية مضاعفة”.
وأوضح مكي، في تغريدة عبر “إكس”، أن الحركة “ربحت عبر هذه الخطوة زرع الشك بين أميركا وإسرائيل، وكشفت تهاوي مكانة نتنياهو أمام الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، كما أظهرت مدى تفاهة قيمة حياة الإسرائيليين في نظر قادتهم مقارنة بالأمريكيين، وربحت – الأهم – سابقة التفاوض المباشر مع واشنطن دون علم إسرائيل أو موافقتها”.
وأضاف: “أما إذا التزمت واشنطن بمحاولة الضغط على نتنياهو لوقف الحرب، فإن ذلك سيكون المكسب الأكبر لحماس، لأنه سيُنهي الحرب دون الرضوخ لمعادلة نتنياهو الصفرية، بل سيسهم في القضاء عليه سياسيًا ويدخل إسرائيل في أزمة داخلية قد تنتهي بانتخابات مبكرة”.
تحوّل حاسم
وفي السياق نفسه، اعتبر مكي أن “إطلاق سراح الجندي الأمريكي يعد نجاحًا للدبلوماسية القطرية والمصرية، التي رتبت مع حماس خطوة دفعت نتنياهو إلى زاوية العجز والارتباك، لتصوّره أمام الداخل الإسرائيلي والعالم كشخص (لا يعي ما يجري من حوله)”.
وأوضح أن ” #نتنياهو بات في موقف يشبه (من يحمل حزامًا ناسفًا)، فإما أن يخضع لإرادة ترامب وينتحر سياسيًا، أو يرفض ويواصل الحرب، مجازفًا بعداء أمريكي قد يُفضي إلى عزله وفرض انتخابات داخل إسرائيل”.
واختتم مكي تحليله بالقول: “الدبلوماسية العربية بدأت تفعل الفارق، وإن صحّت الأنباء عن اعتزام ترامب الاعتراف بدولة فلسطينية ضمن صفقة مع السعودية، فإننا سنكون أمام تحوّل حاسم في مسار القضية الفلسطينية”.
فشل استراتيجية العزل
من جانبه، قال الباحث في الشأن السياسي والاستراتيجي سعيد زياد، إن ما يجري “يمثل حراكًا غير مسبوق بغض النظر عن نتائج المفاوضات”.
وأشار، في تغريدة عبر “إكس”، إلى أن “المفاوضات المباشرة بين واشنطن وحماس لا تعني اعترافًا رسميًا بالحركة، بل تعكس حسابات الضرر والاستنزاف الناتجة عن طول أمد الحرب”.
وبيّن أن الإدارة الأمريكية لم تعد تُقدّم نفسها كوسيط للسلام، بل باتت طرفًا قلقًا على مصالحها الإقليمية، المهددة بفعل سلوك الاحتلال العدواني والفوضى التي خلّفتها الحرب”.
واعتبر زياد أن “القبول الأمريكي بالتفاوض مع حركة مصنفة كـ(إرهابية) هو اعتراف بفشل استراتيجية العزل، ودليل على اضطرار واشنطن للتعامل مع واقع جديد فرضته المقاومة الفلسطينية بقوة الميدان والسياسة معًا”.