اليونسكو تدرس إدراج تقاليد جديدة على لائحتها للتراث غير المادي
تاريخ النشر: 5th, December 2023 GMT
تدرس منظمة اليونسكو خلال هذا الأسبوع إدراج عشرات التقاليد الجديدة على لائحتها للتراث غير المادي، بينها طبق "سيفيتشه" البيروفي، والرسوم على عربات "الريكشا" المنتشرة في بنغلادش.
وتعقد اللجنة الدولية الحكومية لصون التراث الثقافي غير المادي اجتماعات، بدءاً من الإثنين، في كاساني شمال بوتسوانا. ويفترض أن تدرس بين الثلاثاء والجمعة 55 عنصراً جديداً يندرج ضمن التقاليد المجتمعية، على ما أوضحت اليونسكو.
من بين هذه العناصر، طبق سيفيتشه المؤلف من سمك نيئ متبل بالحامض والذي تشكّل "دلالاته المرتبطة بتحضير الأطعمة واستهلاكها تعبيراً عن المطبخ التقليدي" في البيرو، وفق اليونسكو.
وستدرس اللجنة كذلك، إدراج "الشعر الغنائي" في إيطاليا الذي "يعزز التماسك الجماعي والذاكرة الاجتماعية والثقافية".
لطيفة بنت محمد: إدراج التلي على قائمة #اليونسكو خطوة تصون تراثنا الغني https://t.co/BAQKB3yW2f
— 24.ae | الإمارات (@24emirates24) December 3, 2022وتسعى ساحل العاج، من جانبها، إلى إدراج "معارفها التقليدية في نسج المآزر"، فيما ترغب بنغلادش في إدراج "رسومها على الريكشا"، وهي عربات صغيرة بثلاث عجلات يُنظَر إلى الرسوم الظاهرة عليها على أنها "شكل ديناميكي من أشكال الفن الشعبي المُدُني"، بحسب منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة.
وتريد كل من أذربيجان وإيران وأوزبكستان وتركيا إدراج "تقاليدها" الخاصة بالإفطار الذي يعقب الصيام لدى المسلمين، في حين ترى كوبا والمكسيك في "المشاعر والشعر في الأغاني" المُعتمدة فيها موسيقى البوليرو "عنصراً أساسياً في الأغاني العاطفية لأمريكا اللاتينية"، وفق اليونسكو.
وأكثر من ثلثي العناصر الـ55 الجديدة تابعة لبلدان الجنوب، وهو أمر لم يأت صدفةً بحسب اليونسكو، لأنّ لائحة التراث الثقافي غير المادي تبرز "تمثيلاً جغرافياً متجانساً" لمختلف القارات، على قول نائب المدير العام للثقافة إرنستو أوتون.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة اليونسكو غیر المادی
إقرأ أيضاً:
مؤتمر المتاحف ودورها في التنمية السياحية يوصي بتعزيز الإدارة المتكاملة للتراث وتكريسها كذاكرة حية ومحرك للتنمية الثقافية
خلص المؤتمر الدولي "المتاحف ودورها في التنمية السياحية"، الذي نظمه متحف عُمان عبر الزمان بالشراكة مع وزارة التراث والسياحة وهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، إلى عدد من التوصيات النوعية التي تعزز من التكامل بين العمل المتحفي ومسارات التنمية السياحية المستدامة، وذلك في ختام أعماله اليوم بمتحف عمان عبر الزمان برعاية معالي نصر بن حمود الكندي أمين عام شؤون البلاط السلطاني - رئيس مجلس أمناء متحف عمان عبر الزمان، وبمشاركة 42 باحثا من 21 دولة، إلى جانب ثلاث كلمات رئيسية وثماني جلسات علمية وست حلقات عمل ومعرض علمي مرافق.
وأكد الأستاذ الدكتور محمد بن علي البلوشي رئيس اللجنة العلمية للمؤتمر أثناء إعلانه توصيات المؤتمر على أهمية تعزيز الإدارة المتكاملة للتراث الثقافي، من خلال التوثيق الرقمي، والرواية الشفهية، وبناء الشراكات المؤسسية، بما يكرس المتحف كذاكرة حية، ومحرك فاعل للتنمية السياحية والثقافية المستدامة، كما أوصى المؤتمر تفعيل البرامج المتحفية متعددة اللغات والوسائط لتوسيع تجربة الزائر، وربط المتاحف بالمسارات السياحية الوطنية والدولية ذات البعد الثقافي، إلى جانب دمج المؤسسات المتحفية ضمن السياسات السياحية من خلال نماذج مثل متاحف المواقع الأثرية وغير المادية، بما يسهم في دعم الاقتصاد المجتمعي وحماية التنوع الثقافي المحلي، وفي السياق الاقتصادي والسياحي، شدد المؤتمر على ضرورة ترسيخ دور المتاحف ضمن خطط التخطيط الحضري والسياحي بوصفها مراكز تفاعلية وإبداعية قادرة على تنشيط الاقتصاد المحلي وخلق تجارب تعليمية وسياحية نوعية، وأوصى المؤتمر بتوظيف ريادة الأعمال الثقافية والتحول الرقمي لتطوير نماذج متاحف ذكية تدر دخلًا مستدامًا، وتسهم في دعم التنويع الاقتصادي ضمن الاقتصاد الثقافي، إضافة إلى تعزيز نماذج الحوكمة التشاركية، وتوسيع الشراكات مع القطاع الخاص والمجتمع بما يعزز كفاءة الاستثمار المتحفي، ويوسع من أثره السياحي والاجتماعي في إطار أهداف التنمية المستدامة.
وفيما يتصل بالدور الثقافي والتعليمي للمتاحف، دعت التوصيات إلى إعادة توظيف المتحف كحيّز تعليمي تفاعلي يسهم في ترسيخ المواطنة الثقافية، ويربط التعددية الثقافية بالبرامج التربوية والمناهج التعليمية في إطار رؤية مجتمعية شاملة، كما أكد المؤتمر أهمية دعم المتاحف المتنقلة والعلمية والأدبية كنماذج بديلة تعالج فجوات التعليم، وتوفر فرص التعلم الثقافي والتجربة السياحية في البيئات المهمشة والمتعددة ثقافيًا، وتم التأكيد كذلك على ضرورة بناء شراكات بين المتاحف والمؤسسات التعليمية والمهنية لإنتاج محتوى ثقافي نوعي وتعزيز التكامل بين التعليم والسياحة.
أما فيما يتعلق بالتقنيات الرقمية، فقد أوصى المشاركون بتبني استراتيجيات رقمية متكاملة تستند إلى الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة الأخرى، بما يعمق من تجربة الزوار، ويرفع من الأثر الثقافي والسياحي للمحتوى المتحفي، كما تم التأكيد على أهمية استخدام أدوات التوثيق غير المتلفة مثل: التصوير متعدد الأطياف، والنمذجة الرقمية لصون المجموعات المتحفية، وتعزيز حضورها الأكاديمي والبحثي. وإضافة إلى ذلك، دعا المؤتمر إلى توظيف السرد الرقمي التفاعلي في تسويق المتاحف وتحويل الشخصيات التاريخية إلى رموز رقمية قادرة على التواصل مع الجمهور الرقمي عالميًا، بما يعيد صياغة العلاقة بين الذاكرة الثقافية والابتكار المعرفي.
وفي الحفل الختامي ألقى الأستاذ الدكتور محمد إسماعيل النصرات (أستاذ جامعة الحسين بن طلال بالأردن) كلمة المشاركين أشاد فيها بالتجربة العُمانية في الحفاظ على التراث وربطه بالتنمية السياحية المستدامة، مؤكدًا أن سلطنة عُمان تُعد نموذجًا ملهمًا في تحويل الثقافة إلى رافعة اقتصادية واجتماعية، كما وصف متحف "عُمان عبر الزمان" بأنه تجربة حضارية متكاملة، تتجاوز العرض التقليدي لتصنع ارتباطًا عميقًا بين الزائر والمكان، بين التاريخ والطموح، وأن ما شهده المشاركون من اهتمام عُماني بالثقافة يعكس إيمانًا حقيقيًا بأن الثقافة ليست ترفًا، بل قلب التنمية وجوهر السياحة.
جلسات اليوم الختامي
وكان قد شهد اليوم الختامي "أمس" مناقشة المحور الثالث "الدور الثقافي والتعليمي للمتاحف"، حيث أدارت الجلسة الدكتورة مها بنت سعيد العنقودية، وشارك فيها عدد من الباحثين والخبراء من دول متعددة قدموا رؤى وأوراقا علمية تناولت التجارب التعليمية والتفاعلية للمتاحف المعاصرة، وقدّمت الدكتورة أولغا نيفيدوفا من جامعة المدرسة العليا للاقتصاد (HSE) في روسيا ورقة بعنوان "من النظرية إلى التطبيق في إدارة المتاحف: البحث عن التوازن الصحيح بين المنهاج الدراسي والتطبيقات الواقعية"، تناولت فيها أهمية المزاوجة بين المعرفة النظرية والخبرة العملية في تأهيل كوادر المتاحف، لا سيما في مجال الإدارة المالية وجمع التبرعات، مستشهدة بمشروعات "أصدقاء المتاحف" كنموذج فعال لجمع التبرعات وتنمية الموارد، كما سلّطت الضوء على نتائج سلسلة من المقابلات النوعية التي أُجريت مع موظفي متاحف وزوار في روسيا، بهدف تقييم مدى تلبية ممارسات جمع التبرعات الحالية لتوقعات المتحف المعاصر، وتحديد الفجوات القائمة بين النظرية والتطبيق.
من جانبها، تحدّثت نور جواهر بنت رادويان من إدارة المتاحف الماليزية حول موضوع "تعزيز الوئام الثقافي والتعليم: المتاحف بوصفها أحد أركان السياحة والتنوع العرقي"، مؤكدة أن المتاحف في ماليزيا تؤدي دورا محوريا في الحفاظ على النسيج الثقافي المتعدد وتعزيزه، وتعد ركيزة أساسية للسياحة المستدامة والوحدة الوطنية، وأشارت في ورقتها إلى أن ماليزيا استقبلت في عام 2024 أكثر من 20 مليون سائح، شكّلت السياحة الثقافية أحد أبرز دوافعها، حيث استقطبت المتاحف الفيدرالية أكثر من مليوني زائر محلي ودولي، عبر ما تقدمه من تجارب حيّة تسرد قصص المجتمعات الماليزية المتنوعة، من المالاي والصينيين والهنود والسكان الأصليين، عبر المعروضات والعادات والأطعمة ونمط الحياة.
في حين تناولت فرزانه ولي بور من إيران، في ورقتها "تمكين التعليم من خلال المتاحف المتنقلة: إحياء التعلم"، الدور التحويلي الذي تؤديه المتاحف المتنقلة في دعم العملية التعليمية، لاسيما في المناطق البعيدة والمجتمعات البعيدة عن الخدمات، وقد عرضت الورقة المتاحف المتنقلة كوحدات تعليمية محمولة وتفاعلية قادرة على إيصال الموارد الثقافية والعلمية مباشرة إلى المدارس والمجتمعات، من خلال معارض عملية جذابة تُلهم الفضول، وتنمّي التفكير النقدي والإبداع لدى الأطفال، وأشارت الباحثة إلى أن هذه المتاحف تُسهم بشكل فعّال في تعزيز استيعاب الطلاب ورفع قدرتهم على الاحتفاظ بالمعلومات، لما توفره من تجارب ملموسة في مجالات العلم والتاريخ والفنون والثقافة. كما أنها تسد فجوات التعليم التقليدي، وتعزز حب التعلم المستمر، من خلال تشجيع الاستكشاف والتفاعل خارج الصفوف الدراسية.
أما الدكتور مزكي بشوري من جامعة سمارانغ الحكومية بإندونيسيا، فقد قدّم ورقة بعنوان "قصص الطلاب عن سانغيران: إشراك الشباب في الترويج لمتحف سانغيران والسياحة القائمة على التاريخ"، ناقش فيها سبل تعزيز مشاركة الأجيال الشابة في حفظ التراث الثقافي والترويج له، من خلال تجربة مبتكرة تعتمد على القصص الرقمية المصوّرة، وسلطت الورقة الضوء على متحف سانغيران، المصنّف كموقع تراث عالمي، باعتباره أحد أهم معالم عصور ما قبل التاريخ في إندونيسيا، إلا أنه يواجه تحديات في جذب فئة الشباب، وطرحت الورقة مبادرة "ستار كوميك" – وهي مجموعة قصص تفاعلية رقمية صُمّمت بهدف تعريف الشباب بالمتحف وتعزيز اهتمامهم بالسياحة الثقافية والتاريخية، مستندة إلى نموذج تعليمي تطبيقي يضم مراحل التحليل، والتصميم، والتطوير، والتنفيذ، والتقييم، واختُتمت الورقة بتوصيات تدعو إلى دمج القصص المصوّرة في المناهج التعليمية وحملات السياحة الثقافية، مع إمكانية توسيع المشروع ليشمل مواقع تراثية أخرى في إندونيسيا وخارجها.
في حين تناولت أنتونيا راهايو روزاريا ويبوو من إندونيسيا في ورقتها البحثية المعنونة بـ"دور المتحف في ربط العالم الأدبي بالعالم الواقعي .. دراسة استكشافية لمتحف الأدب الإندونيسي"، تجربة متحف "كاتا" كأول متحف أدبي في البلاد، وأثره في ربط الأدب بالواقع الاجتماعي، من خلال السياحة الثقافية، وسلطت الورقة الضوء على متحف "كاتا" الذي أسّسه الكاتب أندريا هيراتا عقب نشر روايته الشهيرة "أبناء قوس قزح"، ليُصبح المتحف لاحقا محطة رئيسية في خارطة السياحة الأدبية في إندونيسيا. ويحتضن المتحف مقتنيات أدبية متنوّعة من أنحاء مختلفة من العالم، إلى جانب معروضات مرتبطة بالرواية نفسها، ما جعله مساحة نابضة للتفاعل مع الأدب كجسر لفهم القضايا الاجتماعية، وعلى رأسها قضية التعليم، وبيّنت الورقة أن متحف كاتا لا يقتصر دوره على حفظ الذاكرة الأدبية، بل يعمل كوسيط يفتح آفاق الحوار حول تحديات التعليم، ويسهم في كشف أوجه الواقع الاجتماعي في البلاد، مما يعزّز من قيمة المتحف كأداة ثقافية ذات أثر تربوي وسياحي في آنٍ معًا.
الجلسة السابعة
وضمن جلسات المحور الرابع "التقنيات الرقمية في العرض المتحفي ودورها في السياحة"، ناقشت الجلسة السابعة إمكانات توظيف التكنولوجيا الحديثة لتعزيز جاذبية المتاحف ودورها التعليمي والسياحي، وذلك بإدارة الدكتورة مروة عبد الرازق ومشاركة عدد من الباحثين.
قدّم الأستاذ الدكتور محمد أبو الفتوح غنيم من جامعة المنيا ورقة بحثية تناول فيها استخدام التقنيات الحديثة في حماية الآثار وترميمها، مسلطا الضوء على الأدوات العلمية المتقدمة في فحص وتشخيص القطع الأثرية، ومواجهة التحديات البيئية والبشرية التي تهدد سلامتها، ومؤكدا أن التكنولوجيا تُمثل ركيزة أساسية في صون التراث وتحقيق الاستدامة المتحفية.
كما قدّمت الدكتورة هبة حسن عامر وأحمد حسن عمارة ورقة بعنوان "تحويل الشخصيات التاريخية إلى شخصيات رقمية تفاعلية"، استعرضا فيها كيف يُمكن لتقنيات الذكاء الاصطناعي أن تُعيد إحياء الشخصيات التاريخية داخل المتاحف، بما يعزز تجربة الزائر، خاصة الشباب، من خلال تقديم محتوى تفاعلي يجمع بين التعليم والترفيه، ويحوّل المتحف إلى فضاء معرفي حي يواكب تطلعات الجيل الرقمي.
في حين قدّمت الدكتورة آسية مقشوش من الجزائر ورقة علمية بعنوان "الرقمنة وتقنيات العرض الحديثة كبديل مستدام للإعارة"، تناولت فيها تجربة المتاحف الجزائرية في استخدام الرقمنة، خاصة في ظل القيود التي يفرضها القانون الجزائري لحماية القطع الأثرية. وأشارت إلى أن الرقمنة لا تقتصر على كونها وسيلة للعرض، بل تُعد إطارا تفاعليا يحافظ على أصالة القطع، ويُثري التجربة المتحفية، كما يسهم في توسيع الدور التعليمي والسياحي للمتحف ويقلل الحاجة إلى الإعارة التقليدية.
كما عرض فريق بحثي من معهد السلطنة في إندونيسيا ورقة بعنوان "حفظ موقع بونغال .. نهج متحف الموقع لصون التراث الثقافي"، استعرض فيها تجربة متحف الفنصوري في حماية موقع أثري تاريخي على الساحل الغربي لجزيرة سومطرة. وأكد الفريق أن متحف الموقع يشكل نموذجا فعّالا بمشاركة المجتمع المحلي، ويُسهم في تعزيز الوعي والربط بين الزوار والتاريخ المشترك، مما يعزز مكانة المتحف كمؤسسة مجتمعية حيوية.
واختُتمت الجلسة السابعة بورقة قدّمتها أيام بنت يوسف السنيدية بعنوان "دور المتحف المعني بالتقنيات في تعزيز التسويق للسياحة الثقافية: دراسة حالة متحف عُمان عبر الزمان"، تناولت فيها سُبل توظيف التكنولوجيا الحديثة لتعزيز تجربة الزائر ودعم جهود التسويق السياحي للمؤسسات الثقافية، وسعت الورقة إلى استقصاء أثر التطبيقات التكنولوجية المتقدمة، مثل تقنيات الواقع الافتراضي والواقع المعزز، في تعميق تفاعل الزوار مع المعروضات، وتوسيع فهمهم للمقتنيات ضمن السياق التاريخي والثقافي. واستعرضت الدراسة كيف تسهم هذه الأدوات في تحويل المتحف من فضاء عرض تقليدي إلى تجربة معرفية غامرة وذات طابع تفاعلي، كما ناقشت الورقة العلاقة المباشرة بين تبنّي التكنولوجيا الحديثة وتعزيز الجاذبية السياحية للمتاحف، مشيرة إلى أن هذه التقنيات لا تُعد مجرد أدوات دعم، بل تُسهم في إعادة صياغة المتحف كمقصد سياحي منافس قادر على استقطاب الزوار المحليين والدوليين، وخلصت الورقة إلى أهمية تطوير استراتيجيات تسويقية تعتمد على التفاعل الرقمي، مؤكدة أن تجربة متحف عُمان عبر الزمان تمثل نموذجا فاعلا في توظيف التكنولوجيا لخدمة السياحة الثقافية، وتحقيق التكامل بين التثقيف والترفيه في بيئة متحفية حديثة.
الجلسة الأخيرة
واختتمت جلسات المؤتمر بالجلسة الثامنة في المحور الرابع، أدارتها الدكتورة مياسة يونس ديب، حيث ناقشت مجموعة من الأوراق البحثية مثل تطورات الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية في المتاحف، وما تقدمه من حلول مبتكرة للتحديات السياحية والثقافية، وقدّم الدكتور وليد لعياضي وفريقه البحثي المتعدد الجنسيات ورقة بعنوان "الدليل العُماني: اكتشاف تراث عُمان من خلال التوجيه الشخصي المدعوم بالذكاء الاصطناعي"، ناقشوا فيها إطارا تقنيا متقدما لتطوير تجربة الزائر في سلطنة عُمان، من خلال تطبيق ذكي يدعم السياحة الثقافية ويوفّر توجيها تفاعليا مخصصا، ويعتمد النظام المقترح على الذكاء الاصطناعي في إنشاء مسارات سياحية مخصصة من خلال تحليل تفضيلات المستخدم، وسجلات الزيارات، وساعات عمل المواقع، وبيانات الوصول والظروف الفعلية للسفر، ويقدّم توصيات فورية، مدعومة بأدلة صوتية متعددة اللغات وخوارزميات متقدمة في معالجة اللغة، مما يعزز التفاعل الثقافي بين الزائر والمكان، ويتميّز النموذج بقدرته على التكيّف المستمر مع تفاعلات المستخدمين وتعليقاتهم، بما يضمن تجربة سياحية متطورة ومتجددة. كما يدمج هذا النظام التفاعلي بين البنية التقنية والذكاء الاصطناعي بطريقة تسهم في تحويل الزيارات الفردية إلى رحلات مترابطة وذات مغزى ثقافي، تُعزز من الاستكشاف الواعي لمواقع التراث في سلطنة عُمان، وتسهم في دعم التنمية السياحية المستدامة.
من جانب آخر، طرح الراهب مكاري المقاري والدكتورة رندا وجدي نصر حنا من مصر ورقة بعنوان "تصميم وحدة تصوير متعدد الأطياف في المتاحف الوطنية لفحص وتوثيق القطع الأثرية الملونة"، ركّزا فيها على إمكانات استخدام تقنيات التصوير متعدد الأطياف (MSI) كأداة دقيقة في دراسة وتوثيق التراث، واستعرضت ورقتهم كيفية إنشاء وحدة تصوير بتكلفة اقتصادية داخل المتاحف باستخدام كاميرات رقمية معدّلة، وفلاتر ضوئية، وبرمجيات متخصصة، مع عرض تجارب تطبيقية ناجحة. وأوضحت أهمية هذه التقنية في الكشف عن تفاصيل غير مرئية، كالتوقيعات المطموسة، والطبقات المخفية، وأماكن الترميم والتعديلات، ما يسهم في توثيق دقيق، والتحقق من أصالة القطع، والكشف عن الأضرار المحتملة، وأكد الباحثان أن نقل هذه التقنية إلى المؤسسات العربية يمكن أن يُحدث نقلة نوعية في صون وحماية التراث الثقافي بوسائل علمية متقدمة.
كما قدّمت سامية بنت سليم الشقصية ورقة بعنوان "متاحف المواقع الأثرية كمراكز لحفظ وعرض التراث الثقافي: دراسة حالة موقع العارض الأثري"، سلّطت فيها الضوء على أهمية هذه المتاحف في صون الهوية التاريخية وتعزيز الفهم العميق للسياقات الحضارية، وقد ركّزت في ورقتها على موقع العارض الأثري في محافظة الظاهرة، وهو موقع يعود إلى العصر البرونزي المبكر، ويضم مستوطنة تشمل أبراجًا، ومدافن، ورسومات صخرية. وناقشت الورقة دور متاحف المواقع في التوثيق، والعرض الميداني، وتوفير تجربة مباشرة تربط الزائر بالمكان، وقد اقترحت الباحثة إنشاء متحف مفتوح في الموقع، يوفّر تجربة تفاعلية تدعم السياحة الثقافية وتُسهم في تنشيط الاقتصاد المحلي، مؤكدة أن هذا النموذج يعزز من مكانة التراث كمورد مستدام للتنمية.
أما الورقة المشتركة التي قدمها نجم الدين منصر، وأسماء مرابط، وحسينة بلوضاح من الجزائر، فجاءت بعنوان "دليل مرشد المتحف الذكي: استكشاف مدعوم بالذكاء الاصطناعي"، وناقشت مشروعا لتوظيف الذكاء الاصطناعي التفاعلي في متحف "عُمان عبر الزمان" بهدف تعزيز تجربة الزائر، كما قدّم الفريق نموذجًا لوكيل ذكي مدمج بتقنيات "نموذج اللغة الكبير" (LLM)، يُفعّل من خلال رموز QR مرتبطة بكل معروضة، ما يتيح للزوار تلقي معلومات مفصلة والتفاعل الصوتي والنصي مع محتوى المعرض. يتميّز النظام بقاعدة بيانات مخصصة تضمن دقة المعلومات، مع واجهة استخدام سهلة عبر تطبيق أندرويد.
وفي الختام قدّم الدكتور هاشل بن عبيد المحروقي، الرئيس التنفيذي لمجموعة عُمران، محاضرة بعنوان "المتاحف محركات استراتيجية للنمو السياحي"، تناول فيها الدور المحوري للمتاحف في تعزيز السياحة الثقافية والتنمية الاقتصادية المستدامة، وأكد "المحروقي" على أن سلطنة عُمان تُعد نموذجًا واعدًا في السياحة الثقافية، بفضل إرثها الحضاري ومتاحفها المتنوعة. كما استعرض جهود مجموعة عُمران في دمج الثقافة والفنون ضمن مشاريعها السياحية، عبر تبني نموذج متكامل يربط بين البنى الثقافية والاقتصادية، ويعزّز التنمية الإقليمية المستدامة، وشدّد على أهمية الاستثمار المسؤول ضمن منظومة شاملة، تتبنى مبادئ الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، وتُسهم في بناء مستقبل سياحي يرتكز على الأصالة والاستدامة والشراكة الفاعلة.