جريدة الرؤية العمانية:
2025-06-25@16:04:31 GMT

أمة سلاحها الموت

تاريخ النشر: 5th, December 2023 GMT

أمة سلاحها الموت

 

 

سليمان المجيني

tafaseel@gmail.com

 

ماذا تنتظر؟

سَبَحْنا كثيرا في هذه الحياة، سبحنا لدرجة أن قوانا أصبحت منهكة وعقولنا تزمها المحن وتتربص بها العقبات؛ فهي لا تجد معينا ولا صاحبا ولا رفيقا، كل أولئك أصبحوا تحت التراب، تخنقني العبرات، تأخذني بعيدا نحو الأفق الذي بات غامضا، ومسجًى كرفاقي بين جفنات القبور أعاني القهر والضيم.

ورغم أنْ لا سبيل للتهاون والارتخاء، إلا أنَّ غُصَّة تنهش ما تبقى من إحساسٍ وضمير نحو أمةٍ سلاحها الموت، لكن ما يجري يتواطأُ مع مجريات الأمور، الأمور العادية التي نعيشها يوما إثر يوم؛ فلا دعوة للجهاد ولا حناجر تقتفي أثره، لا نستطيع سوى ابتلاع ريقنا في كل جانحة وجائحة هي تشغلنا لفترة من الزمن ثم نرى أنفسنا محاطين بالخوف، محاصرين بكل أنواع الذل، ونحاول طمس معالمنا بالسير تحت جدران الظل.

 

طلب الحياة

أمة الموت تطلب الحياة وتقامر في زحزحة مآسيها عل موت الفلسطينيين، هل تستطيع المقاومة قلب الطاولة؟ وهل ينقلب ميزان القوى نحونا؟ لا، أقصد نحو المقاومة لأننا -بكل بساطة- لم نقاوم سوى أحزاننا، في حين هم قاوموا شيئا برجماتيًّا موجودا يحاربهم في كل التفاتة عين، وفي كل دموع أطفال غزة، وفي كل صرخة أم، ومناجاة شيخ كبير، شيء يهدد حياتهم ويشدهم للموت.

هل نستطيع الحياة بعد موتهم؟ هل نحن أحياء فعلا؟ سؤالان في غاية الغموض لا يمكن الإجابة عنهما إلا بتبلد الشعور، وتجاهل العاطفة، ووهن الإدراك، يبدو أن الإحساس تجمد عند مشاهدة الموت وقسوته، وتناسى القلب حدته وشدة وقعه على النفس؛ فخارت القوى وضعفت الأجسام حيث لا تكاد تحمل نفسها إلى صلاة راتبة ودعاء يتيم.

أشعر أنَّ السكوت جبن والاستكانة قهر، وما وراء ذلك قمعٌ وكبت، ولكن ماذا يجب أن نفعل؟ هل الموت يستحق ما تستحقه الحياة؟ وهل الموت حياة في الأساس، أم هو نوم أبدي؟ وهل سندركه قبل التنكيل بنا وخوار القوى في أماكننا، هل سنلحق به في فلسطين؟ والسؤال الأكثر إلحاحا: هل نستطيع أخذ المبادرة؟

نحن يا أصدقاء نطلب الحياة، ونحاول أن نتنمَّق في ألبستنا من الثوب الطويل إلى الأحذية وغطاء الرأس ثم الملابس الداخلية التي يجب أن تكون من النوع الفلاني حتى لا تتأثر أجسادنا؛ فلا يخدشنا ناموس الليل ولا تؤذينا ذبابة النهار، ونحرص على شراء أفضل أنواع أغطية الفراش لنغطي بها أنفسنا في الصيف الحارق تحت برودة مكيفات الهواء، والشتاء البارد تحت دفء صوفها.

 

ماذا عنكم؟

ماذا عنكم؟ لا تقولوا شيئا، لدينا كل الإحصائيات وما زلنا ننتظر الكثير حتى نشحذ هممنا؛ فهي بحاجة إلى البارود حتى تستفيق، والبارود هو رائحة الأموات، نريد هذه الرائحة أن تصل إلينا، في وقوفنا أمام المرآة نصلح بها هيئاتنا عند ذهابنا لأعمالنا، وفي كل مشوار نذهب به في سياراتنا الفارهة، وفي كل تبضُّع نشتري مواد تجميل وتنظيف لبيوتنا حتى تبرق، نحتاج أن نرى الأشلاء وهي تسد طريقنا، نحتاج أن تضيق بها حياتنا حتى نستشعر محنتكم بشكل أكثر قبولا، وفي أقوى صيغة وأعظم استساغة.

نحتاج أن تقنعونا أكثر بمأساتنا، أن تخرجوا بسالتنا التي نُكِئت، وقوتنا التي كُمدت؛ فأعداد موتاكم ما زال صغيراً، ألا تعرفون التاريخ؟ لقد قدمت الجزائر ملايين الشهداء من أجل الحرية، ولم يحرك أحدنا شنبه، ثم أصبحت "فرنسا" القاتلة ملتقى المحبين ووجهة الحالمين منا، بل هي صديقة يحاصرها الغرور وتلفّها النظرة المتعالية.

ننتظر أفولا أكبر، رائحةً للموت تعبر إلى آفاقنا للتحرك قليلا، نريد أن تكسروا كبرياءنا، تحطموا قيودنا، نريد أن نشعر أن الموت كشرب الماء، وقضم التفاح، وأن تكبحوا جماحنا، وأن تردوا عنا سيرنا خلف جدران الظل.

 

لم يبقَ سوى الموت

مضى الكثير وما بقي أجدر بالإشارة، كيف نستطيع اللحاق بالفلسطيني؟ وكيف نكفر عن يأسِنا بخلاصهم؟ نحو حريتهم المكبوتة بين جدران السجون وفوهات المدافع، كيف نموت وفي يدنا غصن زيتون لم يزرع بعد؟ إنها معادلة صعبة، ومطلب قل أن نناله نحن، إنه من حقكم أنتم فقط، كما الموت الشريف.

بَقِي أن نخجل من ذواتنا، نحن المسلمون نحب الحياة، تأكد هذا الأمر عندي؛ فبدل أن نبحث عن طرق الشهادة بحثنا بكل قوانا وثقافاتنا عن كيف نستطيع مقاطعة الماركات التي نعتقد أنها يهودية المنبت؟ حتى أثناء انتشار الموت هناك نبحث نحن عن عيشنا وحياتنا (هو غيض من فيض)، وأنا أؤمن بشيء لا يتناغم مع كثيرين، فاليهود جاءوا معنا للعيش بأمان وسلام كما يتحدث علماؤهم ومؤرخوهم، المشكلة هي أمريكا وليست هذه الدولة الصغيرة النابتة في أراضينا، أمريكا والصهاينة في إسرائيل والمعسكر الغربي هم أسباب قوتها وجبروتها، في حين لو عاشت بإمكانياتها لسوف تكون هناك نظرة أخرى.

مَضَى الكثير، ولم يبقَ سوى الموت يحرك أذنابنا كلما أوينا إلى الفراش نتذكر فلسطين، نريد أن نبادر لكنْ ثمة شيء يقمعنا، وكلما نهضنا من نومنا تذكرنا فلسطين، نبحث في هواتفنا عن خبر مفرح يدخل السرور في قلوبنا ويلطمنا بمخدر يبقى معنا طوال اليوم حتى نسمع خبرا آخر على غير ما نهوى ونريد، هكذا نعيش بهذا الهامش من الأمل نبتغي حلا لقضايانا بمزاجات لا بحلول على الأرض، ثم بدعاء لا تؤازره قوة، نفقأ عينا وندمي أذنا ونحن في بيوتنا، ونصفق لكم كثيرا، ونتوشح شالكم، نظن أن بهذا سنكون معكم، كل شيء يشدنا إلى القاع أيها الأحباء، وبقينا نمشي فوق جدار الظل.

طُعنت العروبة بخاصرتها منذ أن أرغمنا الاستعمار على اتفاقيات صاغرة مذلة نعتقد أنها انتصار لقوتنا ومطالب بعضنا، أعطي كل واحد أرضا ليحكمها حسب ما يرونه لا كما نراه، وهي لطمة أخرى مع تلك الاتفاقيات، ألا يعلمون حكمائنا أن التفرقة ضعف وأن القوة والهيبة في الاجتماع، في التآلف والتحالف؟

ولكن لا ينفعنا اللطم اليوم، علينا استنفار سلاحنا والتدرب على مجابهة مصيرنا ومواجهة هوان الأمة وخنوعها، مواجهته بكل صرامة وجِدّة في سبيل إرجاع ما تم كسره، ومراجعة التاريخ جيدا لنأخذ منه العبر، ماذا ننتظر؟ علينا أن نمضي سويا نحو جدار الشروق، جدار الشمس، نبتغي يوما عمليا ناهضا واضح المعالم، أما إذا تلقفنا ما نريد، وأمعنّا فيه جيدا فسنعترض كل معيق ونخترق المدى ونبحث عن حلم كل فلسطيني ثم كل عربي، وليحدث من ورائنا ما يحدث.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

ترامب يشكر إيران بعد قصف قاعدة العديد في قطر.. نستطيع الآن المضي للسلام

شكر الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، السلطات الإيرانية، قائلا إنها أبلغت الولايات المتحدة الأمريكية مبكرا أنها تنوي قصف قاعدة العديد في قطر، ردا على ضرب مفاعل فوردو النووي بالقنابل الأمريكية.

وفي منشور له على منصته للتواصل الاجتماعي، قال ترامب: "ردّت إيران رسميًا على تدميرنا لمنشآتها النووية بردٍّ ضعيفٍ للغاية، وهو ما توقعناه، وتصدينا له بفعاليةٍ كبيرة. أُطلق 14 صاروخًا - أُسقط 13 منها، وأُطلق صاروخٌ واحدٌ لأنه كان متجهًا نحو اتجاهٍ آمن. يسرّني أن أُبلغكم أنه لم يُصب أيٌّ من الأمريكيين بأذى، ولم يُلحق بهم أي ضرر يُذكر. والأهم من ذلك، أنهم تخلصوا من كل شيء، ونأمل ألا يكون هناك المزيد من الكراهية".



وتابع: "أودّ أن أشكر إيران على إبلاغنا مُبكرًا، مما سمح بعدم إزهاق أرواحٍ أو إصابة أحد. لعلّ إيران تستطيع الآن المضي قدمًا نحو السلام والوئام في المنطقة، وسأشجع إسرائيل بحماسٍ على أن تحذو حذوها. شكرًا لكم".

وأعلنت إيران، الاثنين، أنها أطلقت صواريخ على قاعدة العديد الأمريكية في قطر ردا على استهداف واشنطن منشآتها النووية، بينما أكدت الدوحة اعتراض الهجوم "بنجاح".

وأفاد المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني بأنه "ردّا على العدوان والتحرك الأمريكي الوقح ضد مواقع ومنشآت إيران النووية... هاجمت القوات المسلحة الباسلة للجمهورية الإسلامية الإيرانية قاعدة العديد الأمريكية في قطر"، مضيفا أن عدد الصواريخ "يعادل عدد القنابل التي استخدمتها الولايات المتحدة في مهاجمة منشآت إيران النووية".

وفي حين أكد المجلس أن "هذا التحرك لا يشكّل أي تهديد لدولة قطر الشقيقة والصديقة"، نددت الدوحة التي تربطها علاقات جيدة بواشنطن وطهران، بالهجوم.

وفي حين أكدت الدوحة أن "الدفاعات الجوية القطرية نجحت في اعتراض هجمة صاروخية استهدفت قاعدة العديد"، أعرب المتحدث باسم الخارجية ماجد الأنصاري عن "إدانة دولة قطر الشديدة للهجوم الذي استهدف قاعدة العديد الجوية من قبل الحرس الثوري الإيراني".



وشدّد على أن الدوحة تعتبر الهجوم "انتهاكا صارخا لسيادة دولة قطر ومجالها الجوي، وللقانون الدولي"، وتحتفظ "بحق الرد المباشر بما يتناسب مع شكل وحجم هذا الاعتداء السافر".

أكد مسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" إطلاق إيران للصواريخ، وأن الهجوم لم يسفر عن ضحايا.

وقال المصدر لوكالة الأنباء الفرنسية، "يمكنني التأكيد بأن قاعدة العديد الجوية تعرضت إلى هجوم بصواريخ بالستية قصيرة ومتوسطة المدى مصدرها إيران. في الوقت الحالي، لا توجد تقارير عن سقوط ضحايا أمريكيين".

من جهته، أكد الحرس الثوري أن القاعدة أصيبت بستة صواريخ، بحسب بيان أورده الإعلام الرسمي في طهران.

مقالات مشابهة

  • كيف نستطيع أن نكتب المدن؟
  • خبير عسكري: إيران أصابت أهدافا إستراتيجية في إسرائيل وأرهقت سلاحها الجوي
  • ماذا تعرف عن ساعة فلسطين التي ضربها الاحتلال في وسط طهران؟ (شاهد)
  • "يثير الفوضى".. ترامب: لا نريد تغييرا للحكم في إيران
  • رئيس وزراء لبنان: نريد بسط سلطة الدولة ونسعى لشرق أوسط خالٍ من السلاح النووي
  • ترامب للإسرائيليين: أعيدوا طائراتكم الآن.. ونتنياهو: لا نستطيع
  • ترامب يشكر إيران بعد قصف قاعدة العديد في قطر.. نستطيع الآن المضي للسلام
  • منتصر الزيات: موقوفون في مطار القاهرة ولا نستطيع السفر إلى قطر
  • المدير الفني لـ الأهلي: نريد مواجهة أفضل أمام بورتو
  • شريان الحياة للعالم الصناعي.. ماذا يعني إغلاق إيران لمضيق هرمز؟