لمصر وإسرائيل وغزة.. هذا ما تعنيه ولاية السيسي الرئاسية المقبلة
تاريخ النشر: 6th, December 2023 GMT
ستمنح إعادة انتخاب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، المرجحة على نطاق واسع، الحرية له لاتخاذ قرارات اقتصادية مؤلمة، بينها تخفيض جديد لقيمة العملة المحلية، ومواصلة العلاقات مع إسرائيل والمشاركة في تحديد مستقبل غزة، فضلا عن السعي إلى تعديل جديد للدستور من أجل البقاء أكثر في الرئاسة أو توريث السلطة لنجله محمود.
ذلك ما خلص إليه تحليل في موقع "ستراتفور" الأمريكي (Strator) ترجمه "الخليج الجديد"، مضيفا أنه "من المرجح جدا أن يفوز السيسي بولاية ثالثة في الانتخابات بين 10 و12 ديسمبر/ كانون الأول الجاري؛ بفضل حملة القمع الشامل التي تشنها حكومته".
وتابع: "كما يحتفظ السيسي بدعم المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي يؤثر بشكل كبير على المرشحين الذين يمكنهم الترشح للمناصب، لكنه فقد بعض الدعم بين الناخبين وسط الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في البلاد".
وأردف أن "إعادة انتخابه بفارق كبير من شأنه أن يمّكن السيسي من الادعاء بأن لديه تفويضا شعبيا لسن سياسات تعهد باتباعها خلال فترة ولايته الثالثة، وبينها الإصلاحات المؤلمة المحتملة لتحقيق الاستقرار في اقتصاد منهك".
"ستراتفور" قال إنه "بعد تعديل دستوري في عام 2019 مدد فترة الولاية الرئاسية إلى ست سنوات، أصبح السيسي مؤهلا لولاية ثالثة؛ لأنه لم يشغل منصب الرئيس بشكل تراكمي لمدة 12 عاما وقت الانتخابا"ت.
وأضاف أنه "في حين فاز السيسي بالانتخابات في 2014 و2018 بنسبة 97% من الأصوات، إلا أن إقبال الناخبين انخفض بين الدورتين الانتخابيتين، ومن المتوقع أن يشارك عدد أقل من المصريين في انتخابات 2023؛ بسبب خيبة الأمل من النظام السياسي".
وزاد بأنه "من بين المنافسين للسيسي في الانتخابات فريد زهران رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، وحازم عمر رئيس حزب الشعب الجمهوري، وعبد السند اليمامة رئيس حزب الوفد الجديد. ومن غير المتوقع أن يشكل أي منهم تهديدا خطيرا لإعادة انتخاب السيسي".
اقرأ أيضاً
حرب غزة تطغى على رئاسيات مصر.. مرشحون غائبون وانتخابات بلا ضجيج أو دعاية
إجراءات اقتصادية
و"قررت الحكومة إجراء الانتخابات الرئاسية في ديسمبر بدلا من الموعد الأصلي في مارس/آذار 2024، لتسريع تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية اللازمة"، كما أضاف "ستراتفور".
وتابع: "على الرغم من أن الاحتجاجات تخضع لرقابة صارمة في مصر، فمن المحتمل أن تكون المخاوف من الاضطرابات التي سبقت الانتخابات بسبب تدهور الظروف الاقتصادية قد أُخذت في الاعتبار أيضا في قرار إجراء الاقتراع مبكرا".
وأوضح أن "الانتخابات ستجرى على خلفية أزمة تكاليف المعيشة والمخاوف الأمنية المتزايدة المرتبطة بالحرب المستمرة بين (حركة) حماس وإسرائيل في غزة".
"ستراتفور" قال إن "التداعيات العالمية الناجمة عن الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير/شباط 2022 أدت إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية المستمرة في مصر عبر زيادة تكلفة واردات الغذاء والوقود، مما أدى إلى تآكل احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي، وبلغ معدل التضخم نسبة مذهلة هي 39.7% في سبتمبر/أيلول، مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 72% خلال العام الماضي".
ولفت إلى "نحو ثلث مواطني مصر، البالغ عددهم 112 مليون نسمة، يعيشون في فقر، وتراوح معدل البطالة حول 7%، وانخفض معدل المشاركة في القوى العاملة بشكل مطرد منذ 2011".
و"لإطلاق العنان للتمويل اللازم من صندوق النقد الدولي، من المرجح أن تتبع إدارة السيسي إصلاحات اقتصادية لا تحظى بشعبية، بينها تخفيض قيمة العملة مرة أخرى، بعد فترة وجيزة من إعادة انتخابها"، كما أردف "ستراتفور".
وزاد بأنه "في ديسمبر 2022، حصلت مصر على قرض بقيمة 3 مليارات دولار من صندوق النقد بشرط تنفيذ إصلاحات بينها سعر صرف مرن وإجراءات تهدف إلى خفض الدين الخارجي وتعزيز شبكات الأمان الاجتماعي وبيع أصول مملوكة للدولة، وهو ما أنجزه السيسي جزئيا".
اقرأ أيضاً
حرب غزة تطغى على رئاسيات مصر.. مرشحون غائبون وانتخابات بلا ضجيج أو دعاية
العلاقة مع إسرائيل
و"ستحافظ مصر على علاقات عملية مع إسرائيل (ترتبطان بمعاهدة سلام منذ 1979) حتى في حالة نشوب حرب ممتدة في غزة، ومن المرجح أن تزيد تجارة الطاقة معها بعد انتهاء هذا الصراع "، كما رجح "ستراتفور".
وأردف: "وعلى الرغم من الدعم الشعبي المصري القوي للقضية الفلسطينية، ستحافظ القاهرة على علاقات عملية مع إسرائيل لتسهيل نمو قطاع الطاقة في مصر، والذي يتضمن زيادة واردات الغاز الطبيعي الإسرائيلي لتصديره كغاز طبيعي مسال".
وتابع: "وستواصل إدارة السيسي أيضا التعاون في المبادرات المشتركة القائمة مع إسرائيل، مثل أمن الحدود وتسهيل المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى غزة (معبر رفح مع مصر)، والتجارة الثنائية".
ومن أصل 22 دولة تقيم خمس دول هي مصر والأردن والإمارات والبحرين والمغرب علاقات رسمية معلنة مع إسرائيل، التي تواصل منذ عقود احتلال أراضٍ في فلسطين وسوريا ولبنان.
كما "ستنضم القاهرة إلى الدول العربية في المفاوضات وخطط ما بعد الحرب للحكم في غزة، بما يقلل من احتمالات نشوب مزيد من القتال وتعزيز الأمن الإقليمي عبر اقتراح إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح أو دولة تتمتع بقوة أمنية دولية مؤقتة"، بحسب "ستراتفور".
وفي 24 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، اقترح السيسي إنشاء دولة فلسطينية "منزوعة السلاح بضمانات ووجود قوات أوروبية أو أمريكية أو تابعة للأمم المتحدة".
اقرأ أيضاً
مصر.. تنديد حقوقي بإحالة الطنطاوي للمحاكمة: مؤشر لعدم شرعية الانتخابات الرئاسية
تمديد أو توريث
و"أخيرا، سيعمل السيسي إما على تمديد فترة حكمه عبر إصلاح دستوري آخر أو ترسيخ إرثه من خلال خليفة يتم اختياره بعناية، فبعد الإصلاح الدستوري في 2019، من المرجح أن يبحث السيسي عن طرق إضافية للبقاء في السلطة"، بحسب توقع "ستراتفور".
وأضاف أن "السيسي عزز سلطته مع الجيش وخنق المعارضة بحملات القمع السياسي والاعتقالات الجماعية. وإذا فاز في الانتخابات بأغلبية ساحقة، كما هو متوقع، فمن المرجح أن يتمكن من الاستفادة من النتائج للدعوة إلى فترة ولاية إضافية".
وزاد بأنه "من المرجح أن تؤدي حملات القمع إلى منع أي احتجاجات حاشدة، إذا سعى إلى الاستيلاء على السلطة، لكن مثل هذه الاضطرابات يمكن أن تحدث إذا تدهورت الظروف الاقتصادية بشكل كبير".
و"بدلا من ذلك، وعلى الرغم من أنه أقل احتمالا، قد يختار السيسي خليفة له، على الأرجح نجله محمود (يعمل في المخابرات العامة)؛ لتنفيذ السياسات التي تم سنها خلال إدارته"، كما ختم "ستراتفور".
اقرأ أيضاً
كاتب مصري يهاجم السيسي عبر شبكة سعودية: الانتخابات قد تكون مهندسة لصالحه (فيديو)
المصدر | ستراتفور/ ترجمة وتحير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: مصر إسرائيل غزة السيسي ولاية رئاسية انتخابات من المرجح أن مع إسرائیل اقرأ أیضا
إقرأ أيضاً:
ما الذي تعنيه عودة نظام سويفت للاقتصاد السوري؟
في خطوة تُعد من أبرز المؤشرات على تحولات قادمة في القطاع المالي السوري، أعلن حاكم مصرف سوريا المركزي، عبد القادر حصرية، أن المصرف شرع في اتخاذ خطوات عملية لإعادة تفعيل نظام التحويلات المالية العالمي "سويفت"، وذلك في إطار مساعٍ رسمية لربط النظام المصرفي السوري بالمنظومة المالية الدولية، بعد إعلان رفع العقوبات الغربية عن البلاد.
وأوضح حصرية، في مقابلة تلفزيونية، أن هذه الخطوة تأتي ضمن خطة شاملة لإعادة دمج القطاع المصرفي السوري في الاقتصاد العالمي، مؤكدًا أن المصرف يعمل على استكمال الإجراءات الفنية واللوجستية المطلوبة لتفعيل هذا النظام.
وأشار إلى أن اهتمامًا دوليا ملحوظًا بدأ يظهر حتى قبل الإعلان عن رفع العقوبات، إذ أبدى أكثر من 50 بنكًا عربيا ودوليا رغبته في فتح فروع له في سوريا والاستثمار في القطاع المصرفي المحلي، وذلك يعكس ثقة متزايدة بعودة الاستقرار الاقتصادي والمالي.
وتُعد إعادة تفعيل نظام "سويفت" خطوة بالغة الأهمية للاقتصاد السوري، إذ تمهد الطريق لتيسير التحويلات المالية الخارجية، وتعزز حركة التجارة والاستثمار، وتفتح المجال أمام المؤسسات المالية السورية لإجراء تعاملات مباشرة وآمنة مع المصارف العالمية، وفق مراقبين.
إعلان لماذا تم تعطيل "سويفت" في سوريا؟وكان قد تم تعليق وصول المصارف السورية إلى نظام "سويفت" في إطار العقوبات الاقتصادية الغربية التي فُرضت على دمشق خلال السنوات الماضية، خاصة بعد اندلاع الثورة السورية عام 2011، واستخدام النظام الحل الأمني في مواجهة المتظاهرين.
وشملت العقوبات حينئذ قيودًا مالية وتجارية هدفت إلى عزل النظام السوري دوليا، ومن ثم أفضت إلى تعطيل قدرة البنوك على تنفيذ التحويلات الدولية أو التعامل المباشر مع المصارف الأجنبية.
وتسبب ذلك في تعقيد العمليات المصرفية، وعرقلة الاستيراد والتصدير، وزيادة الاعتماد على شبكات غير رسمية للتحويلات المالية، فأثّر سلبا على الاقتصاد الوطني والقطاع الخاص.
تكامل مالي ودوليويصف المحلل الاقتصادي يونس الكريم نظام "سويفت" بأنه العمود الفقري للتواصل بين البنوك في العالم، لأنه يوفر بيئة موثوقة وشفافة للمعاملات المالية الخارجية.
وأضاف أن انضمام أي بنك إلى هذه المنظومة يجعله مقبولا دوليا وآمنا للتعامل، ويُعزز من مصداقيته في الأسواق العالمية.
وأشار الكريم -في حديث للجزيرة نت- إلى أن عودة سوريا إلى نظام "سويفت" تعني بدء التكامل المالي مع النظام المصرفي العالمي. فيمكن للبنك المركزي، إلى جانب البنوك العامة والخاصة، إجراء التحويلات الدولية، واستقبال الحوالات، وسداد الالتزامات المالية، والحصول على التمويل عبر القروض الدولية.
وأوضح أن الانخراط في "سويفت" يُعد أحد مؤشرات الخروج من العزلة الاقتصادية، ويمثل التزامًا بمعايير الشفافية الدولية، إذ يتيح هذا النظام متابعة دقيقة لحركة الأموال، ويُقلل من احتمالات استخدام النظام المالي في عمليات مشبوهة.
وبحسب الكريم، فإن وجود هذا النظام يسهم في جذب الاستثمارات الأجنبية، لأنه يعكس التزام الدولة بالمعايير الدولية، ويُطمئن الشركات والممولين العالميين، كما يسهل حصول البلاد على مساعدات وقروض ائتمانية.
إعلان إصلاحات مطلوبةوفي ظل الحديث عن عودة سوريا المحتملة إلى نظام "سويفت" المالي العالمي، تبرز تساؤلات عن الأثر الاقتصادي لهذه الخطوة.
ويرى خبراء أن الانخراط مجددًا في المنظومة المصرفية الدولية قد يحمل فرصًا كبيرة، لكنه يظل مشروطًا بإصلاحات اقتصادية ومصرفية شاملة.
ويؤكد الخبير المالي والمصرفي فراس شعبو أن إعادة ربط المؤسسات المالية السورية بالمنظومة المصرفية العالمية، وعودة البلاد إلى واجهة التعاملات الدولية من خلال "سويفت"، تُعد خطوة بالغة الأهمية نحو إعادة دمج سوريا في النظام المالي العالمي.
وأوضح شعبو -في حديث للجزيرة نت- أن هذه الخطوة:
ستسمح بإجراء التحويلات المالية بشكل مباشر، من دون الحاجة إلى وسطاء أو ما يُعرف "بالتحويل الأسود". ستخفّض من تكلفة التحويلات، خصوصًا في بلدان مثل تركيا والعراق ودول المهجر. ستسرّع الإجراءات المالية وتقلل من المخاطر. ستُحسّن كفاءة التجارة الداخلية، وتخفض تكاليف التجارة الخارجية. ستسهم في دعم جوانب اقتصادية مهمة، أبرزها زيادة التدفقات المالية الأجنبية، وتعزيز احتياطيات مصرف سوريا المركزي، إلى جانب تسهيل حركة أموال المستثمرين. ستحفز قطاعات حيوية مثل الصناعة والزراعة والتجارة.
وأشار إلى أن هذا التطور سينعكس إيجابًا على بيئة العمل والاستثمار في سوريا، إذ يفضل المستثمرون والشركات الدولية التعامل مع دول تمتلك نظامًا مصرفيا متصلا بالنظام المالي العالمي، معتبرًا أن هذه العودة مؤشر على بداية عودة سوريا إلى "سكة النظام العالمي".
ورغم أهمية هذه الخطوة، شدد شعبو على أنها غير كافية بمفردها لجذب الاستثمارات أو إصلاح الاقتصاد، موضحًا أن المطلوب هو بناء الثقة بالمؤسسات المالية، وإعادة هيكلة الاقتصاد، مشيرًا إلى أن "سهولة الدخول إلى السوق السورية والخروج منها" تُعد عنصرًا أساسيا لطمأنة المستثمرين.
إعلانوانتقد شعبو واقع القطاع المصرفي السوري الحالي، قائلا إن "أكثر المصارف السورية لا يتجاوز رأسمالها 10 ملايين دولار"، معتبرًا أن "هذا لا يكفي لتُعد هذه المؤسسات بنوكًا حقيقية بالمعايير الدولية، بل بالكاد تصلح كمكاتب صرافة".