دور البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي في التصدي لتغييرات المناخ حول العالم
تاريخ النشر: 11th, December 2023 GMT
مقال رأي بقلم توماس براموتيدهام، الرئيس التنفيذي لشركة بريسايت
أخبار ذات صلة
يزداد تأثير التغييرات المناخية بشكل أكبر على المجتمعات والنظم البيئية واقتصاد العالم ليصبح التصدي لها ضرورة ملحة، ليس فقط على الصعيد المحلي، إنما ضرورة عالمية تحتاج لحل نموذجي.
ويوفر تحليل البيانات الضخمة بوساطة الذكاء الاصطناعي، دعماً لمبادرات الاستدامة في البحث عن حلول لتغيير المناخ وفتح آفاق جديدة من خلال تمكين الفهم العميق للبيئة والمناخ المحيط بنا، والعوامل المؤثرة عليه.
حيث تعد تحليلات الذكاء الاصطناعي ضرورة ملحة تسهم في الجهود المشتركة لضمان مستقبل مستدام. اكتشاف الرؤى البيئية إن قدرتنا على جمع وتفسير البيانات البيئية على نطاق واسع. هو السبيل لفهم أسباب التغييرات المناخية وكيفية التصدي لها، حيث تقدم البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي مفهوماً أعمق يمكننا من خلاله مراقبة وتحليل والاستجابة لديناميكيات كوكب الأرض المتغيرة والمتطورة.
وتسهم صور الأقمار الصناعية وبيانات الطقس وعلم المحيطات والدراسات البيئية جميعها في جمع بيانات ضخمة يمكن لخوارزميات الذكاء الاصطناعي معالجتها وتفسيرها، وباستخدام هذه التقنيات، يمكننا الحصول على رؤى بيئية كان من الصعب الحصول عليها في وقت سابق.
مثلاً، بالنظر إلى غابات الأمازون، فإنه يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي اكتشاف التغييرات في تغطية الأشجار وتتبع عمليات التحطيب غير القانوني، وتوفير معلومات فورية للمؤسسات المختصة بالحفاظ على البيئة من خلال تحليل صور الأقمار الصناعية، لتمكنا هذه الرؤى من التدخل في الوقت المناسب، بالتالي السماح لنا بحماية واحدة من أهم آليات الحد من الكربون على وجه الأرض. وتسهم تحليلات البيانات الضخمة في فهم النظم البيئية التي تتعرض لخطر التغيير المناخي بصورة دقيقة، بما في ذلك التحليل العميق لبيئات السواحل والحيطات، ما يسهم في دعم جهود الحفاظ على التنوع البيولوجي.
ويمكن أن تمنحنا تحليلات البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي نهجًا استباقيًا قائمًا على قاعدة من البيانات لتعزيز جهود الحفاظ على البيئة. دور الذكاء الاصطناعي في تخفيف تأثيرات التغيرات المناخية إن الهدف الأساسي من معركتنا المشتركة ضد تغيير المناخ هو تخفيف تأثيره أو تقليل انبعاثات الغازات الدفينة، ويلعب الذكاء الاصطناعي دوراً مهماً في تحقيق ذلك، حيث يمكن لخوارزوميات التعلم الآلي محاكاة مختلف سيناريوهات المناخ وتوقع نتائجها المحتملة. وتستطيع نماذج الذكاء الاصطناعي التنبؤ بتغييرات حالة الطقس وارتفاع مستوى سطح البحر ودرجات الحرارة العالمية، لتُنشئ نماذج تنبؤية تساعد في ارشاد استراتيجيات العمل المناخي وتزويد صناع القرار برؤى قيمة تمكنهم من اتخاذ القرارات. وكانت شركة بريسايت قد أبرمت شراكة مع NEC وDeepTech Engineering اللتان تتخذان من دولة الإمارات مقراً لهما حيث تقدمان خبرة وحلول ذكاء اصطناعي متقدمة لتصوير ومراقبة الفيضانات، والإنذار المبكر للزلازل من خلال نمذجة الزلازل بالذكاء الاصطناعي.
كما تساعد تقنياتهم الحكومات على الاستعداد للكوارث الطبيعية بشكل أفضل والحصول على مؤشرات مبكرة حاسمة حول الحوادث تسهم في اتخاذ إجراءات فعالة لحماية الأرواح وتقليل الخسائر. ويمكن للذكاء الاصطناعي أيضًا أن يساعد في التعامل مع أسباب تغيير المناخ على مستويات متعددة، مثل تنظيم استخدام الطاقة وتوقع كمية الاستهلاك، بالإضافة إلى توقع فترات فائض الطاقة التي يمكن تخزينها للاستخدام المستقبلي، وبهذا يتم ضمان الاستخدام الفعال للطاقة الصديقة للبيئة، ما يسهل عملية الانتقال إلى مصادر الطاقة المستدامة والفعالة من حيث التكلفة والمسؤولية البيئية. التعاون العالمي وتكامل السياسات تحتاج الحلول المطروحة الآن لتخطي الحدود والعمل معاً، حيث لا يقتصر تغيير المناخ على الحدود الجغرافية أو السياسية، ليكون التعاون الدولي عنصراً أساسياً في التصدي. ويأتي مؤتمر COP28 في دبي كنموذج مثالي للتغيير، حيث يعد واحدًا من أكبر الاجتماعات الدولية في العالم المختصة بقضايا المناخ.
وستسهم مخرجات المؤتمر والأبحاث المشتركة في توحيد ممارسات الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة وتمكين الدول من العمل معًا لتحقيق أهداف مشتركة، سواء كان ذلك في الحد من الانبعاثات، أو حماية التنوع البيولوجي، أو التعامل مع الهجرة الناجمة عن تغيير المناخ. ويجب على الحكومات والهيئات الدولية في الوقت ذاته، تطوير سياسات شاملة تعتمد على التكنولوجيا الذكية والبيانات الضخمة لاتخاذ إجراءات للتصدي لتغييرات المناخ، واعتماد سياسات تتسم بالشفافية والمساءلة والوصول العادل إلى فوائد هذه التقنيات. من خلال دمج التكنولوجيا الذكية والبيانات الضخمة في سياسات التغيير المناخي على مستوى عالمي، حيث ستسهم هذه الإجراءات في خلق نهج موحد لمواجهة التحديات البيئية التي تهدد أسس عالمنا.
وأخيراً، إن استخدام البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي هو ضرورة عالمية في معركتنا للحد من التغييرات المناخية. وتعتمد قدرتنا على التصدي لتغيير المناخ وتأمين مستقبل مستدام على استعدادنا لتبني القوة التحويلية لتحليلات البيانات الضخمة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي. نعم، هذا ليس مجرد خيار متاح، بل إنه التزام للأجيال القادمة للحفاظ على كوكبنا.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: البیانات الضخمة والذکاء الاصطناعی الذکاء الاصطناعی تغییر المناخ من خلال
إقرأ أيضاً:
هل يوجد الذكاء الاصطناعي جيلا مسلوب المهارات؟
منذ أن دخل الذكاء الاصطناعي أجهزة الطلبة، ارتفع الاعتماد عليه في شتى مجالات الحياة، وأصبح يخترق أجهزة الطلبة والأكاديميين والعامة، فقد أشار تقرير الوظائف الصادر في مايو من العام الفائت إلى حاجة ماسة لإعادة تشكيل المهارات والقدرات التي تراجعت بنسبة كبيرة عند الناس بسبب اعتمادهم على تقنيات الذكاء الاصطناعي، الأمر الذي يكشف ضرورة ملحة لإعادة تشكيل وتطوير المهارات بما يخدم الإنسان ومجتمعه.
يكرر أغلب الطلبة الضغوطات والصعوبات الدراسية كمبررات لاستعمال هذه التقنيات، لأنهم ينتقلون من نظام تعليمي إلى نظام مختلف من حيث المناهج وطرق المذاكرة والاحتياج إلى مهارات مختلفة في البحث والتفكير واستيعاب المادة العلمية فيلجأ الكثير منهم للذكاء الاصطناعي لمساعدتهم في إنجاز الأعمال وتوليد الأفكار، على الجانب الأخر يعتمد الخريجون على الذكاء الاصطناعي بسبب الضغط الدراسي الهائل بحكم ضيق الوقت لديهم ويباشرون من تلك اللحظة فقدان بعض مهاراتهم قبل إقبالهم على الحياة خارج الجامعة سواء الحياة الوظيفية أو العامة.
لقد اجتاحت نماذج الذكاء الاصطناعي حياة الطلبة، وأصبحوا يعتمدون عليها في كثير من جوانب حياتهم، فهي قادرة على توفير إجابات للتساؤلات التي تخطر في أذهانهم، وعلى صعيد آخر تتيح هذه المنصات إمكانية كتابة المقالات وترجمتها وتلخيصها، وغيرها من الإمكانيات التي تخدم الطلبة في مقاعد الدراسة، كما أن المناهج الدراسية الثقيلة وكثرة المواد والاختبارات تسبب ضغطًا كبيرًا، فيلجؤون لهذه التقنيات لتحقيق درجات عالية أو إنجاز أعمالهم على أقل تقدير، وفي سؤالي لمجموعة من طلبة الجامعة عن دوافع استعمال الذكاء الاصطناعي قالوا: لتوفير الوقت والجهد فهو يقدّم نتائج سريعة ومباشرة، يطرح ذلك إشكالاً في مدى رغبة الناس في بذل جهد للتعلم والبحث وتخصيص الوقت لذلك؟
يعتمد الطلاب على الذكاء الاصطناعي لإنجاز المهام دون بذل الجهد الكافي لفهمها ولها تأثير على المهارات الأساسية فتقلّ القدرة على البحث وتحليل المعلومات عند الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي، وإذا اعتمد الطلاب فقط على الذكاء الاصطناعي لإيجاد الحلول، فقد يؤدي ذلك إلى تقليل قدرة الطالب على التفكير المستقل والتفكير النقدي، ويحث المختصون على منع استخدام الذكاء الاصطناعي في بعض المجالات التي تحرم المستخدمين من فرص تطوير القدرات المعرفية والاجتماعية.
أصبح تحسين المهارات والتعلم لدى الطلبة أكثر أهمية اليوم، مثل تلك المهارات التي لا يمكن للذكاء الاصطناعي تطويرها كالتفكير التحليلي والتعاطف والاستماع النشط والقيادة والتأثير الاجتماعي، إن اكتساب المعلمين المهارات اللازمة لدمج الذكاء الاصطناعي في أساليب التدريس الخاصة بهم بشكل فعال عمل لا بد من القيام به، ويتطلب سد هذه الفجوة برامج تطوير مهني شاملة لضمان راحة المعلمين وكفاءتهم في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي بما يتوافق مع متطلبات العصر دون التأثير السلبي على مهارات الجيل القادم.
يستعمل الطلبة الذكاء الاصطناعي إذا ما تبادر أي سؤال في ذهنهم وهذا يقلص من الاستعانة بالكتب العلمية الموثقة وأخذ المعلومة منها، وأشار مجموعة من طلبة الطب إلى أن تقنيات الذكاء الاصطناعي في كثير من الأحيان تقدم معلومات خاطئة خاصة في الأسئلة الطبية الدقيقة أو العلمية بشكل عام، وينصح المختصون بضرورة الموازنة بين التقنية والكتب من خلال توعية الطلبة بضرورة البحث عن المعلومات من الكتب الموثّقة وخاصة المعلومات العلمية والثقافية والتاريخية. لابد أن تكون هذه التقنيات أدوات مساعدة فهي لا تؤدي دور الباحث أبدا، بالإضافة أن النتائج التي تقدمها قد تظهر تحيزات سياسة أو أخطاء علمية لأنها مبرمجة وفق أنظمة معينة.
من جهة أخرى، يحذر المختصون من اعتماد الطلاب الشديد على تقنيات الذكاء الاصطناعي لأنه ينتج عنها قلة المشاركة في الأنشطة البدنية والمهارية والعائلية، وزيادة الشعور بالعزلة والانطواء والإفراط في استخدام هذه الأدوات قد يؤدي إلى العزلة الاجتماعية وضعف مهارات التواصل البشري، فمثلا تؤدي تقنيات الذكاء الاصطناعي إلى تقليل الوقت الذي يقضيه المعلم مع الطلاب، مما يؤثر على العلاقة التعليمية، ويعتاد الطلاب على التفاعل مع الأنظمة الذكية بدلاً من المعلمين البشر، مما يضعف مهاراتهم في التواصل البشري.
يحتاج العالم اليوم إلى طاقات شبابية مزودة بالمهارات والمعارف وهي ضرورة ملحة تفرضها التحديات المتسارعة التي يشهدها العالم في مختلف المجالات. والشباب هم القوة الدافعة وراء الابتكار والإبداع والآلة ليست سوى وسيلة مساعدة تخدم الشباب في سبيل التغيير الإيجابي.