اختتام بطولة “طوفان الأقصى” بنادي الصمود لجرحى الحرب والعدوان
تاريخ النشر: 11th, December 2023 GMT
يمانيون../
اختتمت اليوم فعاليات ومنافسات المعسكر التدريبي وبطولة “طوفان الأقصى” لرفع الأثقال وألعاب القوى لجرحى الحرب والعدوان.
شارك في البطولة التي نظمها على مدى ثمانية أيام نادي الصمود الرياضي والثقافي والاجتماعي لجرحى الحرب والعدوان، بدعم وزارة الشباب والرياضة وصندوق رعاية النشء والشباب والرياضة، 25 لاعباً من الجرحى.
وفي الاختتام اعتبر وكيل وزارة الشباب لقطاع الرياضة علي هضبان، البطولة تعبيراً عن التئام جراح أبناء اليمن مع جراح أبناء غزة الذين يتعرضون لجرائم إبادة صهيونية.
وأوضح أن عملية “طوفان الأقصى” ستظل كابوساً يطارد اليهود بعد أن أثبتت للعالم أن القوة العظمى لإسرائيل ليست سوى قوة هشة أمام شجاعة وإقدام المقاومة الفلسطينية، لافتاً إلى أن العدو الصهيوني مهما فعل فمصيره الهزيمة تحت ضربات المقاومة الباسلة.
وأشار الوكيل هضبان، إلى أن الرياضيين اليمنيين يؤيدون عمليات القوات المسلحة اليمنية ضد الكيان الصهيوني ويدعمون الشعب الفلسطيني وعملية “طوفان الأقصى”.
وأشاد بالمشاركة الفاعلة من جرحى الحرب والعدوان في المعسكر التدريبي والبطولة الرياضية، مؤكداً استعداد وزارة الشباب دعم الأنشطة الرياضية لهذه الفئة من المجتمع التي حققت انتصارات لليمن وقدّمت أجزاء من أجسادها من أجل عزة وكرامة اليمن واستقلاله.
وفي حفل الاختتام الذي حضره عضو مجلس الشورى محمد مفضل، ووكيل وزارة التعليم الفني والتدريب المهني لقطاع سوق العمل الدكتور ضياء الرميمة، ومدير دائرة الرعاية الاجتماعية بوزارة الدفاع، العميد دكتور مهند المتوكل، وممثل عن مكتب حركة حماس الفلسطينية باليمن، محمد عبدالله عقيل، ورئيس نادي الصمود الرياضي والثقافي والاجتماعي لجرحى الحرب والعدوان بدر الحاوري، أكد رئيس جمعية معاقي وجرحى الحرب محمد البهلولي، أن تنظيم بطولة “طوفان الأقصى” يأتي في إطار تأهيل وتدريب جرحى الحرب والعدوان في المجالات الرياضية والثقافية والاجتماعية لجعلهم فاعلين ومؤثرين في محيطهم، وتقديم الدعم المعنوي والنفسي لهم وجعلهم أكثر عطاءً وإسهاماً في المجتمع.
واعتبر نادي الصمود الرياضي لبنة رياضية ومجتمعية وثقافية، ونواة ومظلة لمعاقي وجرحى الحرب والعدوان لتستمر مسيرة التأهيل واحتواء من طالتهم آلة الحرب والعدوان، وجعلهم في صدارة شرائح المجتمع مؤثرين وفاعلين في محيطهم الاجتماعي.
وأشاد البهلولي بجهود قيادة وزارة الشباب والرياضة وصندوق رعاية النشء والشباب والرياضة، ودعمها لبطولة “طوفان الأقصى” كمساهمة فاعلة لرعاية وتنمية قدرات ومواهب الجرحى وتوسيعها بشكل يجعل منهم في المستقبل سفراء لليمن في البطولات الدولية المتعلقة بذوي الاحتياجات الخاصة.
وأكد أهمية استمرار دعم النادي بالمتطلبات الضرورية ليحقق النجاح المنشود والارتقاء بمستوى الأداء.
وفي الاختتام كرّم هضبان والدكتور المؤيد وعقيل والبهلولي، اللاعبين الفائزين بالمراكز الأولى لبطولة طوفان الأقصى بكؤوس وميداليات البطولة.
حيث توّج حسن قاسم مرغم بالمركز الأول في لعبة رفع الأثقال، وحل أنس مالك الفلاحي وصيفاً، وجاء صدام حسين الغويد في المركز الثالث، ومحمد خالد النوفة الثالث مكرر.
وفي مسابقة ألعاب القوى التي أقيمت منافساتها في لعبتي رمي الرمح ورمي الجلة، توج مبارك الزوار بالمركز الأول في رمي الرمح، وجاء حميد الربع وصيفاً، وحل جمال غالب ثالثاً، فيما أحرز عبدالله السلامي المركز الأول في لعبة رمي الجُلة، وحل عبدالباسط الرشيدي وصيفاً، وتوفيق قملان ثالثاً.
وكرّم نادي الصمود بدروع النادي كل من، وكيل وزارة الشباب لقطاع الرياضة، ومكتب حركة حماس في اليمن، ومدير دائرة الرعاية الاجتماعية بوزارة الدفاع، كما تم تكريم اللجان الإشرافية والفنية والمدربين في المعسكر التدريبي وبطولة “طوفان الأقصى”.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الشباب والریاضة وزارة الشباب طوفان الأقصى نادی الصمود
إقرأ أيضاً:
نساء غزة.. أيقونات الصمود بين الأنقاض والنار
تحت خيمة ممزقة بفعل الرياح، أو على ركام منزل كان يومًا ما مأوى للذكريات، أو داخل فصل دراسي تكدّس فيه النازحون، تقف المرأة الغزية، ليس فقط شاهدة على فصول المأساة، بل حاملة لها فوق أكتافها.
في قطاع غزة، حيث لا مجال للفرار من الحرب، تكون المرأة أول من ينهض من تحت الأنقاض، تمسح دموع الصغار، وتعيد إشعال موقد الحياة، ولو كان من رماد. العدوان الإسرائيلي المستمر منذ نحو 17 شهرًا، حوّل حياة نساء غزة إلى نضال يومي في مواجهة الجوع، القصف، الفقد، والتشريد. ومع ذلك، فإن صوت المرأة الغزية ما زال يعلو فوق الدمار، شاهداً على الكرامة والصبر.
في حي الزيتون بمدينة غزة، تجلس أم ياسين دلول (28 عامًا) داخل خيمتها التي لا تقي حر الصيف ولا برد الليل. تروي معاناتها بصوت خافت لا يخلو من قوة دفينة: «استشهد أولادي الثلاثة في قصف المستشفى المعمداني، وبُترت يدي اليمين. من يومها والدنيا اسودّت في عيني».
فقدت أم ياسين بيتها وأطفالها في لحظة، وبقيت تجرّ جسدها الجريح بين صفوف الخيام، تبحث عن لقمة تسد بها رمقها. «إحنا بنعاني من قلة الأكل والشرب، حتى المياه صارت حلم. ولما الدنيا شوب، أنت مش متخيل كيف بنعيش داخل الخيمة. كأننا بنطبخ حالنا في فرن»، تضيف والدمعة تختنق في عينيها.
ورغم بتر يدها، تصر أم ياسين على إدارة شؤون حياتها بنفسها، تطهو على النار، وتغسل ملابسها بيد واحدة. تقول لـ«عُمان»: «ما حدا رح يطبطب علينا، إحنا لازم نعيش. أنا بحاول أكون قوية، يمكن أقدر أعيش عشان أجيب حقي وحق أولادي»، مصيفًة بإصرار، وقد تحولت أحزانها إلى نار داخلها، تُشعل بها صبرها.
تغدو خيمة أم ياسين مسكنًا ومعسكرًا للصمود في آن، تلمّ فيه نساء الجيران كل مساء. يروين القصص، ويتشاركن الوجع، ويتناوبن على تحضير كاسات الشاي. «صرنا عيلة وحدة، الحرب لمتنا على حزن واحد»، تقول بابتسامة حزينة، تشبه ضوء قنديل يوشك أن ينطفئ.
حمل فوق الأكتاف
في مدينة خان يونس، جنوب القطاع، تقيم أم رامي العبادلة (53 عامًا) في مدرسة ابتدائية، تحولت إلى مركز إيواء مكتظ بعشرات العائلات. تقول السيدة الخمسينية، التي نزحت من مدينة رفح، مع زوجها المريض وأبنائها الخمسة، قبل نحو عام: «أنا شايلة الحمل كله. من تعبئة المي، للفرن، للتكية. كله أنا بعمله. حتى لما ابني الكبير يرجع من الشغل، يشتكي التعب، أقوم أنا أكمّل عنه».
لم تكن حياة أم علي سهلة حتى قبل الحرب، لكنها اليوم تشبه صعودًا لا يتوقف على سلم من الجمر تقول لـ«عُمان»: «أنا بصحى على صوت الطيارات، وأنام على صراخ الجيران. ومع هيك، لازم أطبخ، أعتني في جوزي، وأدبّر شؤون الأولاد. مرات بفكر، كيف جسمي لسه واقف؟ بس يمكن قلب الأم أقوى من الحديد».
في زوايا المدرسة، تفترش أم علي الأرض، تصنع من قطع الكرتون فراشًا، وتضع على رأسها عباءة سوداء اتخذت من الغبار لونًا جديدًا. «الدنيا ما عاد فيها كرامة، بس بنحاول نعيش. عشان ولادنا، عشان نظل صامدين، حتى لو متنا واقفين»، تضيف وهي تضبط حجابها على عجل؛ كي تذهب إلى طابور التكية، وتحضر طعام الغداء.
صارت أم علي رمزًا للعطاء بين نازحي المدرسة، يتهافت الجميع عليها لطلب المساعدة أو المشورة. «كل واحدة هون عندها حكاية، بس في الآخر، إحنا النساء اللي شايلين البلد على ضهرنا»، تهمس وهي تضع صحن المجدرة أمام أبنائها الجياع.
نار من الحطب والدم
في بيت لاهيا، شمال قطاع غزة، تعيش غالية أبو القمصان (62 عامًا) بين أنقاض منزل ابنها الذي قصف في بداية العدوان. «32 شخص نعيش هنا، وزوجي استشهد. ما في مكان نذهب إليه. خبزنا على الصاج، نعد طعامنا على الحطب، وننام على الأرض. صار لنا سنتين بهذا الحال»، تقول بحزم يشبه السكاكي خلال حديثها لـ«عُمان».
كل صباح، تستيقظ غالية قبل الفجر، تجهّز الحطب، وتشعل النار. فوقها، تضع صاجًا قديمًا تخبز عليه أرغفة الحياة من دقيق أفسدته الحرب. «ما في كهربا، ولا غاز، ولا أمان، ولا حتى دقيق كويس. بس في صبر، وفي أطفال انتظرونا أن نطعمهم»، تضيف وهي تمسح رماد الحطب عن يديها.
تصف غالية الحياة بين الأنقاض بأنها أشبه بالسير على الأشواك. «كل شي مهدود، كل شي موجوع. بس أنا صرت أم الجميع. حتى جاراتي بيجوا يخبزوا عندي ما يجدونه من بقايا طحين مدوّد. صرنا نعيش يوم بيوم، نضحك رغم الدموع».
الأعباء النفسية الخفية
وراء هذا الصمود اليومي، تتراكم جراح نفسية عميقة لا تُرى بالعين المجردة. بحسب صفاء مشتهى، الأخصائية النفسية في جمعية عايشة لحماية المرأة والطفل، فإن النساء يعانين من نسب مرتفعة من اضطراب ما بعد الصدمة، والقلق المزمن، والاكتئاب، بسبب فقد الأحبة، والخوف المستمر، وانعدام الأمان.
«النساء في غزة لا يعشن فقط الحرب، بل يتحملن مسؤولية إنقاذ العائلة نفسيًا أيضًا. هي الأم، والمعيلة، والمُطمئنة، والممرضة. هذا الحمل يتضاعف كل يوم»، تقول مشتهى، مؤكدة أن كثيرات لا يملكن حتى رفاهية التعبير عن مشاعرهن.
تتحدث مشتهى عن نساء رفضن البكاء خوفًا من أن ينهار أطفالهن، وعن أمهات فقدن أبناءهن لكنّهن واصلن الطهو والغسل في اليوم التالي: «هذا الصبر مدهش، لكنه مكلف نفسيًا. نحن نخشى من تزايد حالات الانهيار النفسي بعد انتهاء الحرب، حين تسمح الظروف ببعض التنفيس».
وفي ظل تردي الوضع الصحي وغياب الرعاية النفسية، تطلق مؤسسات محلية مبادرات دعم نفسي جماعي داخل المدارس والمخيمات. «الاستماع للنساء، منحهن مساحة للحكي، صار هو العلاج الأولي في ظل انعدام الإمكانيات»، توضح مشتهى.
غياب العدالة الإنسانية
تتساءل النساء في غزة عن العدالة الدولية الغائبة، عن الضمير العالمي الذي خذلهن. تقول د. لينا بركات، المحامية المتخصصة في قضايا حقوق الإنسان في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، إن المرأة الغزية تُستهدف مرتين: الأولى بالقصف، والثانية بالتجاهل.
«لم نرَ أي تحرك دولي جاد لحماية النساء في غزة، رغم كل النداءات. تقاريرنا توثق الاستهداف المباشر للنساء، سواء في منازلهن أو في طريق النزوح أو داخل مراكز الإيواء»، توضح بركات، مشيرة إلى أن أكثر من 12 ألف امرأة فقدن حياتهن منذ بدء العدوان، حتى أبريل 2025.
وتضيف خلال حديثها لـ«عُمان»: «المرأة في غزة تُعامل كرقم في الأخبار، بينما هي الحقيقة الكاملة. هي التي تدفن أبناءها بيديها، وتعود لتصنع لهم قبرًا من الحب في قلوبها».
يحاول المركز توثيق الانتهاكات بشكل يومي، ويعمل مع منظمات أممية لإيصال الصوت، لكن العوائق السياسية تحجب العدالة. «صوت المرأة الغزية أقوى من صمت العالم. هي لا تطلب شفقة، بل عدالة وإنصاف»، تختم بركات.
أمل يولد من رحم الرماد
رغم كل ما سبق، يبقى للمرأة الغزية قدرة خارقة على بثّ الأمل في ظلال الكارثة. في خيمة قرب دير البلح، تجمع أم رامي نساء المخيم لتعليم التطريز. تقول: «هذا ليس فقط تطريز، هذا علاج. كل غرزة هي صرخة صامتة ضد الظلم».
وفي مدرسة أخرى، تنظّم أم مجاهد الأغا جلسات قراءة للأطفال. تصنع من صوتها حضنًا دافئًا، وتحوّل الكلمات إلى خيمة أمان. «لو الحرب أخدت بيوتنا، ما رح نخليها تاخد أرواحنا»، تقول وهي تحتضن طفلة يتيمة تقرأ قصيدة عن الشهداء.
الأمل لا يولد من الرفاهية، بل من رحم القهر. والمرأة الغزية تعرف كيف تصنع من دموعها جدولاً صغيرًا يسقي جذور الصبر في كل من حولها.
نساء من صلب الجراح
لا تنتهي الحكاية هنا، بل تبدأ كل يوم من جديد. على موقد الحطب، في طوابير الخبز، بين أنقاض الأحلام، تنهض المرأة الغزية كمن تبني وطنًا على صبرها. هي الشاهدة، والضحية، والمقاتلة في آنٍ معًا. تكتب بدمها فصول الكرامة، وتعلّمنا أن الأنوثة ليست ضعفًا، بل صلابة تليق بالمجد.
وفي ظل عدوان لا يرحم، تبقى النساء في غزة صوت الحياة الذي لا يسكت، ونور الأمل الذي لا ينطفئ. هنا، لا تُقاس البطولة بعدد الطلقات، بل بعدد الأرغفة التي خُبزت على النار، والدموع التي جُففت كي لا يبكي الأطفال. هذه غزة، وتلك نساؤها.